منذ بدأ الأمريكان وأذنابُهم الحديث بكل صلفٍ وكِبر عن ما يسمى باليوم التالي للحرب على غزة بقولهم: لا مكان لـ"حماس" في إدارة القطاع، وتجهيزهم لملء الفراغ بعد إزاحة الحركة؛ وذلك إما بتعيين حاكم عسكري من قِبل الاحتلال قياسا على الضفة، أو بإسناد المهمة لرئيس وزراء تابع للسلطة بعد القيام ببعض الإصلاحات داخلها؛ متجاهلين غضب "محمود عباس" وتضحياته من أجل إرضاء أمريكا وتل أبيب!.

. كل ذلك كشف -باختصار- عن نرجسية الغرب وليس الاحتلال وحده، والتي بدت من سيل التصريحات المُتْرعة بالكِبر والعجرفة ابتداء من "نتنياهو" مرورا بـ"أنتوني بلينكن" الذي ردد خلفه -كالببغاء!- الحديث عن الهزيمة المُدوّية للمقاومة، وزاد من خيلائهم اغتيال عدد من القادة، مع التدمير الكامل والمُتعمّد لكافة مظاهر الحياة بالقطاع..

فما الذي حدث بعد مضي 471 يوما لم يتوقف خلالها القصف الوحشي بالطائرات والصواريخ الموجهة من المسيّرات وقذائف المدفعية الثقيلة، حتى استحالت كل مظاهر الحياة، ولا زالت شهية مصاصي الدماء من اليمين المتطرف لا تعرف الشبع ولا تشعر بالحرج مدعومة من النظام العالمي الغربي والخذلان العربي الرسمي، حتى قُلبت المعادلة رأسا على عقب؟! ترى كيف استطاعت المقاومة فرض الأمر الواقع بعقيدتها ومصابرتها في مواجهة العالم كله؟!

والإجابة عند المحلل السياسي الإسرائيلي "ألون مزراحي":

"ما أصبح أكثر وضوحا في هذه اللحظة الفريدة، هو أن حماس، وهي حركة فلسطينية صغيرة، لم تَهزم إسرائيل فحسب، بل الغرب برمته!! لقد انتصرت في ساحة المعركة، واستفادت بشكل مذهل من قراءتها وفهمها للعقلية الإسرائيلية، واستخدمت كل ما لديها بكفاءة عالية، وكسبت القلوب نحو القضية الفلسطينية، في جميع أنحاء العالم، ولم يتم تدميرها أو تفكيكها، بل احتفظت تقريبا بكل أسير أسَرَته، ولم تستسلم لأي ضغوط!".

سيحكم التاريخ باعتبارها واحدة من أكثر الإنجازات عبقرية، ربما في التاريخ العسكري كله، وهذا أبعد من أن يتم سبر أغواره، ومن دون التفكير أو الإحساس، جعلت إسرائيل من حماس أسطورة المقاومة التي ستعيش في الذاكرة الثقافية على مر العصور، لن تعود قضية فلسطين إلى الظل مرة أخرى!

"انتهى الحلم الصهيوني إذا".. هذا ما جاء في إفتتاحية صحيفة "هآرتس الإسرائيلية" قائلة:

"الفلسطينيون أفضل شعوب الأرض في الدفاع عن أوطانهم، فقد هبّوا للدِّفاع عن حقوقهم بعد 75عاما وكأنهم رَجُلٌ واحِد، لقد كانت خسائرنا تتعدى 912 مليون دولار -كل ثلاثة أيام- نحن نتعرض لحرب نحن بدأناها وأوقدنا نارها وأشعلنا فتيلها ولكننا لسنا مَن يُديرها، وبالتّأكيد لسنا مَن ينهيها! الفلسطينيون ببسالتهم أثبتوا أنهم هم فعلا أصحاب الأرض، ومَن غير أصحاب الأرض يدافع عنها بنفسه وماله وأولاده بهذه الشراسة وهذا الكبرياء والتحدي؟!

وأنا كيهودي أتحدى أن تأتي إسرائيل كلها بهذا الانتماء وهذا التجذُّر في الأرض، ولو كنا كذلك لما رأينا ما رأيناه مِن هروب اليهود بتلك الأعداد الهائلة في المطارات.

وللمفارقة فإن جيوش دول بكامل عِتادها لم تجرُؤ على ما فعلته المقاومة الفلسطينية في أيام معدودات بعد أن سقط القِناع عن الجندي الإسرائيلي الذي لا يُقهر وأصبح يُقتل ويُخطف، وطالما أن تل أبيب ذاقت صواريخ المقاومة، فمِن الأفضل أن نتخلّى عن حلمنا الزائف بإسرائيل الكبرى!!".

إنها قوة الأمر الواقع الذي فرضته "حماس وأخواتها" وتحدوا به العالم كله!".. توقفت المعارك وأُجبر العدو الصهيوني على الانسحاب، بعد الخسائر التي تلقّاها في جنوده وعتاده ما بين قتيل ومقطوع الأطراف بخلاف المدمرين نفسيا ممن عاينوا شراسة رجال المقاومة تلك التي تُدرّس في الأكاديميات العسكرية، مما اضطر "بنيامين نتنياهو" إلى الإذعان لضغوط الرئيس الأمريكي "ترامب" متوافقا مع الرغبة المُلحة لقادته العسكريين بضرورة إبرام اتفاقية لتبادل للأسرى بسبب العجز الكامل عن تحرير أسراهم، متجاهلا نرجسية أعضاء حكومته من الصهيونية الدينية أمثال "بن غفير" و"سموتريتش"..

