سودانيات مبداعات فيي المنفى
كتابات من أرض النزوح واللجوء:
*محمد اخوي*
بقلم
إسراء ام جود
جوبا
١٨ يناير ٢٠٢٥
في مثل اليوم وبالتحديد الثامن عشر من شهر يناير عام 2000 ولد اخي محمد عليه الرحمة والعتق من النار..
(ومن يكون مثل أخي ولكن
"أعزي النفس عنه بالتأسي
فلا والله لا انساك حتي
افارق مهجتي ويشق رمسي
فيا لهفي عليه ولهف امي
أيصبح في الضريح وفيه يمسي؟!)
نحن الان من النازحين في جوبا.
وعادت لنا تلك الذكريات بالتخلي والخذلان من تلك الشخصية الباهتة التي تخلت عنه في ظروف مرضه ووجعه وحوجتة اليها لدعمة معنويآ. اخي محمد الذي كان كالظل لها في كل فترة الخطوبة. والله مايستاهل المعاملة ذيك منها. تلك الدعوة المشئومة فتحت الجرح الذي أغلق من توه ووجدت نفسي أستعير (بتصرف) ما قالته الخنساء في رثاء اخيها صخر :
"يذكرني طلوع الشمس (محمدا)
واذكره لكل غروب شمس
ولولا كثرة الباكين حولي
على إخوانهم لقتلت نفسي"
كان اخي محمد في طفولته شقيا ، كثير الحوداث والاحداث كان طفل اصفر اللون بشعر بني يميل للتجعد، وكان جميل الملامح طويل القامة ، ولهذا كان دائمآ يعطى الانطباع ان عمره اكبر من عمره الحقيقي، بهي الطلة صاحب الابتسامة الساحرة جميل اللبس والطلة، ذكي في طفولته وفي شبابه ويعشق كل ما يتحرك ولديه عجلات، حتى انه درس كهرباء السيارات من شدة ولعه وشغفه بها. ذكريات طفولتنا معه لا تخلو من شقاوة الاطفال , لأنني كنت الأخت الاكبر دائما ما كنت احمله واوقعه في الارض دون علم امي والحمد لله لم يحدث ما هو سيء. وكان في صغره يتهرب من المدرسة ويختبئ لكي لا تضيع نومه الصباح. وبعد تفتيش طويل عليك في اركان المنزل نجدة مختبئا ,داخل غرفته تحت السرير او في اخر الرواق في المنزل ، وعنما يغضب من احد في المنزل كان يطلع في راس البيت ويرشقنا بالحجارة جميعاً، وكان لا يخاف لومة لائم , اذكر ذهابه الى كردفان مسقط رأسنا وهو صغيرا في السن, وهو لم يكن يعرف المكان او الناس . مغامرا بحب التعرف والاختلاط بالناس, ويتأقلم مع كل الاشخاص في مختلف البيئات في اسرع وقت.
كان جدي ابوعلي يقول عن محمد محمد اخي هو نفسه وهو خليفته وتكرارا له لانه يحمل كل صفاته وطباعه وجيناته الوراثية.
يختلف حب محمد لكل واحدآ فينا لكن حب أمي لمحمد يختلف كثيرآ كان ومازال المفضل لديها , وهو كان ونيسها وصديقها وحبيبها رغم صغر سنة , يعرف مفاتيح الدخول لقلبها وهو سر سعادتها وابتسامتها وحزنها , وكانت امي دائمآ ما تجد له المبررات والاعذار , وهو يعرف كيف يحتال عليها بكلمة* يمه * وهو رفيقها في كل المشاوير والطلعات الرسمية وغير الرسمية لانه كان يحب قيادة السيارات وخير جليس وونيس..
كان اخي يصغرني بستة اعوام رغم صغر سنه الا انه كان سندي وعضدي ، وحاضراً في كل مشاكلي , كان محب للحياة واثقاً من نفسه , لم يستهويه طيش الشباب ولا رعونته ، لم يدقق في هواتفنا ولا يناقش في محادثاتنا يثق بنا ثقه عمياء , لا يحب المال معطاء , وكل متعه في الحياة تكمن في قيادة السيارة كان كرجل رغم سنه يعتمد عليه..وفي شبابه حدث ما لم نكن نتوقعه، الا وهو إصابته بالحمى الخبيثة والتي تمكنت منه ومكث في المشفي مايقارب نصف عام وتعددت الادوية ليدخل في مشاكل صحية اخرى.
