لندن - صفا

كشفت دراسة جديدة أجراها مجموعة من الباحثين البريطانيين أن نماذج الذكاء الاصطناعي يمكنها تحديد ما يكتبه المستخدمون في حواسيبهم – مثل كلمات المرور – بدقة عالية جدًا من خلال التنصت على أصوات الكتابة على لوحة المفاتيح وتحليلها.

وحذرت الدراسة، التي نُشرت خلال ندوة (معهد مهندسي الكهرباء والإلكترونيات) IEEE الأوروبية حول الأمن والخصوصية، من أن هذه التقنية تُشكل تهديدًا كبيرًا لأمن المستخدمين، لأنها تستطيع سرقة البيانات من خلال الميكروفونات المدمجة في الأجهزة الإلكترونية التي نستخدمها على مدار اليوم.

أنشأ الباحثون نموذج ذكاء اصطناعي يمكنه التعرّف على أصوات الكتابة على لوحة مفاتيح حاسوب "ماك بوك برو" (MacBook Pro) من آبل، وبعد تدريب هذا النموذج على ضغطات المفاتيح المسجلة عن طريق هاتف قريب أصبح قادرًا على تحديد المفتاح الذي يُضغط عليه بدقة تصل إلى 95%، بناءً على صوت الضغط على المفتاح فقط.

وأشار الباحثون إلى أنه عند استخدام الأصوات التي يجمعها الحاسوب خلال محادثات Zoom لتدريب خوارزمية تصنيف الصوت، انخفضت دقة التنبؤ إلى 93%، وهي نسبة مرتفعة ومثيرة للقلق، وتعتبر رقمًا قياسيًا لهذه الوسيلة.

وقد جمع الباحثون البيانات التدريبية عن طريق الضغط على 36 مفتاحًا في لوحة مفاتيح حاسوب "ماك بوك برو" 25 مرة لكل مفتاح باستخدام أصابع مختلفة وبدرجات ضغط متفاوتة، ثم سجلوا الصوت الناتج عن كل ضغطة عبر هاتف ذكي موجود بالقرب من لوحة المفاتيح، أو عبر مكالمة Zoom تُجرى عبر الحاسوب.

ثم أنتجوا موجات وصورا طيفية من التسجيلات التي تظهر الاختلافات المميزة لكل مفتاح وأجروا خطوات معالجة بيانات لزيادة الإشارات التي يمكن استخدامها لتحديد صوت المفاتيح.

وبعد اختبار النموذج على هذه البيانات، وجدوا أنه تمكن من تحديد المفتاح الصحيح من تسجيلات الهاتف الذكي بنسبة 95%، ومن تسجيلات مكالمات Zoom بنسبة 93%، ومن تسجيلات مكالمات Skype بنسبة 91.7% وهي نسبة أقل ولكنها لا تزال نسبة عالية جدًا، ومثيرة للقلق.

ويقول الباحثون إنه مع تزايد استخدام أدوات مؤتمرات الفيديو مثل: Zoom، وانتشار الأجهزة المزودة بميكروفونات مدمجة في كل مكان، والتطور السريع في تقنيات الذكاء الاصطناعي، يمكن أن تجمع هذه الهجمات قدر كبير من بيانات المستخدمين، إذ يمكن من خلالها الوصول إلى كلمات المرور والمناقشات والرسائل وغيرها من المعلومات الحساسة بسهولة.

وعلى عكس (هجمات القنوات الجانبية) Side Channel Attacks الأخرى التي تتطلب شروطًا خاصة وتخضع لمعدل البيانات وقيود المسافة، أصبحت الهجمات باستخدام الأصوات أبسط بكثير نظرًا لوفرة الأجهزة التي بها ميكروفونات وبإمكانها إجراء تسجيلات صوتية عالية الجودة، خاصة مع التطور السريع في مجال التعلم الآلي.

