معرض الكتاب2025.. الشاعر فتحي عبد السميع يناقش «التراث الخفي» بقاعة فكر وإبداع
تاريخ النشر: 26th, January 2025 GMT
شهدت قاعة فكر وإبداع ببلازا 1 ضمن محور «كاتب وكتاب» بمعرض القاهرة الدولي للكتاب بدورته 56، ندوة لمناقشة كتاب «التراث الخفي: الأسطورة السومرية والرواية الخلجية للسيرة الهلالية» للكاتب والشاعر فتحي عبد السميع، وشارك فيها كل من الدكتور سعيد المصري، الدكتور محمد حسن عبد الحافظ، وأدارها الدكتور عبد الكريم الحجراوي.
في البداية، رحب الدكتور عبد الكريم الحجراوي بالحضور، وأعرب عن سعادته لمشاركته في تلك الندوة، مقدما نبذة مختصرة عن الكاتب والشاعر فتحي عبد السميع، كما سلط الضوء على إسهاماته الأدبية، والجوائز التي حصل عليها وأبرزها جائزة الدولة للتفوق في مجال الآداب.
ومن جهته، أعرب الشاعر فتحي عبد السميع عن سعادته لمناقشة كتابه ضمن فعاليات معرض القاهرة للكتاب، قائلا: «إنني تعلمت جيدا من الشعر وتعلمت أن أحترمه أيضا، وله فضل كبير علي ولا يمكن إنكار هذا، وأدين للشعر الذي أعتبره «أبو المعارف» بهذا البحث».
ثم بدأ الحديث عن كتابه «التراث الخفي: الأسطورة السومرية والرواية الخلجية للسيرة الهلالية»، وقدم تعريفا بسيطا عن السيرة الهلالية قائلا: إنها عمل شعبي الأهم في ثقافتنا الشعبية، عمل بالغ الأهمية، وتربت عليها أجيال وأجيال، كما في الصعيد في وقت لم يمكن يتواجد المدارس، فلها دور في تعليم القيم والمبادئ، ولكن حظها بدأ يقل بسبب التقصير مننا وعدم اهتمامنا بها.
واسترجع بداية السيرة الهلالية قائلا: إنها تمتد لتشمل تغريبة بني هلال وخروجهم من ديارهم الخرمة وتربة في عالية نجد إلى تونس، بعد تعرضهم لتغيرات مناخية، مجاعة وبيئة قاسية، ولكن سبقهم أبو زيد الهلالي ليعرف على العادات والتقاليد الشائعة هناك، وكذلك الطرق وغيرها من الأمور، وظلوا فترة في تونس لاكتشاف الريادة، وخلال هذه الأحداث تعرضوا لمواقف عديدة وأحداث غاية في الروعة، كلها تغريبات من هذه الرحلة، وهناك بعض القبائل الأخرى التي حدثت بها صراعات دموية عنيفة جدا، كانت تتوحد على السيرة الهلالية، فهي تكاد تمثل عرقا من العروق.
أما الدكتور محمد حسن عبد الحافظ أستاذ الأدب الشعبي المساعد بأكاديمية الفنون، أعربت عن سعادته اليوم بمعرض القاهرة للكتاب، والشكر على دعوته لمناقشة عمل مهم للكاتب فتحي عبد السميع، فهو صاحب إسهام ثري ويظهر ذلك من خلال عنوانه الشاعري لكونه شاعر في الأساس، فهو من القلة القلائل من المثقفين الذين يتميزون بعقلانيته ويعمقون إيصال صورة ثقافية أكبر من كونها صورة علمية، بعيدا عن الجماليات الشكلية.