ونحمد الله على مرور المحنه. ويسترد عافيته لتبدا مرحلة الشباب بتقلباتها وصراعاتها واحداثها التي لا تنتهي من مرحلة إثبات الذات والتعلم والنضج ومرحلة التفكير في الزواج وإنشاء أسرة تمت خطبته علي احدى قريباتنا وكان اسعد يوم حياة الكل , يوم مليء بالزغاريت والفرح والمحبة ,اذكر ان قلب امي كان كقلب طفلة حينها , وفي يوم واحد شهر اربعه سنه ثلاث وعشرين , كان عيد ميلاد ابنتي جود التي اكملت عامها الثاني وكان اخر يوم للاحتفالات مع إخوتي في منزل أختي بالمعمورة وقامت هي وزوجها باعداد ليوم الميلاد بإحضارالكيك وكل مستلزمات الميلاد البالونات الملونة والتورته وكان لم شمل عائلي , وكنا نرقص ونغني كاننا نودع الايام السعيدة , ودخل علينا اخي محمد وهو متكي على عصى اخبرنا بان به شد عضلي والم خيف في رجله وسوف يكون بخير , ظننا انه وقع من سواقه الموتر او الدراجة، وذهب به زوج اختي للمشفي ليؤكد لنا ما اصابة شد عضلي خفيف.
في الخامس عشر من ابريل تندلع الحرب اللعينة لتغضي على الاخضر واليابس من فقدان الاموال والرواح ليذهب كل ما جمعناه خلف ادراك الرياح , لاننا كنا ننتقل من منزل لاخر خوفأ من النيران الي المناطق الامنة وسرعان ماتصبح تلك المناطق في جوف الخطر , تستمر اوزار الحرب وتتنوع اشكالها وتزداد الجرائم ضد الانسانية والانسان السوداني , لندخل في حاله كر وفر لكل الشعب السوداني , في تلك اللحظات كان اخي يتصارع مع المرض كا الجندي المجهول الذي لم يشكي او يتألم في تلك الفترة , ويزداد الالم حتى يمنعه من الحركة والمشي , وبالرغم من ذلك لم يستسلم بل كان يقود لنا العربية في ظل الحرب وهو مريض , وحتى عنما نذهب الي الشبكه لإستخدام الإنترنت وكانت تلك الوسيلة الوحيدة للتواصل واستخدام الانترنت كان المشهد مرعباً ونحن في يقين تام بان يتم قتلنا عن طريق مسيارات او طيران اوطلقة طائشه من احد الجنود
عنما جئت من نزوحي الاول من سنار التي سقطت في ايدي الدعم السريع ذهب اخي محمد واختي لاحضاري من نصف المسافه وهو يقود العربية بالرغم من تمكن المرض منه وضعفه الى انه ظل في الطريق يومان من اجل احضاري , وبالرغم من ضرب الطيران للطريق الى اننا الحمدلله تمكنا من عبوره لانه مثل رقعه في قماش بها ثقوب عن يميني وعن شمالي الخزان. الحمدلله الذي نجانا,
وبعد مجيئي باسبوع يكتب الله لمحمد وعمر اخي الصغير وابي السفر للقاهرة استلقي محمد العلاج وسبحان الله الذي سخر لنا هذه لتتم رحلة العلاج والاستشفاء من المرض وبعدها بثلاث اشهر. شاء الله ان تقبض روحة لترجع الي ربها راضية مرضيه.
وقدر الله لنا ان نفترق في هذه الدنيا الفانية ولكن لنا لقاء في الدار الاخرة بإذن الله. واذكر اني اتصلت عليه يوم الاثنين وحينها قال لي ." بخير يا اسراء" وتوفى اليوم التالي مباشرة , كان حامداً شاكراً لله عز وجل ونحن نحمده سبحانه وتعالى ونشكرة على جميع فضله ونعمه التي لا تحصى..
