الوفدُ العُمانيُّ يغادرُ صنعاءَ: التفاوُضُ لضبط الصراع لا لإنهائه
تاريخ النشر: 21st, August 2023 GMT
عبد الحميد الغرباني
ثلاثة أَيَّـام قضاها الوفدُ العُماني في العاصمةِ صنعاءَ، لم تغادر خلالها تعليقاتُ الحُذَّاق في السياسة، مربَّعَ عدم التفاؤل، ولم يُبشِّرْ أحدٌ بانفراجة، وَبالنظر لهذه المعطيات وما سبق، وتبع وصول وفد السلطنة على مستوى التحَرُّكات الأمريكية، هل نحن على عتبة تطوُّر إيجابي في المحادثات بين اليمن وَرُباعية العدوان عبر القناة العمانية، وهل بحوزتها جديد؟
الإجَابَةُ على هذَين السؤالَين تتشكَّلُ من عودة سريعة للمؤشرات، التي تواترت عقبَ خطاب اللاءات العشر للسيد عبد الملك بدر الدين الحوثي، في الثاني عشر من هذا الشهر.
بدايةً بإعلان الإدارة الأمريكية بعدَ يومَين من الخطاب عن زيارة مبعوثها، تيموث ليندركينغ، منطقة الخليج، و”العمل بشكل وثيق مع السعوديّة وسلطنة عُمان وشركاء آخرين؛ مِن أجلِ إطلاق عملية سلام شاملة في اليمن”.
لكن ما تبع ذلك لم يقدم دليلاً جدياً على ما سوَّقَ له بيانُ الخارجية الأمريكية؛ لدرجة أن ليندركينغ لم يلتقِ من يُفترَضُ أن يكونَ صاحبَ قرار في الإمارات، واقتصر الأمر على تجاذُبِ أطرافِ الحديث مع أنور قرقاش.
وفي السعوديّةِ لم يسع الترتيباتُ أن تتجاوزَ الدُّمية رشاد العليمي، سمسار واشنطن القديم، لربما أن جدولَ أعمال المسؤولين في السعوديّة -المشغول بزيارة وزير خارجية الجمهورية الإسلامية في إيران- لم يتح التسويقَ للمزاعم الأمريكية حول دعم جهود السلام في اليمن، ولو من حَيثُ شكل وَمستوى اللقاءات المفترَضِ أن تناقِشَ القضايا ذات الصلة بإحلال السلام؛ ليكتملَ سُوءُ التسويق للدعاوى الأمريكية بشأن السلام في اليمن، أَو قل أدلة غياب النوايا الإيجابية، بتحليق طائرة الوفد الوطني رفقةَ الوفد العماني قبل أن تَحُطَّ طائرةُ ليندركينغ في مسقط؛ أي قبل أية محادثات أَو نقاشات بين الجانبين، أَو بين ممثلي رُباعية العدوان وقناتهم للمحادثات مع اليمن.
هذه المؤشراتُ تعني أن الوفدَ العُمانيَّ وصل صنعاءَ خاليَ الوفاض؛ وهو استنتاجٌ يعزِّزُه نفيُ مصدر مطلع لصاحب السطور، انعقادَ أي لقاء كُرِّسَ للمحادثات حول ماذا بعد تلويح السيد القائد بانتهاء مرحلة خفض التصعيد، وأن ذلك استمر حتى قبل موعد مغادرة الوفدَينِ صنعاءَ بعد ظهر اليوم، وَهذا بدوره يقودنا لتوقع أن وفد السلطنة العمانية ما يزال ينتظر ما يقرِّرُه الأمريكيُّ من عروضٍ جديدةٍ أمام صنعاءَ في ما يخص المِلفات ذات الأولوية اليمنية، وأن الوصولَ دونَ ذلك سرَّعته حاجةٌ يمنيةٌ ترتبط بتشاورات رئيس الوفد مع القيادة، في ضوء المتغيرات والمستجدات المتلاحقة من جهة، ومن أُخرى حاجة أمريكية خليجية للتأسيس لدوامة من اللقاءات والتحليق بين أكثرَ من عاصمةٍ، لا تسمح بالتوصل لحلٍّ مستدام، وتبحث فقط في ما نتوقع عن تأمين حَــدٍّ أدنى من التفاهمات يُنجي رباعيةَ العدوان من نفاد الصبر اليمني، وهكذا نكون أمام استمرار أمريكا في استخدام التفاوض أدَاةً لضبط الصراع لا لإنهائه، ولا نقولُ ذلك بناءً على توقُّعات وافتراضات؛ إذ عبَّرت عمّا نذهب إليه لقاءاتُ ليندركينغ الأخيرةُ في أبو ظبي والرياض وَمسقط ومن نواحٍ عدة.
