لمواجهة استفزازات ترامب، تعزيز القدرة التنافسية للاتحاد الأوروبي
تاريخ النشر: 26th, January 2025 GMT
ترجمة: نهي مصطفى -
لطالما انتقد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الاتحاد الأوروبي بشدة. فقد أشار مرارًا إلى العجز التجاري الكبير بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ــ الذي بلغ نحو 131 مليار دولار في عام 2022 و208 مليارات في عام 2023 ــ كدليل على استغلال الأوروبيين للسذاجة الأمريكية وعدم التزامهم بالقواعد العادلة.
كما أثار ترامب تساؤلات حول استمرار الولايات المتحدة في تحمل عبء ضمان أمن أوروبا من خلال حلف شمال الأطلسي. وأعرب عن استيائه من المساعدات العسكرية والمالية الكبيرة التي قدمها الكونجرس الأمريكي لأوكرانيا في حربها ضد العدوان الروسي. ووفقًا لترامب ونائبه جيه دي فانس، ينبغي للأوروبيين أن يتحملوا الجزء الأكبر من المساعدات المستقبلية لأوكرانيا، حتى تتمكن الولايات المتحدة من تركيز مواردها واهتمامها على مواجهة التحديات القادمة من الصين ومنطقة المحيط الهادئ..
في أوروبا، يستمر الجدل حول أفضل السبل للتعامل مع إدارة ترامب. يرى البعض أن الحل قد يكون في تقديم تنازلات اقتصادية لإرضاء ترامب. ففي هذا السياق، اقترحت كريستين لاجارد، رئيسة البنك المركزي الأوروبي، أن أوروبا قد تضطر إلى تبني «استراتيجية دفتر الشيكات» من خلال عرض شراء سلع وخدمات محددة من الولايات المتحدة. كما أشارت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، إلى أن الاتحاد الأوروبي لا يزال يعتمد على روسيا لتوفير ما يقرب من 20% من احتياجاته من الغاز الطبيعي المسال، مؤكدة أنه من الأفضل زيادة الاعتماد على الولايات المتحدة كمصدر بديل.
من ناحية أخرى، يفكر مسؤولو الاتحاد الأوروبي في زيادة شراء المعدات الدفاعية الأمريكية كمحاولة لإقناع ترامب بالتراجع عن مطالبه الجديدة بزيادة إنفاق حلفاء الناتو على الدفاع إلى ثلاثة أو حتى خمسة في المائة من الناتج المحلي الإجمالي. ولكن هناك تيار آخر من المسؤولين الأوروبيين يشكك في جدوى هذه الاستراتيجية. فهم لا يعتقدون أن بضع خطوات رمزية مثل «اشترِ الأمريكي» ستكون كافية لإقناع ترامب بالتراجع عن فرض تعريفات جمركية على أوروبا. بدلاً من ذلك، يدعون إلى نهج أكثر حزمًا يقوم على التهديد بفرض تعريفات جمركية معادلة بنسبة 10% على جميع الواردات الأمريكية، استعدادًا لأي تصعيد اقتصادي محتمل.
تكمن المشكلة الأساسية في كل هذه الاستراتيجيات قصيرة الأجل في أنها تتجاهل التحديات البنيوية طويلة الأمد التي يعاني منها الاتحاد الأوروبي. فتغيير السياسة التجارية لن يكون الحل. على سبيل المثال، بلغ الفائض التجاري للاتحاد الأوروبي مع الولايات المتحدة 20.5 مليار دولار في أكتوبر 2024، مقارنة بأقل من 17.5 مليار دولار خلال نفس الشهر من العام السابق. هذا الفائض التجاري يشكل جزءًا من فائض الحساب الجاري للاتحاد الأوروبي مع بقية العالم، والذي قفز من 64.4 مليار دولار في الربع الثاني من عام 2023 إلى 134.4 مليار دولار في الربع الثاني من عام 2024.
