سواليف:
2025-01-27@12:43:49 GMT

المبادرة الغائبة التي ينتظرها الفلسطينيون

تاريخ النشر: 26th, January 2025 GMT

#المبادرة_الغائبة التي ينتظرها #الفلسطينيون _ #ماهر_أبوطير

بين يدي أرقام متضاربة حول عدد الأطفال الأيتام في قطاع غزة، بعض الأرقام القديمة حول عدد الأيتام قبل الحرب تتحدث عن أربعين ألف طفل يتيم، وبعض الأرقام الجديدة بعد الحرب تتحدث فقط عن ثمانية وثلاثين ألف طفل يتيم، وهناك تقديرات متفاوتة ومتغيرة ومتناقضة، لكنها كلها من حزمة عشرات الآلاف.

فلسطين وسورية ودول عربية أصبحت من أوائل شعوب العالم من حيث عدد الأيتام، بما يعنيه اليتيم هنا من حاجة وفقر وحرمان وحاجة للدعم والرعاية النفسية، والتعليم، وكأن قدر هذا المشرق، أن يكون الأغنى من حيث الثروات وسط العالم العربي، لكنه أيضا الأغزر في ظاهرة الأيتام، وما ينتج عنها من كلف قاسية.

هناك مؤسسات للأيتام في قطاع غزة، ودور متخصصة لرعايتهم، تم تدميرها خلال الحرب، وعموم الغزيين لا يقبلون بنقل الطفل اليتيم من عائلته إلى عائلة ثانية، أو إلى دور أيتام، حيث أن التكافل الاجتماعي مرتفع جدا، وهذا يعني أن أي طفل يتيم لديه أهل متبقين من هذه الحرب الدموية سينتقلون إلى رعايتها، مع ادراكنا أن كل الوضع الاقتصادي والاجتماعي سيئ، حيث تشير الأرقام أيضا إلى وجود أربعة عشر ألف أرملة، وأرقام مرعبة أيضا حول مبتوري الأطراف، إضافة إلى أرقام الشهداء الذين لا يعرف عنهم أحد أي معلومة لوجودهم تحت الانقاض، أو بسبب الاختطاف وعدم إقرار إسرائيل بمصيرهم، أو انهم قضوا خلال التعذيب.

مقالات ذات صلة بين “بلفور” و “ترامب” 2025/01/26

ارتفاع أعداد الأيتام من نتائج الحرب، وهم بحاجة اليوم إلى مبادرة عربية كبرى، أو فلسطينية، أو عربية فلسطينية، من أجل مساعدتهم، وإدخال الأفراد على خط دعمهم من حيث كفالة الأيتام ماليا، ومساندة هؤلاء، وهكذا مبادرة قد تطلقها أي دولة أمر مهم جدا، حتى لا تبقى قصة الأيتام أيضا تحت صراع التنافس بين جهات عديدة، تجمع المال، ولحاجتنا إلى معلومات محددة”داتا” حول كل طفل، ووضعه، وعنوانه، واحتياجاته، وهذا بحاجة الى جهة متخصصة، لديها القدرة على جمع البيانات في القطاع، وتصنيفها بشكل عاجل، لتحديد الأولويات، إضافة إلى جهة موثوقة تتولى إدارة كل العملية على الصعيد المالي، والحاجة أيضا إلى مساهمة الأفراد الفلسطينيين والعرب في هكذا مشروع ضخم جدا، لتكفيل الأطفال الأيتام.

قطاع غزة أمام مهمات صعبة جدا، من حيث كلف إعادة الإعمار، واستعادة الاقتصاد، والحياة الطبيعية، والتخلص أيضا من الظواهر التي نشأت على خلفية الحرب، مثل لصوص المساعدات، أو حتى الصرافين والتجار الذين يأخذون ثلث قيمة أي حوالة مالية محولة من خارج غزة إلى داخل غزة، وكأن أهل غزة ينقصهم هذا الاجرام والاتجار بدمهم، في الوقت الذي لا بد فيه لجهات موثوقة تولي كل العمليات وتحديدا ما يتعلق بالملف الذي أشرت اليه، أي ملف الأيتام، بما يعنيه من أهمية أيضا تفرض على رأس المال الفلسطيني في كل مكان، القيام بدور مضاعف، خصوصا، ونحن نعرف أن بين الفلسطينيين أغنياء كثر في كل دول العالم، وبينهم أيضا طبقة وسطى متعلمة وتجارية ذات دخل مرتفع، وإذا كنا هنا لا نتهم أحدا في وطنيته أو اهتمامه باحتياجات أطفال غزة، فإن ملف الأيتام تحديدا، بحاجة إلى وقفة مختلفة، تساهم فيها دول أيضا، حتى تكون العملية ممتدة وواسعة، ويشارك بها آلاف القادرين من الفلسطينيين ومن العرب والمسلمين، في ظل حاجة القطاع إلى الدواء والغذاء ومستلزمات كثيرة ومتنوعة، بعد الذي تعرض له القطاع من مجازر.