وتابع: ففي كتابه «التراث الخفي: الأسطورة السومرية والرواية الخلجية للسيرة الهلالية» نجح فتحي عبد السميع في التماس الإسهام بالمعرفة، فالكتاب يعد رحلة معرفية خاصة به، ورحلة معايشة مع سيرة بني هلال أو السيرة الهلالية، وربطها بروح الصعيد، وكان يظن في بداية هذه الرحلة أن هذه الملحمة هي نص صعيدي خاص، لكن في هذه الرحلة ومن خلال الكتاب قدم التراكم الذي حدث في هذه الرحلة، ولم يقتصر على مدرسة دون غيرها، بل تجاوز الأمر حدود مصر، كالجزائر وموريتانيا وشمال نيجيريا وغيرها.
وأوضح: ميزة الباحث المثقف أن ينتج أسئلة ويتشابك مع الإجابات، وهذا ما فعله فتحي عبد السميع في كتابه، ومن خلال تتبعه والبحث الجاد استطاع أن ينتج هذا العمل البديع وقدم لنا معرفة خاصة جدا عن عالم السيرة الهلالية، كما تتبع الخطوط المشتركة بين الحكاية والسيرة على مستوى أسماء العلم كالعقيلي أو بنو عقيل، وإريازيا في السيرة الهلالية، وعاليا في العقيلية، ومن ناحية أخرى الفضاء الجغرافي، وكذلك الأفكار الرئيسية، وغيرها.
اقرأ أيضاًمعرض الكتاب 2025.. قصور الثقافة تصدر 4 أعمال جديدة ضمن سلسلة «العبور»
إقبال جماهيري كبير.. معرض الكتاب يفتح أبوابه أمام الزوار (صور)
ندوة بـ معرض الكتاب تناقش أثر اللغة العربية على الثقافة الأفريقية (صور)
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: معرض الكتاب معرض القاهرة الدولي للكتاب معرض القاهرة للكتاب معرض الكتاب بالقاهرة نصائح معرض الكتاب معرض القاهرة الدولي للكتاب 2025 معرض الكتاب 2025 معرض الكتاب الدولي 2025 ندوات معرض الكتاب 2025 السیرة الهلالیة معرض الکتاب هذه الرحلة
إقرأ أيضاً:
"حد يخبر سهيل"
علي بن سالم كفيتان
في زاويتي الأسبوعية سأقتبس كلمات نشرها الشاعر الكبير سالم بن عويدة الدارودي (المسافر) على حسابه في منصة "إكس" مؤخرًا. الكلمات فيها من الدارجة الظفارية وتحمل الكثير من الصور الشعرية المُعبِّرة؛ فرغم أبياتها الثمانية إلّا أنها تحمل في طياتها معاني مُعلَّقة، حسب تقديري، وأنا لست بشاعر؛ بل مُتذوِّق للشعر، وخاصةً النبطي.
شاعرنا غني عن التعريف من حيث تاريخه الشعري بكل صنوفه واقتران كلماته المُغناة بأشهر الفنانين على المستوى المحلي والخليجي، ولا شك أنَّ بن عويدة له بصمته التي لا يُخطئها كل من تابع ذلك الهاجس الغامض والروح الحزينة والغموض السهل والرمزية القوية للكلمات، بحيث يجعل المتلقي سابحًا في عوالمه المختلفة؛ فكلٌ سيجد ضالته في فكر هذا الأديب والشاعر الكبير. لم ألتقِ بالرجل إلّا إذا كان بمحض الصدفة في مُناسبة عامة، لكننا نتابع بعضنا في العالم الافتراضي منذ سنوات. تأسرني أفكاره الغائرة، وتأخذني كلماته الملتصقة بالتراب، فكل ما يطرح بن عويدة هو من أديم الأرض التي يُحبها، وأحسُ أنها تُعبِّر عني واعتقد أن كثيرًا من مُتابعيه ينتابهم نفس الشعور.