هذا الاختلال في الحساب الجاري يعكس التوازن المفقود بين مدخرات الاتحاد الأوروبي المحلية واستثماراته المحلية. فلا يعاني الأوروبيون من نقص في المدخرات أو في فرص الاستثمار، بل من ضعف في القدرة على توجيه الأموال بكفاءة داخل حدود الاتحاد الأوروبي. تُعزى هذه المشكلة إلى القواعد الوطنية المعرقلة، مثل تلك المتعلقة بضريبة الدخل، وصناديق التقاعد، وآليات امتصاص المخاطر، وإجراءات الإفلاس، التي تجعل الاستثمار عبر الحدود داخل الاتحاد الأوروبي غير جذاب. ونتيجة لذلك، تبقى نسبة كبيرة من مدخرات أوروبا إما خاملة في البنوك المحلية أو تُستثمر في أسواق رأس المال الأعمق والأكثر سيولة في الولايات المتحدة، بحثًا عن عوائد أعلى. بالتالي، لن تُسهم زيادة شراء الأسلحة الأمريكية أو الغاز الطبيعي المسال في حل هذه المعضلة، كما أنها لن تُعالج نقاط الضعف الأمنية الجوهرية في القارة الأوروبية. لمعالجة المشكلة من جذورها، يحتاج الاتحاد الأوروبي إلى إصلاحات هيكلية شاملة تعزز التكامل الاقتصادي الداخلي وتدعم تدفقات رأس المال بكفاءة بين دوله.
يتعين على الأوروبيين التفكير استراتيجيًا في الاستثمار طويل الأجل، لا سيما في القطاعات الحيوية مثل الصناعة والدفاع. لتحقيق هذه الأهداف، يقدم تقريران رئيسيان نُشرا العام الماضي إجابات واضحة على التحديات التي يثيرها نهج ترامب. في أبريل، أصدر مجلس الاتحاد الأوروبي تقريرًا أعده إنريكو ليتا، رئيس الوزراء الإيطالي السابق، حول إصلاح السوق الموحدة. وفي سبتمبر، قدمت المفوضية الأوروبية تقريرًا آخر أعده ماريو دراجي، رئيس الوزراء الإيطالي السابق، يركز على تعزيز القدرة التنافسية للاتحاد الأوروبي.
يؤكد التقريران أن الانحدار الاقتصادي النسبي في أوروبا يمثل تهديدًا وجوديًا للاتحاد الأوروبي، ويشددان على ضرورة تعزيز البحث والابتكار والاستثمار المستدام في التكنولوجيات الحديثة لعكس هذا الاتجاه. وتشير التوصيات إلى أن الطريقة الوحيدة لتحقيق هذه الأهداف تكمن في تسهيل الاستثمار داخل الاتحاد الأوروبي وجذب المواطنين الأوروبيين لتوظيف مدخراتهم محليًا بدلًا من إبقائها مجمدة في حسابات التوفير أو إرسالها إلى الخارج بحثًا عن عوائد أعلى.
تحويل هذه المدخرات إلى استثمارات محلية سيدعم الصناعات الأوروبية ويحفز النمو، مع تعزيز القدرة التنافسية للقارة على الساحة العالمية. هذه الاستراتيجية ليست فقط استجابة لاستفزازات ترامب، بل خطوة ضرورية لضمان مستقبل اقتصادي مستدام وقوي للاتحاد الأوروبي.
وإذا تمكن الزعماء الأوروبيون من إيجاد الإرادة السياسية اللازمة لتنفيذ توصيات التقارير، فسوف يصبح الاتحاد الأوروبي موطنًا لسوق واحدة قادرة على إظهار ثقلها الحقيقي في الساحة الدولية؛ وسوف يصبح أكثر قوة واعتمادًا على الذات. وإذا فشل الأوروبيون في العمل بشكل متناغم لتحقيق هذه الرؤية، فسوف يخسرون الوظائف والاستثمارات والإبداع لصالح الولايات المتحدة والصين، على حساب مستويات معيشية أدنى من أي وقت مضى.
الاحتفاظ بمزيد من المدخرات الأوروبية في أوروبا، بدلاً من تصديرها إلى الخارج، من شأنه أن يقطع شوطًا طويلاً نحو إعادة التوازن إلى اقتصاد القارة، وسيساعد في تقليص فائضها التجاري مع الولايات المتحدة. ولتحقيق هذه الغاية، اقترح ليتا إنشاء اتحاد للادخار والاستثمار، وهو ما من شأنه أن يسهل على الحكومات توجيه المساعدات الحكومية إلى الأولويات الاستراتيجية مثل الطاقة المتجددة، والذكاء الاصطناعي، والتكنولوجيا العسكرية. ويصر كل من ليتا ودراجي أيضًا على أن تحرير المدخرات المحلية يشكل خطوة حاسمة في خلق سوق مشتركة حقيقية لصناعة الدفاع؛ فمعظم تمويل الدفاع والمشتريات يحدث حاليُا على مستوى الدول الأعضاء.