وبالتأكيد هذه ليست الدراسة الأولى للهجمات الإلكترونية القائمة على الصوت، إذ إن هناك الكثير من الدراسات التي أظهرت كيف يمكن استغلال نقاط الضعف في ميكروفونات الأجهزة الذكية، والمساعدات الصوتية، مثل: أليكسا، وسيري، و(مساعد غوغل) Google Assistant، في هجمات إلكترونية، ولكن الخطر الحقيقي هنا هو مدى الدقة التي وصلت إليها نماذج الذكاء الاصطناعي.

ويقول الباحثون إنهم استخدموا في دراستهم أكثر الأساليب تقدمًا، وهي نماذج الذكاء الاصطناعي وحققت أعلى دقة حتى الآن، كما أن هذه الهجمات والنماذج ستكون أكثر دقة بمرور الوقت.

وقال الدكتور إحسان توريني، الذي شارك في هذه الدراسة في "جامعة Surrey": "إن هذه الهجمات والنماذج ستكون أكثر دقة بمرور الوقت، ونظرًا إلى أن تزايد انتشار الأجهزة الذكية المزودة بالميكروفونات داخل المنازل، فقد أصبح هناك حاجة ملحة لإجراء مناقشات عامة حول كيفية تنظيم الذكاء الاصطناعي".

ونصح الباحثون المستخدمين، الذين يشعرون بقلق من هذه الهجمات، بتغيير نمط كتابة كلمات المرور مثل: استخدام مفتاح shift لإنشاء مزيج من الأحرف الكبيرة والصغيرة مع الأرقام والرموز لتجنب معرفة كلمة المرور كلها.

كما ينصحون باستخدام المصادقة البيومترية أو استخدام تطبيقات إدارة كلمات المرور حتى لا تكون هناك حاجة إلى إدخال المعلومات الحساسة يدويًا.

وتشمل تدابير الدفاع المحتملة الأخرى استخدام برنامج لإعادة إنتاج أصوات ضغطات المفاتيح، أو الضوضاء البيضاء للتشويش على صوت الضغط على أزرار لوحة المفاتيح.

بالإضافة إلى الآليات التي اقترحها الباحثون؛ أرسل متحدث من شركة Zoom تعليقًا على هذه الدراسة إلى موقع (BleepingComputer) ونصح المستخدمين بضبط ميزة عزل ضوضاء الخلفية في تطبيق Zoom يدويًا لتقليل شدتها، وكتم صوت الميكروفون افتراضيًا عند الانضمام إلى الاجتماع، وكتم صوت الميكروفون عند الكتابة أثناء الاجتماع للمساعدة في تأمين معلوماتهم وحمايتها من مثل هذه الهجمات.

المصدر: وكالة الصحافة الفلسطينية

كلمات دلالية: الذكاء الاصطناعي الذکاء الاصطناعی لوحة المفاتیح کلمات المرور هذه الهجمات

إقرأ أيضاً:

ندوة لـ«تريندز» تطرح رؤى وتصورات مستقبلية حول «تسخير الذكاء الاصطناعي لخدمة التنمية المستدامة»

 

أبوظبي – الوطن:
عقد مركز تريندز للبحوث والاستشارات، عبر مكتبه الافتراضي في مصر، وبالشراكة مع مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء المصري، ومكتبة الإسكندرية، ندوة بعنوان: «تسخير الذكاء الاصطناعي لخدمة التنمية المستدامة.. رؤى وتصورات مستقبلية»، وذلك على هامش المشاركة الرابعة للمركز في معرض القاهرة الدولي للكتاب، وجاءت الندوة تحت رعاية وكالة أنباء الشرق الأوسط، ومركز الاتحاد للأخبار، باعتبارهما الشريكين الإعلاميين.
وأكد المشاركون في الندوة أن عصر الذكاء الاصطناعي يبشر بفرص هائلة للإنسانية، ولكن هناك تحديات تفرضها التطورات المتسارعة في مجال التكنولوجيا المتقدمة، خاصة المتعلقة بالأمن السيبراني، واحترام الخصوصية والتنوع، وسن التشريعات التي تقنن استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي، موضحين أن إساءة استخدام الذكاء الاصطناعي أو عدم السيطرة على تطوره، سيجعله يحل محل الجنس البشري ويستبدله بآلات أكثر ذكاءً.

