الأسبوع:
2025-04-27@04:09:18 GMT

تمويل داعش.. اقتصاد دموي عابر للحدود

تاريخ النشر: 26th, January 2025 GMT

تمويل داعش.. اقتصاد دموي عابر للحدود

كيف تَحوَّل تنظيم داعش الإرهابي، رغم سقوط "خلافته" المزعومة، إلى "مافيا مالية" عابرة للحدود؟ ولماذا تظهر فجأة شركات بأسماء وهمية وأفراد تزداد ثرواتهم دون مصادر واضحة؟ قد تكون أموال الإرهاب أقرب إلينا مما نتصور، متخفية في مشاريع عقارية أو شركات ومتاجر في المدن والعواصم الكبرى، مما يجعل خطر الإرهاب أكثر قربًا وواقعية من ذي قبل، لاسيما بعد أن أعاد التنظيم بناء نفسه عبر شبكات مالية معقدة، تستغل الموارد الطبيعية، التكنولوجيا، والجرائم المنظمة.

بعد سقوط "خلافة" داعش في العراق وسوريا عام 2019، تَحوَّل التنظيم الإرهابي من كيان إقليمي "مُسيطر" إلى شبكة عالمية تعتمد على المرونة المالية واللامركزية في التمويل. وفقًا لتقرير صادر عن جيسيكا ديفيس، الخبيرة الدولية في رصد شبكات تمويل الإرهاب، والذي نشره مركز مكافحة الإرهاب التابع للأكاديمية العسكرية الأمريكية في "ويست بوينت" على صفحات دوريته المُحكّمة في الثالث عشر من أغسطس 2024. أكد التقرير أن داعش احتفظ باحتياطيات مالية تتراوح بين 10 و٣٠ مليون دولار، مُخزّنة في شبكات مصرفية سرية عبر جنوب إفريقيا، ودولة حاضنة للتنظيمات الإرهابية ودولة إفريقية شقيقة. هذه الأموال مكّنت التنظيم من إدارة أقاليمه المنتشرة، بل وتوسيع نفوذه عبر استراتيجيات هجينة تجمع بين الجرائم المنظمة والتكنولوجيا الحديثة.

وتشكل القارة الإفريقية القلب النابض لتمويل داعش، حيث تمكنت فروع التنظيم من السيطرة على موارد طبيعية وتحقيق ثروات طائلة من الابتزاز المنظم والشبكات العابرة للحدود.

في دول إفريقية، سيطر التنظيم على مناجم الذهب عبر جماعات محلية تابعة له، مستخدمًا عائداتها في شراء الأسلحة وتمويل العمليات الإرهابية. وتشير تقارير فريق الرصد التابع لمجلس الأمن الدولي إلى أن عائدات الذهب من منطقة الساحل وحدها تُقدَّر بـ5 ملايين دولار سنويًّا.

في موزمبيق والكونغو الديمقراطية، فرضت فروع داعش ضرائب بقوة السلاح على القرى والمتاجر الصغيرة وحتى خدمات النقل الفردي، وفي دولة إفريقية أخرى، يُقدَّر أن التنظيم هناك يجمع 6 ملايين دولار سنويًّا عبر الابتزاز وفرض الضرائب. وبعد اغتيال المسئول المالي للفرع عام 2023، أشارت تقارير الخزانة الأمريكية إلى تعافي تمويل الفرع بشكل ملحوظ، مدعومًا بتدفق مقاتلين من اليمن وإثيوبيا، وفقًا لتقرير الأمم المتحدة الصادر في فبراير 2024.

وتعتمد الفروع الإفريقية على تحويل الأموال عبر أنظمة الحوالات النقدية السريعة، والتي يصعب تعقبها بسبب طبيعتها غير الرسمية، وكشفت عقوبات أمريكية عام 2022 عن تورط 7 وسطاء ماليين في جنوب إفريقيا بتحويل أموال إلى فرع موزمبيق باستخدام حسابات بنكية بوثائق مزيفة.

ورغم تراجع العمليات المباشرة لداعش في العراق وسوريا، لا تزال المنطقة تلعب دورًا حيويًّا في إدارة شبكة مالية تُعتبر من أقدم الشبكات العاملة بين ثلاث من الدول، تُستخدم لغسل الأموال عبر تحويلها إلى ذهب ثم إعادة بيعها. وفقًا لوزارة الخزانة الأمريكية، نقلت هذه الشبكة ملايين الدولارات إلى أقاليم داعش في آسيا الوسطى وأفغانستان.