*لنا رفاقا غاب طيفهم ولكن في القلب مسكنهم ومرساهم*..
ربي نسألك الرحمة والمغفرة والعتق من النار لكل السودانين الذين فارقونا في سنوات البؤس والشؤم , والعار والخزي على من اشعل تلك الحرب اللعينه لتضع السودان الحبيب في كف عفريت. من قتل وتشرد ونزوح ودمار للمال والممتلكات والعرض والشرف وتضيع كل الاماني ويضيع السودان..
osmanyousif1@icloud.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: اخی محمد
إقرأ أيضاً:
الداعية محمد العوضي يشرح أهمية وأهداف رفق المسلم بمخالفيه
وخلال الحلقة، أكد الداعية الكويتي الدكتور محمد العوضي أن التقوى هي أقوى أدوات ترشيد سلوك الإنسان وإبعاده عن شخصنة الخلافات، التي غالبا ما تخرج عن أسبابها الأساسية وتتحول إلى عداء.
وقد أورد القرآن العديد من الآيات التي تحض على حُسن المعاملة والحوار حتى مع الأعداء، حتى إن الله وصف عباده باللين والرفق والإعراض عن الجهالة.
ومن الناحية العلمية، يقول البرنامج إن المرجعية الأساسية لحل الخلافات هي أن غالبية الأشياء نسبية وقابلة للبحث والنقاش لمعرفة الصواب من الخطأ فيها.
الرفق لا يكون ضعفاووفقا للعوضي، فإن الرفق يجب أن لا يتحول لضعف لأن الأمر يختلف بين معاملة المكابر المعاند ومعاملة الحائر الباحث عن الحقيقة.
وروى الداعية الإسلامي قصة مناظرته لبعض عبدة الشيطان قبل أكثر من 10 سنوات بعد كتابته مقالا عن هذه الفئة، وقال إنهم طلبوا لقاءه لتصحيح ما يرونه معلومات خاطئة في طرحه.
لكنه، ورغم حدة الفتاة التي طلبته للحديث تحديدا، فوجئ بأنها استغربت من رفقه بها في الحديث وأبلغت الوسيط الدي جمعهما بأنها خجلت من شدتها عليه في الكلام وإصراره على مناداتها بـ"يا ابنتي".
لذلك، فإن على المسلمين -كما يقول العوضي- أن يلتزموا بقول النبي صلى الله عليه وسلم "صلوا كما رأيتموني أصلي"، وتطبيقه على مختلف أمور الحياة بما فيها استدعاء طريقته في الرفق بالمخالف.
إعلانومن العوامل التي تساعد الإنسان على الرفق بالآخرين معرفته بطبيعتهم وبظرفهم حتى لا يقسوا عليهم دون علم، كما يقول العوضي، مؤكدا أن الداعية والمربي لا يكونان هكذا دون رحمة ولين ورفق.
الرفق يدفع الناس للهدايةكما إن الله تعالى قال بوضوح "ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن"، وقد أمر النبيين موسى وهارون بأن يتحدثا مع فرعون بالقول اللين.
ويعكس هذا الأمر -حسب العوضي- فحوى الدعوة الحقيقية التي تستهدف هداية الآخرين وليس الانتصار عليهم، وهو ما كان يريده موسى عليه السلام من فرعون.
وذكّر الداعية بقول مالك بن الحويرث عن النبي صلى الله عليه وسلم، ووصفه له بأنه كان "رفيقا رحيما"، واستشهد بقوله تعالى "وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ثم أبلغه مأمنه"، كدليل على ضرورة الرفق بالمخالفين.
ومن علامات نجاعة الرفق في الدعوة قصة ثمامة بن أثال الذي كان من زعماء المشركين وأُسر خلال إحدى الغزوات، فأمر النبي بحسن معاملته حتى أسلم بعد 3 أيام، وقال للنبي "والله ما كان على وجه الأرض وجه أبغض عليَّ من وجهك، واليوم هو أحب الوجوه إليَّ".
واليوم، يدين أكثر من 230 مليون إندونيسيا بدين الإسلام الذي اعتنقته هذه البلاد بسبب رفق التجار المسلمين وحسن خلقهم ومعاملتهم، حسب البرنامج.
7/3/2025