جريدة الرؤية العمانية:
2025-07-30@06:22:11 GMT

ترامب.. والعودة إلى سدة الحكم

تاريخ النشر: 26th, January 2025 GMT

ترامب.. والعودة إلى سدة الحكم

 

 

علي بن سالم كفيتان

قد يستغرب الكثيرون في العالم كيف يحصل رجل مثل دونالد ترامب على ثقة الناخب الأمريكي ويعود للسلطة مع أغلبية في مجلس النواب والشيوخ الأمريكي، إذا ما نظرنا إلى شخصيته المُتحرِّرة من البروتكولات الرئاسية، وتعامله العفوي مع القضايا، وصراحته في الإعلان عن سياساته الاقتصادية والاجتماعية ونزعاته السياسية التوسعية لأمريكا، بعد إعلان نيته السعي لتغيير اسم خليج المكسيك ليكون "خليج أمريكا"، أو الحديث عن استعادة السيطرة على قناة بنما، وضم جرينلاند وكندا كنجمتين جديدتين في العلم الأمريكي.

كل هذا قد يبدو ضربًا من الجنون للساسة في العالم، ومع كل ذلك، صوَّت الأمريكيون لترامب لأنه وعدهم بتحسين الاقتصاد وتوفير الوظائف وفرض الهيمنة على الأعداء والمنافسين مثل الصين والاتحاد الأوربي، والتقارب مع روسيا، وإنهاء حرب أوكرانيا وحرب غزة، ليس لأن الرجل مُحب لهذه الدول أو تلك الشخصيات؛ بل لكون الأمر يستنزف الكثير من الأموال من الخزينة الأمريكية، حتى زياراته للدول تعتمد على مقدار الأموال التي ستحصل عليها أمريكا عقب كل زيارة؛ فالأجندة مالية بامتياز، وعلى العالم أن يعي ذلك تمامًا.

نتوقع أن يخضع الشرق الأوسط لابتزاز غير مسبوق من أجل العودة لـ"اتفاقيات إبراهام" مع إسرائيل؛ حيث إنَّ رحيل بشار الأسد وعودة الاستقرار إلى سوريا، وتحييد "حزب الله" في لبنان وعودة الحياة السياسية إلى لبنان، وإنهاء حرب غزة بسرعة غير متوقعة وإجبار نتنياهو على القبول بوقف إطلاق النار والتفاوض مع حماس، كل هذه الأمور عبارة عن مُقدِّمات للنسخة المُعدَّلة من "صفقة القرن" التي فشلت نسختها الأولى. وبعودة راعي المبادرة، أصبح أمر التعامل معها حتميًا في ظل المُعطيات على الساحة السياسية. وهذا السيناريو نجح في تقديم أحمد الشرع كزعامة إسلامية معتدلة في سوريا غير معادية لإسرائيل، والأمر ذاته في لبنان بانتخاب رئيس جمهورية ورئيس وزراء لا يوليان اهتمامًا يُذكر بمواجهة إسرائيل، في ظل التوجه نحو تحسين الاقتصاد والمستوى المعيشي للبلدين، بدعم غربي وعربي غير مسبوق. وستكتمل الصورة بعودة سلطة الرئيس محمود عباس لحكم غزة، وإبعاد حماس وفصائل المقاومة عن المشهد السياسي، ولن تسلم الدول التي أبعدت نفسها عن مسار التطبيع من الضغط؛ مما قد يوقعها في خيارين أحلاهما مُر؛ إما السير عكس سفينة ترامب وتحمل العواقب، وأما الإبحار معها.

استفادت الدول النفطية من خروج ترامب 4 سنوات من السلطة، فازدهرت الأسعار وعالجت الكثير من الحكومات مديونياتها، وحسَّنت من مستوياتها الاقتصادية ورفعت تصنيفها الائتماني العالمي، وكل ذلك كان مدفوعًا بالصراعات التي نشبت في العالم؛ مما أدى لارتفاع قيمة الطاقة في ظل الخوف من تبعات الحروب. وكان المستفيد الأول الدول المنتجة للنفط، فهل إطفاء الحروب الذي يتبناه ترامب سيهوي بأسعار النفط مجددًا ويُعيدنا إلى سقف منخفض لقيمة البرميل؟ هذا متوقع جدًا إذا ما عدنا إلى سياسة ترامب في ولايته الأولى (2016- 2020)، فقد عمِل على الاستعانة بالمخزون الاستراتيجي الأمريكي والضغط على منظمة "أوبك" لإغراق السوق بالمعروض؛ مما هوى بالأسعار إلى مستويات متدنية انعكست كسادًا وتضخمًا وديونًا على أرباب النفط في العالم، وأكبر المتضررين كانت الدول الخليجية بلا شك.

