د. عصام محمد عبد القادر يكتب: العنف المجتمعي .. مقترحات العلاج
تاريخ النشر: 26th, January 2025 GMT
كل فعل أو ممارسة نصفها بالعنيفة تقف خلفها مسببات قد تكون داخلية أو خارجية تؤدي إلى استعمال صورة من صور القوة التي تؤذي الآخرين أو تضير بالممتلكات أو تؤدي إلى التهديد والترهيب والخوف على مستوى الفرد أو الجماعة، وثمة أنماط للعنف منها المادي والمعنوي بصورهما المتعددة.
وعلاج العنف المجتمعي يتطلب منهجية تقوم على تخطيط استراتيجي؛ حيث العمل على صياغة برامج توعوية متكاملة تنفذها العديد من المؤسسات المعنية بتنمية الوعي والتثقيف والوعظ، ناهيك عن دور المؤسسات التربوية بكل مراحلها والتي تغرس في النفوس القيم والأخلاق الحميدة التي تحض على التعايش السلمي.
واعتقد أن تدريب الإنسان على مراقبة ذاته وربه بداية مهمة لتقويم السلوك وتعزيز الممارسات التي تتسق مع معايير المجتمع وقوانينه؛ فإذا ما أصاب فعل فيه خير استحسنه، وإذا ما ارتكب فعل فيه شر أو أذى للغير استقبحه ووجه اللوم لنفسه وأخذ بها نحو البعد عن تكرار ما اقترفه، بل وتحسر على ما أضر به الآخرون.
وأرى أن معايشة الإنسان منا للمواقف النبيلة التي تتضمن في كليتها الود والرحمة والتعاطف والتكاتف والتكافل وكل الصور التي تشير إلى ترابط الأفراد والمجتمعات؛ لهي مسببات تغرس السكينة والطمأنينة في النفوس وتشعر الإنسان بأنه مسئول عن غير، بل ويتوجب عليه أن يقدم له الدعم والمساندة على الدوام، وهذا في حد ذاته يقلل من دوافع ومقومات العنف المجتمع بصورة قوية؛ حيث يشعر الفرد بالأذى وقلة الارتياح إذا تضرر غيره منه أو من غيره.
أثق في أن تعزيز الثقة لدى الإنسان بأن في الأرض متسع للجميع، يجعله يستوعب حقيقة الوجود الذي يتطلب الإعمار لا الصراع ويحض على التعاون لا التباغض ويؤكد على التضافر لتجاوز التحديات لا الفرقة والشرذمة ويشير إلى أن لبنة النهضة تقوم على المحبة والتآخي لا إشعال الفتن وحب الذات والحقد والكراهية، كما يتطلب أن يدرك الفرد أن الأرزاق مقسمة وهي بيد الله – تعال – وحده، وما علينا إلا أن نأخذ بصحيح السبب وقوام المسار.
وأدرك أن التنشئة على صحيح السلوك على المستوى العقدي أو الاجتماعي من الدعائم التي تقي الفرد شرور أفعاله وعدوانه تجاه الآخرين؛ فمن يعي صحيح دينه ومن يحترم قوانين وتشريعات بلاده ويفقه فحواها ومن يتلقى التوجيه والإرشاد من مصادر التربية الأسرية والتربية الرسمية ومن منابر الوعظ وعبر بوابات المعرفة المفتوحة على مدار الساعة سواءً الإعلامية منها والتواصلية يعمر وجدانه بالخير ويتخلى عن طرائق الشر وأساليب العنف والعدوان في نمط حياته قاطبة.
وأكد على أن تعظيم العلاقات الطبية بين الناس من مسببات دحر صور العنف والعدوان فيما بين الأفراد والمجتمعات، وهنا نعني أن يكون الإنسان منا حريصًا على علاقاته المحمودة مع الآخرين؛ حيث يخشى أن تشوبها شائبة جراء أفعال وممارسات غير محسوبة؛ ومن ثم تسود المحبة ويضعف الخوف وتزداد الثقة وتضمحل الريبة، وبناءً عليه تضاء القلوب بضياء الرحمة والتراضي وتطهر النفوس فتزداد دروب الخيرات وتنحسر مسارات ومداخل الشرور.
