سواليف:
2025-04-29@13:39:45 GMT

إضاءة الزوايا المعتمة

تاريخ النشر: 26th, January 2025 GMT

#إضاءة_الزوايا_المعتمة

د. #هاشم_غرايبه

طوال قرن انصرم، أشبعنا العلمانيون العرب لحد التخمة، بمقولاتهم التي تظهر الأوروبيين بغاية الرقي، وانهم يتحلون بالأخلاق الحميدة، فلا يكذبون ولايظلمون، وبأنهم منظمون بطبيعتهم ويحترمون القانون بقناعتهم.
وحقيقة هنالك قدر ما من الصحة في ذلك، لكن بالمقابل إغفال مقصود لكثير من الرذائل والصفات القبيحة الغالبةعلى طباعهم، التي تزيد كثيرا عن المتوسط العام لما يتصف به غيرهم من شعوب العالم.


كان الهدف من وراء ذلك التجميل المبالغ فيه أمران: أولهما الدعوة لاتباع منهج العلمانية على اعتبار أنه الذي انتج كل تلك الفضائل، وأنه هو الذي حقق لهم التقدم الباهر.
وثانيهما الصد عن منهج الله بتحميله وزر ما نحن فيه من تخلف، وتبرئة الغرب من التسلط والنهب والإفساد والإفقار الذي فرضه المستعمرون علينا.
الموضوعية تفترض قول الحقيقة بلا تركيزعلى جانب والتعتيم على آخر، لكني استميح القارئ العذر هنا، لأنني سأسلط الضوء على الجانب المظلم فقط الذي أغفله علمانيونا قصدا، لأنهم يعانون من حَوَلٍ فكري، فلا يرون في تاريخنا المشرق إلا المراحل المؤسفة النادرة، مثل موقعة صفين والجمل وكربلاء.
أنا أدّعي أن الأوروبيين قساة القلوب بطبعهم، وربما أن ما جعلهم كذلك هي ظروف بيئتهم، وتزاحمهم، وغياب الوازع العقدي، وخلو قيمهم من صيغ التراحم والتكافل المجتمعي، وإضافة إلى ذلك فهم منشئو النظام الرأسمالي الحر، الذي يتيح التصارع لأجل تحقيق المكسب، ويعتبر افتراس القوي للضعيف معيار النجاح.
وخير ما يكشف حقيقة قيمهم وروح تراثهم الثقافي… أفلام الغرب الأمريكي (الكاوبوي).
لإثبات ادعائي أقدم الأدلة التالية:
1 – كانت التسلية الممتعة عند الرومان حلبة الموت (الكولسيوم) فتحضر الأسرة بكاملها لمشاهدة الأسود المفترسة التي يتم تجويعها ثم إطلاقها على الأسرى رجالا ونساء وأطفالا فتلتهمهم، أو مشاهدة المبارزات بين العبيد حتى الموت، والإسبان الى اليوم يستمتعون بمصارعة الثيران التي تنتهي بقتلها.
2 – بدأت الحروب الطاحنة بينهم منذ فجر التاريخ، وأذكر منها كأمثلة: ففي الحروب القائمة على أساس الخلاف المذهبي قامت أكثر من عشرين حربا أطولها كانت حرب الثمانين عاما في الأراضي المنخفضة وسط أوروبا، لكن أشهرها حرب الثلاثين عاما بين مناصري الكاثوليكية وعلى رأسهم فرنسا ومناصري البروتستانتية وعلى رأسهم ألمانيا وتسببت بهلاك أحد عشر مليونا، وفقدت ألمانيا ثلث سكانها فجعلوا تعدد الزوجات إجباريا.
وفي الحروب الأهلية كانت هنالك أكثر من أربعين حربا منذ القرن الخامس عشر وحتى التاسع عشر، وفي القرن العشرين، لم يحل التقدم والعلمنة والديمقراطية دون نشوبها، بل كانت أشد ضراوة، فذهب ضحية الحرب الإسبانية عشرات الملايين، والحرب البلشفية في روسيا سبعة ملايين ما عدا عشرات الملايين الذين أعدمهم ستالين فيما بعد.
أما الحروب بين الدول والقوميات الأوروبية فهي الأعنف بين كل الأمم، وأبرزها كانت حروب نابليون وقتل أكثر من ستة ملايين، وفي حرب السنوات السبع بين بريطانيا وفرنسا قتل ما يزيد عن الأربعة عشر مليونا.
في الحرب العالمية الأولى التي بدأت بين النمسا وصربيا قتل ما يزيد عن العشرين مليون إنسان، وفي الحرب العالمية الثانية قتل نحو خمسة وثمانين مليونا عدا عن الدمار الهائل لكل شيء.
3 – خارج قارتهم كانوا أكثر توحشا، فقد اجتاحوا كافة أرجاء العالم القديم: في أفريقيا سلبوها خيراتها واستعبدوا أهلها ولم يتركوها إلا متخلفة جائعة، وفي آسيا نهبوا وقتلوا وعاثوا الفساد في كل بقعة وصلوها، بعكس ادعائهم أنهم جاءوا لنشر الحضارة والتقدم.
كما احتلوا ثلاث قارات جديدة هي الأمريكتين واوستراليا، فاستباحوها وأبادوا سكانها الأصليين، ومحوا ثقافتهم ولغتهم وحضاراتهم العريقة.
4 – ولا يتسع المجال لذكر كل شرورهم في حروبهم الحديثة ضد المسلمين في البوسنة والشيشان وافغانستان والعراق وباقي الأقطار العربية.
لكن أبشع جرائمهم كان أنهم رغم تشدقهم بقيم التحضر والديمقراطية وحقوق الإنسان، فقد احتلوا فلسطين وشردوا أهلها، والى اليوم يرفضون إعادتهم الى أرضهم أو إحقاق حقهم الإنساني الأولي بالعيش في أمان وكرامة.
بالمقابل فمتبعو منهج الله خاضوا حروبا مع بعضهم ومع غيرهم خلال الفترة نفسها، فكم قتلوا أودمروا!؟.
ودخلوا أقطارا كثيرة لكنهم لم يفسدوا ولم ينهبوا، والدليل أن شعوبها اختاروا البقاء على منهج الله بعد انهزام الدولة الإسلامية، لكنهم بعد خروج المستعمرين الأوروبيين، عادوا الى ثقافتهم ولغتهم الأصلية.

