عربي21:
2025-01-27@09:06:20 GMT

الحلم الديمقراطي في مصر بعد 14 عاما من الثورة

تاريخ النشر: 26th, January 2025 GMT

المؤكد أن قدرا كبيرا من التفاؤل عاد ليكسو وجوه أبناء ثورة 25 يناير، بعد شعور بالانكسار على مدى السنوات الماضية، مبعث هذا التفاؤل بشكل رئيس هو انتصار الثورة السورية الذي هو أشبه بمعجزة، هو كذلك لأن تلك الثورة والتي انطلقت بعد شهرين من انطلاق شقيقتها المصرية، وبزخم مماثل لها، واجهت مبكرا جيشا مدججا بالسلاح، لم يتورع عن استخدام الذخيرة الحية بكثافة ضد المتظاهرين السلميين، وأجبر بعض قطاعات الثورة على استخدام السلاح دفاعا عن نفسها، فطالت الثورة وطالت المواجهات لما يقارب 14عاما، دفعت خلالها أكثر من نصف مليون شهيد، و12 مليون مهجر ونازح.



وهي بذلك أطول وأصعب ثورة عبر التاريخ المكتوب، تليها من حيث المدة الثورة الفرنسية التي استمرت عشر سنوات (1789-1799)، ثم الثورة الإيرانية التي استمرت 13 شهرا (كانون الثاني/ يناير 1978 حتى شباط / فبراير 1979)، واستغرقت الثورة الشيوعية الروسية عشرة أشهر فقط (كانون الثاني/ يناير حتى تشرين الأول/ أكتوبر 2017)، وهي بالتأكيد أطول وأصعب الثورات العربية التي لم تستمر في معظمها في الميادين إلا لأيام أو أسابيع قليلة! (وإن كان من المهم الإشارة إلى النضالات التي سبقتها وأسست لها).

في مواجهة ارتفاع منسوب الأمل لدى المنتمين لثورة يناير، فإن منسوب القلق ارتفع لدى النظام الحاكم والقوى المناهضة لثورة يناير، فرغم كل جهودهم لتشويه الثورة طيلة السنوات الأربع عشرة الماضية، وإلصاق كل مشاكل مصر بها، إلا أن ذلك لم يفلح في وأد مطالب التغيير التي تصاعدت مؤخرا، من داخل الوطن ومن خارجه
ساد الإحباط بشكل عام قطاعات واسعة من السوريين، وفقدوا الأمل في إسقاط نظام بشار، لكن قطاعات أخرى ظلت متمسكة بالأمل، وضحّت من أجله، حتى حدثت "المعجزة"، لتنقشع الغمامة السوداء التي غطت سماء الشام، ومعها مصر ودول أخرى، وبحدوث تلك المعجزة عاد الأمل يرفرف على ضفاف النيل، رغم سنوات القمع والدم والقهر، وعاد التمسك بأهداف وأهداب يناير كسفينة نجاة لمصر؛ هي الوحيدة القادرة على إنقاذها، والانتقال بها إلى مصاف الدول المتقدمة اقتصاديا وديمقراطيا، كيف لا وقد فتحت الثورة الطريق إلى ذلك بالفعل في سنتي انتصارها، كانت خلالهما مصر وجهة سياسية واقتصادية لقادة العالم، كانت لا تزال بعدُ في مرحلة استكشاف للفرص الاستثمارية بعد تحولها إلى عصر الشفافية والقانون؛ وهما أهم عنصرين يبحث عنها المستثمرون بعد الاطمئنان إلى وجود الفرص الاستثمارية.

ظهرت طاقة الأمل في كتابات وحوارات أبناء يناير وحتى من لم يشاركوا فيها لأنهم كانوا صغارا وقت حدوثها، وظهر تمسكهم بتحقيق المبادئ والمطالب التي نادت بها الثورة (عيش- حرية- عدالة اجتماعية- كرامة إنسانية)، وهي الضرورات الأربع لتحقيق الاستقرار والازدهار في مصر.

في مواجهة ارتفاع منسوب الأمل لدى المنتمين لثورة يناير، فإن منسوب القلق ارتفع لدى النظام الحاكم والقوى المناهضة لثورة يناير، فرغم كل جهودهم لتشويه الثورة طيلة السنوات الأربع عشرة الماضية، وإلصاق كل مشاكل مصر بها، إلا أن ذلك لم يفلح في وأد مطالب التغيير التي تصاعدت مؤخرا، من داخل الوطن ومن خارجه، وهي المطالب ذاتها التي نادت بها الثورة من قبل.

