ثلاثة أسباب قد تؤدي إلى تباطؤ زخم الذكاء الاصطناعي في 2025
تاريخ النشر: 26th, January 2025 GMT
وَفَّـرَت وتيرة التقدم التكنولوجي السريعة على مدار العام الماضي، وخاصة في مجال الذكاء الاصطناعي، عددا كبيرا من أسباب التفاؤل. ولكن مع تقدم عام 2025، تشير بعض دلائل إلى أن زخم الذكاء الاصطناعي ربما بدأ ينحسر.
منذ عام 2023، كانت السردية السائدة تتلخص في أن ثورة الذكاء الاصطناعي ستدفع الإنتاجية والنمو الاقتصادي، فيمهد ذلك الطريق لتحقيق اختراقات تكنولوجية غير عادية.
ويبدو أن الإعلانات الأخيرة الصادرة عن شركة Google (جوجل) وشركة OpenAI تدعم هذه الرواية، حيث تقدم لمحة عن مستقبل كان قبل وقت ليس ببعيد محصورا في الخيال العلمي. على سبيل المثال، أفادت التقارير أن شريحة ويلو للحوسبة الكمومية من جوجل، أكملت عملية حسابية غير مسبوقة ــ مهمة قد تستغرق من أسرع الحواسيب الخارقة اليوم عشرة سبتليون سنة (السبتليون عشرة متبوعة بـ 24 صفرا) ــ في أقل من خمس دقائق. على نحو مماثل، يمثل نموذج o3 الجديد من OpenAI طفرة تكنولوجية كبرى، وهذا يجعل الذكاء الاصطناعي أقرب إلى النقطة التي يمكنه عندها أن يتفوق على البشر في أي مهمة إدراكية، وهو إنجاز يُعرف باسم «الذكاء العام الاصطناعي».
لكن ثلاثة أسباب على الأقل قد تجعل طفرة الذكاء الاصطناعي تفقد زخمها في عام 2025. أولا، يتساءل المستثمرون على نحو متزايد حول ما إذا كانت الاستثمارات المرتبطة بالذكاء الاصطناعي قادرة على تحقيق عوائد كبيرة، حيث تكافح شركات عديدة لتوليد القدر الكافي من الإيرادات للتعويض عن التكاليف الباهظة اللازمة لتطوير نماذج خارقة. فبينما يكلف تدريب النموذج اللغوي المتقدم GPT-4 من إنتاج OpenAI أكثر من 100 مليون دولار، من المرجح أن يكلف تدريب نماذج المستقبل أكثر من مليار دولار، وهذا يثير المخاوف بشأن استدامة هذه الجهود ماليا.
من المؤكد أن المستثمرين حريصون على الاستفادة من طفرة الذكاء الاصطناعي، حيث استثمرت شركات رأس المال الاستثماري مبلغا غير مسبوق قدره 97 مليار دولار في شركات الذكاء الاصطناعي البادئة في الولايات المتحدة في عام 2024. ولكن يبدو أن حتى الشركات الرائدة في هذه الصناعة، مثل OpenAI، تستهلك أموالها بسرعة تعجز معها عن تحقيق عوائد مجدية، وهذا يجعل القلق يساور المستثمرين إزاء احتمال أن يكون قسم كبير من رؤوس أموالهم أُسيء تخصيصه أو أُهـدِر. تشير الحسابات البسيطة إلى أن استثمار 100 مليار دولار في الذكاء الاصطناعي يتطلب ما لا يقل عن 50 مليار دولار من الإيرادات لتحقيق عائد مقبول على رأس المال ــ مع احتساب الضرائب، والنفقات الرأسمالية، ونفقات التشغيل. لكن إجمالي عائدات القطاع السنوية، وفقا لمصادري، يبلغ 12 مليار دولار فقط، حيث تمثل OpenAI نحو 4 مليارات دولار. وفي غياب «تطبيق قاتل» لا يمانع العملاء في دفع مبالغ كبيرة للحصول عليه، قد ينتهي الأمر بجزء كبير من استثمارات رأس المال المخاطر إلى أن تصبح عديمة القيمة، فيفضي هذا إلى انخفاض الاستثمار والإنفاق.
