بقلم محمد علي حسن الجفري
ثلاثة من رجال القلم في القرن الماضي عايشوا السراج والدفاتر قبل الكهرباء والحاسوب. آخرهم نيقولا زيادة المؤرخ اللبناني المعروف. لكنهم كلهم مروا بأزمة مع دفاترهم وكتبهم.
تجمعت الكتب والدفاتر في منزل زيادة وصارت زيادة على زيادة حتى اضطر إلى أن يعيد النظر فيها ويتخلص مما يراه عبئا لا يحتاج إليه.
أما الشيخ علي الطنطاوي فقد عزم على تأليف كتاب بأسلوب وسط بين لغة المشايخ واللغة العصرية. وعكف على ذلك فترة ليست باليسيرة. قال: وعملت الصيف كله حتى تجمع لدي ثلاثة ظروف كبار بعنوان “تعريف عام بدين الإسلام”. ثم سافرت إلى الأردن وخرجت من المطار وهي معي خوفا عليها من الضياع وركبت سيارة. فلما وصلت إلى بيت ابنتي انشغلت بالاستقبال والتوديع فلما انتبهت لنفسي بعد اسبوعين بحثت عن المسودات ونفضت البيت وسألت مخافر الشرطة وسيارات الأجرة التي ركبت في إحداها ولكن دون فائدة. فما كان مني إلا العزم على الكتابة من جديد من ذاكرتي دون مراجعي أو ملفاتي.
أما الثالث فهو المفكر الجزائري مالك بن نبي الذي ألف كتاب الظاهرة القرآنية وهو في السجن في باريس. وقد أكمل الكتاب وراجعه في السجن حتى استوى. وعندما اقتربت فرصة الإفراج عنه خشي أن يصادره الحراس فانتهز فرصة زيارة صديق له وزوجته فأعطاهما مسودة الكتاب وخبأته الزوجة في صدرها وخرجت من السجن. ولكن الشرطة داهمت منزل هذا الصديق فخافت المرأة أن تعثر الشرطة على ممنوعات فألقت بمسودة الكتاب في محرقة المدفأة في بيتها. وبذلك نجت هي وزوجها من الاعتقال ولكن الكتاب أصبح رمادا. وسأل مترجم الكتاب ابن نبي: هل أفزعك احتراق كتابك؟ فقال: إن الذي يعيش أهوال السجن في فرنسا تهون عليه الأهوال الأخرى. وبدأ تأليف الكتاب من جديد من ذاكرته. بلا شك إن حزن الثلاثة هؤلاء على ممالكهم الفكرية عظيم ولكنهم لم ييأسوا. وفي القديم قال شاعر كاتب:
وقالوا كيف حالــك قلت خيرٌ تقضّى حاجةٌ وتفوت حاجُ
إذا ازدحمت هموم الصدر قلنا عسى يوما يكون لها انفراجُ
نديمي هرتي وسرور قلبي دفاتر لي ومعشوقي السراجُ
المصدر: صحيفة البلاد
إقرأ أيضاً:
بنسعيد وجدل صفقات معرض الكتاب: مابغيناش تنظيم عشوائي (فيديو)
زنقة 20 ا عبد الرحيم المسكاوي | تصوير : محمد أربعي
في ظل الجدل الذي أثير مؤخرا بشأن الشركات الفائزة بصفقات تنظيم معرض الكتاب، خرج وزير الثقافة والشباب والتواصل، المهدي بنسعيد، بتصريح أكد فيه أن وزارته تحترم جميع المساطر الإدارية والقانونية المتعلقة بمنح الصفقات للمقاولات، مشيرًا إلى أن العملية تخضع لمتابعة قانونية صارمة يتم احترامها.
وقال بنسعيد خلال الندوة الصحفية التي عقدها اليوم حول تنظيم النسخة الـ30 للمعرض الودلي للنشر والكتاب، في معرض تعليقه على الجدل الدائر، إن الوزارة تسعى لضمان أن الشركات المتنافسة على تنظيم المعرض تكون قوية وكبيرة، وأن لديها معايير عالية في التنظيم.
وأضاف أن الهدف من هذا هو تجنب اختيار شركات ضعيفة قد تعرضنا لانتقادات من قبل الرأي العام.
وأكد بنسعيد أن الوزارة طرحت معايير جودة عالية خلال عملية التعاقد، وأن ثلاث شركات فقط هي التي تتوافر على هذه المعايير.
وأوضح أن الأهم بالنسبة له هو أن يتم تنظيم المعرض بطريقة مهنية واحترافية تترك انطباعًا إيجابيًا لدى الزوار المغاربة وكذلك الضيوف الأجانب الذين يزورون المعرض.
وشدد الوزير على أن الوزارة قد رفعت من جودة تنظيم المعرض من خلال توفير إمكانيات كبيرة، بفضل تعاون وتضافر جهود جميع المتدخلين، وعلى رأسهم مجلس جهة الرباط سلا القنيطرة ومجلس مدينة الرباط، اللذان قدما دعما ماليا كبيرا لإنجاح جميع النسخ التي تم تنظيمها في الرباط.
كما لفت بنسعيد إلى أنه إذا لم تكن الوزارة قد عملت بشكل مكثف مع باقي المتدخلين، لكانت تعرضت لانتقادات لعدم رفع مستوى المعرض.