لكن هناك العديد من التحديات التي تلوح في الأفق. فلا تميل الحكومات الأوروبية إلى التعاون بسهولة في المسائل المرتبطة بضريبة الدخل، كما أنها تتحفظ على تعريض صناديق التقاعد الخاصة بها لما تعتبره مخاطر غير ضرورية. هذا بالإضافة إلى عدم ثقتها في الثقافة المالية لمواطنيها، مما يدفعها إلى الإبقاء على لوائح تنظيمية صارمة تُثبط الاستثمار المحفوف بالمخاطر. وهي كذلك مترددة في التخلي عن السيطرة على إجراءات الإفلاس، خاصة عندما قد يترتب على ذلك تصفية الأصول المملوكة للأسر. سيتعين على الأوروبيين تجاوز كل هذه العقبات، وغيرها من التحديات، قبل أن يتمكنوا من تحقيق ما يُعرف بشكل متزايد بين قادة الاتحاد الأوروبي بـ»اتحاد أسواق رأس المال» ــ مبادرة تهدف إلى إنشاء سوق رأس مال موحدة، طال النقاش حولها منذ تسعينيات القرن الماضي.
يشير دراجي إلى أن القدرة التنافسية تشكل «تحديًا وجوديًا» للاتحاد الأوروبي، ويُقدِّر أن الأوروبيين سيحتاجون إلى استثمار إضافي يبلغ 800 مليار يورو سنويًا (حوالي 820 مليار دولار) لاستعادة البراعة الصناعية للقارة. ويرى أن على الحكومات الأوروبية استخدام أدوات غير سوقية، مثل ضمانات الائتمان والإعانات والحوافز الضريبية، لتوجيه استثمارات القطاع الخاص في الاتجاه الصحيح. ويتطلب تمويل هذه المبادرات زيادة كبيرة في مستويات الاقتراض. كما يؤكد أن الاتحاد الأوروبي سيحتاج إلى القيام ببعض هذا الاقتراض بشكل جماعي، كما حدث خلال جائحة عام 2020. ويُعتبر هذا الاقتراض الجماعي ضروريًا بشكل خاص لتعزيز الدفاع الأوروبي. ويعرب دراجي عن أسفه إزاء حالة التجزئة التي يعاني منها قطاع الصناعات الدفاعية في القارة، مشددًا على أهمية تحقيق الحجم وتوحيد الطلب. ويدعو تقريره إلى زيادة التمويل الدفاعي المباشر للاتحاد الأوروبي وإنشاء هيئة مشتركة لصناعة الدفاع لإجراء المشتريات نيابة عن الدول الأعضاء.
يعتبر ترامب الاتحاد الأوروبي منافسًا استراتيجيًا ويفضل التفاوض مع الحكومات الأوروبية بدلاً من الاتحاد ككل. في مسائل التجارة والحساب الجاري، سيكون مضطرًا للتعامل مع الاتحاد الأوروبي. لكن طالما أن الاتحاد الأوروبي يفتقر إلى التكامل في الأمن والدفاع، فإنه قد يشهد تلاعبًا بين دوله الأعضاء. تنفيذ توصيات ليتا ودراجي سيسهم في تعزيز استقرار الاتحاد الأوروبي وتحقيق استقلاله الأمني والاقتصادي بعيدًا عن الاعتماد على الولايات المتحدة.
يمكن أن يغير التنفيذ الناجح لتقريري ليتا ودراجي طبيعة التكامل الأوروبي اقتصاديًا وسياسيًا. في الماضي، كان التقدم الأوروبي يعتمد على الزعامة الفرنسية الألمانية، لكن الوضع الحالي يشهد حالة من عدم اليقين السياسي في البلدين. في ألمانيا، يواجه أولاف شولتز انهيار ائتلافه، ما يعيق إمكانية إجراء إصلاحات كبيرة في المستقبل القريب. أما في فرنسا، يواجه الرئيس ماكرون صعوبة في تشكيل حكومة مستقرة، ومن غير المرجح أن يعود الاستقرار السياسي قبل صيف 2025.