تابعتُ بشغفٍ مقابلة يتيمة أجراها (المسافر)- كما يكني نفسه- مؤخرًا مع إحدى محطات التلفزة المحلية، تحسستُ من خلالها بعضًا من شخصيته الجميلة وروحه الطاهرة وسموه وترفعه في كل ما يكتب عن الزلل. فسألت نفسي: هل لا زلنا نمتلك هكذا قامات رفيعة؟ ولماذا باتت بعيدة عن الساحة؟ لم أجد إجابات مُقنعة لهذا التساؤل من خلال تلك المقابلة، ولا من خلال متابعتي للرجل، وربطت لا شعوريًا هذا الإبداع الشعري بشاعر كبير آخر هو علي بن عبد الله بن يوسف بن صواخرون أو كما يعرف في الوسط العام (علي الصومالي) عليه رحمة الله، وحقيقةً لا أعلم صلة القرابة بينهما، لكن كليهما أبدعا في سماء الأغنية العُمانية منذ البدايات وأنتجا نصوصًا لا يُمكن نسيانها؛ حيث شدت بها نخبة من الفنانين العُمانيين البارزين، منهم من رحل عن عالمنا أمثال سالم بن علي، ومنهم من لا يزال يحاول مجابهة تيار حداثة الأغنية، ومنهم من انزوى بعيدًا عن الساحة الفنية وانضم للمشاهدين.
عنوان المقال هو عنوان لتغريدة للشاعر بن عويدة على منصة "إكس"، وتحتها ثمانية أبيات من نسج بن عويدة، وجدتُ فيها روح الماضي بأصالة الكلمات التي أتت من الماضي، وكثيرًا من الحاضر الذي نعيشه اليوم. ويظل كما يقولون المعنى في جوف الشاعر؛ فسُهيل هو بطل القصيدة شبهه الشاعر بمن يسقي (يسني) المزرعة (الذبر) فخاطبه قائلًا:
ما دمت تسني هذا الذبر يا سهيل
لا تأمل الضامي وتخليه عطشان
خلي مجاري السيل ....... للسيل
ما حد يريد يبات خايف وهمران
نخشى الطواريش كلما خيم الليل
والغارف اللي حارسه دوم نعسان
يا فلان بُنَّك مُر.. يحتاج إلى هيل
ما ينشرب من قهوتك نص فنجان
وكانت سقاية المزارع في ظفار توكل في الماضي لرجل مقابل أجر، وغالبًا ما يُشرف على جر الماء إلى السطح من العمق، عبر إبل مربوطة تسير بحركة دؤوبة، لتجُر القرب من أعماق البئر، مُحمَّلة بالمياه، ليتم سكبها في الساقية التي تُغذي الذبر (البستان). وفي هذه القصيد يبدو أن سهيل مكلف بهذه المُهمة الصعبة والحساسة، وعليه أن يكون محافظًا على صحة الركاب التي تعمل مكان الآلة، وفي ذات الوقت يُشرف على ارتواء كل أطراف البستان، ولا يأمل الضامي- وهو الزرع وربما رمزية لشيء آخر- ويخليه عطشان. ومعلوم أن مجرى السيل لا أحد يبني فيه، ولا يبات، خوفًا من مُداهمة الطوفان. وبعدها يتوجس الشاعر من الطواريش كلما جَنَّ الليل، خاصة إذا كان حارس الغارف (المزرعة) "دوم نعسان"، كما تقول القصيدة. فقد ينهبون المحصول وهو نائم وتضيع الغلة التي ينتظرها أهل الغارف. وختم الشاعر قصيدته بعتبه على (فلان) كرمزية لمن ضيَّع المحصول مخاطبًا بقوله: "يا فلان بُنَّك مُر.. يحتاج إلى هيل.. ما ينشرب من قهوتك نص فنجان".
يظل هذا الأدب الراقي الخفي الظاهر إحدى أدوات التعبير عمَّا يدور في خلجات النفس، وغالبًا الشاعر يُعبِّر عن حالة جماعية. لهذا يبقى الشعر بأصالته؛ سواءً كان بالفصحى أو النبطي أو الحُر، مثارًا لاهتمام الناس، وفي كثير من الأحيان يُسقطونه على واقعهم المُعاش، حتى ولو كان الشاعر يرمي إلى شيء يدور في خلجات نفسه؛ بعيدًا عنهم، وعن حياتهم وهمومهم.
رابط مختصر