ثانياً، قد تؤدي الكميات الهائلة من الطاقة اللازمة لتشغيل وتبريد مراكز البيانات الضخمة إلى إعاقة نمو الذكاء الاصطناعي السريع. بحلول عام 2026، وفقا لوكالة الطاقة الدولية، ستستهلك مراكز بيانات الذكاء الاصطناعي 1000 تيراواط/ ساعة من الكهرباء سنويا، وهذا يتجاوز إجمالي استهلاك المملكة المتحدة من الكهرباء والغاز في عام 2023. وتتوقع شركة Gartner الاستشارية أن تكون 40% من مراكز البيانات الحالية «مقيدة تشغيليا» بسبب محدودية توافر الطاقة بحلول عام 2027.
ثالثا، يبدو أن النماذج اللغوية الضخمة تقترب من حدودها القصوى مع تصارع الشركات مع تحديات متصاعدة مثل نُـدرة البيانات والأخطاء المتكررة. يجري تدريب النماذج اللغوية الضخمة في المقام الأول على بيانات مستقاة من مصادر مثل المقالات الإخبارية، والتقارير المنشورة، والمنشورات على وسائط التواصل الاجتماعي، والأوراق البحثية الأكاديمية. ولكن مع محدودية المعروض من المعلومات العالية الجودة، أصبح العثور على مجموعات جديدة من البيانات أو إنشاء بدائل اصطناعية أمرا صعبا ومكلفا على نحو متزايد. وعلى هذا، فإن هذه النماذج معرضة لتوليد إجابات غير صحيحة أو ملفقة «هلوسات»، وقد ينفد قريبا مخزون شركات الذكاء الاصطناعي من البيانات الجديدة اللازمة لصقل هذه النماذج.
تقترب قوة الحوسبة أيضا من حدودها المادية. في عام 2021، كشفت شركة IBM النقاب عن شريحة بحجم 2 نانومتر ــ بحجم ظفر الإصبع تقريبا ــ قادرة على تركيب 50 مليار ترانزستور وتحسين الأداء بنسبة 45% مقارنة بسابقتها التي تبلغ سبعة نانومتر. برغم أن هذا الإنجاز مبهر دون أدنى شك، فإنه يثير أيضا تساؤلا مهما: هل وصلت الصناعة إلى نقطة تناقص العوائد في سعيها إلى صنع أشباه موصلات متزايدة الـصِـغَـر؟
إذا استمرت هذه الاتجاهات، فقد لا تكون التقييمات الحالية لشركات الذكاء الاصطناعي المتداولة في البورصة مستدامة. والجدير بالذكر هنا أن الاستثمار الخاص بدأ يُظهر بالفعل علامات التراجع. وفقا لشركة الأبحاث Preqin، جمعت شركات رأس المال المخاطر 85 مليار دولار في الأرباع الثلاثة الأولى من عام 2024 ــ وهو انخفاض حاد عن مبلغ 136 مليار دولار الذي جُـمِـعَ خلال الفترة ذاتها من عام 2023.
الخبر السار هنا هو أن المنافسين الأصغر حجما يمكنهم اغتنام الفرصة وتحدي هيمنة شركات الذكاء الاصطناعي العملاقة اليوم إذا بدأت تتعثر. من منظور السوق، قد يعمل مثل هذا السيناريو على تعزيز المنافسة المتزايدة وتقليل التركز، على النحو الذي يمنع تكرار الظروف التي سمحت لما يسمى «العظماء السبعة» ــ Alphabet، وأمازون، وأبل، وميتا، ومايكروسوفت، وNvidia، وتسلا ــ بالسيطرة على صناعة التكنولوجيا في الولايات المتحدة.
دامبيسا مويو خبير اقتصادي دولي، ومؤلف أربعة كتب من أكثر الكتب مبيعًا في صحيفة نيويورك تايمز، بما في ذلك حافة الفوضى: لماذا تفشل الديمقراطية في تحقيق النمو الاقتصادي - وكيفية إصلاحها.
