قصة نسخة نادرة من المصحف الشريف بخط الملك فؤاد في معرض الكتاب
تاريخ النشر: 26th, January 2025 GMT
مصحف يزن 35 كيلوجراما، جرى تنسيقه باستخدام خط الملك فؤاد الذي أُعيد تجديده آليًّا بواسطة برنامج خاص على الحاسوب، اعتمادًا على ما كان كتبه الخطاط محمد جعفر بك واضع القاعدة النسخية للمطبعة الأميرية، يقدمها جناح الأزهر الشريف لأول مرة بمعرض الكتاب في قاعة التراث رقم «4»، ليكون أول مصحف أصيل مطبوع بالحروف المعدنية المنفصلة في مصلحة المساحة المصرية.
وبحسب الصفحة الرسمية لجناح الأزهر الشريف، فإنّ المصحف استغرق العمل عليه قرابة العشرين سنة، واستخدمت فيه الزخارف الهندسية المستوحاة من المخطوطات القرآنية النفيسة التي ترجع للحقبتين الإيلخانية والمملوكية، وطُبع هذا الإصدار باستخدام أجود أنواع الورق المعمر المصنوع من القطن الصافي والخالي من الأحماض، للمحافظة على رونق الذهب والألوان زمنًا طويلًا، وجرى تحضير غلاف المصحف من جلد البقر الطبيعي الصافي المدبوغ نباتيًّا، مع نقش للألوان والذهب ونقش حراري غائر محاكاة للأنماط المملوكية الهندسية.
الكاتب والخطاط محمد جعفر بك هو من كبار خطاطي مصر في عهد الخديوي توفيق، وقد تتلمذ في الخط على يدي الشيخ محمد مؤنس زاده خطاط مصر الأشهر في ذلك الوقت، ويعبتر أهم ما قام به كتابة القاعدة النسخية للمطبعة الأميرية التي تمثل أبدع قاعدة خطية شهدها الوطن العربي، وقد أصبحت بعد ذلك القاعدة النسخية لمصحف الملك فؤاد، أول المصاحف المطبوعة في الوطن العربي، وهي نفسها القاعدة الخطية التي كتب بها مصحف مصلحة المساحة المصرية، وطبع بعد ذلك أكثر من مرة، وذلك وفقًا لمعهد الدراسات الشرقية لدراسة التراث الإسلامي.
وجاء في نهاية التعريف بالمصحف: «تم بفضل الله وتوفيقه طبع هذا المصحف الشريف بمطبعة وزارة الأوقاف وأخذت كليشهاته من المصحف الذي طبعته مصلحة المساحة لدار الكتب المصرية سنة 1371هـ/ 1952م وكان الفراغ منه غرة شعبان المعظم سنة 1378هـ/ فبراير سنة 1959م»، وقد توفي الخطاط محمد جعفر بك عام 1916.
وهذا المصحف الشريف يعرف اصطلاحًا بـ«مصحف الملك فؤاد»، أو «مصحف القاهرة»، أو «مصحف مصلحة المساحة»، ويعتبر الأكثر انتشارًا في ربوع العالم الإسلامى حتى القرن العشرين، وذلك بعد أن توقفت طباعة المصحف منذ عام 1914 حتى عام 1921، قبل أن يبدأ الملك فؤاد في التفكير في استكمال مسيرة طباعة المصحف الشريف مرة أخرى، حتى كُتب له القبول في العالم الإسلامي، نظرًا لأنه كان وافق أهم قاعدة لكتابة المصحف، واتباع الرسم العثماني، كما توافق تصميم الحروف الطباعية مع قواعد خط النسخ الذي كان مستخدمًا في المخطوطات القرآنية.
