هآرتس: عودة المجندات من غزة عادت معها وحدتنا الخادعة
تاريخ النشر: 26th, January 2025 GMT
كتب جدعون ليفي -في عموده بصحيفة هآرتس- أن عودة الجنديات الأربع أمس من غزة كانت أيضا عودة البلاد بأكملها إلى حب الذات وتجميلها وإلى الوحدة الخادعة، والاحتفالات الزائفة بالنصر ومشاعر التفوق والقومية المتطرفة والتحريض، مشيرا إلى أنها تحولت إلى كرنفال وطني خارج عن كل المقاييس.
وأبدى الكاتب تفهمه لحاجة الناس إلى السعادة والشعور بالفخر بعد عام مروع، ولكن احتفال أمس تجاوز ذلك بكثير -حسب اعتقاده- وكأن الفرحة الطبيعية بعودة الجنديات لم تكن كافية، ليتم إخفاؤها بالأكاذيب مما يشهد على أن شيئا سيئا يغلي تحت العناق والقبلات والدموع التي تبادلناها مع المجندات.
لقد تحطمت كذبة النصر الكامل على حركة المقاومة الإسلامية (حماس) -كما يقول الكاتب- وإذا كان ثمة أي نصر في ذلك، فهو انتصار حركة حماس صاحبة السيادة في غزة، تلك المنظمة التي نهضت من الرماد والأنقاض بعد 16 شهرا من الغارات الجوية والقتل والدمار، وما زالت قائمة حية.
قيل لنا إن هذه المنظمة نازية وقاسية ووحشية وشيطانية، ليس فقط في خطاب الشارع، بل وأيضا من قبل كبار مقدمي البرامج التلفزيونية، ولكن الواقع كان متناقضا مع مثل هذه التصريحات، إذ بدت النساء المفرج عنهن منتصبات، يوزعن الابتسامات ويحملن أكياسا من الهدايا التذكارية التي زودهن بها محتجزوهن، وفقا للكاتب.
إعلانوفي سياق متصل، قارن ليفي بين حال المجندات الجيدة وحال المعتقلين الفلسطينيين المفرج عنهم المزرية، وأبدى استياءه لأن مراسم هذا اليوم كان من الممكن أن تقام قبل 8 أشهر، وربما في الأيام التي تلت السابع من أكتوبر/تشرين الأول، وقال إن الادعاء بأن الفلسطينيين يقدسون الموت ونحن نقدس الحياة ربما يكون من أكثر الأكاذيب دناءة.
ليفي: الادعاء بأن الفلسطينيين يقدسون الموت ونحن نقدس الحياة ربما يكون من أكثر الأكاذيب دناءة
وأوضح الكاتب أنه لا جدوى من إهدار الكلمات على هذه الفكرة بعد مقتل 50 ألف شخص على يد القوات الإسرائيلية معظمهم من الأبرياء، وقال إن إسرائيل لا تكاد تقدس حياة أبنائها، مع مقتل أكثر من 800 جندي في المعركة، ولا يوجد شيء أرخص لديها من حياة الفلسطيني.
واستشهد الكاتب بأولئك الذين دمروا بشكل منهجي جميع مستشفيات غزة، وأطلقوا النار على سيارات الإسعاف وقتلوا مئات من عمال الطوارئ وقال إنهم لم يقدسوا الحياة بل سحقوها.
وخلص ليفي إلى أن إسرائيل احتفلت بعودة 4 محتجزين يوم السبت، وأن الفرحة كانت صادقة ومؤثرة، ولكن المكياج كان رديئا والدعائم رخيصة، مؤكدا أن القليل من الحقيقة والقليل من الأكاذيب، كان جديرا بجعل هذا الاحتفال أكمل بكثير.
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
أوانطة البرجوازية عن أسباب الحروب الأهلية
قلنا في بوست سابق أن عودة حرب الجنوب لم تكن بسبب إعلان نظام نميري لقوانين الشريعة الإسلامية كما شاع لأنها اندلعت ثم قادها جون قرنق تقريبا في مارس ١٩٨٣ بينما أعلن نظام نميري تطبيق قوانين الشريعة في سبتمبر ١٩٨٣، أي بعد اندلاع الحرب بما يقارب نصف العام.
وذكر الكثير من المعلقين أن الحرب عادت بسبب خرق نميري لاتفاق أديس أبابا بتقسيم أقاليم الجنوب إداريا. ولكن هذا القول أيضا به إنة.
أصلا عادت حرب الجنوب لان صفوة لم ينتخبها أحد قررت أن تعيدها وصرحت بنيتها في عام ١٩٧٢. تقسيم الجنوب لم يكن إلا شماعة مريحة وفرتها صدفة. ولو لم يقسم نميري الجنوب لاشعلت الصفوة الحرب ووجدت سبوبة أخري.
لاحظ أن نميري قسم الجنوب بعد أن شكت قبائل ومناطق الجنوب لطوب الأرض من الهيمنة الخانقة لقبيلة الدينكا علي الجنوب. ولاحظ أن قادة الجنوب، وعلى رأسهم الدينكا، ظلوا يطالبون بالحكم الفدرالى للجنوب حتي لا يهيمن عليهم الشمال ولكنهم أنكروا إعطاء نفس الحق لمجموعات ومناطق الجنوب الأخرى كترياق لهيمنة الدينكا.
وبسبب الهيمنة القابضة للدينكا, تدور الآن، في عام ٢٠٢٥ حرب ضروس في الجنوب تتعلل بنفس هيمنة الدينكا. والان يوجد في الجنود من يقول أن هيمنة المندوكورو كانت أرحم من هيمنة الدينكا.
ولا يهتم أحد بوضع التاريخ في سياقه الصحيح لان سردية التاريخ الرسمي مسيسة حتي النخاع هدفها توزيع الجرم والملام لأغراض غير الحقيقة.
الحروب الأهلية مرض أفريقي عام لا ينحصر على السودان. من أهم أسباب الحروب طبيعة الدولة الأفريقية ووجود تنوعات حقيقية تشكل تحديات سياسية ولكنها أيضا مصادر ثراء وطني لو أحسن الجميع مقاربتها، والجميع هنا لا تستثني قادة الأقليات.
في الحروب الأفريقية، غالبا ما تقوم صفوة طموحة من مغامرين بإستغلال هذه التنوعات والتباينات لإشعال حروب مربحة فقط لهذه الصفوة التي لم تفوضها مجموعتها لإشعال حرب مدمرة للمجتمعات. ثم يتدخل خارج استعماري بعد أو قبل إشعال الحرب لترجيح طرف محارب يناسب مصالحه. وبعد ذلك تأتي جحافل المثقفين والأكاديمين لكتابة نصوص رائعة عن أسباب الحرب تتماشي مع هيمنة السردية الإستعمارية عن تاريخ العالم, وتتدثر السرديات بلبوس الحكمة الليبرالية والمدنية والاستنارة.
معتصم اقرع
إنضم لقناة النيلين على واتساب