مقالات ذات صلة وراء الحدث 2025/01/25

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: هاشم غرايبه

إقرأ أيضاً:

حرب الوكالة: السودان والإمارات.. هل تغير «دولة ممزقة» تاريخ الحروب؟

 

لعقود طويلة، كانت حروب الوكالة ـ ولا تزال ـ حيزاً غامضاً تتحرك فيه الدول لتحقيق أهدافها الاستراتيجية من دون الانخراط المباشر في أعمال عسكرية واسعة النطاق.

التغيير ــ وكالات

لكن هذا الحيز الرمادي ـ ثمة احتمالات ولو ضعيفة ـ قد يتقلّص، إذ تعيد دعوى قضائية جديدة النقاش حول إمكانية تجريم المشاركة ـ ولو عن بُعد ـ في جرائم الحرب.

السودان ضد الإمارات

يقاضي السودان دولة الإمارات أمام محكمة العدل الدولية بتهمة تأجيج نزاع داخلي، من دون أن تنشر الدولة الخليجية قواتها على الأراضي السودانية.

يزعم السودان أن الإمارات متواطئة ـ بتقديم دعم مالي وسياسي وعسكري ـ في “إبادة جماعية” ارتكبتها ميليشيا الدعم السريع بحق قبيلة المساليت في غرب دارفور، نوفمبر 2023.

القضية “غير مسبوقة في نطاق القانون الدولي”، يقول لموقع “الحرة” عبدالخالق الشايب، وهو مستشار قانوني وباحث في جامعة هارفارد.

وإذا قضت المحكمة لصالح السودان، فيسكون الحكم ـ بدوره ـ “سابقة قانونية” تُحمّل فيها دولة المسؤولية القانونية عن حرب بالوكالة، خاضتها عن بُعد.

وسيوفر الحكم أساسا لمساءلة الدول عن حروب الوكالة، وإعادة تقييم مبدأ عدم التدخل في سياق الحروب غير المباشرة.

يقول خبراء قانون لموقع “الحرة”، إن قضية السودان ـ إذا نجحت ـ ستؤدي إلى إعادة النظر في أدق التحفظات المتعلقة بالمادة التاسعة من اتفاقية الإبادة الجماعية، خصوصا عندما تكون هناك ادعاءات بارتكاب إبادة جماعية.

وقد تفقد الدول ـ نتيجة لذلك ـ القدرة على حماية نفسها من اختصاص المحكمة في مثل هذه القضايا.

ومن تداعيات القضية ـ إذا قررت محكمة العدل الدولية البت فيها ـ إعادة تفسير اتفاقية الإبادة الجماعية لتشمل حالات التورط غير المباشر أو التواطؤ في جرائم الحرب.

