- لماذا لم يخرج المصريون على مدى 13 عامًا واحتموا بمنازلهم؟
- من يفهم طبيعة الشخصية المصرية يتحير في أمرها.. ويفهم أسباب موقفها
- المصريون لم ينسوا لعبد الناصر مواقفه.. ولن ينسوا للسيسي أنه أنقذ مصر من الانهيار
- حالة من الإحباط واليأس دفعت المتآمرين إلى الإساءة للشعب المصري مجددًا
ثمة سؤال يتردد في ربوع الوطن: لماذا لم يخرج المصريون ويستجيبوا للدعوة التي انطلقت على مواقع السوشيال ميديا، وفي جميع وسائل الإعلام بالخروج في تظاهرات واحتجاجات بهدف إسقاط النظام كما كانوا يزعمون؟!
لقد مضى يوم الخامس والعشرين من يناير 2025، بلا حتى مجرد تعبير احتجاجي واحد، أو حتى القبض أو إحباط مظاهرة كان البعض ينوي القيام بها.
أدرك المحرضون أن لعبتهم لن تستمر طويلًا، حجة أن الأمن يعترض أو يعتقل لغة قديمة وأكذوبة مكشوفة، ليس لها وقود يشعلها.. الناس غائبون عن الشوارع والميادين تمامًا، حالة من السكون تبدو ظاهرة، الحياة تمضي في طريقها المعتاد.
فقدوا أعصابهم، اغرورقت أعينهم بالدموع، ولم يجدوا خيارًا أمامهم سوى أن يسبوا الشعب المصري وأن يتهموه بالخوف والجبن والتكاسل!!
قالوا إنه شعب لا يعرف مصلحته، ويجب ألا ننسى أنه خذلنا في 30 يونية 2013، وأنه شعب يموت حبًا في جلاديه، ويستاهل كل الذي يجرى له، وقس على ذلك.. !!
وفي المساء خرجت الوجوه الكالحة تبث سمومها، لكن العرق كان يتصبب منها، يحاولون أن يتماسكوا، أن يتوعدوا بيناير جديد في عام آخر، لكن تأمل معي يا عزيزي، لقد مضى ثلاثة عشر يناير منذ انطلاق الاحتجاجات الأولى دون أن يحدث شيء على أرض الواقع.
أجهزة الاستخبارات الدولية التي تحرض من خلف ستار، وتصب الزيت منتظرة الحدث باتت هي الأخرى في حيرة من أمرها.. وأصبح السؤال الذي ينتظر إجابة ناجعة: كيف الطريق إلى عقل هذا الشعب العصيّ على الانقياد؟
مساكين رغم مرور كل القرون والعقود، رغم أنهم قضوا سنوات طوالا في استعمار هذا الشعب، لكنهم عجزوا عن معرفته، ودراسة جيناته، وفهم موروثه الثقافي.. إن عدم القدرة على تحليل الشخصية المصرية بكل السبل، جعلهم يخطئون دومًا في تحديد آليات تدفع هذا الشعب إلى الثورة وسيادة الفوضى..
أنا لن استدعي حقائق التاريخ وإعادة قراءة الشخصية المصرية ومكوناتها، لكنني أتوقف هنا أمام الذكاء الفطري الذي يتمتع به المواطن البسيط، ذلك أن هذه الشخصية فريدة في مكوناتها فهي تجمع بين العراقة التاريخية والتنوع الثقافي والانتماء الحضاري.
هي شخصية تعود في سماتها الحضارية إلى نحو 3200 سنة قبل الميلاد، جعلت من مصر منارة متألقة، مركزا للعلوم والثقافة، تمتزج فيها مجمل الحضارات والثقافات، لكن تراثها العتيد يبقى مصدر إلهام للجميع.
لقد تميزت هذه الشخصية بسمات عبر العصور المختلفة كانت أقرب إلى الثبات، فالمصري ذكي، متدين، عاشق للاستقرار، قادر على التحدي، عاشق لتراب الوطن، تبدو لك أنها سهلة وبسيطة ويمكن تحريضها واحتواء قدراتها، لكن الفهم العميق لملامح هذه الشخصية يجعلك تقف أمامها حائرًا، عاجزًا عن فهم وعيها المتقدم، وقدراتها اللا محدودة، لديها يقين بالقدرة على الانتصار مهما طال الزمن، مستعدة للتعامل مع أسوأ الظروف، تعرضت لغزوات وثقافات متعددة ومتناقضة، لكن المستعمر يمضي والغزوات تندحر ويبقى المصري على ضفاف النيل مدافعًا عن هويته، ساخرًا من أعدائه، متسمًا بالجلد والصبر.
هكذا هو المصري من غزوات الهكسوس الذين طردوا على يد «أحمس» ابن الصعيد مرورًا بالرومان والفرس والمغول وحملات الفرنجة والغزو العثماني والحملة الفرنسية والاحتلال الإنجليزي وهلم جرا.
عندما سعت جماعة الإخوان التي اختطفت البلاد لفترة من الوقت، ظنت أنها قادرة على طمس الهوية، وتغيير جينات الدولة الوطنية، لكنهم فوجئوا ولم يكملوا العام في مخططهم بخروج هذا الشعب، رجاله ونسائه، شبابه وشيوخه بالتظاهر العارم في شوارع وقرى وحواري مصر من الجنوب إلى الشمال ومن الشرق إلى الغرب ليسقطوا الجماعة في ساعات معدودة.
