بعد الجحيم الذي قامت به قوات الاحتلال الإسرائيلية في قطاع غزة، وما خلفه هذا الجحيم من دمار وخراب كامل، مع قتل النساء والأطفال والشيوخ بأعداد كبيرة، ناهيك عن الصور الإجرامية المرعبة للقتلى والجرحى والمشردين، من هجروا لأكثر من مرة طوال ما يقارب من خمسة عشر شهرًا، بين النزوح والفرار من مكان إلى آخر تحت نيران الطيران الإسرائيلي، ومعاناة أبناء غزة من الجوع ونقص المواد الطبية وغيرها من أبسط المستلزمات المهمة لحياة الإنسان، ما أدى إلى أن تصبح غزة معزولة عن هذا العالم، وصولاً الآن إلى الهدنة الإسرائيلية المسمومة بأفكار قادة حكومة نتنياهو المتطرفة، وهؤلاء الدعاة والشياطين الذين يزايدون على أبناء الشعب الفلسطيني، وأرضه المغتصبة من جانب الاحتلال الإسرائيلي وكيانه الصهيوني الذي جاء من شتات بلدان العالم، لينتقل هذا الجحيم الذي روّع وأحزن شعوب وأبناء العالم الحر بسبب ما شاهدوه من إبادة جماعية وجرائم تمس الإنسانية إلى مدينة جنين بالضفة الغربية، ففي الوقت الذي يروج فيه المسئولون الإسرائيليون في العالم بأن عملية اجتياح مخيم جنين بالضفة الغربية المسماة "بالسور الحديدي" ستستغرق أيامًا، إلا أن وزير الدفاع الإسرائيلي "يسرائيل كاتس" قد صرح بأن تلك العملية ستستغرق عدة أشهر متواصلة على غرار ما حدث في غزة، ما يدل على أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يحاول تغطية فشل قواته في تحقيق أهدافها في غزة، ولهذا فهو ينتقل الآن إلى مهاجمة مخيمات الضفة الغربية لتوسيع وإطالة أمد الحرب، من أجل البقاء في السلطة، ولهذا فهو يسعى إلى إحداث أكبر قدر من القتل والخراب والاعتقال في جنين، وغيرها من المدن الفلسطينية، وصولاً إلى تحقيق هدفه الأكبر، وهو تحطيم كيان السلطة الفلسطينية في الضفة، والعمل على ضمها لإسرائيل بضمانة وصول الرئيس الأمريكي ترامب إلى السلطة، فكما قامت قوات الاحتلال الإسرائيلي بأفظع، وأبشع الجرائم الإسرائيلية في غزة، فإنها تعمل الآن بعد قيامها بنقل جرافاتها ودباباتها وآلياتها العسكرية، وطائراتها الحربية لمهاجمة مخيم جنين المكتظ بالسكان الفلسطينيين، وتمكن تلك القوات الغاشمة خلال الأيام الماضية من اقتحام المخيم وقتل واعتقال الكثير من أبنائه، ناهيك عن تجريف الشوارع، وهدم المنازل وتهجير أبنائها وإلحاق أكبر الضرر بالبنى التحتية في جنين، وإنشاء الحواجز العسكرية، وتعقب فصائل المقاومة الفلسطينية باعتبار أن الضفة الغربية تمثل- وفق ترويج الاحتلال- جبهة حربية بعد غزة ولبنان وسوريا.