هذا النهجُ قد يكون معلَّقاً بما يتجاوزُ شراءَ الوقت والأخذ والرد؛ لفتحِ البابِ أمام تدخُّل أطرافٍ خارجَ إطار التفاوض؛ لكسر الحلقة المفرَغة، على طريقةٍ لا تتناسب كليًّا مع الاستحقاقات اليمنية، أَو هذا ما تنتظرُه واشنطن وَالرياض من حيلةِ إحياءِ العلاقات الدبلوماسية بين الأخيرة وطهران، التي لا نستبعدُ ازدراءَها النوايا الأمريكية السعوديّة، ويبقى أن نرى ماذا ستكشفُ عنه الأيّامُ القادمةُ، وإن كُنَّا على ثقة بأن استمرارَ السياسة الأمريكية السعوديّة تجاه اليمن يؤكّـدُ أن المنطقةَ تنتظرُ عاصفةً كبيرةً قادمةً من اليمن هذه المرَّة.
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
22 نوفمبر خلال 9 أعوام.. أكثر من 20 شهيدًا وجريحًا في جرائم حرب لغارات العدوان السعودي الأمريكي على اليمن
يمانيون../ واصل العدوانُ السعوديُّ الأمريكي، في مثل هذا اليوم 22 نوفمبر خلال عامي، 2015م، 2016م، و2021م، ارتكابَ جرائم الحرب والإبادة الجماعية، والتهجير والتشريد لعشرات الأسر، من منازلها، بغاراته الوحشية، وقنابله العنقودية المحرمة دولياً وقصف مدفعية وصواريخ مرتزقته على الأحياء السكنية، وتجمعات النازحين، والمزارع والممتلكات، في صعدة والحديدة، وإب.
أسفرت عن 5 شهداء بينهم جنين، وأكثر من 15 جريحاً، بينهم نساء وأطفال، وتدمير عدد من المنازل، ومضاعفة معاناة أهالي وأسر الضحايا، ومشاهد مأساوية يندى لها جبين الإنسانية.
وفيما يلي أبرز التفاصيل:
22نوفمبر 2015..9 شهداء وجرحى بينهم أطفال بغارات العدوان على منزل الشيخ رشاد الشبيبي بإب:
في مثل هذا اليوم 22 نوفمبر 2015م، أضاف العدوان السعودي الأمريكي، جريمة حرب وإبادة جماعية إلى سجل جرائمه بحق الإنسانية في اليمن، مستهدفا منزل الشيخ رشاد الشبيبي في مديرية حبيش بمحافظة إب، بغارته الوحشية، التي أسفرت عن محو أسرة بأكملها في لمح البصر، ثلاثة أرواح بريئة، بينهم أطفال، ارتقت إلى بارئها، فيما جرح ستة آخرون بجروح بليغة، ليرسموا لوحة مأساوية لا تُنسى، وبصمة عار في جبين الأعداء.
داخل المنزل المستهدف، كانت حياة أسرة الشبيبي تسري ببساطة، حتى حولّت الغارات، جدران المنزل البيضاء وسقوفه المنقوشة، واعمدته ولبناته، إلى كومة دمار، بداخلها أشلاء ممزقة وطفولة موءودة، وصرخات أرواح خافته، ودخان وغبار متصاعد وألسنة لهب تنشب، ورائحة الموت والبارود، ومشاعر وأحلام دمرت.
محتويات المنزل من الملابس والمواد الغذائية والمنزلية، وألعاب الأطفال ودفاترهم وحقائبهم وعلب الألوان، مبعثرة بين الأنقاض، وشاهد على فرحة ضاعت وطفولة قُتلت، وأسرة مزقت، صرخات الأمهات الحائرات اختلطت بأنين الجرحى، في مشهد يدمي القلوب ويستفز الضمير الإنساني.
