البابا فرنسيس: لنبنِ معًا عالمًا أكثر أخوّة وعدالة
تاريخ النشر: 26th, January 2025 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
حيا قداسة البابا فرنسيس المؤمنين المحتشدين في ساحة القديس بطرس وقال “أيها الإخوة والأخوات الأعزاء، إن الصراع الدائر في السودان، والذي بدأ في أبريل عام ٢٠٢٣، يتسبب بأخطر أزمة إنسانية في العالم، مع عواقب وخيمة أيضًا في جنوب السودان. أنا قريب من شعبي البلدين وأدعوهما إلى التآخي والتضامن وتجنب أي نوع من العنف وألا يسمحا بأن يتمَّ استعمالهما.
وأضاف: البابا فرنسيس أنظر بقلق إلى الوضع في كولومبيا، ولاسيما في منطقة كاتاتومبو، حيث أودت المواجهات بين الجماعات المسلحة بحياة العديد من المدنيين وشرّدت أكثر من ثلاثين ألف شخص. أعبر عن قربي منهم وأصلي من أجلهم. اليوم هو اليوم العالمي لمرضى البرص. أشجع جميع الذين يعملون لصالح المصابين بهذا المرض على مواصلة جهودهم ومساعدة الذين شُفيوا منه على الاندماج في المجتمع. لا تسمحوا بأن يتعرضوا للتهميش.
وأضاف الأب يقول: غدًا هو اليوم الدولي لإحياء ذكرى ضحايا الهولوكوست، ٨٠ عامًا على تحرير معسكر اعتقال أوشفيتز. لا يمكننا أن ننسى أو أن ننكر فظاعة إبادة الملايين من اليهود وأشخاص من الديانات الأخرى خلال تلك السنوات. نتذكر أيضًا العديد من المسيحيين، ومن بينهم العديد من الشهداء. أجدد دعوتي للجميع للعمل معًا من أجل القضاء على آفة معاداة السامية، إلى جانب جميع أشكال التمييز والاضطهاد الديني. لنبنِ معًا عالمًا أكثر أخوّة وعدالة، ولنربِّ الشباب على أن يكون قلبهم منفتحًا على الجميع، في منطق الأخوّة والمغفرة والسلام.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: ازمة إنسانية الجماعات المسلحة الأعمال العدائية البابا فرنسيس
إقرأ أيضاً:
إرث فرنسيس ومعضلات البابوية في عالم متغير
لم يكن بابا الفاتيكان فرانسيس شخصية نمطية. تولّى فرانسيس البابوية بعد سلفه الكاردينال الألماني راتسينغر الذي كان حبرًا معروفًا ومؤلفًا غزير الإنتاج وتسمّى باسم بينيدكتوس السادس عشر، فكان بابا الكلمة والنصّ، ومن قبله البابا البولندي يوحنا بولس الثاني، الذي كان بابا الصورة والمشهد واللفتات الودية ومحاولة استمالة الشباب، بينما امتاز فرانسيس بأنه كان بابا المواقف الجريئة والمشاهد الإنسانية والنزوع إلى إظهار التواضع والتودّد إلى الشرائح الضعيفة والمهمّشة.
عُرِف خورخي ماريو بيرغوليو منذ أن تقلّد البابوية عام 2013 وحمل اسم فرانسيس بإطلالاته الودودة وبعض مواقفه وتصريحاته التي قوّضت تقاليد وأعرافًا راسخة ارتبطت بالمنصب الديني الأبرز. لا عجب أن صدر هذا من البابا الفاتيكاني القادم من أميركا اللاتينية بعد أن احتكر الأوروبيون الموقع. كان ذلك مشهودًا في المجال الطقوسي أيضًا، فبدلًا بغسل أقدام الكرادلة في عيد الفِصح – مثلاً – اعتاد الأرجنتيني فرانسيس منذ توليه المنصب الأبرز في الكنيسة غسل أقدام "بدائل" عنهم، اختارهم من شرائح مهمّشة وضعيفة مثل الفقراء وطالبي اللجوء ليلقوا تكريمًا رمزيًا بموجب الطقس الذي يحاكي غسل المسيح عليه السلام أقدام الحواريين؛ طبقًا للرواية الكنسية.
إعلانوبعد أن ارتبط اسم بينيدكتوس السادس عشر في العالم الإسلامي بإساءة مقيتة للرسول الكريم محمد- صلى الله عليه وسلم- سنة 2006؛ أعرب خلفه فرانسيس عن مواقف تضامنية مقدّرة مع المسلمين في محطّات ساخنة؛ منها واقعة "شارلي إيبدو"، الصحيفة الفرنسية الهابطة التي أساءت إلى الإسلام بطريقة مُهينة، فقال للصحفيين في هذا الصدد عام 2015: إنّ "من يُسيء إلى أمِّي عليه أن يتوقع لكمة في وجهه"، وقصد من ذلك أنّ غضب المسلمين من ازدراء مقدّساتهم سلوك منطقي ومفهوم وليس تطرّفًا.
لكنّ المواقف المبدئية التي تقدّم فيها فرانسيس بمراحل على أسلافه في البابوية؛ تعثّرت في محطات أخرى وتخلّل بعضها كبوات فادحة، كما جرى خلال زيارته ميانمار في نوفمبر/ تشرين الثاني 2017، في ظلال ذروة حملات التطهير العرقي وقتها بحق الروهينغا المسلمين، الذين جرى تشريد ثلثَيْ مليون من ضعفائهم إلى خارج الحدود في شهور قليلة.