تقويض مسار التنمية
وقالت معالي رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي في مصر، في كلمتها الرئيسية، إن ملف التنمية المستدامة والذكاء الاصطناعي من الملفات التي تشغل الحكومات ومتخذي القرار في الوقت الراهن، فملف التنمية المستدامة يعد إحدى أهم الأولويات الحكومية، حيث يركز على تلبية احتياجات الأجيال الحالية دون المساس بقدرة الأجيال القادمة على تلبية احتياجاتها على نحوٍ ملائم، وذلك في ظل سياق ضاغط على العديد من المستويات.
وذكرت أن الذكاء الاصطناعي رغم ما يقدمه من فرص مهمة في العديد من المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وغيرها؛ فإنه يفرض أمام الدول العديد من التحديات التي قد تُسهم في تقويض مسار التنمية، مضيفة أن هناك جوانب كثيرة يمكن من خلالها توظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي لخدمة أهداف التنمية المستدامة، سواء فيما يتعلق بعملية اتخاذ القرارات المتعلقة بالمسارات التنموية، أو تحديد الأولويات، فضلاً عن توظيفه في الجوانب الصحية والبيئية والتعليمية.
وبينت معالي رانيا المشاط أن تبادل الخبرات بين مراكز الفكر الرائدة مهم لتعزيز القدرة على الاستفادة من تلك التقنيات واقتراح حلول لمواجهة التحديات، حيث تعمل تلك المراكز كبوتقة فكرية تتولد وتتطور من خلالها الأفكار، إذ يعد الذكاء الاصطناعي من المجالات التي تشهد تطورات متسارعة، مما يتطلب دراسة كيفية التعامل مع تلك التطورات؛ ولذلك تزداد الحاجة إلى استمرار هذا النوع من المناقشات الفكرية بشكل مستمر، وبمشاركة نخبة من المفكرين والخبراء المعنيين بكل من مَلفَيّ التنمية والذكاء الاصطناعي.

ذكاء اصطناعي مسؤول
بدوره، تحدث سعادة الدكتور محمد حمد الكويتي، رئيس مجلس الأمن السيبراني لحكومة دولة الإمارات، في كلمته الرئيسية، عن علاقة الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني، ومن يقود مستقبل الآخر، موضحاً أن الذكاء الاصطناعي نافع وداعم في مجالات الحياة كافة، حيث يفيد جميع القطاعات الحياتية الاقتصادية والاجتماعية والتعليمية والاقتصادية، وغيرها، ولكن يجب أن يكون الذكاء الاصطناعي مسؤولاً ومعززاً بأنظمة أمنية، تحفظ الخصوصية وتضمن سلامة المستخدمين، كما يجب أن يكون داعماً ومعززاً لآليات الأمن الوطني للدول.
وأشار إلى أن استراتيجية الذكاء الاصطناعي قائمة على خمسة محاور رئيسية، أولها الحوكمة والسياسات والإجراءات التي تنظم عمل الذكاء الاصطناعي، حيث يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي لدعم التنمية المستدامة، من خلال تعزيز الأنظمة التعليمية والصحية ورفاهية العيش.
وأضاف أن استراتيجية الذكاء الاصطناعي تستهدف دعم تطبيقاته للإبداع وتوليد الأفكار الجديدة، فضلاً عن تعزيز الشراكة بين القطاعين الحكومي والخاص، حيث تكمن أهميته في دعم منظومة الذكاء الاصطناعي وتطوير تطبيقاته لتواكب تطلعات المستخدمين، مبيناً أن الأمن السيبراني هو حائط الصد ضد التهديدات الإلكترونية، وداعم ومعزز لاستخدامات الذكاء الاصطناعي وتطبيقاته.
وأوضح سعادة الدكتور محمد حمد الكويتي أن التهديدات السيبرانية أحد التحديات التي تواجه انتشار الذكاء الاصطناعي، خاصة أن الإرهاب السيبراني يسهم بشكل كبير في نشر الأخبار المضللة والمعلومات المغلوطة وتضليل الرأي العام، إلى جانب الحروب السيبرانية التي تكبد الدول خسائر كبيرة مادية ومعنوية، فيجب على الدول والمجتمعات استخدام الذكاء الاصطناعي بطريقة مسؤولة وآمنة.