أحدثت المقاومة ما اعتادته من الصدمة للعالم كله، بعد ظهور عناصرها في حي السرايا وميدان فلسطين، أثناء تسليم الأسيرات الثلاث ثم المجندات الأربع مرتدين زيهم الأخضر المُبهج أثناء قيامهم بعمليات التسليم والتبادل، بدقة عالية في التنظيم، ومهنية ملحوظة في إصدار بطاقات الإفراج أثارت دهشة ممثلي الصليب الأحمر، ثم ظهورهم بسيارات البيكبات -الدفع الرباعي- والتي أقلّت رجالهم، ما أحدث صدمة لدى المحللين الإسرائيليين بقولهم: أين كانت تلك السيارات أثناء تواجدنا في القطاع طوال 471 يوما؟!

فرضت المقاومة بقوة الأمر الواقع واقعا متغيرا كان بمثابة التحدي للعالم كله وقد وفّى قادتها بوعودهم كما قال الشهيد القائد "إسماعيل هنية": سنزيد من غلة أسرى العدو حتى يرى أسرانا النور! ووفّى الشهيد "يحيى السنوار" بوعده حين قال: سنُغيّر بالطوفان وجه العالم كله! ووفّى "أبو عبيدة" -الناطق العسكري للقسام- بوعده لأبطال نفق الحرية بأن من يحررهم من سجون الاحتلال هم سجّانو الاحتلال أنفسهم! وقد أُدرجت أسماؤهم ضمن الصفقة المباركة..

سلامٌ على غزة وأهلها من المرابطين البواسل، وسلامٌ على نساء غزة ممن علّموا أشباه الرجال في منطقتنا العربية معنى الرجولة!

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه غزة المقاومة الإسرائيلي إسرائيل مقاومة غزة مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة مقالات مقالات سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الأمر الواقع

إقرأ أيضاً:

مسيّرة تلقي الورود والحلوى.. رسالة من المقاومة إلى حاضنتها في غزة

ظهرت طائرات مسيّرة تلقي الورود والحلوى على المحتشدين في ساحة فلسطين بمدينة غزة ظهر اليوم السبت خلال تسليم كتائب القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) 4 مجندات إسرائيليات إلى الصليب الأحمر الدولي ضمن صفقة تبادل الأسرى.

وقرئت هذه الصورة باعتبارها رسالة من المقاومة الفلسطينية إلى حاضنتها الشعبية في قطاع غزة، بعدما كانت مسيّرات الاحتلال الإسرائيلي تطلق النار وتلقي القنابل على الغزيين على مدى 15 شهرا من حرب الإبادة.

من ناحية أخرى، تداول ناشطون مقاطع فيديو تظهر نساء ينثرن الورود على عناصر المقاومة في ساحة فلسطين قبيل تسليم الأسيرات الإسرائيليات.

وقام أحد عناصر كتائب القسام بتقبيل رأس إحدى هؤلاء السيدات، فيما هتفت سيدة أخرى "بالروح والدم نفديك يا أقصى".

من جانبه، قال الناطق باسم حركة حماس عبد اللطيف القانوع في بيان إن "احتشاد جماهير شعبنا لمواكبة عملية التسليم بقيادة المقاومة هو تجسيد للتلاحم الشعبي معها، وتأكيد للالتفاف حولها، واحتضانها على امتداد 471 يوما".

وذكر القانوع أن تفاصيل تسليم المقاومة للأسيرات "تحكي إبداع مقاومة وترسخ نموذج عزة وكبرياء"، وأضاف أن هذه المشاهد "تبعث برسائل عميقة ذات دلالات إستراتيجية لحكومة الاحتلال الفاشية وجيشها المجرم".

تنوع المشهد ما بين أم غزّية صامدة تنثر الورود على المقاومين وبين مقاوم يقبّل رأس أم غزّية صامدة ، حفظ الله أمهاتنا الأبطال و مقاومينا الشجعان.????????#طوفان_الأقصى pic.twitter.com/0I9wg9GRcW

— ????دِيدَا (@sheisdowa) January 25, 2025

إعلان

وأكد الناطق باسم حماس أن المقاومة تقف مع شعبها "في هذه اللحظات التاريخية"، وتدعو إلى "حشد كل الإمكانيات، عربيا وإسلاميا ودوليا، لإغاثة أهلنا وتضميد جراحهم والانتصار لحقوقهم".

وأوضح القانوع أن الحركة تنتظر انسحاب الاحتلال وفق بنود اتفاق وقف إطلاق النار، وبدء عودة النازحين إلى أراضيهم وبيوتهم.

مقالات مشابهة

  • نرجسية ترامب والعودة للاستعمار
  • جلال برجس: غجر «معزوفة اليوم السابع» يمثلون المهمشين في الأرض والمدينة السباعية ترمز لصراعات الإنسان الداخلية  (حوار)
  • حماس: ما حدث فى غزة يزيد إصرار المقاومة على مواجهة الاحتلال
  • مسيّرة تلقي الورود والحلوى.. رسالة من المقاومة إلى حاضنتها في غزة
  • كيف نقرأ «اليوم التالي للحرب»؟
  • طوفان الأقصى.. ومصير التطبيع
  • الحوثي تعلن عن مبادرة إنسانية بإطلاق عشرات الأسرى من جانب واحد‏
  • الأمم المتحدة تعلن تعليق جميع تحركاتها في مناطق سيطرة الحوثيين
  • الأمم المتحدة تعلق تحركاتها بمناطق سيطرة الحوثيين بعد احتجاز موظفيها