إن تلك الأهداف الشيطانية تعد من أهم أهداف الساسة المتطرفين في إسرائيل، وعلى رأسهم نتنياهو وسموتريتش وبن غفير وغيرهم من قادة الأحزاب المتطرفة، والعاملة على تقويض السلطة الفلسطينية وانهيارها، والضغط على أبناء الشعب الفلسطيني من أجل تهجيره، ومن ثم تصفية القضية الفلسطينية، وإظهار قادة اليمين المتطرف في إسرائيل ضعف السلطة الفلسطينية في نظر الفلسطينيين، ناهيك عن عمل نتنياهو منذ سنوات على التملص من كل الاتفاقات الدولية المبرمة مع السلطة الفلسطينية، والعمل على إضعاف السلطة ومؤسساتها، وصولاً إلى هدف التقليل من الدعم الدولي اللا محدود للسلطة الفلسطينية، ولهذا فإن الجيش الإسرائيلي الآن يستخدم نفس أساليبه العسكرية غير المشروعة والمحرمة دوليًّا في جنين، لإجبار المئات من السكان على مغادرة ديارهم وإقدام قوات الاحتلال باغتصاب الأراضي والمنازل من أصحابها، وإقامة مئات الحواجز التي ابتدعها جيش الاحتلال وسلطاته، للعمل على حصار الفلسطينيين وتقييد حركتهم والتنكيل بهم، لينتقل الجحيم من غزة إلى جنين بشمال الضفة الغربية التي أصبحت بعد جرائم الاحتلال المتواصلة بقعة معزولة عن العالم، ما يدل على أن جرائم الاحتلال ستظل متواصلة، ومنتقلة من مكان إلى آخر، وذلك بعد عجز العالم ومؤسساته من القدرة على وقف هذا الإجرام المتواصل في حق الشعب الفلسطيني، وإفلات قادة إسرائيل ومستوطنيها المجرمين من العقاب.
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: السلطة الفلسطینیة الضفة الغربیة
إقرأ أيضاً:
ماذا يعني وضع إسرائيل بوابات حديدية على مداخل مخيم جنين؟
مع دخول العملية العسكرية الإسرائيلية "السور الحديدي" في مدينة ومخيم جنين شمال الضفة الغربية شهرها الرابع، بدأت قوات الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الأربعاء، تركيب بوابات حديدية على مداخله.
وبات الفلسطينيون في الضفة الغربية يعرفون هذه البوابات ذات اللون الأصفر، والتي تشكل جزءا من تحركاتهم اليومية عند محاولتهم الانتقال من مدينة إلى أخرى أو من بلدة لأخرى مجاورة لها، حيث وضع الاحتلال منذ بداية الحرب على قطاع غزة واحدة منها على مدخل كل قرية ومدينة فلسطينية تقريبا، تُفتح وتُغلق بمزاج جنود الاحتلال الموجودين في محيطها عادة.
ووُضعت هذه البوابات اليوم على مداخل المخيم الثلاثة الرئيسية، وأدت إلى عزله بشكل كامل عن محيط مدينة جنين، ورسمت مشهدا قاتما للنازحين منه يصور صعوبة عودتهم إليه.
فقدان الأمل
يقول أبو سامي أبو عطية النازح من حارة "الحواشين" في مخيم جنين إلى وادي برقين "بدأنا نهارنا بأخبار نصب البوابات على مداخل المخيم، في البداية وضعوا واحدة بالقرب منا عند دوار العودة غربي المخيم، استغربت كثيرا حين رأيت فيديوهات نقل البوابة من الجلمة إلى هنا، كلنا تفاجأنا، لكن بعد تركيب البوابات الباقية اتضحت الصورة، أغلقوا المخيم بشكل كامل، وأصبح معسكرا".
إعلانويرى الأهالي أن إغلاق مداخل المخيم من جهاته الثلاث، الغربية والشرقية والشمالية، هو أشبه بتحويله إلى معسكر مغلق ومعزول تماما.
ويضيف أبو سامي "البوابات تعني فقدان الأمل المتبقي لنا في العودة إلى منازلنا في المخيم، منذ الصباح أبلغت عائلتي أن هذا الإجراء يعني استحالة العودة بأي شكل كان، وأن الأزمة ستطول بشكل أكبر، وعلينا كفلسطينيين إيجاد حل جذري لها".
وبالنسبة لوالدة الشهيد أشرف السعدي، فإن نصب الاحتلال لهذه البوابات يمثل ضربة جديدة للنازحين الذين يحلمون بانسحاب جيش الاحتلال من المخيم ليعودوا إليه.
وتصف أم أشرف حالها لحظة سماعها الخبر، وتقول "شعرت بأن قلبي مقبوض وبكيت كثيرا، أحسست أنهم استولوا على بيوتنا بشكل حقيقي اليوم، لم أعرف ماذا أفعل، اتصلت بجارتي لتكذب الخبر لكنها أكدته لي، أغلقوا المخيم بالبوابات، صار سجن".