استراتيجية الإمارات للذكاء الاصطناعي
إلى ذلك، قالت سعادة مريم الكعبي، سفيرة دولة الإمارات لدى جمهورية مصر العربية، والمندوبة الدائمة للدولة لدى جامعة الدول العربية، في كلمتها الرئيسية، إن دولة الإمارات تمتلك نظرة استباقية نحو المستقبل تضع على أساسها برامجها وخططها ومبادرتها، وعلى هذا المنهج تم تأسيس أول وزارة للذكاء الاصطناعي في 2017 ويرأسها معالي عمر سلطان العلماء.
واستعرضت سعادة مريم الكعبي استراتيجية الإمارات للذكاء الاصطناعي 2031، والتي وضعت لتكون حجر الزاوية لتحقيق مئوية الإمارات 2071، والتي تسعى دولة الإمارات من خلالها إلى دمج تقنيات الذكاء الاصطناعي في مختلف القطاعات الحيوية، بما في ذلك التعليم، والصحة، والطاقة، والنقل، والفضاء، بهدف تعزيز الأداء الحكومي، وتحفيز الابتكار، وخلق فرص اقتصادية جديدة.
فيما استعرضت سعادة السفيرة خلال كلمتها الأهداف الرئيسية للاستراتيجية، والتي تسعى الدولة من خلالها إلى تحقيق نمو اقتصادي إضافي يُقدّر بـ335 مليار درهم إماراتي، وخلق فرص تعليمية واجتماعية جديدة للمواطنين، والحكومات، والشركات التجارية.
وأكدت أن الذكاء الاصطناعي يمثل فرصة فريدة لجعلنا أقرب إلى بعض ومتعاونين أكثر من خلال خلق بيئة ابتكارية مشتركة، وتبادل المعرفة والخبرات، ومواجهة التحديات العالمية، ويمكن للدول تحقيق أهداف مشتركة وتطوير مستقبل أكثر استدامة وابتكاراً.

فرص وتحديات هائلة
وفي سياق متصل، قال الدكتور محمد عبدالله العلي، الرئيس التنفيذي لمركز تريندز للبحوث والاستشارات، في كلمته الترحيبية، إننا نعيش واقعاً يعكس تحول العالم السريع لعصر الذكاء الاصطناعي الذي يبشر بفرص هائلة للإنسانية، اقتصادية واجتماعية وثقافية ومناخية، لكنه في الوقت نفسه يخلق تحديات عديدة يجب ألا يغفل البشر عنها.
وأوضح أن التوقعات تشير إلى وصول استثمارات القطاع الخاص في الذكاء الاصطناعي عالمياً خلال العام الجاري 2025 إلى نحو 158 مليار دولار، فإن ثلثي هذه الاستثمارات ستتركز في الاقتصادين الصيني والأمريكي، مضيفاً أن دعم النمو العالمي بمعدل يفوق توقعات صندوق النقد الدولي لعام 2025 والتي تدور حول 3.3%، يتطلب الانتقال من التنافس إلى التعاون في المجالات كافة، وعلى رأسها تسخير الذكاء الاصطناعي لخدمة الازدهار العالمي والتنمية المستدامة.

تجارب دولية ناجحة
وأكد الدكتور محمد العلي أهمية استلهام التجارب الدولية الناجحة في مجال دمج الذكاء الاصطناعي في مسارات التنمية، وتعزيز التعاون الدولي بما يسهم في دعم القدرات الوطنية للدول، للاستفادة من الإمكانات التكنولوجية للثورة الصناعية الرابعة وعصر الذكاء الاصطناعي، بما في ذلك الانفتاح على تطبيقات «سلسلة الكتل»، و«شبكات الجيل السادس»، و«الأمن السيبراني»، و«إنترنت الأشياء»، و«الميتافيرس»، و«الروبوتات».
وذكر أن هناك حاجة ملحة للتعامل مع التحديات التي تفرضها التطورات المتسارعة في مجال التكنولوجيا المتقدمة والذكاء الاصطناعي، ولاسيما في المجالات المتعلقة بالأمن السيبراني، واحترام الخصوصية والتنوع، وسن التشريعات التي تقنن استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي وتَحُول دون توظيفه في الإضرار بالأمن الوطني والمجتمعي للدول والشعوب.