الخبر السار هو أن مؤسسات الاتحاد الأوروبي تتمتع بموقف قوي نسبيًا، خاصة عندما نأخذ في الاعتبار الاضطرابات السياسية الحالية في الدول الأعضاء. فعقب فترة أولى ناجحة في المفوضية الأوروبية، تبدأ أورسولا فون دير لاين فترة ولايتها الثانية بخبرة وتفويض واضح. كما تستفيد المفوضية من تعيين كايا كالاس، رئيسة وزراء إستونيا السابقة، في منصب الممثل الأعلى للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية، وهي شخصية كثيرًا ما تشير إليها الصحافة باعتبارها «المرأة الحديدية الجديدة في أوروبا». وتعد كالاس مدافعة قوية عن السيادة الأوكرانية ولا تخشى من التعامل مع شخصيات مثل ترامب أو الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
أخيرًا، فإن انتخاب رئيس الوزراء البرتغالي السابق أنطونيو كوستا، وهو ديمقراطي اجتماعي عملي وذو سمعة طيبة في بناء الإجماع، لقيادة المجلس الأوروبي يعد بإضفاء جو أكثر تعاونًا على هذا الكيان.
تعوق العقبات السياسية تنفيذ أجندتي ليتا ودراجي، حيث تحتاج أوروبا إلى توحيد دولها السبع والعشرين والنظر في قضايا كبرى مثل ضم أوكرانيا ودول غرب البلقان. لكن العديد من الزعماء المقربين من ترامب، مثل أوربان وفيكو وميلوني، يشككون في الاتحاد الأوروبي ويرفضون نقل سلطاتهم إلى بروكسل. كما أن التوقعات الاقتصادية لعام 2025 ضعيفة، مع استمرار الركود في ألمانيا وضعف التحسن في فرنسا وإيطاليا. بسبب الميزانيات التقشفية، من غير المحتمل أن تتمكن منطقة اليورو من زيادة الإنفاق العام أو خفض الضرائب، ما يستدعي تفكيرًا إبداعيًا وتعديلات في القواعد المالية.
من المرجح أن تسعى بعض الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي إلى عقد صفقات ثنائية مع إدارة ترامب القادمة بدلاً من العمل من خلال الاتحاد الأوروبي. تمتلك المجر وسلوفاكيا حكومات أكثر تعاطفًا مع موسكو من كييف ورحبت بخطط ترامب الموعودة لإحلال السلام، حتى لو جاء هذا السلام على حساب سلامة أراضي أوكرانيا ويفتقر إلى ضمانات أمنية قوية.
عودة ترامب إلى البيت الأبيض قد تنهي النظام الدولي القائم على القواعد الذي تقوده الولايات المتحدة، مما يفرض على الاتحاد الأوروبي التكيف وبناء قوته الدفاعية. بينما يأمل ترامب في تهميش أوروبا كمنافس استراتيجي، إلا أن ذلك قد يكون ضد المصالح الاقتصادية والأمنية لأوروبا والولايات المتحدة على المدى الطويل. يمكن للاتحاد الأوروبي أن يتجنب الانقسام والتهميش بتبني أجندات ليتا ودراجي.
إريك جونز مدير مركز روبرت شومان للدراسات المتقدمة في معهد الجامعة الأوروبية.
ماثياس ماتيوز أستاذ مساعد في الاقتصاد السياسي الدولي، جامعة جونز هوبكنز-كلية الدراسات الدولية المتقدمة
نشر المقال في Foreign Affairs
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: القدرة التنافسیة للاتحاد الأوروبی الاتحاد الأوروبی الولایات المتحدة ملیار دولار فی الدول الأعضاء فی أوروبا
إقرأ أيضاً:
الاتحاد الأوروبي: سنرد على الرسوم الأمريكية لكننا نفضل التفاوض
واجه صانعو السيارات والسياسيون الأوروبيون واقعاً جديداً، أمس الخميس، بعد أن أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب فرض رسوم جمركية بنسبة 25%، على واردات الولايات المتحدة من السيارات من الاتحاد الأوروبي، اعتباراً من بداية أبريل (نيسان) المقبل.
وقال الاتحاد الأوروبي إنه "إذا تمسكت الولايات المتحدة بخطة الرسوم الجمركية، فسوف يرد بإجراءات تهدف إلى تحقيق أقصى تأثير على الولايات المتحدة، مع تقليل تأثيرها على الاتحاد الأوروبي".