وأسست عناصر من التنظيم شركات عقارية ووكالات سيارات والعديد من الشركات في دولة حاضنة للتنظيمات الإرهابية ودولة من الدول الإفريقية الصديقة، مستخدمين هويات مزورة. أحد الأمثلة البارزة هو رجل أعمال كان يدير شبكة صرافة في إحدى الدول تُموّل هجمات الفرع السوري، وفقًا لتقارير الإنتربول.

وتدفع بعض الفروع الإفريقية جزءًا من أرباحها إلى القيادة المركزية. ففي ليبيا، مثلًا، نقل عناصر من الفرع المحلي أموالًا وأسلحة إلى فرع في دولة من دول الشرق الأوسط عام 2015، ما يُظهر تكامل الشبكة المالية رغم اللامركزية الظاهرة.

لم يعد داعش يعتمد فقط على الأساليب التقليدية، بل أتقن استخدام التكنولوجيا لتعزيز تمويله عبر العملات المشفرة، وكشفت الأمم المتحدة في عام 2024، عن استخدام فرع "ولاية خراسان" في أفغانستان لعملة "التيثير" (Tether) المشفرة لتمويل هجمات موسكو عبر وسطاء في طاجيكستان.

وتمكن التنظيم من تحويل منصات مثل "تليجرام" إلى أدوات لجمع التبرعات، مستغلًّا إمكانية إخفاء الهوية، وفي باكستان، تم اعتقال متطوعين كانوا يجمعون تبرعات عبر منصات "التبرع السريع" المُشفّرة.

وبدأ التنظيم في تجنيد عناصر عبر خوارزميات تستهدف الشباب في مناطق النزاع، كما نشر أدلة مُفصّلة باللغة العربية حول كيفية استخدام العملات المشفرة لإخفاء التدفقات المالية، وفقًا لتقرير جيسيكا ديفيس.

رغم الجهود المبذولة، تبقى العقبات أمام مكافحة تمويل داعش متعددة، أبرزها: الخلافات بين القوى الكبرى مثل التوترات الروسية- الأمريكية التي تُعيق عمل فريق الرصد التابع لمجلس الأمن، ما يُضعف فرض العقوبات، ثم يأتي تحدي الاقتصادات الموازية، حيث تُدار 70% من المعاملات المالية خارج القطاع الرسمي، في دول إفريقية، مما يُعطّل جهود الرقابة.

وتفتقر العديد من الدول الإفريقية إلى قوانين صارمة لمكافحة غسل الأموال، خاصةً في مجال العملات المشفرة. ومنها دولة تعتبر ثاني أكبر سوق للعملات الرقمية عالميًّا لا تملك آليات تتبع فعّالة لمعاملات فرع "ولاية غرب إفريقيا".

وتفضّل بعض الحكومات التركيز على الأمن قصير المدى، حيث تلجأ إلى تكثيف العمليات العسكرية بدلًا من استهداف البنية المالية، ما يسمح للتنظيم بإعادة بناء اقتصاده بسرعة.

وأخيرًا، يبقى تجفيف منابع تمويل داعش تحديًا جذريًا يستلزم تعاونًا عابرًا للحدود واستراتيجيات مبتكرة مثل تطوير أدوات ذكاء اصطناعي لتعقب التدفقات المالية، وتشكيل وحدات دولية لرصد الحوالات والشركات الوهمية. هذه ليست مجرد اقتراحات، بل إنها ضرورة ملحّة، لأنه بدون استهداف اقتصاد التنظيمات الإرهابية، سيبقى الإرهاب قادرًا على التكيُّف والعودة بشكل جديد.

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: تمویل داعش من الدول

إقرأ أيضاً:

"بريد عُمان" يشارك في "مبادرة منطقة الازدهار البريدي" لتطوير التجارة الإلكترونية العابرة للحدود

مسقط- الرؤية

شارك بريد عُمان- التابع لمجموعة أسياد- في مبادرة منطقة الازدهار البريدي، في خطوة استراتيجية تهدف إلى تطوير التجارة الإلكترونية العابرة للحدود من خلال تبني حلول رقمية متكاملة في مجال الخدمات اللوجستية.

