سلط فرزين زاندي، محلل جيوسياسي ومساعد باحث في العلوم السياسية في جامعة كانساس، الضوء على النفوذ المتراجع لإيران في الشرق الأوسط، وعزا ذلك في المقام الأول إلى تآكل استراتيجية المنطقة الرمادية، وهي السمة المميزة للمناورات الجيوسياسية الإيرانية التي اعتمدت على الغموض والإنكار والحرب بالوكالة لإظهار القوة مع تجنب المواجهة المباشرة.

أدت الصعوبات الاقتصادية وسوء الإدارة السياسية إلى تأجيج حالة من السخط

وقال زاندي، وهو متخصص في شؤون الشرق الأوسط وإيران، في مقال بموقع "War On the Rocks" العسكري الأمريكي: "رغم فعالية طموحات إيران الجيوسياسية في الماضي، فإنها تعثرت بسبب الخلل الداخلي وسوء الإدارة الاقتصادية والمشهد الإقليمي المتغير". استراتيجية المنطقة الرمادية

وأوضح الباحث أن استراتيجية المنطقة الرمادية الإيرانية نجحت في زمن السلم بين الصراع المفتوح والدبلوماسية. ومن خلال دعم وكلاء مثل حزب الله في لبنان والحوثيين في اليمن والميليشيات في العراق وسوريا، سعت إيران إلى توسيع نفوذها الإقليمي وموازنة الخصوم مثل الولايات المتحدة وإسرائيل والمملكة العربية السعودية والحفاظ على إنكار معقول لأفعالها.

How Iran Lost Before It Lost: The Roll Back of Its Gray Zone Strategy - War On The Rocks https://t.co/Cp3iDzrJQZ

— Nagi N. Najjar (@NagiNajjar) January 25, 2025

ونجاح هذه الاستراتيجية يتطلب، وفق الكاتب، موارد سياسية وعسكرية واقتصادية متناغمة، وهو التوازن الذي فشلت إيران بشكل متزايد في الحفاظ عليه.

تقويض الأسس الاقتصادية

أصبح الخلل الاقتصادي بمنزلة نقطة ضعف إيران. ورغم نفوذها الإقليمي، كافح النظام لتحويل المكاسب الجيوسياسية إلى نفوذ اقتصادي مستدام. وتشمل القضايا الرئيسة، أولاً؛ العقوبات الاقتصادية: أدى انسحاب الولايات المتحدة من "خطة العمل الشاملة المشتركة" وحملة "الضغط الأقصى" اللاحقة إلى شل عائدات النفط الإيرانية. وانخفضت صادرات النفط الخام بمقدار 615784 برميلاً يومياً بين 2016 و2024.
ثانياً، الفساد الداخلي: صنفت منظمة الشفافية الدولية إيران في المرتبة 149 من بين 180 دولة على مؤشر الفساد في 2023، ما يعكس الفساد المنهجي وسوء إدارة الموارد.
ثالثاً، انخفاض حصة التجارة العالمية: انخفضت حصة إيران من التجارة العالمية إلى 0.2% بحلول 2020، مع متوسط الاستثمار الأجنبي المباشر 2.4 مليار دولار فقط سنوياً من 2012 إلى 2022.

How Iran Lost Before It Lost: The Roll Back of Its Gray Zone Strategy @WarOnTheRocks https://t.co/70SFsbVFDA

— Nino Brodin (@Orgetorix) January 25, 2025

رابعاً، سوء الإدارة: تطغى الأولويات الإيديولوجية على الحكم القائم على الجدارة، مما يمنع الإصلاح الاقتصادي الفعال والتنمية.
وأضاف الكاتب "قوضت هذه التحديات الاقتصادية قدرة إيران على تمويل وكلائها، والحفاظ على خطوط الإمداد، والحفاظ على الدعم المحلي لاستراتيجيتها الإقليمية".