مظاهر قلق النظام وداعميه تنوعت بين حملات أمنية استباقية لما توقعته من تحركات شعبية (لم يدع إليها أحد)، وحملات إعلامية مسعورة للطعن في ثورة يناير، وفي دعاوى التغيير، وكل من يطالب به؛ لا يعني ذلك أن الثورة ستندلع مجددا خلال أيام قليلة، فالشعب المصري الغاضب والمحتقن من تدهور أوضاعه المعيشية، وانسداد أفق الإصلاح، لا يزال ينتظر بديلا مقنعا، وقيادة مقنعة. الخيار الآمن هو التغيير السلمي، والذي يستند إلى الضغوط الشعبية والمدنية، لدفع مؤسسات الدولة، والقوى الداعمة لها للقبول بمطالب الشعب. ويمكن أن تكون الخطوة العملية لذلك هي إجراء انتخابات تنافسية حقيقية رئاسية وبرلمانية تحت إشراف قضائي كامل، ورقابة محلية ودولية (كما حدث بعد ثورة يناير)، مع إطلاق حرية الإعلام، وحرية التنظيم السياسي، والعمل الأهليواللوم هنا يقع أساسا على قوى التغيير والإصلاح التي لم تستطع تكوين هذا البديل وهذه القيادة، وظلت أسيرة الماضي القريب باستقطاباته، ونزاعاته الضيقة، وهو ما وفّر فرصة لبقاء واستمرار النظام لفترة أطول رغم كل كوارثه بحق الشعب.

لتغيير أي حكم استبدادي فإن هناك خيرات متنوعة، منها العسكري الدموي، ومنها المدني السلمي، والعسكري ينقسم بدوره إلى عسكري مليشياوي، عبر تشكل مجموعات مسلحة تدخل في مواجهة عسكرية مع النظام بقواه العسكرية المختلفة، وهذا أمر غير مقبول، وغير ممكن في مصر التي تتمتع بجيش قوي، غير طائفي. والشكل الثاني وهو الانقلاب العسكري سواء كان أبيض أو حتى دمويا، وهو بدوره مرفوض لأنه سيكون تغييرا لجنرال بجنرال، ولن يفتح الباب للديمقراطية كما يتوهم البعض. أما الخيارات المدنية فهي تتنوع بين موجة ثورية منظمة، لا تبدو متاحة في الأفق، أو حراك شعبي غير منظم، وهو ما يمكن حال حدوثه أن ينتج فوضى عامة، تلحق أضرارها بالجميع، ولن تنتج حكما صالحا، ولا استقرارا، ولا تنمية.

ويبقى الخيار الآمن هو التغيير السلمي، والذي يستند إلى الضغوط الشعبية والمدنية، لدفع مؤسسات الدولة، والقوى الداعمة لها للقبول بمطالب الشعب. ويمكن أن تكون الخطوة العملية لذلك هي إجراء انتخابات تنافسية حقيقية رئاسية وبرلمانية تحت إشراف قضائي كامل، ورقابة محلية ودولية (كما حدث بعد ثورة يناير)، مع إطلاق حرية الإعلام، وحرية التنظيم السياسي، والعمل الأهلي، والجامعي، وتعزيز دور الجيش لأداء مهامه العسكرية والأمنية، مع ابتعاده التام عن الشئون المدنية (سياسية أو اقتصادية، أو ثقافية.. الخ).

من أراد تجنب الفوضى المحتملة والتي يمكن أن تندلع لأتفه الأسباب بعد أن فاض الكيل، عليه احترام رغبة الشعب في التغيير، والانتقال السلمي بمصر إلى دولة مدنية ديمقراطية دستورية حديثة، تكون ملكا لكل أبنائها دون إقصاء أو تهميش، أما استمرار التكبر والعناد والقمع فلن يحقق استقرارا، ولا تنمية، وسيفتح الباب لما لا تحمد عقباه.

x.com/kotbelaraby

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه ثورة المصرية التغيير سوريا مصر ثورة تغيير مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة مقالات مقالات سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة لثورة ینایر ثورة ینایر

إقرأ أيضاً:

السيمفونية السورية.. مالك جندلي يروي حكاية 13 عاما من الثورة بـ4 حركات في الدوحة

احتضن مركز قطر الوطني للمؤتمرات العرض الأول للسيمفونية السورية للموسيقار السوري مالك جندلي في المنطقة مساء أمس السبت.