حروب الوكالة

في حديث مع موقع “الحرة”، تقول ريبيكا هاملتون، أستاذة القانون الدولي في الجامعة الأميركية في واشنطن، إن مفهوم الحرب بالوكالة يتبدى عندما تتصرف دولة كراع وتدعم طرفا آخر في ارتكاب أفعال خاطئة.

ورغم أن حروب الوكالة تبدو ظاهرة حديثة، فلها تاريخ طويل ومعقّد.

تُعرّف بأنها صراعات تقوم فيها قوة كبرى ـ عالمية أو إقليمية ـ بتحريض طرف معين أو دعمه أو توجيهه، بينما تظل هي بعيدة، أو منخرطة بشكل محدود في القتال على الأرض.

تختلف حروب الوكالة عن الحروب التقليدية في أن الأخيرة تتحمل فيها الدول العبء الأكبر في القتال الفعلي، وعن التحالفات التي تساهم فيها القوى الكبرى والصغرى حسب قدراتها.

وتُعرف حروب الوكالة أيضا بأنها تدخّل طرف ثالث في حرب قائمة. وتشير الموسوعة البريطانية إلى أن الأطراف الثالثة لا تشارك في القتال المباشر بشكل كبير، ما يتيح لها المنافسة على النفوذ والموارد باستخدام المساعدات العسكرية والتدريب والدعم الاقتصادي والعمليات العسكرية المحدودة من خلال وكلاء.

من الإمبراطورية البيزنطية إلى سوريا

يعود تاريخ الحروب بالوكالة إلى عصور قديمة، فقد استخدمت الإمبراطورية البيزنطية استراتيجيات لإشعال النزاعات بين الجماعات المتنافسة في الدول المجاورة، ودعمت الأقوى بينها.

وخلال الحرب العالمية الأولى، دعمت بريطانيا وفرنسا الثورة العربية ضد الدولة العثمانية بطريقة مشابهة. وكانت الحرب الأهلية الإسبانية ساحة صراع بالوكالة بين الجمهوريين المدعومين من الاتحاد السوفيتي والقوميين المدعومين من ألمانيا النازية وإيطاليا الفاشية.

وخلال الحرب الباردة، أصبحت الحروب بالوكالة وسيلة مقبولة للتنافس على النفوذ العالمي بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي، تجنبا لاحتمال نشوب حرب نووية كارثية.

ومن أبرز الأمثلة: الحرب الكورية، حرب فيتنام، الغزو السوفيتي لأفغانستان، والحرب الأهلية في أنغولا. استمرت هذه الحروب حتى القرن الحادي والعشرين. وتُعد الحرب في اليمن مثالا واضحا لحروب الوكالة، حيث تدعم إيران الحوثيين بينما تدعم السعودية وحلفاؤها الحكومة اليمنية.

وأظهر الصراع في سورية قبل سقوط نظام بشار الأسد مثالا صارخا لحروب الوكالة في عصرنا، من خلال تدخل روسيا والولايات المتحدة وإيران وتركيا دعما لفصائل مختلفة.

قضية السودان ضد الإمارات قد تدفع دولا أخرى إلى التفكير باللجوء إلى محكمة العدل الدولية في دعاوى مماثلة، ولكن!

الإبادة الجماعية؟

لا تتعلق دعوى السودان بحروب الوكالة تحديدا، يؤكد الخبراء، بل تستند إلى اتفاقية “منع جريمة الإبادة الجماعية ومعاقبة المتورطين فيها”.

تدّعي الخرطوم أن ميليشيات الدعم السريع ارتكبت انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، بينها القتل الجماعي، والاغتصاب، والتهجير القسري للسكان غير العرب، وتزعم أن تلك الجرائم ما كانت لتحدث لولا الدعم الإماراتي، بما في ذلك شحنات الأسلحة عبر مطار أمجاراس في تشاد.

“يحاول السودان أن يثبت دور دولة أخرى غير المباشر في ارتكاب قوات عسكرية أو ميلشيا تحارب في السودان إبادة جماعية”، يقول الخبيرة عبدالخالق الشايب.

“أساس القضية،” يضيف، “المادة التاسعة من اتفاقية منع الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها”.

رغم أن كلّا من الخرطوم وأبوظبي من الموقعين على الاتفاقية، تعتقد هاملتون أن من غير المحتمل أن يتم البت في هذه القضية، إذ إن “محكمة العدل الدولية تفتقر إلى الاختصاص القضائي للنظر فيها”.

“عند توقيعها على اتفاقية الإبادة الجماعية،” تتابع هاميلتون، “أكدت الإمارات أنها لم تمنح محكمة العدل الدولية السلطة للفصل في النزاعات التي قد تنشأ بينها وبين دول أخرى بشأن هذه الاتفاقية”.