ورفض متحدث باسم المفوضية الأوروبية، الإجابة عن الأسئلة المتعلقة بالتدابير المضادة، لكنه قال إن "قائمة نهائية من المنتجات يجري اختيارها بعناية، وسيجري اقتراحها على الدول الأعضاء". وأضاف أنه بينما يجري العمل على تدابير مضادة، فإن الاتحاد الأوروبي سيواصل السعي لإيجاد حل تفاوضي.
While U.S. President Donald Trump announced punitive import tariffs on European cars and car parts, #AmChamEU chose a more constructive path: outlining how to modernize customs systems in the age of e-commerce. https://t.co/GPsQwqc6D0 pic.twitter.com/0p1IyjbfoC
— Insight EU Monitoring (@IEU_Monitoring) March 27, 2025وأوضح أن "العلاقات التجارية والاقتصادية بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، لا شك أنها هي الأكثر قيمة وأهمية في العالم"، مشيراً إلى أن التكتل يتطلع إلى توسيع هذه العلاقة وليس تدميرها.
وجاء ذلك، بعد أن أعلن ترامب عن فرض رسوم جديدة على واردات السيارات الأجنبية إلى الولايات المتحدة، أول أمس الأربعاء. وقال إنه سيجري فرض رسوم بنسبة 25% اعتباراً من الثاني من أبريل (نيسان) المقبل، على الرغم من أنه أضاف أنه سيجري تحصيل الرسوم اعتباراً من الثالث من ذات الشهر.
وأكد بيان للبيت الأبيض أن التاريخ هو "على أو بعد الساعة 01:12 صباحاً بتوقيت شرق الولايات المتحدة، في الثالث من أبريل (نيسان) المقبل".
I deeply regret the U.S. decision to impose tariffs on EU automotive exports.
Tariffs are taxes – bad for businesses, worse for consumers, in the US and the EU.
The EU will continue to seek negotiated solutions, while safeguarding its economic interests ↓
وتعد الرسوم على السيارات الأحدث، في سلسلة من الرسوم التي فرضها الرئيس الأمريكي منذ توليه المنصب.
وحالياً، فرض ترامب رسوماً بنسبة 20% على جميع الواردات من الصين، ورسوماً بنسبة 25% على واردات بلاده من الصلب والألومنيوم من كافة دول العالم.
وفي فبراير (شباط) الماضي، أعلن ترامب عن فرض رسوم بنسبة 25% على جميع الواردات الكندية والمكسيكية. لكنه أوقف فيما بعد الرسوم على بعض السلع والخدمات، وفقاً لاتفاقية الولايات المتحدة-المكسيك-كندا.
وأثار التحرك التجاري الأخير لترامب غضباً في أوروبا، حيث اقترح رئيس لجنة التجارة في البرلمان الأوروبي الرد، بفرض رسوم على شركات التكنولوجيا الأمريكية مثل غوغل وأمازون ونتفليكس.
وقال بيرند لانغ في بيان صدر أمس الخميس: "يجب أن يتم طرح مسألة فرض رسوم جمركية على الخدمات الرقمية، حيث تحظى الولايات المتحدة بفائدة سوقية كبيرة في الاتحاد الأوروبي". وأضاف "إذا هاجمت الولايات المتحدة مصالحنا الاقتصادية الأساسية بصورة غير قانونية، يتعين على الاتحاد الأوروبي بحث اتخاذ إجراءات مضادة ذات أهداف محددة - حتى لو أثرت على المصالح الاقتصادية للولايات المتحدة".
وأشار إلى أن "الشركات الرقمية الأمريكية لديها عدد أكبر من العملاء في أوروبا، مما لدى الولايات المتحدة من سكان".
وقال إنه يجب استخدام ذلك كأداة ضغط لـ "التوصل في النهاية إلى نتيجة تفاوضية. يجب أن يكون من الواضح أن فوائد التفاوض تفوق بكثير الفوائد المزعومة للرسوم الجمركية".
وحث وزير الاقتصاد الألماني المنتهية ولايته روبرت هابيك، القادة الأوروبيين على عدم الاستسلام لترامب. وقال في تدوينة له على منصة "إكس": "من المهم الآن أن يقدم الاتحاد الأوروبي رداً حازماً على الرسوم الجمركية - يجب أن يكون من الواضح أننا لن نتراجع في وجه الولايات المتحدة. القوة والثقة بالنفس هما ما نحتاجه".