عشرات آلاف الأطفال الشهداء في هذه الحرب وحروب ثانية، وعشرات آلاف الأطفال الأيتام من نتاج هذه الحرب وحروب ثانية، والفاعل المجرم واحد، لكننا أيضا علينا واجب كبير، في التخفيف عنهم، حيث لا تنفعهم شعاراتنا، ولا دموعنا.

المال الفلسطيني والعربي ساند الغزيين على مستوى الدول وما يقدمه الأفراد أيضا، حتى لا نتورط في إنكار أحد، لكننا نتحدث عن مرحلة ما بعد الحرب ومتطلباتها تحديدا، والمبادرة الغائبة التي ينتظرها الفلسطينيون في غزة، بخصوص الأيتام وكفالاتهم ودور رعايتهم وتأمين احتياجاتهم وتعليمهم، أساسية، خصوصا أن بعض الأيتام أصبحوا بلا أهل أو أقارب بعد إبادة العائلات وهذا أخطر ما في هذا الملف.

الغد

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: الفلسطينيون من حیث

إقرأ أيضاً:

بلا دولة... الفلسطينيون كلهم لاجئون

«اقترح الرئيس ترامب على الأردن ومصر استقبال عددٍ كبيرٍ من الغزيين بصورةٍ مؤقتةٍ أو دائمة».