وتعد السيمفونية السورية الأولى من نوعها، إذ تتناول بحركاتها الأربع مختلف مراحل الثورة التي أسقطت نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد في 8 ديسمبر/كانون الأول 2024.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2لبنان يرحب برئيسه الجديد.. نجوم الفن يهنئون جوزيف عونlist 2 of 2نجوم عرب رحلوا في 2024 بعد مسيرة فنية ثريةend of list

وبدأ الموسيقار الذي ينحدر من مدينة حمص (وسط سوريا) بتأليفها في أميركا -حيث يقيم- في عام 2011، وعُزفت للمرة الأولى في قاعة كارنيغي بنيويورك في 31 يناير/كانون الثاني 2015.

وتتألف السيمفونية السورية من 4 حركات؛ تتميز الأولى بسرعة حركتها وتحكي عن اندلاع الثورة في 15 مارس/آذار 2011، حين انطلقت المظاهرات المطالبة بالحرية، وقابلتها سلطة الأسد بالقتل والتعذيب والتنكيل بالمعتقلين.

أما الحركة الثانية فتتميّز بتوسّط سرعتها وإيقاعاتها الرشيقة، بينما يغلب الحزن والسوداوية على الحركة الثالثة التي تحكي عن المجازر والإبادة الجماعية التي تعرّض لها ملايين السوريين على مدار 13 عاما على يد نظام الأسد.

أخيرا، تنتهي الحركة الرابعة بذروة هائلة تؤكد المضي في طريق الثورة إيمانا بقدرة الشعب على الانتصار والوصول إلى غاياته، بغض النظر عن الظروف الصعبة التي عايشها، وهو ما تحقق بالفعل في نهاية العام الماضي.

ويعد مالك جندلي أحد أشهر الموسيقيين السوريين الذين وصلوا إلى العالمية، إذ عُرف بمؤلّفاته التي تمزج الأصالة الشرقية بأدوات الموسيقى الكلاسيكية الغربية.

وُلد في ألمانيا عام 1972 لأبوين سوريين من مدينة حمص، ونشأ في كنف بيئة موسيقية وفنية، قبل أن يتلقّى تعليمه في المعهد العالي للموسيقى بدمشق، ثم يكمل دراسته في الولايات المتحدة.

تميّزت مسيرته الموسيقية بأعمال تحاكي التراث الحضاري لسوريا، مثل "أصداء من أوغاريت" (Echoes from Ugarit) الذي استلهمه من أقدم تدوين موسيقي في العالم عُثر عليه في مملكة أوغاريت السورية.

كذلك يُعرف جندلي بمواقفه الإنسانية ونشاطه المجتمعي، إذ أسّس مؤسسة "بيانوز فور بيس" (Pianos for Peace) التي تهدف إلى نشر قيم السلام من خلال الموسيقى ودعم القضايا الإنسانية والثقافية.

قدّم حفلات في أرقى المسارح العالمية على غرار كارنيغي هول ونال العديد من الجوائز والتكريمات تقديرا لإسهاماته الفنية، لا سيما في الحفاظ على الهوية الموسيقية السورية والتعريف بها عالميا. وقد أكسبه حضوره الفعّال في القضايا المرتبطة بالشأن السوري اهتماما واسعا لدى الإعلام والجمهور على حدّ سواء.

مقالات مشابهة

  • احتفاء بعودة الفنان السوري سامر المصري إلى دمشق بعد سقوط النظام (شاهد)
  • ناطق الحكومة: قائد الثورة شخص واقع الأمة والإشكاليات التي تعاني منها
  • ناطق الحكومة: قائد الثورة شخص واقع الأمة والإشكاليات التي تعاني منها نتيجة الجمود تجاه المخاطر
  • السيمفونية السورية.. مالك جندلي يروي حكاية 13 عاما من الثورة بـ4 حركات في الدوحة
  • بعد مساعي النظام المصري لمحو أرشيف ثورة يناير وإعادة كتابة التاريخ.. ماذا تبقى؟
  • يعشقون الروتين ويخافون التغيير.. 3 أبراج عندها حالة ملل بس مابتفقدش الأمل
  • 14 عاما على ربيع مصر الذي سحقته الفاشية العسكرية
  • وزير الإسكان: إجراء القرعة العاشرة على الأراضي التي تم توفيق أوضاعها بمنطقة الأمل بالعبور الجديدة
  • من ملتقى المثقفين إلى رمز الثورة.. حكاية مكان شهد تحولات سوريا (صور)