كان لمصحف الملك فؤاد الأثر البالغ في توحيد القراءات القرآنية في العالم الإسلامي، فقد اعتمدت المطابع على رسمه العثماني المعروف بدقته، وتقسيماته المتسقة، وعدد سطور كل صفحة، وعدد الآيات، وأسماء الصور، ومواضع السجدات، اولتحزيب (تقسيم الأحزاب)، ورواياته القراءية، لاسيما رواية حفص عن عاصم، وبذلك أصبح مصحف الملك فؤاد المرجع الأساسي والمعيار العالمي لطباعة المصاحف، ما أسهم في نشر صورة موحدة للقرآن الكريم.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: معرض الكتاب مصحف الملك فؤاد الملك فؤاد المصحف الشريف المصحف الشریف
إقرأ أيضاً:
الأدب الشعبي وفنونه.. أحدث إصدارات هيئة الكتاب
أصدرت وزارة الثقافة المصرية، ممثلة في الهيئة المصرية العامة للكتاب برئاسة الدكتور أحمد بهي الدين، كتاب «الأدب الشعبي وفنونه» للدكتور أحمد مرسي، أحد أبرز الباحثين في مجال الفولكلور والأدب الشعبي، ويعد هذا الإصدار إضافة قيمة إلى المكتبة العربية، حيث يتناول الكتاب تطور الدراسات المتعلقة بالأدب الشعبي في مصر، وأهميته في فهم الهوية الثقافية للمجتمع.
يشير الدكتور أحمد مرسي في مقدمة كتابه إلى التحولات التي شهدتها الدراسات الإنسانية في مصر خلال الثلاثين عامًا الماضية، مؤكدًا على أهمية التأصيل المنهجي لهذه الدراسات، وموازنة الواقع المحلي مع الاتجاهات العالمية في مجال الفولكلور.
ويشدد المؤلف على أن الوعي المتزايد بأهمية الفولكلور أدى إلى انتشار المصطلحات المرتبطة به، مثل "الفنون الشعبية" و"التراث الشعبي"، مما ساهم في ترسيخه كحقل دراسي مستقل في المؤسسات الأكاديمية المصرية.
يستعرض الكتاب تطور دراسة الفولكلور في مصر، بدءًا من إنشاء مركز الفنون الشعبية عام 1957، مرورًا بتأسيس كرسي الأستاذية في الأدب الشعبي بجامعة القاهرة عام 1960، بفضل جهود الدكتور عبد الحميد يونس، الذي كان أول أستاذ لهذا التخصص في الجامعات المصرية، كما يتناول الكتاب دور المعهد العالي للفنون الشعبية في أكاديمية الفنون، الذي تأسس لاحقًا لدعم الدراسات الفولكلورية وتأهيل الباحثين المتخصصين في هذا المجال.
على الرغم من الاهتمام المتزايد بالفولكلور، يسلط الكتاب الضوء على التحديات التي تواجه هذا المجال، حيث يشير المؤلف إلى سوء الفهم الذي يعاني منه الأدب الشعبي، إذ يربطه البعض بالمحتوى الهابط أو السطحي، وهو ما يعكس انفصالًا بين الفكر والسلوك في المجتمع. ويؤكد الدكتور مرسي أن الأدب الشعبي يمثل جزءًا أصيلًا من الهوية الثقافية، وينبغي التعامل معه بجدية لحفظه وتوثيقه للأجيال القادمة.
يهدف الكتاب إلى تحفيز القارئ على الاهتمام بتراثه الشعبي، من خلال تسجيل الأمثال والأغاني الشعبية والحكايات المتداولة، وإرسالها إلى المؤسسات المختصة، مثل المعهد العالي للفنون الشعبية أو كلية الآداب بجامعة القاهرة، للمساهمة في حفظ هذا التراث الثقافي، كما يدعو الكتاب إلى ضرورة التمييز بين الأدب الشعبي الأصيل والمحتوى المنحول الذي يسيء إلى هذا التراث ويشوه صورته.
في ختام الكتاب، يعبر المؤلف عن أمله في أن يكون هذا الإصدار مدخلًا يساعد القارئ على فهم قيم التراث الشعبي وأهميته في تحقيق التواصل الثقافي عبر الأجيال، مؤكدًا أن الحفاظ على هذا الإرث هو مسؤولية مشتركة بين الأفراد والمؤسسات، لضمان استمرارية الثقافة الشعبية المصرية.