من ضمن قرارات ترامب التي وقَّعها في اليوم الأول قرار الانسحاب من اتفاقية باريس للمناخ، وهو نفس القرار الذي اتخذه في ولايته الأولى، قبل أن يعود بايدن للاتفاقية. ترامب كرجل أعمال ينظر إلى الاتفاقية من زاوية تحجيم الاقتصاد الأمريكي القائم على الصناعة، التي تستهلك الوقود الأحفوري، ومن هنا- ومن وجهة نظره- أنه ليس من المنطقي أن يُقيِّد اقتصاد أمريكا الذي يتربع على عرش العالم بأفكار قادمة من مؤتمر باريس للمناخ الذي عُقد في 2015، ويرى فيه ترامب فلسفة أوروبية غير حميدة لإبطاء السيادة الاقتصادية الأمريكية للعالم، وتُقيِّدها بحبال المناخ، والتوجه نحو مصادر بديلة للطاقة غير النفط والغاز، اللذين يُبقيان أمريكا على عرش العالم. لذلك يتوجه ترامب دائمًا للتنصل من اتفاقية المناخ، ويتوجه لفرض ضرائب عالية على المنتجات الأوروبية، ويرفع قيمة النفط الأمريكي إلى أوروبا، ويُساوِم دول حلف شمال الأطلسي على زيادة مساهمتها في ميزانية الحلف بما يصل إلى 2% من دخلها القومي؛ فهو يرى أن الحلف يحمي أوروبا بالدرجة الأولى، وهي لا تدفع ما يكفي لتلك الحماية، وهو ذات الابتزاز لدول الخليج النفطية.

بوصول الرئيس الأمريكي الجديد إلى الحكم، ستنتهي الحروب، ولن يدخل في مواجهة مع الصين أو روسيا، لكن على الجميع أن يستعد لتقديم ما يكفي من الإتاوات في هيئة أموال مباشرة أو استثمارات أو ارتهان القرار السياسي على أقل تقدير، ولا شك أننا مقبلون على تراجع في أدائنا الاقتصادي في عهد ترامب إذا صدقت النبوءة!

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

السيسي يناشد الرئيس الأمريكي ترامب لوقف الحرب في غزة

أكد رئيس النظام المصري عبد الفتاح السيسي، اليوم الاثنين، في خطاب متلفز وصفه بـ"الرسالة إلى الداخل والخارج"، أن القاهرة تتحرك منذ اندلاع الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023، بالتنسيق الكامل مع الشريكين القطري والأمريكي، لتحقيق ثلاثة أهداف مركزية: وقف الحرب، وتأمين دخول المساعدات الإنسانية، والإفراج عن الأسرى.

وأوضح السيسي أن حديثه يأتي في "توقيت دقيق"، على ضوء ما يتم تداوله مؤخرًا من "كلام كثير"، في إشارة إلى حملات الانتقاد التي طالت الدور المصري في إدارة الملف الإنساني والحدودي مع القطاع.

وأكد أن الموقف المصري لا يزال ثابتًا، ويرتكز على "التمسك بحل الدولتين كمسار وحيد لتسوية القضية الفلسطينية"، محذرًا من أن "أي محاولة للتهجير ستؤدي إلى تفريغ هذا الحل من مضمونه".

السيسي: المساعدات جاهزة
وفيما يتعلق بالأزمة الإنسانية المتفاقمة، أشار  السيسي إلى أن قطاع غزة يحتاج، في الظروف الطبيعية، ما بين 600 إلى 700 شاحنة مساعدات يوميًا، مؤكدًا أن مصر عملت خلال الأشهر الـ21 الماضية على إدخال أكبر كمية ممكنة من المساعدات، رغم التحديات الميدانية والقيود المفروضة.

