جريدة الرؤية العمانية:
2025-02-27@12:14:43 GMT

ترامب.. والعودة إلى سدة الحكم

تاريخ النشر: 26th, January 2025 GMT

ترامب.. والعودة إلى سدة الحكم

 

 

علي بن سالم كفيتان

قد يستغرب الكثيرون في العالم كيف يحصل رجل مثل دونالد ترامب على ثقة الناخب الأمريكي ويعود للسلطة مع أغلبية في مجلس النواب والشيوخ الأمريكي، إذا ما نظرنا إلى شخصيته المُتحرِّرة من البروتكولات الرئاسية، وتعامله العفوي مع القضايا، وصراحته في الإعلان عن سياساته الاقتصادية والاجتماعية ونزعاته السياسية التوسعية لأمريكا، بعد إعلان نيته السعي لتغيير اسم خليج المكسيك ليكون "خليج أمريكا"، أو الحديث عن استعادة السيطرة على قناة بنما، وضم جرينلاند وكندا كنجمتين جديدتين في العلم الأمريكي.

كل هذا قد يبدو ضربًا من الجنون للساسة في العالم، ومع كل ذلك، صوَّت الأمريكيون لترامب لأنه وعدهم بتحسين الاقتصاد وتوفير الوظائف وفرض الهيمنة على الأعداء والمنافسين مثل الصين والاتحاد الأوربي، والتقارب مع روسيا، وإنهاء حرب أوكرانيا وحرب غزة، ليس لأن الرجل مُحب لهذه الدول أو تلك الشخصيات؛ بل لكون الأمر يستنزف الكثير من الأموال من الخزينة الأمريكية، حتى زياراته للدول تعتمد على مقدار الأموال التي ستحصل عليها أمريكا عقب كل زيارة؛ فالأجندة مالية بامتياز، وعلى العالم أن يعي ذلك تمامًا.

نتوقع أن يخضع الشرق الأوسط لابتزاز غير مسبوق من أجل العودة لـ"اتفاقيات إبراهام" مع إسرائيل؛ حيث إنَّ رحيل بشار الأسد وعودة الاستقرار إلى سوريا، وتحييد "حزب الله" في لبنان وعودة الحياة السياسية إلى لبنان، وإنهاء حرب غزة بسرعة غير متوقعة وإجبار نتنياهو على القبول بوقف إطلاق النار والتفاوض مع حماس، كل هذه الأمور عبارة عن مُقدِّمات للنسخة المُعدَّلة من "صفقة القرن" التي فشلت نسختها الأولى. وبعودة راعي المبادرة، أصبح أمر التعامل معها حتميًا في ظل المُعطيات على الساحة السياسية. وهذا السيناريو نجح في تقديم أحمد الشرع كزعامة إسلامية معتدلة في سوريا غير معادية لإسرائيل، والأمر ذاته في لبنان بانتخاب رئيس جمهورية ورئيس وزراء لا يوليان اهتمامًا يُذكر بمواجهة إسرائيل، في ظل التوجه نحو تحسين الاقتصاد والمستوى المعيشي للبلدين، بدعم غربي وعربي غير مسبوق. وستكتمل الصورة بعودة سلطة الرئيس محمود عباس لحكم غزة، وإبعاد حماس وفصائل المقاومة عن المشهد السياسي، ولن تسلم الدول التي أبعدت نفسها عن مسار التطبيع من الضغط؛ مما قد يوقعها في خيارين أحلاهما مُر؛ إما السير عكس سفينة ترامب وتحمل العواقب، وأما الإبحار معها.