قوة محورية
من جهته، قال الدكتور أسامة الجوهري، مساعد رئيس مجلس الوزراء المصري، ورئيس مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، في كلمته الترحيبية، إن التطورات التكنولوجية المتسارعة تُعد من أبرز السمات التي تميز عصرنا الحالي، ويأتي في طليعة هذه التطورات الذكاء الاصطناعي، الذي تجاوز كونه مجرد تقنية ليصبح قوة محورية تُشكّل ملامح مستقبلنا، حيث بات الذكاء الاصطناعي محركاً رئيسياً للتغيير عبر مختلف القطاعات، بدءاً من الاقتصاد والصحة، وصولاً إلى الزراعة والدفاع.
وأضاف أن تأثير الذكاء الاصطناعي يبرز جلياً في تحقيق إنجازات علمية نالت أعلى درجات التقدير العالمي؛ فقد مُنحت جائزة نوبل في الفيزياء لعام 2024 لاثنين من الرواد المؤسسين لتقنيات الذكاء الاصطناعي الحديثة، تقديراً لإسهاماتهما الرائدة في مجال التعلم الآلي، إضافة إلى ذلك، كان للنجاح التاريخي الذي حققه تطبيق الذكاء الاصطناعي التوليدي «شات جي بي تي» أثر واضح في لفت أنظار العالم، حيث استخدمه 57 مليون مستخدم خلال الشهر الأول من إطلاقه.

دعم التنمية المستدامة
وأشار الدكتور أسامة الجوهري إلى أن الابتكار، في عالم محدود الموارد، لم يعد رفاهية بل ضرورة، والذكاء الاصطناعي يمثل قفزة نوعية بقدرته على تسريع الاكتشافات وفتح آفاق جديدة لحل المشكلات العالمية، موضحاً أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يسهم بشكل كبير في القضاء على الفقر والجوع لتحقيق ودعم أهداف التنمية المستدامة، عبر توفير رؤى دقيقة حول الاحتياجات المحلية، كما يمكن تحليل صور الأقمار الصناعية للتنبؤ بالمحاصيل، وتحديد المناطق الأكثر عرضة للجفاف أو الفيضانات؛ مما يسمح باتخاذ إجراءات استباقية لحماية الأمن الغذائي.
أما فيما يخص الهدف المتعلق بالصحة، فيمكن للذكاء الاصطناعي تسريع اكتشاف الأدوية، وتحسين التشخيص، وتقديم رعاية صحية شخصية، كما يشهد مجال التعليم طفرة في استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي للتعلم الشخصي، حيث يمكن لهذه الأنظمة الذكية أن تعمل كمعلّمين افتراضيين، مما يساعد المعلمين والطلاب على حد سواء، من خلال تخصيص تجارب التعلم وفقاً لاحتياجات كل طالب، وفقاً لرئيس مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء.
وأضاف الدكتور أسامة الجوهري أن بناء مجتمعات عربية مستدامة ومزدهرة يتطلب العمل بجد للإسهام في الثورة الصناعية الرابعة والاستثمار في الذكاء الإنساني والاصطناعي معاً حتى لا نتخلف عن ركب التقدم، فقد أصبحت الدول الكبرى تستثمر بكثافة في تطوير الذكاء الاصطناعي، وتتبنى استراتيجيات طموحة لدمجه في مختلف القطاعات.
معالجة التحديات الحياتية
أما الأستاذ الدكتور أحمد زايد، مدير مكتبة الإسكندرية، وأستاذ علم الاجتماع بجامعة القاهرة، فأكد أن الذكاء الاصطناعي أصبح أحد المحركات الرئيسية للابتكار والتحول في مختلف القطاعات، فمن خلال التحليل الفوري للبيانات الضخمة، والتنبؤ بالاحتياجات المستقبلية، وتقديم حلول مبتكرة، يمكن للذكاء الاصطناعي أن يسهم بشكل فعّال في معالجة العديد من التحديات الحياتية التي تواجه العالم اليوم.
وأوضح أن تحقيق التنمية المستدامة وأهدافها السبعة عشرة هدفاً عالمياً ضرورة ملحّة لضمان جودة الحياة ومستقبل أفضل للأجيال القادمة، وأصبح واضحاً أن مواجهة التحديات البيئية، والاجتماعية، والاقتصادية، التي نعيشها الآن تتطلب رؤية شاملة وجهوداً منسقة تستند إلى قيم الابتكار، والمسؤولية، والتضامن.
وأكد أن استخدام الذكاء الاصطناعي لتحقيق التنمية المستدامة واستخدامه للخبرات المختلفة في هذا المجال أصبح ضرورة ملحة، لأن التنمية المستدامة ليست مجرد مفهوم نظري أو هدف بعيد المدى؛ بل دعوة ملحّة لتحويل طموحاتنا إلى واقع ملموس خاصة مع ما يشهده العالم الآن من تحديات متزايدة، بدءاً من التغير المناخي واستنزاف الموارد الطبيعية والحرائق الطبيعية، ومروراً بزيادة معدلات الفقر والجوع، وصولاً إلى تفاقم الفجوات الاجتماعية والاقتصادية.