لم تكن هذه الغارات مجرد هجوم عسكري، بل كانت جريمة حرب بكل المقاييس، استهدفت المدنيين العزل في بيوتهم، وخلفت وراءها جروحاً غائراً لا تندمل في نفوس ملايين اليمنيين، فكيف لأطفال أبرياء أن يدفعوا ثمن عدوان يريد احتلال أرضهم ونهب مقدرات شعبهم وإبادة أهالهم معهم، فيما هم غير مدركين لما يدور من حولهم.
تلك الليلة، لم تعد مجرد ليلة، بل أصبحت ذكرى مؤلمة محفورة في ذاكرة الأهالي، وستظل تلاحقهم طويلاً، فمن سيرد لأولئك الأطفال ضحكاتهم، ومن سيجبر قلوب الأمهات الحزينة؟
يقول الناجين من أبناء الشبيبي وهو فوق أنقاض منزله: “استهداف العدوان لمنزل الوالد لا يزيدنا إلا قوة وبأس وصمود ، ونقول للمرتزقة أن التأريخ لن يرحم”.
إنها قصة إنسانية مؤثرة، تفضح وحشية العدوان وتكشف عن حجم المعاناة التي يعيشها الشعب اليمني جراء استمراره، فهل ستظل صرخات الضحايا صامتة؟ وهل ستبقى الجرائم التي ترتكب بحق المدنيين دون عقاب؟ بل لا بد أن يأتي يوم ينال فيه المجرمون عقابهم، ويحاسب فيه كل من تسبب في هذه المأساة الإنسانية، ويفرض الشعب اليمني شروطه، ويأخذ العدل بقوته وصموده.
22نوفمبر 2016.. عدداً من الجرحى في جريمتي حرب لغارات وعنقوديات العدوان على صعدة:
وفي 22 نوفمبر، تشرين الثاني، 2016م، ارتكب العدوان السعودي الأمريكي جريمتي حرب جديدتين، بحق المدنيين والأعيان المدنية، في محافظة صعدة، بغارات طيرانه الوحشي وصواريخها المدمرة وقنابلها العنقودية المحرمة دولياً، استهدفت بشكل مباشر منازل المواطنين بمنطقة قحزة طرف المدينة، والطريق العام الرابط بين منطقة مران ومديرية حيدان.
قحزة: 5 جرحى بعنقوديات محرمة دولياً
الجريمة الأولى، بغارات عنقودية استهدفت منازل المواطنين بمنطقة قحزة، أسفرت عن عن 5 جرحى مدنيين، وترويع الأهالي، وتقييد حركتهم أمام العنقوديات الملقاة على أسطح منازلهم ومزارعهم وممراتهم وطرقاتهم ومراعي مواشيهم، في جريمة مركبة تغتال حياة الأبرياء، بشكل مفاجئ.
يقول أحد الأهالي وهو يلقي من يديه قالب حديدي عملاق لقنبلة عنقودية أفرغت من محتوياتها: “هذا ما أطلقته طائرات العدوان على منازل وممتلكات المواطنين في منطقة قحزة، تضرر منها كثير من المواطنين، فهل المدنيين أهداف عسكرية يستهدفون بأسلحة محرمة دولياً، إذا كان بينهم رجولة ونخوة بيننا وبينهم الحدود، اما استهداف الأطفال والنساء فهذا جبن، توزعت القنابل على مسافة كم وجرح منها 5، و8 سيارات، والكثير من القنابل لا تزال مزروعة في الأرض”.
أثناء رصد الأضرار يعاود طيران العدوان ليستهدف منازل النازحين في المنطقة، ويقول محافظ المحافظة محمد جابر عوض: “في كل يوم وكل لحظة يضرب العدوان المدنيين، وهذه المنطقة التي نزح إليها المواطنين من ارجاء محافظة صعدة، لكن هيهات للعدو ولن يوهن من عزائم الرجال الذين سيردون عليه بالنقاء في الجبهات الحدودية وسيكون الرد مزلزل عن كل قطرة دم تسفك ومنزل يدمر”.
كما يقول أحد المواطنين: “سلمان الجبان يهرب من الجبهات ويرجع يقاتلنا في الحارات، وداخل المنازل نساء وأطفال، والله لا نقاتله ونذيقه الموت الزعاف من بنادقنا في الجبهات، والآن ها هو الضرب مستمر من منتصف الليل بصواريخ عنقودية”.