استفادت الدول النفطية من خروج ترامب 4 سنوات من السلطة، فازدهرت الأسعار وعالجت الكثير من الحكومات مديونياتها، وحسَّنت من مستوياتها الاقتصادية ورفعت تصنيفها الائتماني العالمي، وكل ذلك كان مدفوعًا بالصراعات التي نشبت في العالم؛ مما أدى لارتفاع قيمة الطاقة في ظل الخوف من تبعات الحروب. وكان المستفيد الأول الدول المنتجة للنفط، فهل إطفاء الحروب الذي يتبناه ترامب سيهوي بأسعار النفط مجددًا ويُعيدنا إلى سقف منخفض لقيمة البرميل؟ هذا متوقع جدًا إذا ما عدنا إلى سياسة ترامب في ولايته الأولى (2016- 2020)، فقد عمِل على الاستعانة بالمخزون الاستراتيجي الأمريكي والضغط على منظمة "أوبك" لإغراق السوق بالمعروض؛ مما هوى بالأسعار إلى مستويات متدنية انعكست كسادًا وتضخمًا وديونًا على أرباب النفط في العالم، وأكبر المتضررين كانت الدول الخليجية بلا شك.

من ضمن قرارات ترامب التي وقَّعها في اليوم الأول قرار الانسحاب من اتفاقية باريس للمناخ، وهو نفس القرار الذي اتخذه في ولايته الأولى، قبل أن يعود بايدن للاتفاقية. ترامب كرجل أعمال ينظر إلى الاتفاقية من زاوية تحجيم الاقتصاد الأمريكي القائم على الصناعة، التي تستهلك الوقود الأحفوري، ومن هنا- ومن وجهة نظره- أنه ليس من المنطقي أن يُقيِّد اقتصاد أمريكا الذي يتربع على عرش العالم بأفكار قادمة من مؤتمر باريس للمناخ الذي عُقد في 2015، ويرى فيه ترامب فلسفة أوروبية غير حميدة لإبطاء السيادة الاقتصادية الأمريكية للعالم، وتُقيِّدها بحبال المناخ، والتوجه نحو مصادر بديلة للطاقة غير النفط والغاز، اللذين يُبقيان أمريكا على عرش العالم. لذلك يتوجه ترامب دائمًا للتنصل من اتفاقية المناخ، ويتوجه لفرض ضرائب عالية على المنتجات الأوروبية، ويرفع قيمة النفط الأمريكي إلى أوروبا، ويُساوِم دول حلف شمال الأطلسي على زيادة مساهمتها في ميزانية الحلف بما يصل إلى 2% من دخلها القومي؛ فهو يرى أن الحلف يحمي أوروبا بالدرجة الأولى، وهي لا تدفع ما يكفي لتلك الحماية، وهو ذات الابتزاز لدول الخليج النفطية.

بوصول الرئيس الأمريكي الجديد إلى الحكم، ستنتهي الحروب، ولن يدخل في مواجهة مع الصين أو روسيا، لكن على الجميع أن يستعد لتقديم ما يكفي من الإتاوات في هيئة أموال مباشرة أو استثمارات أو ارتهان القرار السياسي على أقل تقدير، ولا شك أننا مقبلون على تراجع في أدائنا الاقتصادي في عهد ترامب إذا صدقت النبوءة!

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

مجلس الأمن الدولي يعتمد مشروع القرار الأمريكي الذي يدعو لإنهاء الصراع في أوكرانيا