تحسين كفاءة الموارد
وبين الأستاذ الدكتور أحمد زايد أن الذكاء الاصطناعي يظهر كحليف استراتيجي وأساسي يساعد في إيجاد حلول مبتكرة سواء من خلال تحسين كفاءة الموارد وتعزيز الزراعة المستدامة وزيادة إنتاجية المحصول وضمان الأمن الغذائي للأجيال القادمة، والعمل سوياً في مجال العمل المناخي لتحليل أنماط التغير المناخي، وتحسين إدارة الموارد الطبيعية، والتنبؤ بالكوارث البيئية، مثل الفيضانات والسيول وموجات الحرارة الشديدة ولقد شهدنا جميعاً دوره والاستعانة به في الحد من الخسائر البشرية في حرائق ولاية كاليفورنيا مؤخراً.
وأضاف أنه لا يجب أن نغفل التأثير السلبي لاستخدام الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا الرقمية على البيئة بسبب زيادة استخدام الطاقة وزيادة انبعاثات الكربون المصاحبة للتوسع في استخدام هذه التكنولوجيا مقارنة باستخدام حركات البحث المتعارف عليها في شبكة الإنترنت، ولكن الاستثمار في الذكاء الاصطناعي لم يعد خياراً، بل أصبح واقعاً يتغلغل في المزيد من مساحات الحياة اليومية، وهو أيضاً ضرورة استراتيجية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة.

خطر وجودي
وعقب الكلمات الترحيبية والرئيسية، استهلت الندوة مناقشاتها، حيث أدار الحوار الدكتور ماجد عثمان، رئيس المركز المصري لبحوث الرأي العام «بصيرة»، ووزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات الأسبق، وقال الدكتور محمد سالم، وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات المصري الأسبق، إنه على مدار التاريخ الحديث، لم تحظ أي تقنية مثل الذكاء الاصطناعي بمثل هذا الاهتمام، ولا أحد يعرف إلى متى سيستمر عصر الذكاء الاصطناعي، وعلى الرغم من فوائده العديدة في معظم المجالات؛ فإن البشرية قد تواجه خطراً وجودياً ناجماً عن فقدان السيطرة، وصولاً إلى حالة تفرد الذكاء الاصطناعي.
وذكر أن إساءة استخدام الذكاء الاصطناعي في المجالات العسكرية أو عدم السيطرة على تطوره، سيجعله يحل محل الجنس البشري ويستبدله بآلات أكثر ذكاء، وذلك بعد أن كان تطوير الذكاء الاصطناعي يعاني من عدم جاهزية البنية التحتية للاتصالات، والنقص الحاد في الخبراء في التعامل مع البيانات الضخمة، والقوة الحاسوبية المناسبة اللازمة للتعامل مع هذا الكم من البيانات وتكون تكلفتها في متناول العاملين في هذا المجال.