حيدان: غارات تقطع شريان الحياة وعدداً من الجرحى
وفي الجريمة الثانية، أستهدف طيران العدوان شريان الحياة في المنطقة الرابطة بين مران وحيدان، أسفرت عن توقف حركة المرور، وحرمان آلاف الأسر من الوصول إلى مناطقها، وقراها، ودخول المواد الغذائية إليها، وتمكنها من اسعاف الجرحى والمرضى، ما ضاعف معانتهم المعيشية.
يقول أحد المواطنين: “كنا محملين حجار على القلاب، وما سمعنا غير الضربة، وابتعدنا من المكان وعاود الطيران واستهدف القلاب، وكنا 6 عمال جرح بعضنا بشظايا”.
تعتبر هذه الجرائم انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان، وتندرج تحت بند جرائم الحرب وجرائم الإبادة الجماعية والجرائم المركبة. فاستخدام القنابل العنقودية ضد المدنيين والأعيان المدنية يعتبر جريمة حرب، كما أن استهداف الطرقات والمناطق السكنية بشكل عشوائي يمثل انتهاكاً صارخاً لمبدأ التمييز بين الأهداف العسكرية والمدنية.
تتسبب هذه الجرائم في معاناة إنسانية هائلة للمدنيين في صعدة، حيث يعيشون في ظل الخوف والرعب من الغارات والقصف المستمر، ويتعرضون للتشريد والنزوح، ويفتقرون إلى أبسط الخدمات الأساسية، كما أن القنابل العنقودية تشكل تهديداً مستمراً لحياة المدنيين، حيث تبقى هذه القنابل غير منفجرة في الأرض لسنوات عديدة، وتنفجر عند لمسها ما يتسبب في شهداء وجرحى وجرائم إضافية مروعة.
إن ما يحدث في صعدة وسائر المحافظات اليمنية هو جريمة ضد الإنسانية يجب ألا تمر دون عقاب، وتدعوا العالم أن يقف صامداً في وجه هذه الجرائم، وأن يعمل على تحقيق العدالة والسلام في اليمن، وتحمل المجتمع الدولي والأمم المتحدة مسؤولية ازدواجية المعايير الإنسانية والقانونية والحقوقية والمتاجرة بمعاناة الشعب اليمني لتحقيق أجندة القوى المهيمنة عليها، على حساب استدامة معاناة المدنيين، وأسر وذوي الضحايا.
22نوفمبر..3شهداء وجرحى بينهم أم وجنينيها بقصف مدفعية مرتزقة العدوان على منزل المواطن شريان بالحديدة:
وفي الثاني والعشرين من نوفمبر 2021م، ارتكب مرتزقة العدوان السعودي الإماراتي والأمريكي، جريمة حرب هزت وجدان الضمير العالمي، باستهداف منزل المواطن عبدا لله شريان، بقرية المرير مديرية حيس، بقذائف صاروخية ومدفعية، أسفرت عن استشهاد رجل وجنين في بطن أمه وجرحها بجروح خطيرة، في مشهد مأساوي يدمي القلوب، ودمار واسع في المنزل، ونفوق المواشي، واضرار في ممتلكات الأهالي وترويعهم، وموجة من النزوح والتشرد والحرمان نحو المجهول، ومضاعفة المعاناة، وتخويف النساء والأطفال.
قبل القصف كانت أسرة شريان تعيش حياته المعتادة بسعادة وأمان واستقرار وطمأنينة، تنتظر الأيام القليلة لقدوم مولودها الجديد، وعند اجتماع الأسرة لتناول وجبة الغداء، قصف مرتزقة العدوان المنزل، بقذائف المدفعية، التي حولت حياة الساكنين إلى مشهد دمار وشظايا ودماء وجراحات وارواح بريئة تزهق دون ذنب، وصرخات وبكاء ودموع، وتوافد الأهالي لرفع النقاض وانتشال الجثث وأخارج الجرحى.
