رامي بن سالم البوسعيدي

 

تُعد المعارض الاستهلاكية في سلطنة عُمان من أبرز الأدوات التي تُسهم في تعزيز النمو الاقتصادي والاجتماعي؛ فهي ليست مجرد منصات تجارية تعرض المُنتجات والخدمات، بل هي مناسبات شاملة تجمع بين الترويج الاقتصادي ودعم المشاريع الصغيرة وتعزيز التفاعل المجتمعي، وتقديم أنشطة ترفيهية تُضفي طابعًا جذابًا على هذه الفعاليات، ومع السعي لتحقيق أهداف رؤية "عُمان 2040"، تبرز أهمية هذه المعارض في المساهمة في تنويع مصادر الدخل الوطني وتعزيز دور القطاع الخاص.

وتتميز عُمان بتنظيم العديد من المعارض الاستهلاكية التي تشكل نقاط التقاء رئيسية بين الشركات المحلية والجمهور، سواء من مستهلكين أو مستثمرين، ومع تزايد هذه الفعاليات أصبحت المعارض الاستهلاكية بمثابة قاطرة اقتصادية تدفع عجلة النمو المحلي، من خلال الترويج للمنتجات الوطنية وتعزيز ثقة المستهلك في الصناعات العمانية، خصوصًا تلك التي تحمل شعار "صُنع في عُمان".

ومن خلال مشاركتنا في معرض البريمي الاستهلاكي الذي أُقيم مؤخرًا نجد أنه نموذج ناجح يُبرز أهمية هذه الفعاليات؛ فقد جمع بين الشركات الكبرى والمشاريع الصغيرة والمنزلية، مما وفر فرصة لرواد الأعمال للتعريف بمنتجاتهم أمام جمهور واسع، وإبراز التنوع الاقتصادي الذي يميز السلطنة، ومثل هذه المعارض تُسهم بشكل مباشر في تعزيز انتشار الشركات المحلية وزيادة قدرتها التنافسية؛ سواء في الأسواق المحلية أو الإقليمية.

وتعد المشاريع الصغيرة والمتوسطة والمشاريع المنزلية التي وجدناها في البريمي جزءًا أساسيًا من خطط تنويع الاقتصاد الوطني. ومن هنا تأتي أهمية المعارض الاستهلاكية التي تُعد منصة مثالية لرواد الأعمال لعرض منتجاتهم وخدماتهم بشكل مباشر للجمهور، وهي نافذة تُمكّنها من الانطلاق نحو السوق بشكل أوسع، فهي تُتيح لأصحاب هذه المشاريع فرصة الترويج لمنتجاتهم مثل الحرف اليدوية، المأكولات التقليدية، والعطور المحلية؛ مما يساعدهم على زيادة مبيعاتهم وتوسيع شبكاتهم التجارية، إضافة إلى ذلك توفر المعارض فرصة للاطلاع على أفكار جديدة وتبادل الخبرات مع المشاريع الأخرى، مما يعزز من تطوير هذه الأعمال واستدامتها.

ولا تقتصر أهمية المعارض الاستهلاكية على الجوانب الاقتصادية فقط؛ بل تمتد إلى تقديم أنشطة ترفيهية وثقافية مصاحبة، تجعل من هذه الفعاليات تجربة شاملة تستقطب جميع أفراد الأسرة، وإلى جانب المعروضات التجارية، غالبًا ما يتم تنظيم برامج ترفيهية للأطفال وعروض شعبية ومسابقات وورش عمل تعليمية. هذه الأنشطة لا تضفي فقط أجواءً ممتعة على الحدث، بل تساهم أيضًا في جذب شريحة أكبر من الجمهور، مما ينعكس إيجابًا على نجاح المعرض وزيادة عدد زواره.

على سبيل المثال، خلال معرض البريمي الاستهلاكي، تم تنظيم فعاليات عائلية تضمنت عروضًا فنية وثقافية، إلى جانب مناطق مخصصة للأطفال، مما جعل الحدث أكثر شمولية وجذب عائلات من مختلف الولايات، وهذا المزيج بين الترفيه والاقتصاد يُبرز أهمية دمج الأنشطة الترفيهية في مثل هذه الفعاليات، حيث يُسهم في تحقيق تفاعل أكبر بين العارضين والجمهور، ويزيد من مدة بقاء الزوار داخل المعرض، ما يُعزز من فرص البيع والترويج.

وتمثل المعارض الاستهلاكية وسيلة فعالة لتحفيز السياحة الداخلية، حيث تجذب آلاف الزوار من مختلف ولايات السلطنة، وهذه الزيارات لا تقتصر على المعارض نفسها، بل تمتد لتشمل المرافق السياحية المحيطة مثل الفنادق والمطاعم والمراكز التجارية، مما يعزز الإنفاق المحلي ويدعم الاقتصاد الوطني، إضافة إلى ذلك تسهم هذه المعارض في تسويق السلطنة كمركز إقليمي للتجارة والاستثمار، فوجود الشركات الدولية والزوار من خارج السلطنة يُعزز من مكانة عُمان كوجهة تجارية مميزة، ويفتح المجال لجذب استثمارات جديدة في مختلف القطاعات الاقتصادية.