وأضاف أن معبر رفح ليس خاضعًا فقط للسيطرة المصرية، بل يتأثر كذلك بالوضع الأمني على الجانب الفلسطيني، ما يستدعي التنسيق مع الجهات المسيطرة في غزة. وكشف السيسي عن أن "لدينا حجمًا ضخمًا جدًا من المساعدات جاهز للدخول"، مشددًا في الوقت ذاته على أن "أخلاقنا وقيمنا لا تسمح بمنعها"، لكن دخولها "يتطلب تنسيقًا من الطرف الآخر داخل القطاع".

وفي معرض حديثه عن المعابر، أوضح السيسي أن هناك خمسة معابر رئيسية تربط غزة بالأراضي الفلسطينية والمصرية، من بينها معبر رفح وكرم أبو سالم من الجانب المصري، في تأكيد على أن المسؤولية لا تقع فقط على عاتق القاهرة، بل تشمل أيضًا الاحتلال الإسرائيلي والطرف المسيطر على غزة.

كما وجّه السيسي في خطابه رسائل سياسية إلى الداخل والخارج، فقال مخاطبًا الشعب المصري: "أوعوا تتصوروا أننا ممكن نكون سلبيين تجاه الأشقاء في فلسطين، رغم صعوبة الموقف"، مضيفًا: "مصر لها دور محترم وشريف ومخلص وأمين لا يتغير ولن يتغير"، في محاولة لطمأنة الرأي العام المصري الذي أبدى انتقادات متزايدة للدور الرسمي المصري في الأزمة، خصوصًا فيما يتعلق بإغلاق معبر رفح أو تأخر المساعدات.

كما وجه السيسي نداءً عامًا إلى المجتمع الدولي، قائلاً: "أدعو كل دول العالم، والاتحاد الأوروبي، والولايات المتحدة، وأشقائنا في المنطقة، إلى بذل أقصى جهد لإنهاء الحرب وإدخال المساعدات".

وخصّ السيسي الرئيس الأمريكي  دونالد ترمب بنداء مباشر قال فيه: "من فضلك أبذل كل جهد لإنهاء الحرب وإدخال المساعدات... أتصور أن الوقت قد حان لإنهاء هذه الحرب".


الخارجية المصرية ترد على الانتقادات
بالتوازي مع خطاب السيسي، أصدرت وزارة الخارجية المصرية بيانًا رسميًا أعربت فيه عن "الاستياء الشديد من محاولات متكررة لتشويه الدور المصري تجاه غزة"، معتبرة أن "القاهرة تقوم بواجبها الإنساني والقومي دون مزايدات"، وأن تحركاتها تهدف إلى "تخفيف معاناة الشعب الفلسطيني رغم العقبات المتزايدة".

وشدد البيان على أن مصر لن تلتفت إلى "الحملات المغرضة التي تستهدف زعزعة الثقة في دورها"، واصفًا إياها بأنها "تتجاهل الوقائع على الأرض وتضر بالقضية الفلسطينية ذاتها، لا سيما في ظل الظروف الكارثية التي تمر بها غزة".

مقالات مشابهة

  • الجبهة الوطنية: الدول التي تسقط لا تنهض مجددا وتجربة مصر العمرانية هي الأنجح
  • FT: العالم خذل الفلسطينيين وتجويع غزة وصمة عار
  • السيسي يناشد الرئيس الأمريكي ترامب لوقف الحرب في غزة
  • ترامب: أنقذت العالم من 6 حروب.. وسأقلل مهلة الـ 50 يوما التي منحتها لبوتين
  • فضيحة مدوية.. شاهد ما الذي كانت تحمله شاحنات المساعدات الإماراتية التي دخلت غزة (فيديو+تفاصيل)
  • لأول مرة.. هولندا تدرج الاحتلال الاسرئيلي ضمن الدول التي تشكل تهديداً
  • لأول مرة… هولندا تدرج إسرائيل ضمن الدول التي تشكل تهديداً
  • الرجل الذي أنقذ العالم من جحيم الحر.. من هو كارير مخرع التكييف؟
  • عاجل | الوكالة الوطنية للأمن في هولندا: إدراج إسرائيل لأول مرة على قائمة الدول التي تشكل تهديدا للبلاد
  • هولندا تدرج إسرائيل لأول مرة على قائمة الدول التي تشكل تهديدا للبلاد