نقطة بداية الانحدار وأشار الكاتب إلى 2021 بوصفه عاماً محورياً. فقد تبدد التفاؤل بمفاوضات "خطة العمل الشاملة المشتركة" المتجددة في عهد الرئيس جو بايدن مع توقف المحادثات. في الوقت نفسه، تصاعدت استفزازات إيران الإقليمية، مثل هجوم الطائرات دون طيار في يوليو (تموز) 2021 على ناقلة النفط MT Mercer Street، والضربات الصاروخية الحوثية على دولة الإمارات. وأدت هذه الإجراءات إلى تعميق التوترات مع القوى الغربية والإقليمية، ما أدى إلى إجهاد موارد إيران وتحالفاتها. التحديات الإقليمية: الرفض والتراجع إلى ذلك، واجهت استراتيجية المنطقة الرمادية الإيرانية جهوداً مكثفة للرفض والتراجع. فنجد أن دول الخليج أعطت الأولوية للاستقرار لجذب الاستثمار الأجنبي المباشر، ودفع النمو الاقتصادي. وعلى النقيض من ذلك، أدت أنشطة إيران إلى تعطيل الاستقرار الإقليمي، ما أدى إلى عزلها بشكل أكبر.
وبين 2011 و2021، حققت إسرائيل والإمارات، والسعودية نمواً كبيراً في الاستثمار الأجنبي المباشر، ما سلط الضوء على المكاسب الاقتصادية للاستقرار.
شكلت هجمات حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر (تشرين الأول) نقطة تحول. وأدى دور إيران في التصعيد إلى انتقام أوسع نطاقاً ضد وكلائها، ما أدى فعلياً إلى تفكيك هيكلها الأمني المفضل. وقد تبنت الولايات المتحدة استراتيجية تراجع منخفضة التكلفة، حيث دعمت إسرائيل وكيلاً لها، مع تجنب المواجهة المباشرة.
وكان من النتائج الرئيسة سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، وإضعاف حزب الله، وقوات الحشد الشعبي في العراق وضربات مستهدفة على ترسانات الحوثيين في اليمن. التداعيات الأوسع ولفت الكاتب النظر إلى التداعيات الأوسع لإخفاقات إيران وأهمها،
1. فقدان الوجود الإقليمي: لم تسفر استثمارات إيران في سوريا التي تقدر بنحو 20 إلى 30 مليار دولار عن مكاسب استراتيجية دائمة، حيث أدى عدم استقرار نظام الأسد إلى استنزاف الموارد دون تعزيز النفوذ الإيراني.
2. السخط الداخلي: أدت الصعوبات الاقتصادية وسوء الإدارة السياسية إلى تأجيج حالة من السخط على نطاق واسع، مما أدى إلى إضعاف الدعم لطموحات إيران الإقليمية.
3. هجرة رأس المال البشري: تؤدي هجرة الخبراء والمهنيين إلى تفاقم التحديات التي تواجهها إيران، مما يجعل النظام غير مجهز بشكل جيد لمعالجة أزماته الاقتصادية والجيوسياسية. الاختيار بين المقاومة والتنمية وخلص زاندي إلى أن إيران تواجه خياراً صعباً بين مسارين، أولاً؛ مسار المقاومة: فاستمرار موقفها الإقليمي العدواني يهدد بمزيد من العزلة والتدهور الاقتصادي والاضطرابات الداخلية. والخيار الثاني هو مسار التنمية، فإعطاء الأولوية للنمو الاقتصادي وإصلاح الحكم من شأنه أن يعمل على استقرار إيران داخلياً ورفع مكانتها الدولية.
واختتم الكاتب مقاله بالقول إن التراجع عن استراتيجية المنطقة الرمادية الإيرانية يؤكد الأهمية الحاسمة للقوة الاقتصادية والتماسك السياسي في دعم الطموحات الجيوسياسية. ودون هذه الأسس، قد يظل النفوذ الإقليمي لإيران في تراجع، ما يشير إلى تحول عميق في توازن القوى في الشرق الأوسط.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: اتفاق غزة سقوط الأسد عودة ترامب إيران وإسرائيل غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية إيران وإسرائيل إیران فی ما أدى

إقرأ أيضاً:

«طاقة عربية» والمنطقة الاقتصادية للمثلث الذهبي توقعان بروتوكول لتنفيذ مرافق سفاجا

وقعت مجموعة طاقة عربية، الرائدة في مصر في مجال الطاقة وخدماتها المتكاملة، بروتوكول تعاون مع الهيئة الاقتصادية للمثلث الذهبي بغرض تنفيذ وتوفير المرافق الأساسية للمستثمرين داخل المنطقة الصناعية 9.1 بمدينة سفاجا بمحافظة البحر الأحمر، ويأتي ذلك تماشيًا مع استراتيجية الدولة المتمثلة في الإسراع في وتيرة التنمية ومشروعات القيمة المضافة بالمنطقة، بهدف تحقيق أهداف التنمية المستدامة واستقطاب الاستثمارات المحلية والدولية.