والمعارض الاستهلاكية أيضًا منصات لإبراز الهوية الوطنية والتراث الثقافي للسلطنة، فهي تتيح عرض الحرف والصناعات التقليدية التي تعكس تاريخ عُمان العريق، إلى جانب تقديم منتجات حديثة تعكس تطور الصناعات المحلية، وهذا التناغم بين التراث والحداثة يعكس التنوع الثقافي والاقتصادي الذي تتميز به السلطنة، كما تُعد هذه الفعاليات فرصة لتعريف الزوار – سواء المحليين أو الدوليين – بجوانب مختلفة من الثقافة العمانية، مما يُعزز من ارتباط الجمهور بهويته الوطنية ويفتح آفاقًا جديدة للترويج للحرف والصناعات التقليدية كجزء من الهوية الاقتصادية للسلطنة.

المعارض الاستهلاكية في عُمان ليست مجرد فعاليات اقتصادية؛ بل هي ملتقيات شاملة تجمع بين الاقتصاد والثقافة والترفيه والمجتمع، فهي تسهم في تعزيز الاقتصاد الوطني ودعم المشاريع المحلية، وتعزيز الهوية الثقافية وتحفيز السياحة الداخلية، ومع استمرار السلطنة في سعيها لتحقيق أهداف رؤية "عُمان 2040"، ستظل المعارض الاستهلاكية عنصرًا أساسيًا في تعزيز النمو الاقتصادي والاجتماعي، ووسيلة لدعم الابتكار وريادة الأعمال، مما يُسهم في بناء مستقبل مستدام ومزدهر لعُمان وشعبها.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

فلكيا.. 6 يونيو أول أيام عيد الأضحى في السلطنة.. عاجل

 

 

الرؤية- خاص

قال الخبير الفلكي الدكتور صبيح بن رحمان الساعدي إن الحسابات الفلكية لحركة الشمس والأرض والقمر وتأثير الكواكب السيَّارة الأخرى على حركة القمر، من المتوقع أن يقترن هلال شهر ذي الحجة لعام 1446هـ مع الشمس عند الساعة السابعة والدقيقة الثالثة و29 ثانية صباح يوم الثلاثاء الموافق 27 مايو 2025 (حسب التوقيت المحلي لسلطنة عُمان)، وتكون رؤية الهلال مُمكِنة في نفس اليوم في معظم محافظات السلطنة، وغالبية الدول العربية والإسلامية.

وأوضح الساعدي- في تصريحات خاصة لـ"الرؤية"- إن الهلال سيغرب بعد غروب الشمس بحوالي 36 دقيقة و13 ثانية في محافظة مسقط، ويكون بُعد القمر عن الشمس حوالي 8 درجات، وارتفاع القمر عن الأُفق الغربي لسماء السلطنة حوالي 7 درجات، وبذلك يكون يوم الأربعاء 28 مايو 2025 غُرَّة شهر ذي الحجة للعام الهجري 1446، وعليه سيكون يوم الخميس 5 يونيو 2025 وقفة عرفة، ويوم الجمعة 6 يونيو 2025 الموافق 10 من ذي الحجة أول أيام عيد الأضحى المبارك، أعاده الله على جميع المسلمين بالخير والبركة وجعل أيامه سلام ووئام في كافة أرجاء العالم.

وقال الساعدي: "نغتنمُ هذه المناسبة المباركة لندعو الله مخلصين أن يبارك عُمان بقيادة مولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- قائد النهضة العُمانية العصرية المُتجددة؛ لتبقى عُمان دارًا للسلام وحصنًا للأمن والأمان، إنه نعم المولى ونعم النصير، وكل عام وجلالة السلطان وسلطنة عُمان والأمة الإسلامية في خير وبركات".

مقالات مشابهة

  • "إكسبو أوساكا".. القوى الناعمة العُمانية لمد الجسور الحضارية
  • الاقتصاد الاجتماعي.. رافعة لتمكين التنمية المحلية في سلطنة عمان
  • حزب الشعب الجمهوري المعارض يعقد مؤتمرا استثنائيا في أنقرة
  • جامعة القاهرة تعلن برنامج الفعاليات والأنشطة الطلابية خلال شهر أبريل الجاري
  • مشاركة ممثلين من 25 دولة في فعاليات "أسبوع عمان للمياه"
  • فلكيا.. 6 يونيو أول أيام عيد الأضحى في السلطنة.. عاجل
  • تأثير الحرب التجارية الأمريكية على القطاع اللوجستي العُماني
  • قطاع التعدين .. ركيزة أساسية لتعزيز الاقتصاد المحلي ودعم التنمية المستدامة
  • أول تعليق عُماني على الرسوم الجمركية الأمريكية ضد الصادرات العُمانية
  • السرغنوشي: “جيتكس إفريقيا 2025” منصة استراتيجية لتعزيز الريادة الرقمية للقارة السمراء