خدمة بروجيكت سنديكيت
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: شرکات الذکاء الاصطناعی ملیار دولار رأس المال إلى أن فی عام
إقرأ أيضاً:
الذكاء الاصطناعي يحوّل الأفكار إلى كلام في الوقت الحقيقي
طور علماء جهازا يمكنه ترجمة الأفكار المتعلقة بالكلام إلى كلمات منطوقة في الوقت الحقيقي بالاستعانة بزراعة دماغية تستخدم الذكاء الاصطناعي.
ورغم كون هذا الإنجاز لا يزال في مراحل تجريبية، فإنه عزز الآمال في أن تُمكّن هذه الأجهزة الأشخاص الذين فقدوا القدرة على التواصل من استعادة أصواتهم.
وسبق لعلماء في كاليفورنيا أن استخدموا واجهة دماغ حاسوبية لفك تشفير أفكار "آن"، البالغة 47 عامًا والمصابة بشلل رباعي، وترجمتها إلى كلام. ومع ذلك، كان هناك تأخير زمني قدره ثماني ثوانٍ بين أفكارها وقراءة الكمبيوتر للكلام بصوتٍ عالٍ. وهذا يعني أن إجراء محادثة سلسة لا يزال بعيدًا عن متناول "آن"، مُعلمة الرياضيات السابقة في المدرسة الثانوية التي لم تعد قادرة على الكلام منذ إصابتها بسكتة دماغية قبل 18 عامًا.
لكن النموذج الجديد، الذي طوره الفريق، والذي نُشر في مجلة Nature Neuroscience، حوّل أفكار "آن" إلى نسخة من صوتها القديم بزيادات قدرها 80 ميلي ثانية.
وقال غوبالا أنومانشيبالي، كبير الباحثين في الدراسة من جامعة كاليفورنيا، بيركلي "نهجنا الجديد في البث يُحوّل إشارات دماغها إلى صوتها آنيًا، في غضون ثانية واحدة من نيتها الكلام".
وأضاف أن هدف "آن" هو أن تصبح مستشارة جامعية. وأكد "في حين أننا ما زلنا بعيدين عن تمكين آن من ذلك، فإن هذا الإنجاز يُقرّبنا من تحسين جودة حياة الأفراد المصابين بالشلل الصوتي بشكل جذري".
في إطار البحث، عُرضت على "آن" جمل على شاشة، وكانت ترددها في ذهنها. ثم تُحوَّل أفكارها إلى صوتها، الذي شكّله الباحثون من تسجيلات صوتية لها قبل إصابتها.
اقرأ أيضا... الذكاء الاصطناعي يتفوق في رصد تشوهات الجنين
وقال أنومانشيبالي "كانت آن متحمسة جدًا لسماع صوتها".
بدوره، أوضح تشيول جون تشو، المؤلف المشارك في الدراسة، في بيان، أن واجهة الدماغ والحاسوب تعترض إشارات الدماغ "بعد أن نقرر ما نقوله، وبعد أن نقرر الكلمات التي نستخدمها، وكيفية تحريك عضلات المسالك الصوتية".
يستخدم النموذج أسلوب ذكاء اصطناعي يُسمى التعلم العميق، تم تدريبه على "آن" التي كانت تحاول سابقًا التحدث بصمت بآلاف الجمل.
ولا تزال مفردات الدراسة محدودة، إذ لا تتجاوز 1024 كلمة.
وصرح باتريك ديجينار، أستاذ الأطراف الاصطناعية العصبية في جامعة نيوكاسل البريطانية، والذي لم يشارك في الدراسة، أن هذا البحث "يُعدّ دليلًا مبكرًا جدًا على صحة المبدأ"، مضيفا أنه "رائع للغاية".
مع التمويل المناسب، قدر أنومانشيبالي أن هذه التقنية قد تساعد الأشخاص المصابين بالشلل الصوتي على التواصل في غضون خمس إلى عشر سنوات.
مصطفى أوفى (أبوظبي)