التقى فرانسيس خلال زيارته قيادات عسكرية ومدنية وكهنوتية ضالعة بشكل مباشر أو غير مباشر في استمرار مأساة الروهينغا التي تُنكِر رانغون وقوعها.
اكتفى بابا الفاتيكان خلال زيارته الإشكالية بلغة دبلوماسية رمزية فاترة تحاشى فيها تسمية الأشياء بأسمائها، فبدا هذا تهاونًا جسيمًا من رأس الكنيسة الكاثوليكية مع فظائع لم يجرؤ على مجرد الإشارة إليها بوصف يليق بها؛ فضلاً عن عدم تسميتها بالتطهير العرقي أو الإبادة.
وجاء امتناع فرانسيس خلال الزيارة عن التلفّظ بكلمة "روهينغا" ليؤكد أنّ الفاتيكان اختار عدم مكاشفة مضيفيه بالحقائق.
إنها معضلة التوازنات والتجاذبات الفاتيكانية الشاقّة في السياسات والمواقف؛ بين السياسيِّ الدنيوي والمبدئي الأخلاقي، وهذا لدى جهة واسعة النفوذ تجمع الصفة الدينية الروحية التي تعلن الارتباط بالسماء؛ مع السلطة المؤسسية والمصالح الرعوية؛ فالفاتيكان يبقى "دولة" لها مصالح وأتباع وشبكات نفوذ، وإن كانت دولة مصغّرة أو رمزية وإن قادها "خليفة بطرس".
تشهد فلسطين، بوضوح، على جانب من هذه المعضلة، فالمواقف الفاتيكانية رغم تعبيراتها الإيجابية غالبًا إلّا أنها تبدو فاترة ودبلوماسية للغاية حتى عندما يتعلّق الأمر بانتهاكات الاحتلال مصالح كنسيّة في "الأراضي المقدسة".
إعلانوإن وجّه فرانسيس انتقادات للعدوان الوحشي الذي يشنّه جيش الاحتلال على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، وأعرب عن انشغاله بمعاناة الأهالي من الحصار الخانق والتجويع، وآخرها قبيل وفاته مباشرة، إلا أنّ مواقف البابوية والفاتيكان عمومًا بقيت دون مستوى المأمول بالنظر إلى فظائع الإبادة الجماعية المديدة تحت أنظار العالم، حتى مع الأخذ بعين الاعتبار ردود الفعل الضارية التي أبداها متحدثو الاحتلال بعد مواقف الفاتيكان تلك.
واقع الحال أنّ صعود شخصية لاتينية إلى منصب البابا لم يجلب إلى حاضرة الفاتيكان مفاهيم نضالية مثل "لاهوت التحرير" الذي عُرف في أميركا اللاتينية، فبقي الخطاب الكاثوليكي على حاله تقريبًا الذي قد يمجِّد التضحية والاستشهاد بالمفهوم السلبي أو غير المبادر، ويحصر ذلك تقريبًا في السياق الديني.
آية ذلك أنّ فرانسيس ذاته استحضر فكرة "الاستشهاد" خلال "عيد الميلاد" في أواخر سنة 2018 ليبارك الشهداء الذين يقدِّمون دماءهم وحياتهم، بتغريدة نشرها في حساباته الرسمية على "إكس/ تويتر". خصّص بابا الفاتيكان منشوره حينها لتمجيد الشهداء "الذين يقدِّمون أرواحهم لأجل المسيح"، مشيرًا إلى" أنهم اليوم كُثُر وإن لم يَحظَوْا بعناوين الأخبار".
يجوز الافتراض أنّ بابا الفاتيكان كان قادرًا على تجييش العالم ضد حملة إبادة جماعية وتطهير عرقي وحرب تجويع وجرائم ضد الإنسانية مشهودة بالألوان عبر البثّ المباشر على مدار الساعة، وأنّ ذلك كان مؤهلًا لكبح تلك الوحشية ووضع حدّ لها بما يمتلكه موقع البابوية من رصيد عالمي ومخزون تفعيلي، لكنّ الفاتيكان لم يكن يومًا مؤسسة نضالية أو راعيًا لتحرُّر الشعوب، وظلّ متمسِّكًا بالوقار في التعبير والمواءمات في المواقف، وليس من شأن هذا المنحى تحريك ساكن أو تسكين متحرِّك.
لم تكن الكنيسة الكاثوليكية خلال عهد فرانسيس في أفضل أحوالها، فقد أثقلتها فضائح الأديرة والمدارس الداخلية، وتآكل أتباعها في معاقلها الأوروبية وغيرها، ولم تتمكن من صدّ عواصف قيمية واجتماعية من قبيل الملفات الجندرية الشائكة، وصارت تتحصّن أكثر فأكثر بالتعبيرات الخجولة والالتفافية عن المواقف الحسّاسة.
إعلانوما زالت البيروقراطية الفاتيكانية في مواجهة تساؤلات وشكوك بشأن مدى ملاءمتها للعصر وجاهزيتها للشفافية والإفصاح، بما في ذلك كيفية إدارة الأصول والموارد والأموال، علاوة على تعثُّر محاولات الإصلاح الهيكلي في السلك الكنسيّ خاصة بشأن الرهبنة والزواج ودور المرأة.
ويبقى العالم الآن في انتظار هذه البيروقراطية كي تبعث دخانًا أبيضَ في سماء حاضرة الفاتيكان مؤذنة باسم جديد سيحلّ محل فرانسيس الذي فرض تقاليد جديدة على من سيتعاقبون على الموقع الكنسيّ الأبرز في العالم ليجد أعباء ثقيلة في انتظاره.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.
aj-logoaj-logoaj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outline