واعتياد فعل الخيرات على الدوام والانغماس في العمل المثمر والتطلع لطموحات وأمال وأحلام مشروعة تنقذ الإنسان من الوقوع في براثن الإحباط واليأس اللذان يؤديان به لمظاهر العنف، بل وتجعله قادر على أن يستثمر طاقته كاملة في تنمية خبراته وصقل مهاراته؛ ومن ثم يسمو الوجدان ويرتقي يومًا بعد الأخر؛ فمما لا شك فيه أن أرواحنا تتوق للنور المتمثل في مظاهر الخير وتنفر من الظلام الكامن في الشرور والقيام بغير المألوف مما لا يقبله الشارع الحكيم ولا يتحمله الضمير الحي.
ما أجمل أن نتحلى بمخرجات التربية الأخلاقية التي تهدينا لسواء السبيل وتخرجنا من ظلمات القهر الظلم والعنفوان إلى ساحة التعايش السلمي المصبوغ بالصدق والحق وكرامة العيش والإحسان؛ حيث إن مهمة الاستخلاف تقوم على الأمانة التي تحملها الإنسان منذ أن وجد على ظهر البسيطة؛ فقد كان جرمه الأول الذي نقر به بكل حزن وأسى هو ممارسة العنف الذي تمخض عن حقد وحسد.
نهيب بالإنسان الذي يمتلك أجل نعمة ميزه الله بها عن سائر مخلوقاته؛ ألا وهي نعمة العقل، الذي يدفعه دومًا إلى فطرة السلوك الحميد الذي يستحسنه؛ فبه صنع حضارته وكون ثقافته وسطر تاريخه ودشن جغرافيته وحفر أسمه على جدران وطنه؛ فعاش فيه آمنًا مطمئنًا رافعًا راية السلام يستلمها جيل تلو آخر لتبقى الأرض عامرة ببني البشر.. ودي ومحبتي لوطني وللجميع.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: العنف المجتمعي الأخلاق الحميدة المزيد الإنسان من
إقرأ أيضاً:
محمد حامد جمعة يكتب: الدو
لا أعرف مقتضيات تخويف المجتمع من بعض الساسة ممن يبغضون السودان بتخريجات أن السودان يهدد الأمن الإقليمي والسلام العالمي ! نظرا لظروفه الحالية مع الحرب ! هذا تسطيح ينقضه حقيقة أن الجهة المخاطبة أساسا لديها طرقها في المتابعة والتيقن من حالة تلك المهددات من السودان أو عليه وبصورة أدق من إلتقاطها من متحدث على الأرجح لا يعرف خط الطول من العرض في الجغرافيا .
حرب السودان بكل مضارها حتى الآن أثارها داخلية .يمكن التوسع في فرضيات تأثيرات أثرها على النسيج الإجتماعي وتماسك اللحمة القومية وفي هذا متسع من المباحث .
وأما خارجيا فعلى العكس . تهديدات الجوار الإقليمي وفيوض أسلحته ومقاتليه هي الأوضح . ومخاطر الأخرين عليه قبل الحرب كانت أوضح . لو تذكرون مشروع إخراج المقاتلين الأجانب من ليبيا كمثال . وقد كتبت عنه مادة ارجو أن يسمح الجهد باستخراجها من الإرشيف وتوقعت فيها أن يكون السودان من مجاري تصريف اولئك المقاتلون ! وانظر لما وراء ليبيا وإشكالات منطقة الساحل والصحراء وقد طرحت فيها فرنسا مشروع شراكة عسكرية لمكافحة جماعات عرقية وأصولية .ووأنتهى المشروع بالتحولات التي جرت في مالي والنيجر وبوركينافسو .
والأوضاع في تلك الناحية متصاعدة عراك بين مالي والجزائر واتفاق تعاون عسكري بين الجزائر وموريتانيا ونشاط تشادي كبير للتجهيزات والتسليح ربطا بتلك التطورات .وإذهب لمنطقة البحيرات وشرق الكنغو وقيام تمدد جديد للتوتسي وعرج على جنوب السودان الواقف في عين العاصفة وانظر توترات صامتة مع أرتريا وترقبها لرصاصة طائشة لتقتحم من الجبل والسهل نحو مصدر الرصاصة . دع عنك تفاصيل أخرى . كلها وعلى العكس من فرضيات اولئك الساسة ستجعل السودان (عمود النص) والأرض المستقرة رغم الذي يحدث والذي إن شاء لعب (بالدو) وإن شاء (قبض هبابة) . والأيام بيننا وبيننا حقيقة أهم أن هذا المجتمع الدولي الذي يخاطب ولكل تلك الإعتبارات سيحرص على توثيق تحالفاته مع الطرف المنتصر بالسودان . وهو معلوم الان .
لا بأس أن تتمنى وتناشد لكن ..ذاكر ياخ
محمد حامد جمعة
إنضم لقناة النيلين على واتساب