وأضاف "وفي الوقت نفسه، سنواصل دعم المفوضية الأوروبية في المفاوضات لإيجاد حل مع الولايات المتحدة، من شأنه تجنب تصعيد الرسوم الجمركية".
ومن جانبهم، حذر صانعو السيارات في ألمانيا، قائلين إن الرسوم الجمركية، التي تعد بمثابة ضريبة، تطبق على جميع السيارات غير المصنعة في الولايات المتحدة، مما يعني أنه حتى الشركات الأمريكية التي تصنع طرازاتها في الخارج ستتأثر بهذه الخطة.
Europe lashes out over Trump auto tariffs and the economic threat to both continentshttps://t.co/AHEfVpElhu pic.twitter.com/Y3oWdD8eKb
— The Washington Times (@WashTimes) March 28, 2025وقال الاتحاد الألماني لشركات صناعة السيارات، إن الرسوم ستكون عبئاً كبيراً على الشركات وسلاسل التوريد العالمية. وقالت رئيسة الاتحاد هيلدجارد مولر إن هذه الرسوم سيكون لها عواقب سلبية على المستهلكين، بما في ذلك في أمريكا الشمالية.
وأضافت أن العواقب ستؤثر على النمو والازدهار على جميع الأطراف.
ومن المتوقع أن تؤثر الرسوم الجمركية بشكل كبير على صناعة السيارات الألمانية، حيث أن الولايات المتحدة هي أهم سوق تصدير للمصنعين الألمان، وفقاً لأحدث الأرقام الرسمية.
وأوضحت الأرقام أن 13.1% من صادرات السيارات الألمانية تذهب إلى هناك، تليها المملكة المتحدة وفرنسا. وتم بيع ما يقرب من ثلث سيارات "بورش"، وواحد من كل 6 سيارات "بي إم دبليو" في أمريكا الشمالية في عام 2024.
ووفقاً للاتحاد الألماني لشركات صناعة السيارات، يتوقع 86% من الشركات الصغيرة والمتوسطة في قطاع السيارات في ألمانيا أن تؤثر الرسوم الجمركية عليها. ومع ذلك، قال الاقتصاديون إن تأثير ذلك على نمو الاقتصاد الألماني قد لا يكون خطيراً للغاية.
وقالت فيرونيكا جريم، أستاذة في جامعة نورنبرغ للتكنولوجيا: "من المحتمل أن يكون التأثير على ألمانيا محدوداً في الوقت الحالي". وأشارت إلى أن العديد من الشركات المصنعة للسيارات، ولكن ليس جميعها، تمتلك الآن طاقة إنتاجية في الولايات المتحدة. ونتيجة لذلك، فإنها لن تتأثر بشدة بالرسوم الجمركية.
وأضافت أن معهد كيل للاقتصاد العالمي (أي إف دبليو)، قد حسب تقليصاً في الناتج المحلي الإجمالي بنسبة أقل من 0.2% نتيجة لهذه التدابير.
Germany and other top suppliers of cars and car parts to the US are considering retaliation against Donald Trump's newly announced 25% blanket import tariffs.https://t.co/p9mjeBtY5Y
— DW Politics (@dw_politics) March 27, 2025وقال جوليان هاينتس، رئيس مركز بحوث سياسة التجارة في (أي إف دبليو): إن "التأثيرات الاقتصادية الإجمالية خارج أمريكا الشمالية ستظل قابلة للإدارة، ولكن بالنسبة للمصنعين الألمان والأوروبيين للسيارات، فإن هذه التدابير تأتي في وقت غير مناسب في وضع السوق الحالي".
وقال رئيس معهد الأبحاث الاقتصادية الألماني، مارسيل فرايتشر، إن الرسوم الجمركية الأمريكية على السيارات ستؤثر على ألمانيا أكثر من البلدان الأخرى. وتابع أنه "ومع ذلك، من المحتمل أن يظل التأثير المباشر على الاقتصاد الألماني بشكل عام محدوداً في الوقت الحالي".
وأضاف أنه حتى مع ارتفاع الأسعار من المرجح أن يواصل العديد من الأمريكيين شراء السيارات الألمانية عالية الجودة.