الثورة نت/وكالات وافق مجلس الأمن الدولي، مساء أمس الاثنين، على القرار الذي اقترحته الولايات المتحدة الأمريكية بشأن أوكرانيا، في صيغته الأصلية دون خطاب معادٍ لروسيا. وبحسب وكالة “سبوتنيك”، : “صوتت 10 دول لصالح القرار، من بينها روسيا والصين والولايات المتحدة الأمريكية، فيما امتنعت 5 دول أخرى عن التصويت، بينما لم يصوت أحد ضده”، وتم اعتماد القرار “بصيغته الأصلية”، ورفض مجلس الأمن الدولي التعديلات الغربية التي تحمل خطابا معاد لروسيا. وجاء في نص القرار، أن “الغرض الأساسي للأمم المتحدة هو الحفاظ على السلام والأمن الدوليين والتسوية السلمية للنزاعات”، مطالبًا بشدة “إنهاء الصراع فورًا وضرورة إقامة سلام دائم بين أوكرانيا وروسيا الاتحادية”. ونقلت وكالة “سبوتنيك” عن مراسلها هناك، إن “مجلس الأمن الدولي، رفض بالإجماع اقتراح فرنسا واليونان والمملكة المتحدة، بتأجيل التصويت على مشروع القرار الذي اقترحته الولايات المتحدة الأمريكية، بشأن الصراع في أوكرانيا”. وذكّرت نائبة المندوبة الأمريكية دوروثي كاميل شيا، في وقت لاحق، أن “هذا النص لا ينبغي تأجيله لأنه قُدّم في الوقت المناسب وهو مختصر”، مشيرةً إلى هذا القرار ليس “اتفاقية سلام بل مسار للسلام”. بدوره، قال مندوب روسيا الدائم لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا، خلال جلسة مجلس الأمن: “نقدّر الموقف الذي عبّر عنه الرئيس (الأمريكي دونالد) ترامب، مرات عدة، بأن الأزمة الأوكرانية لها أسبابها عميقة الجذور”. ويوم أمس الاثنين، تبنّت الجمعية العامة للأمم المتحدة، قرارا ثانيًا بشأن أوكرانيا اقترحته الولايات المتحدة الأمريكية، تضمن عددا من التعديلات المناهضة لروسيا من قبل الدول الغربية، وذلك بعد تبنيها قرارًا مناهضًا لروسيا كانت اقترحته أوكرانيا. وقال نيبينزيا، في كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة: “للأسف، في غياب التعديل الذي اقترحناه حول ضرورة القضاء على الأسباب الجذرية للصراع، وبعد اعتماد التعديلات الأوروبية، تم تشويه جوهره تمامًا. ونتيجة لذلك، بدلاً من الدعوة إلى السلام، التي تصورها زملاؤنا الأمريكيون في الأصل، وجدنا أنفسنا أمام ورقة أخرى مناهضة لروسيا، تشوّه الحقيقة وتخلق توقعات وأفكار غير واقعية لمعارضة المجتمع الدولي بشأن سبل حل الأزمة الأوكرانية”. وقبل تقديم المشروع الأمريكي، كانت الجمعية العامة للأمم المتحدة، يوم أمس الاثنين، قد اعتمدت مشروع قرار صاغته أوكرانيا، بشأن الأزمة الأوكرانية، تضمن بنودًا مناهضة لروسيا. ومن الجدير بالذكر، أنه للمرة الأولى منذ بداية العملية العسكرية الروسية الخاصة، لم تشارك الولايات المتحدة الأمريكية، في كتابة مشروع قرار مناهض لروسيا، حيث كانت قبل وصول الرئيس دونالد ترامب إلى السلطة، تدعم باستمرار القرارات المناهضة لروسيا في الجمعية العامة.

مقالات مشابهة

  • استياء واسع عبر منصات التواصل جراء فيديو ترامب غزة الذي نشره الرئيس الأمريكي
  • من هو دان رازين كين الذي اختاره ترامب لرئاسة أركان الجيش الأمريكي؟
  • وقفة تأبين للجندي الأمريكي بوشنل الذي أحرق نفسه أمام سفارة الاحتلال بواشنطن
  • محجوب فضل بدری: صياد النجوم فی أبْ قَبَّة فحل الديوم !!
  • مجلس الأمن الدولي يعتمد مشروع القرار الأمريكي الذي يدعو لإنهاء الصراع في أوكرانيا
  • من هو الجندي الأمريكي الذي نعته المقاومة الفلسطينية؟
  • حماس: المقاومة حق مشروع لشعبنا حتى التحرير والعودة
  • إبراهيم عيسى: 80% من المساعدات التي تقدم لسكان قطاع غزة مصرية
  • كاتب إسرائيلي: الفلسطينيون في غزة لن يكرروا خطيئة النكبة الأولى 1948
  • ميسي يبدأ موسم الدوري الأمريكي بمشاجرة مع الحكم وضحية عربية (فيديو)