ويلفت ناصر أمين، وهو محام مختص بالقضايا الدولية، إلى أن النزاع القائم في السودان يُعتبر وفقا لأحكام القانون الدولي الإنساني نزاعا مسلحا داخليا، إلى أن تثبت الخرطوم بأن هناك تدخلا من إحدى الدول لصالح أحد أطراف النزاع داخليا”.

“وهذا يحكمه بروتوكول ملحق باتفاقيات جنيف أو بالقانون الدولي الإنساني المذكور في المادة 3 من البروتوكول الثاني لاتفاقيات جنيف المنعقدة عام 1929،” يضيف.

تنص المادة الثالثة على أن أحكام هذه الاتفاقية لا تسمح لأي دولة أن تتدخل في الشأن الداخلي لأي دولة أخرى أو أن تمارس أي أعمال داعمة لأي فصيل متنازع أو متصارع.

“على السودان أن يثبت أمام محكمة العدل الدولية أن هناك خرقا حدث للمادة 3 من البروتوكول”، يوضح.

لم يرد المركز الإعلامي، لسفارة الإمارات في واشنطن، على طلب للتعليق بعثه موقع “الحرة” عبر البريد الإلكتروني.

نقاط القوة والضعف

وتقول ربيكا هاملتون “من المؤسف” أنه من غير المحتمل أن تُرفع هذه القضية، حيث إن محكمة العدل الدولية تفتقر إلى الاختصاص القضائي للنظر فيها.

ويشير الباحث القانوني، عبدالخالق الشايب، إلى أن قضية السودان ضد الإمارات “يبقى التعامل معها متعلقا بوكالات الأمم المتحدة أو مجلس الأمن تحديدا”.

لكن هاملتون تقول إن هناك مجموعة من القوانين الدولية التي تحظر حروب الوكالة، لكن “التحدي الحقيقي يكمن في كيفية إنفاذ هذه القوانين”.

“سابقة”.. حتى لو تعثرت؟

أن تتعثر قضية السودان ضد الإمارات ـ بسبب الاختصاص القضائي ـ أمر وارد، لكنها تبقى، وفق خبراء في القانون، “ذات دلالة رمزية كبيرة”.

“بغض النظر عن نتيجتها،” تقول أستاذة القانون الدولي ربيكا هاملتون، لموقع “الحرة”، “تمثل القضية محاولة جريئة من دولة ممزقة بالصراعات لتوسيع مفهوم المساءلة عن ممارسات الحرب الحديثة”.

وحتى إن رفضت محكمة العدل الدولية النظر في الدعوى، فإن القضية تضيّق الحيز الرمادي الفاصل بين المسؤولية المباشرة والمسؤولية غير المباشرة عن جرائم الحرب.

في تصريحات لموقع “JUST SECURITY”، يشير خبراء قانون إلى أن صدور حكم لصالح السودان ـ حتى وإن كان ذلك غير مرجح ـ قد يؤدي إلى إعادة تقييم شاملة للمعايير القانونية الدولية المتعلقة بتواطؤ الدول وتدخلها.

قبول الدعوى قد يدفع القانون الدولي إلى مواجهة التكلفة الحقيقية لحروب الوكالة الحديثة — سواء خيضت بجنود على الأرض، أو من خلال دعم مالي وعسكري عن بُعد.

الحرة – واشنطن

الوسومالإمارات الجيش السودان حرب الوكالة قوات الدعم السريع

مقالات مشابهة

  • حزب العدل: مصر حافظت على استقلالية قرارها الوطني وقاومت الحرب الاقتصادية
  • الماضي الذي يأسرنا والبحار التي فرقتنا تجربة مُزنة المسافر السينمائية
  • منهج الله أم العلمانية
  • وزير البلديات: أكثر من 500 ألف فرصة وظيفية في الأنشطة التي تشرف عليها الوزارة
  • إضاءة على تجربة وتداعيات تغيير العملة السودانية
  • دبلوماسية الجنائز: تشييع البابا يتحوّل إلى قمة دولية حول الحروب والصراعات
  • تراكم أخطاء إتفاقيات السلام … وثمارها المرة الحرب الحالية .. 2023 – 2025م .. وفي الحروب التي ستأتي !
  • تامر حسني يوضح حقيقة مشاركته في مؤتمر طبي بعد سقوط حامل إضاءة وإصابة الحضور
  • حرب الوكالة: السودان والإمارات.. هل تغير «دولة ممزقة» تاريخ الحروب؟
  • عراقجي: الجولة الثالثة من المحادثات كانت أكثر جدية ودخلنا في التفاصيل الفنية