إنشاء وتشغيل شبكات الكهرباء

واتفق الطرفان على التعاون المشترك بغرض تنفيذ البنية التحتية التي تخدم المنطقة الصناعية، بما يتضمنه ذلك من إنشاء وتشغيل شبكات الكهرباء، سواء من خلال الحلول التقليدية أو بدائل الطاقة المتجددة، وإنشاء شبكات توزيع الغاز الطبيعي، سواء عبر الربط مع الشبكة القومية أو عبر استخدام الغاز المضغوط، وتوفير مياه صالحة للاستخدامات الصناعية والزراعية، وتنفيذ شبكات الصرف الصحي والصناعي، بالإضافة إلى مرافق توزيع المنتجات البترولية وإدارة المخلفات لضمان التنمية المستدامة.

ووقعت باكينام كفافي، الرئيس التنفيذي لمجموعة طاقة عربية، على بروتوكول التعاون نيابة عن المجموعة، في حين وقع المهندس محمد عبادي، رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية للمثلث الذهبي، عن الهيئة.

تحقيق النمو الاقتصادي المستدام

وصرح المهندس محمد عبادي، رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية للمثلث الذهبي: «وفقًا لرؤية مصر الاستراتيجية 2030 و في إطار تحقيق النمو الاقتصادي المستدام، فإن مشروع المثلث الذهبي يعد قلعة اقتصادية متنوعة القطاعات في صعيد مصر بفضل موقعه المميز ووفرة موارده الطبيعية، وتحقيقا لاستراتيجية الهيئة في عقد شراكات مع كبرى الشركات ذات الخبرة الواسعة، ومن أجل إطلاق الإمكانات والثروات الكامنة لهذه المنطقة، فقد تم توقيع بروتوكول التعاون مع شركة طاقة عربية».

وأعربت باكينام كفافي، الرئيس التنفيذي لشركة طاقة عربية، عن اعتزازها بهذه الشراكة، قائلة: «يمثل هذا التعاون انطلاقة هامة نحو تحقيق تنمية مستدامة وشاملة في منطقة المثلث الذهبي، وذلك لتحويل المنطقة الاقتصادية إلى مركز استثمار بمعايير عالمية، حيث سنعمل بكل طاقاتنا لتقديم حلول متكاملة لتطوير البنية التحتية وتعزيز جاذبية المنطقة، استنادًا إلى خبرتنا الممتدة على مدار أكثر من عقدين».

وتعتبر المنطقة الاقتصادية للمثلث الذهبي، والتي تمتد على مساحة حوالي تسعة آلاف كيلومتر مربع والواقعة بين قنا وقفط وسفاجا والقصير، مشروعًا استراتيجيًا ومنهجا كاملا للاستدامة سيعمل على تنمية وتحويل صعيد مصر باستخدام مميزاته النسبية من ثروات تعدينية وساحلية وتربة خصبة إلى مركز صناعي، لوجيستي، زراعي، خدمي، تنموي عالمي باستثمارات ضخمة.

زيادة حصة مصر من التجارة العالمية

ويستهدف المشروع زيادة معدلات التشغيل، وزيادة حصة مصر من التجارة العالمية، وتوفير المزيد من فرص العمل للشباب، وزيادة الجذب السكاني بمنطقة المثلث الذهبى، وفي إطار سياسة الهيئة نحو بناء اقتصاد أخضر، ومع اكتمال البنية التحتية وتوفير الخدمات الأساسية، ستزداد قدرة المنطقة على جذب الاستثمارات المحلية والعالمية بشكل كبير، ودفع عملية التنمية الشاملة، مما يعزز من قدرتها التنافسية على المستويين المحلي والدولي، تماشيًا مع رؤية مصر 2030.

مقالات مشابهة

  • «طاقة عربية» والمنطقة الاقتصادية للمثلث الذهبي توقعان بروتوكول لتنفيذ مرافق سفاجا
  • هل تعدل سوريا مسار العلاقات التركية- الإيرانية؟
  • دفاع النواب: تهجير الفلسطينيين تهديد للأمن الإقليمي وتقويض لفرص السلام
  • وزارة التعاون الدولي: نُثمن الشراكة الاستراتيجية مع اليابان ودورها في دعم جهود التنمية الاقتصادي
  • خلال معرض الكتاب.. التنسيقية تعقد ندوة "بؤر الصراع الإقليمي ومخاطر الأمن القومي المصري"
  • مصادر سياسية:الحكومة الحشدوية تتوسط بين إيران وسوريا وتركيا لحماية المصالح الإيرانية
  • توصيات ندوة تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين حول بؤر الصراع الإقليمي
  • متخصص في الشأن العسكري: إيران أكثر الخاسرين من تغيرات الشرق الأوسط عكس إسرائيل
  • إيران تجري مناورات بحرية استعداداً لـ "غزو خارجي"