حاول المستعمر القديم، صرف المليارات، جند، استقطب، داس على الوجع، سخر الإعلام، كذب، ونشر الشائعات، ولكن على مين؟!
غريب أمر هذا الشعب، ذكاؤه يسبق أي فعل، يضع حدًا، يدحض الشائعة، يسخر من مروجيها، يعطي الدروس، يحبط الخونة والمتآمرين يوهمك بعض الشيء، يطأطئ رأسه، فتظن أنه قد أعطى صك الموافقة، لكنك تكتشف أنك أكبر مغفل في التاريخ..
هذا الشعب يزعل، يسخط، يعلو صوته، يشكو، يعبر عن غضبه أحيانًا، ولكن عندما يأتي الأمر لدعوته إلى تخريب وطنه، أو تدمير مؤسساته ساعتها يتحول إلى شعب آخر، مستعد أن يموت من أجل سلامة الوطن ومؤسساته.
هذا الشعب يئن ويتوجع ويزداد غضبه ويعلو صوته في سيارات الميكروباص وعلى المقاهي وفي الحقول والمزارع، ولكن عندما يدرك أن هناك من الداخل أو الخارج من يسعى إلى المساس بوطنه وأمنه، سبحان الله ينقلب من النقيض إلى النقيض..
الوقائع كثيرة، تعج بها الكتب والملاحم، يتغنى بها البشر، فتدوى أصواتهم إلى عنان السماء.
يحاولون زرع الفتنة، يستخدمون كل الوسائل والأساليب، الحرب الممنهجة، أدوات التكنولوجيا، الذكاء الاصطناعي، ولكن "على مين ده إحنا اللي دهنا الهواء دوكو" يرد المحرضين على أعقابهم. مسكين "كرومر" المعتمد البريطاني الذي ترك البلاد وابتعد عن العباد وهو يتساءل: إيه حكاية هذا الشعب؟ هذا الشعب قال عنه «كرومر»: لا تستطيع أن تعرف المسلم من المسيحي، إلا عندما يذهب المسلم إلى المسجد ويذهب المسيحي إلى الكنيسة، وغير ذلك تعالى قابلني!!
«شعب ملهوش حل، ملهوش كتالوج، شعب غريب، شعب عجيب، لكنه منتمٍ بكل معنى الكلمة.
بعد نكسة 67، استقال عبد الناصر وأعلن تحمله المسئولية، خرج الملايين يطالبون باستمرار القائد المهزوم ويمسكون به، وكان موقفهم هو الصحيح، تسأل: لماذا وكيف؟ اسأل عن الذكاء المصري الذي استبق الذكاء الاصطناعي منذ قرون..
اشتدت الحملات ضد الرئيس السيسي، مؤامرات أجهزة استخبارات، حصار اقتصادي، حرب على كل الاتجاهات، شائعات، أكاذيب، اصطياد في الماء العكر، لكن المصريين تمسكوا به وخرجوا في آخر انتخابات رئاسية ليعيدوا لنا مشهد أول انتخابات فاز فيها الرئيس في 2014..
نزعل من السيسي، ترتفع أصواتنا، ولكن وقت الجد إحنا معاه، خلاص بدأنا نفهم استراتيجيته وخطته لبناء الدولة، نتحمل ونقف معاه، كفاية إنه أنقذنا من الجماعة إياها، يكفي أنه حمى مصر من حرب أهلية وفتنة طائفية وطمس للهوية!!
ويا جماعة الشر، راجعوا أوراقكم، افهموا الشعب جيدًا، طبعًا لن تفهموه، وإذا فهمتموه فستعرفون لماذا يحافظ على وطنه، ولماذا يقدر قائده، ولماذا يحمي مؤسساته، ويحافظ على هويته، ولماذا لم يخرج في 25 يناير على مدى 13 عامًا رغم ضخ الأموال وافتعال الأكاذيب.
كل 25 يناير وأنتم محبطون، وكل 25 يناير ومصر والشعب والقيادة بألف خير.
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: الرئيس السيسي مصطفى بكري الرئيس عبدالفتاح السيسي عيد الشرطة 25 يناير الكاتب الصحفي مصطفى بكري هذا الشعب على مدى مصر من
إقرأ أيضاً:
العدل تختتم جلسات الحوار المجتمعي حول مشروع قانون الأحوال الشخصية للمسيحيين
عقدت وزارة العدل، اليوم الاثنين الموافق ٢٤ /٢/ ٢٠٢٥ بمقرها بالعاصمة الإدارية الجديدة جلسة الحوار المجتمعي الأخيرة حول مشروع قانون الأحوال الشخصية للمسيحيين تحت رعاية المستشار عدنان فنجري وزير العدل، والتي تم تخصيصها للاستماع لآراء ووجهات نظر طائفة الكاثوليك، وذلك للاستماع لكافة الآراء التي من شأنها تحقيق الأهداف المنشودة من القوانين لصالح الأسرة المصرية.
وشارك في جلسات الحوار جميع الطوائف المسيحية، وممثلو الكنائس، تم فيها الاستماع إلى جميع الآراء ووجهات النظر المختلفة؛ وصولاً إلى رؤية قانونية يتم التوافق عليها حتى يخرج مشروع القانون بصورة توافقية لجميع الطوائف.