وتضيف للجزيرة نت "طردونا من المخيم وكأنه لهم، الآن أصبح الوضع أكثر صعوبة بالنسبة لنا كنازحين، لكن نحن نقول إن عودتنا لبيوتنا قادمة، سنرجع للمخيم بإذن الله وسينسحب جيش الاحتلال".
حصار مطبقووفق بلدية جنين، فإن الاحتلال يطبق حصاره على المخيم بشكل كامل ويستمر في عزله عن كل ما يحيط به، مع استمرار عمليات الهدم واستحداث الشوارع وتوسيع الطرق على حساب المباني بداخله.
يقول رئيس البلدية محمد جرار، للجزيرة نت، إنه منذ عملية التفجير الكبير التي قام بها جيش الاحتلال في عمق المخيم بعد تفخيخ المنازل ونسفها دفعة واحدة، لن تتمكن أي جهة كانت من دخول المخيم ولا بأي شكل من الأشكال، كما لم تهدأ عمليات دفع التعزيزات بمعدات غير معروفة لهم إلى داخله بشكل يومي.
وأضاف "هدم الجيش بعد ذلك قرابة 60 بناية سكنية عن طريق الجرافات، وكان قد أعلن عن نيته هدمها في حارات الحواشين والدمج وعبد الله عزام وغيرها، عمليات الهدم تتم يوميا وبشكل مستمر، إضافة إلى شق الشوارع وتغيير جغرافية المخيم ككل، فهو معزول تماما، ولأن الاحتلال يمنع الطواقم الصحفية من دخوله، فإننا نجد صعوبة في توثيق عمليات الهدم والنسف وكافة الاعتداءات على البنية التحتية والشوارع والخدمات فيه".
إعلانوبحسب جرار، فإن الهدف هو عزل المخيم بشكل كامل، وذلك تطبيقا لخطة الحكومة الإسرائيلية بالبقاء فيه لمدة طويلة. و"ما يجري يحدث على حساب الأهالي للأسف، الذين وجدوا أنفسهم من دون مأوى وفي ظروف اقتصادية واجتماعية سيئة للغاية".
ووفق تقديرات بلدية جنين، هدم الاحتلال حتى الآن قرابة 600 بناية سكنية، في حين طال الدمار كافة منازل وممتلكات المواطنين في المخيم مما يعني أنه أصبح غير صالح للسكن.
خطة الاحتلالوتوزع النازحون، البالغ عددهم من مخيم جنين ومحيطه 21 ألف شخص، في مناطق متعددة منها بلدة برقين التي ضمت أكبر عدد من النازحين الذين لجؤوا لبلدات وقرى المحافظة، ووصل عددهم إلى 4181 نازحا، بينما تضم سكنات الجامعة العربية الأميركية في جنين 3200 نازح، وسكن قرابة 6 آلاف نازح مدينة جنين، وفق المصدر نفسه.
وفي الوقت الذي تسعى فيه الحكومة الفلسطينية، ضمن خطة وزارة الأشغال، لبناء مخيم مؤقت بين مدينتي جنين وطولكرم، والذي سيضم في المرحلة الأولى 35 بيتا متنقلا، على أن يكون في منطقة وادي برقين، ويتسع كل بيت منها لـ5 أفراد، يرى النازحون من مخيم جنين أن هذه الخطة هي مساعدة لعملية هدم وإلغاء المخيم التي بدأتها إسرائيل قبل 4 أشهر.
وتقدم الارتباط الفلسطيني بطلب للسماح لأهالي المخيم بالدخول إليه على شكل مجموعات تضم 50 شخصا في كل مجموعة، ولم يتوصل حتى الآن إلى رد بالقبول أو الرفض من الاحتلال.
ويرى البعض أن تركيب البوابات قد يكون خطوة أولى لعبور الناس من خلالها إلى منازلهم في المخيم، بعد عملية تفتيش وتدقيق هوياتهم.
ومنذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 وحتى نهاية مارس/آذار الماضي، أقامت إسرائيل 900 بوابة حديدية وحاجز عسكري على مداخل بلدات وقرى ومدن الضفة الغربية، تعزلها عن بعضها وتحد حركة المواطنين وتنقلهم.