ووفق التجربة، فالمؤقت في حياة الفلسطينيين إذا كان مأساوياً فهو دائم.
منذ وجد أول مخيم فلسطيني في عام 1948، وإلى أيامنا هذه، واصل المخيم إثبات حضوره في الحياة الفلسطينية، ليس ملاذاً لأناسٍ هجروا من ديارهم، لتنفق عليهم وكالة الغوث الدولية، بل بوصفه عنواناً لظاهرة اللجوء التي تطورت واتسعت لتشمل الفلسطينيين جميعاً، سواء من يحمل البطاقة الزرقاء الممنوحة من وكالة غوث وتشغيل اللاجئين، أو من يعيش في أي مكان داخل فلسطين وخارجها.
الذين بقوا في مدنهم وقراهم التي احتلت في عام 1948 وأقيمت عليها دولة إسرائيل، هم لاجئون في الواقع ما داموا غير متساوين في الحقوق والواجبات، وما دام يُنكَر عليهم حقيقة أنهم أهل البلاد الأصليون، وهذه حالهم منذ أن كانوا يعدّون بالآلاف حتى صاروا يعدون بالملايين.
حين أُعلن عن تأسيس الدولة العبرية لجأ كثيرون إلى أقرب الأمكنة التي أتيحت لهم، وكان مقصدهم الضفة الغربية وغزة أولاً، ثم لبنان وسوريا، وبعدد أقل مصر، ومع أن الذين لجأوا إلى الضفة لم ينظر إليهم على أنهم غرباء إلا أن إقامتهم في مخيمات أسستها وكالة الغوث، فرضت عليهم تميزاً سلبياً عن أشقائهم، وبفعل اتحاد الضفتين الغربية والشرقية، امتلأت المملكة الأردنية الهاشمية بالمخيمات، وكانت الجنسية الأردنية الكاملة التي حصل عليها الجميع عامل توحيد للحالة، ولكنها لم تكن كذلك في الشعور.
خارج المملكة التي قامت على الضفتين، وأسست لوحدة ناجحة بين شعبين وكيانين، انتشر المخيم واللاجئون بكثافة في ذلك البلد، وكذلك في لبنان وسوريا دون أن يحصل ساكنو المخيم في البلدين الشقيقين على الحقوق والواجبات التي حصل عليها نظراؤهم في الأردن، ذلك عمّق شعور اللاجئ في النفوس، واتحد فيه كل فلسطيني مع فلسطيني آخر أينما وجد ومهما علا شأنه الوظيفي في البلد المضيف.
طول أمد اللجوء وانتشار الفلسطينيين خارج المخيمات بما شمل العالم كله، وفّر لهم بفعل النظم التي تحكم البلدان التي عاشوا فيها، فرصاً للتميز في كل المجالات، وفي بلدان كثيرة وصل اللاجئ الفلسطيني إلى مرتبة رئيس دولة، ورئيس حزب، ورئيس وزراء، وما حول ذلك وما دونه من مراتب.
غير أن الفلسطيني ظل يشعر في قرارة نفسه بأنه لاجئ، ذلك لأنه لم يحمل وثيقة تؤكد انتماءه الأصلي سوى أن أجداده كانوا من تابعيات مختلفة ليس منها الانتماء لدولة فلسطينية معترف بها، وليس له من كل ذلك سوى إشارة إلى مكان الميلاد.
اللجوء حالة شعورية، تبقى في الروح على نحو لم تفلح كل الامتيازات والمكانات في إنهائها، كان الجذر الأعمق الذي دفع اللاجئين الذين هم كل الفلسطينيين لأن يفكروا في الثورة، وكان منطلقها من أكثر الأماكن التي وفّرت فرصاً وثروات لهم وهي دول الخليج العربي، وما إن أعلن بلاغها الأول حتى سرت الثورة في النفوس سريان النار في الهشيم.
اندفع الفلسطينيون الذي يوحدهم الشعور بأنهم لاجئون إلى المشاركة في الثورة دون حساب للخسائر التي سيتكبدونها، ولو راجعت سجل الشهداء والجرحى والمعاقين الذين يعدون بمئات الألوف، في مسيرتهم الثورية الراشحة بالدم فسوف تجد أنهم جميعاً إمّا طلبة في الصفوف النهائية بالمدارس والجامعات، أو مهنيون مختصون في كل المجالات، وإذا دققت في وضعهم الاقتصادي فقلما تجد فقيراً دفعه العوز إلى الذهاب إلى الثورة كي يتقاضى مخصصات تعينه على الحياة. شعور اللاجئ استبد بنفوس الفلسطينيين وازداد تعمقاً كلما فشلت تجربة خاضوها، ذلك بفعل أن الفشل أنتج أكثر من لجوء جديد، ودون استعراض تاريخي لوقائع الفشل وما أنتج، فلنلقِ نظرة على الواقع الراهن، والمكان الأكثر دلالة هو المكان الفلسطيني والفشل الأوضح هو فشل تجربة أوسلو.
من يعيشون على أرض الوطن راودهم ذات يوم، شعورٌ بأن أفقاً انفتح سيؤدي إلى دولة واستقلال، ونُسب ذلك للثورة التي قادها عرفات، ووصل بها إلى غزة ثم الضفة، وبدا كما لو أن تسوية قضية القدس مسألة وقت.
فشلت التجربة أخيراً ليعود الشعور باللجوء حالة مشتركة بين كل الفلسطينيين أينما وجدوا، إذ لا فرق في هذا الشعور بين ساكن المخيم وساكن القرية والمدينة، بين أهل غزة وأهل الضفة، وبين الخارج والداخل، فكلهم بالشعور وواقع الحياة لاجئون.
لا فكاك من هذه الحالة إلا أن تنتهي سطوة الشعور باللجوء بحصول الفلسطيني على ما يساويه بكل شعوب الأرض، أن يضع في جيبه بطاقة هوية وجواز سفر صادراً عن دولته، ساعتها ينتهي الشعور باللجوء القسري الذي يعيشه كل الفلسطينيين، ليحل محله شعور مواطن عادي في دولة عادية.
أخيراً أقول للرئيس ترامب: هل تعالج القضية الفلسطينية بلجوء جديد ومخيمات جديدة؟

مقالات مشابهة

  • متطوعون يطلقون مبادرة لدفن الجثامين المتحللة بمشرحة مستشفى بشائر جنوبي الخرطوم
  • بدء عودة النازحون الفلسطينيون إلى شمال قطاع غزة
  • بلا دولة... الفلسطينيون كلهم لاجئون
  • الأيتام الستة.. وظروف معيشية قاسية
  • د. شيماء الناصر تكتب: بعد غلق الأونروا.. هل سيتوقف دور المرأة الفلسطينية أيضا !
  • مصطفى بكري يشارك في توزيع 17 طن طماطم على أسر الأيتام والفقراء (صور)
  • ترامب: تحدثت إلى ملك الأردن بشأن نقل الناس من غزة إلى الدول المجاورة وسأتحدث مع السيسي بذلك أيضا
  • سلطة النقد تكشف حجم الأموال التي نُهبت من بنوك غزة خلال الحرب
  • الأسرة والمعلم والقدوة الغائبة