وعقدت جلسة نقاشية رفيعة المستوى في إطار زيارة اللجنة الاستشارية للاتحاد البريدي العالمي إلى سلطنة عُمان خلال الفترة من 22 إلى 24 أبريل الجاري، بحضور عدد من قادة قطاع البريد وخبراء الخدمات اللوجستية من مختلف أنحاء العالم، لمناقشة حلول الجيل القادم في مجالات توصيل الشحنات عبر الحدود، والجمارك والنقل المتكامل.

وألقى الكلمة الافتتاحية سعادة الدكتور علي الشيذاني وكيل وزارة النقل والاتصالات وتقنية المعلومات للاتصالات وتقنية المعلومات، مؤكدا أهمية التحول الرقمي وأطر التعاون المشترك لتعزيز تنافسية الأنظمة البريدية الوطنية.

وتهدف مبادرة منطقة الازدهار البريدي إلى دعم الدول الأعضاء في الاتحاد البريدي العالمي ومشغلي البريد الرسميين في هذه الدول، وترتكز على استراتيجية أبيدجان البريدية، وتتوافق مع معايير ولوائح الاتحاد البريدي العالمي ومنظمة الجمارك العالمية.

وتُركّز المبادرة على تعزيز التعاون بين المشغلين البريديين الوطنيين وشركات القطاع الخاص التي تقدم الخدمات اللوجستية بهدف الارتقاء بأداء التجارة الإلكترونية عبر الحدود، كما توفر المبادرة إطارًا متطورًا لتوصيل الطرود والشحنات من الميل الأول إلى الميل الأخير في مختلف الأسواق العالمية.

وسيسهم مشروع "منطقة الازدهار البريدي" في تعزيز النظام اللوجستي العماني المتكامل، من خلال تمكين الربط الرقمي الكامل بين بريد عُمان ومنصات التجارة الإلكترونية العالمية، وتطوير بنية أساسية جمركية متقدمة، وتعزيز قدرات النقل التنافسية على مستوى العالم.

ومن المقرر أن يبدأ تنفيذ المشروع في مايو 2025، ويستهدف المشاركة الفورية للبيانات بين أنظمة البريد والجمارك، وتوحيد عمليات وضع الملصقات وتتبع الشحنات، وتحسين تدفق النقل الجوي والبحري وعبر شبكات السكك الحديدية وشبكات الطرق.

وشهدت زيارة الوفد المكوّن من أعضاء اللجنة الاستشارية للاتحاد البريدي العالمي وممثلي الاتحاد ومنظمة الجمارك العالمية وعدد من الجهات الحكومية والشركاء الدوليين في التجارة الإلكترونية، جولات ميدانية إلى مرافق أسياد المتكاملة، شملت الموانئ والمناطق الحرة ومراكز النقل متعدد الوسائط على مدى ثلاثة أيام. واطلع الوفد على البنية الأساسية المتقدمة المدعومة بأنظمة ذكية لتسهيل التجارة، والتي تعمل على تعزيز مكانة سلطنة عُمان المتنامية كمركزٍ عالمي للخدمات اللوجستية.

مقالات مشابهة

  • "بريد عُمان" يشارك في "مبادرة منطقة الازدهار البريدي" لتطوير التجارة الإلكترونية العابرة للحدود
  • خلال لقاءات جانبية على هامش مباحثات صندوق النقد الدولي وزير المالية السعودي يدعو المجتمع الدولي لدعم اقتصاد اليمن
  • لإستكمال المرافعة.. تأجيل محاكمة 35 متهم في قضية شبكة تمويل الإرهاب الإعلامي
  • عاجل.. تأجيل محاكمة القيادي يحيي موسي و16 من شركاءه بتهمة تمويل الإرهاب والتزوير
  • تأجيل محاكمة 35 متهمًا في قضية «شبكة تمويل الإرهاب الإعلامي الكبرى»
  • 118.5 مليار جنيه تمويلًا ممنوحًا من الجهات الخاضعة لرقابة الهيئة العامة للرقابة المالية بنهاية فبراير 2025
  • أسود في يوركشاير البريطانية؟ علماء الآثار يكتشفون أدلة قاسية على وجود رياضات دمويّة رومانيّة
  • ماذا وراء زيارة تبون إلى ولاية بشار الملاصقة للحدود المغربية؟
  • إشادة من منتخبات كأس إفريقيا للشباب بقرار «كاف» منح التنظيم لمصر
  • "تصعيد دموي في غزة".. 27 شهيدًا بينهم ضحايا قصف على تكية طعام