الذكاء الاصطناعي والإعلام
أما الدكتور حمد الكعبي، الرئيس التنفيذي لمركز الاتحاد للأخبار، فأكد أن السنوات الأخيرة شهدت طفرة سريعة في التقنيات المتقدمة التي تغير نمط الإنتاج في القطاعات كافة، وكغيره من القطاعات الإنتاجية والخدمية، يجد الإعلام بكل منصاته فرصة كبرى لاستثمار الذكاء الاصطناعي في الارتقاء بمحتواه والوصول السريع للجمهور، وضمان توجيه رسالة صحيحة تحقق الهدف من كل كلمة مكتوبة أو لقطة مصورة أو بث إذاعي أو حتى تدوينة على وسائل التواصل الاجتماعي.
وذكر أن التقديرات تشير إلى أن حجم سوق الذكاء الاصطناعي العالمي في وسائل الإعلام والترفيه بلغ 25.98 مليار دولار في عام 2024، ومن المتوقع أن ينمو خلال الفترة من 2025 إلى عام 2030 بمعدل نمو سنوي يصل إلى 24.2%، مبيناً أن الذكاء الاصطناعي بدأ في تغيير ملامح سوق وسائل الإعلام والترفيه، ذلك لأنه غيَّر كيفية إنشاء المحتوى وطرق توزيعه وأنماط استهلاكه، ولا توجد أية خيارات متاحة للإعلاميين سوى مواكبة هذه الطفرة التقنية الهائلة التي تتيحها تطبيقات الذكاء الاصطناعي، من أجل تحسين المنتجات الإعلامية وتوفير الوقت في تطوير المحتوى.

ثورة تقنية
من جهتها، أكدت نور المزروعي، رئيس قسم دراسات الذكاء الاصطناعي في «تريندز»، أن الذكاء الاصطناعيأحدث ثورة تقنية في الحياة اليومية والصناعة والاقتصاد، ولكن يثير الذكاء الاصطناعي مخاوف حول التأثير على الوظائف والخصوصية والبيئة.
وذكرت أن التطورات الحالية في الذكاء الاصطناعي تفتح أبواباً جديدة في مجالات الصحة وتشخيص الأمراض بفعالية أكبر، والتعليم من خلال تجارب تعليمية مخصصة، والزراعة حيث يعمل على تحسين المحاصيل وتقليل الهدر، مضيفة أن الذكاء الاصطناعي يفرض مجموعة من التحديات أيضاً ومنها الثقة، وعدم المساواة، والأخلاقيات، فنحن في حاجة ملحة لضمان أنظمة ذكاء اصطناعي خالية من التحيز، مما يحتم على البشرية العمل معاً لضمان أن الذكاء الاصطناعي يخدم الإنسانية.


مقالات مشابهة

  • اختصارات سحرية في لوحة المفاتيح لا يعلمها الكثيرون.. جربها
  • ندوة لـ«تريندز» تطرح رؤى وتصورات مستقبلية حول «تسخير الذكاء الاصطناعي لخدمة التنمية المستدامة»
  • تحديث جديد لـ Meta AI يجعل التوصيات أكثر تخصيصًا باستخدام بياناتك الشخصية
  • هل خرج الذكاء الاصطناعي عن السيطرة؟.. دراسة جديدة توضح
  • وزير الصحة يبحث مع ممثلي فايزر وأبوت تعزيز استخدام الذكاء الاصطناعي
  • مدير مكتبة الإسكندرية: الذكاء الاصطناعي ليس خيارًا بل ضرورة استراتيجية
  • الكرسي الرسولي: الذكاء الاصطناعي فرصة لكن الإنسان يخاطر بأن يصبح عبدا للآلات
  • كيفية استخدام وتحميل نموذج الذكاء الاصطناعي "DeepSeek"
  • مدير مكتبة الإسكندرية: الذكاء الاصطناعي ضرورة استراتيجية لتحقيق التنمية المستدامة
  • الذكاء الاصطناعي ينجح في استنساخ نفسه ويثير قلق العلماء