أيام الحمل كانت تمر بروتينها الممل فيما عبدالله وسميرة يتخيرون أسم طفلهم القادم، وآملهم ومستقبلهم، الأم تحيك ملابسه بيدها وتجمع على ظهر إبرة الخياط الألوان الوردية والحمراء والخضراء والبيضاء وكل أطياف البراءة والشوق، وترسم على قميصه أسمه وأسم والده واسمها في قلب واحد ، وتنقش كوفيته التي ستقيه من البرد لتضع في مقدمتها عبارات تقيه العين والحسد ، وتجهز البخور ، في ما عبدالله يجهز المصاريف المالية، ويشتري اللعب ويتخيل كل يوم أبنه الصغير وهو يلعب في حديقة المنزل ، وكيف سيكون مستواه في الدراسة، وما سيكون في المستقبل ، وأحلام بريئة كأحلام كل أب حنون ينتظر ولادة لحظات يدعى بين القوم بأبو فلان ، ولا بفلان ، لكن العدوان وأد كل هذه الأحلام قبل ولادتها.
“كان عبدالله يراقب زوجته وهي تحيك ملابساً صغيرة لطفلهما المنتظر. ابتسامة عريضة رسمت على وجهه وهو يتخيل ابنه يرتدي هذه الملابس الملونة، كان يحلم بأن يعلمه كل ما يعرفه، وأن يجعله رجلاً صالحاً، أما سميرة، فكانت تلمس بطنها بحنان، وتتحدث إلى جنينها بصوت هادئ، كانت تتمنى أن يكبر في كنف أسرة سعيدة، وأن يحقق كل أحلامه، ولكن العدوان شاء أن تتحول هذه الأحلام إلى رماد، في لحظة واحدة.”
“كانت سميرة تجلس بجانب جسد زوجها الجريح على الأرض، تراقب أنفاسه الأخيرة، دمعات ساخنة تسيل على وجنتيها، وهي تتذكر اللحظات الجميلة التي جمعتهما، كانت تحلم بأن يشكلا معًا أسرة سعيدة، وأن يربيا طفلهما معًا، لكن العدوان كان له رأي آخر، أمسكت بيديه الباردتين، وهمست في أذنه، لا تفارقنا يا عبدالله أنتظر انا بخير الجنين سيعيش ثم انهارت باكية على صدره الدامي
. الأم سميرة ترى زوجها عبد الله أمام نظرها وهو ممزق مضرج بالدماء وقبل أن يلفظ أنفاسه الأخيرة يوصيها بأن تهتم بالجنين، فتحاول ان تتحرك صوابه لتحتضنه وتضمد جراجه دون ان تعلم انها جرحيه فتشعر بجنينها يسقط إلى جوراها ويقع فوق الأحذية صارخاَ بعدد أصوات فارق بعدها الحياة على الفور، وفي لحظات لحق به والده شهيداً، لتظل الأم وحيدة في هذا العالم.
وفي لحظاته الأخيرة، أوصى الأب الشهيد زوجته الجريحة بالاعتناء بجنينهما، في مشهد مؤثر يبرز عمق العلاقة الأسرية وقسوة الفراق المفاجئ.
الجنين المنتظر لم يكمل حياته ببطن أمة، بل طالته يد الغدر قبل ان يخرج إلى الأرض رضيعاً، بل خرج جنيناً صارخاً مرمياً على الأحذية، وبجواره جثمان والده الذي فارقت روحه جسده وهو يوصي أمه الجريحة بالحفاظ عليه، ما زاد من وحشية الجريمة، التي حركت دماء الرجال وهزت الجبال من تحت اقدامهم.
صورة الأم وهي تحمل على نعش، وجهها شاحب، عيناها دامعتان، ودموعها تختلط بدم جنينيها، مشهد يبعث الرعب في القلوب، كما هي صورة الجنين الصغير مرمي على الأرض، بجواره بقايا الطعام، شاهدة على بشاعة الجريمة ووحشية القتلة.
هذه الجريمة البشعة أحدثت صدمة كبيرة في المجتمع المحلي، وأثارت موجة من الغضب والاستنكار، توجه حينها وكيل أول محافظة الحديدة إلى المستشفى لزيارة الجريحة، مقدماً لها الدعم المعنوي والمادي، ومؤكداً على ضرورة توثيق هذه الجرائم وتقديم مرتكبيها للعدالة.
جرائم العدوان في مثل هذا اليوم واحدة من آلاف الجرائم المرتكبة بحق الشعب اليمني، وغيرها الآلاف من الجرائم الغير موثقة، على مدى 9 أعوام، تتطلب من العالم التحرك الجدي لوقف العدوان ورفع الحصار وتقديم مجرمي الحرب للعدالة.