تنظيمات ارهابية قافزة
تاريخ النشر: 26th, January 2025 GMT
بقلم: كمال فتاح حيدر ..
ما ان اختفت تنظيمات داعش في العراق، وغابت لسنوات، حتى ظهرت مرة أخرى في سوريا بكامل عدتها وعتادها، وربما ظهرت أيضا في الصومال أو في ليبيا، أو قد تظهر في أي دولة عربية مستهدفة. فهي تختفي وتتلاشى ثم تظهر من جديد بنفس المبادئ المتشددة وبنفس الأهداف التخريبية. وكأنها كرة مطاطية نطاطة تقفز فوق الحدود والحواجز.
كيف تحركت ؟، ومن أين لها هذه الأموال والأسلحة ؟. ومن الذي يقف وراءها ؟. .
حاول ان تتصفح المؤلفات الفقهية لكل الفرق والمذاهب الإسلامية (باستثناء مؤلفات ابن تيمية ومؤلفات محمد بن عبدالوهاب) لن تجد فتاوى مطابقة لفتاوى قادة الجماعات الارهابية المسلحة، بل إنهم تجاوزوا الآن القيود التي صممها فقهاء الفتنة والتطرف عبر التاريخ. اما كيف تجمع أفراد هذه العصابات وكيف تعاظمت قوتهم، فلابد من وجود أطراف دولية خفية متخصصة بدعمهم، ضالعة بتوفر مستلزمات بقاءهم وانتشارهم واستمرارهم. حتى باتوا يشكلون خطرا على الشعوب والأنظمة، وذلك من خلال قدراتهم السرطانية على الهدم، وإشاعة الفوضى، وتعميق الخلافات العقائدية، والتأثير سلباً في المحيط الإقليمي، والتغلغل داخل الأحياء الفقيرة، والتأثير على عقول الأميين والجهلة، والتلاعب بورقة الدين لكسب واستقطاب المؤيدين. وتأسيس احزاب سياسية غارقة في التطرف قد تشارك في الانتخابات. وقد تستولي على دفة الحكم بالقوة، فترغم الناس على العودة إلى العصور الحجرية، وهذا ما لمسناه على الارض الأفغانية والسورية . .
اللافت للنظر أنهم ظلوا متعطشين للعنف والبطش والانفلات والتهور، وإصدار القرارات الارتجالية في الحكم على المناوئين لهم، والتي انتهت جميعها بالقتل والتفخيخ والنسف والتفجير والاغتيالات بفتاوى لا علاقة لها بدين المحبة والتسامح والسلام. .
المضحك المبكي في سلوك هؤلاء أنهم توحدوا في ديكورهم ومكياجهم الخارجي المطابق تماما للزي الأفغاني من حيث السراويل الفضفاضة، والقمصان البنجابية، واللحى الطويلة. . نماذج مستنسخة من بعضها البعض. ولديهم رغبات عجيبة في إطلاق النيران في الفضاء، نشعر أنهم تفوقوا على رعاة البقر في أفلام الويسترن الهوليودية. فالدين ينطلق عندهم من فوهات البنادق، والحرب عندهم معلنة ضد كل عربي وضد كل مسلم لا ينتمي اليهم. .
تلخصت اهدافهم بمحاولة إقناع الناس بان الاحتلال هو التحرير، والعمالة هي النضال، والارتزاق المسلح هو الشجاعة، وان الخيانة هي الشرف. .
كلمة اخيرة: يسعى العقلاء في معظم المنظمات السياسية حول العالم الى التعمق في دراسة التاريخ لكي يستمدّوا منه المواعظ والعبر، اما دعاة الشر وقادة هذه الفئات الضالة فيدرسونه لكي ينتقموا من العرب ويعودوا بهم إلى العصور البالية التي سبقت عصر الإسلام. .
المصدر: شبكة انباء العراق
كلمات دلالية: احتجاجات الانتخابات البرلمانية الجيش الروسي الصدر الكرملين اوكرانيا ايران تشرين تشكيل الحكومة تظاهرات ايران رئيس الوزراء المكلف روسيا غضب الشارع مصطفى الكاظمي مظاهرات وقفات
إقرأ أيضاً:
الثور الأبيض في قصور الحكم العربية
أكلت يوم أكل الثور الأبيض، مقولة عربية ومثل قديم يقال في حالة الندم الشديد على التفريط والتنازل عن الحق والخذلان في الدفاع عن المظلوم ولكن في عصرنا الحالي غزة لن تكون أبدا هي الثور الأبيض.
في القاعة الرئيسية في مقر اجتماعات الأمم المتحدة وقف بنيامين نتنياهو قبل أحداث السابع من أكتوبر ممسكا بخريطة للعالم العربي معلنا عن تقسيم جديد للشرق الأوسط وإعادة تشكيل الخريطة وفقا للأوهام والأحلام الإسرائيلية التوسعية.
حدث ما حدث في السابع من أكتوبر، ليجدها نتنياهو فرصة مواتية أن يبدأ في تنفيذ مخططه بالسيطرة على عواصم عربية كثيرة مستندا إلى دعم اليمين المتطرف متمثلا في سموتريتش الذي أعلن عن ضرورة إقامة إسرائيل الكبرى من النيل إلى الفرات وإلى تصريحات متطرفة من ايتمار ين غفير عن اقامة الهيكل وتحقيق النبوءات التوراتية لدولة الاحتلال.
بالنسبة لنتنياهو، الثور الأبيض في غزة والقاهرة وعمان ودمشق وبيروت وبغداد وربما يمتد إلى الرياض ومكة والمدينة أيضا. إسرائيل تتعامل وفقا لما وصفته مجلة الإيكونوميست البريطانية بالغطرسة الإسرائيلية التي لا ترى رادع لها في العالم العربي وتحصل على ضوء أخضر أمريكي من دونالد ترامب تعربد بموجبه كيفما شاءت وتقصف أربع عواصم عربية في وقت واحد دون أن يرمش لها جفن أو تخشى حسابا من أحد.
في حكاية الثور الأبيض وقف الثور الأحمر باكيا وهو ينتظر مصيره المحتوم على يد الذئب ليبكي ويقول أكلت يوم أكل الثور الأبيض، وفي حكاية ملوك الطوائف في الأندلس بكى أخر ملوكهم بعد ان سلم آخر معاقل المسلمين للغزاة المحتلين فوبخته امه قائلة ابكي كالنساء على ملك لم تحافظ عليه كالرجال.
النسبة لنتنياهو، الثور الأبيض في غزة والقاهرة وعمان ودمشق وبيروت وبغداد وربما يمتد إلى الرياض ومكة والمدينة أيضا. إسرائيل تتعامل وفقا لما وصفته مجلة الإيكونوميست البريطانية بالغطرسة الإسرائيلية التي لا ترى رادع لها في العالم العربي وتحصل على ضوء أخضر أمريكي من دونالد ترامب تعربد بموجبه كيفما شاءت وتقصف أربع عواصم عربية في وقت واحد دون أن يرمش لها جفن أو تخشى حسابا من أحد.ولكن في حكاية غزة أصبحت عبارة أكلت يوم أكل الثور الأبيض، درسا حفظته إسرائيل وحولت حكام العرب إلى ثيران وبغال وحمير ليركبوها ويتحكموا فيها ويحركوها كيفما شاؤوا فأصبح الاحتلال كيانا بغيضا ملك زمام الملوك، وتحكم في قرار الأمراء، وسيطر على تفكير الرؤساء حتى بات له موضع قدم في كل قصر رئاسي وديوان ملكي، يأمرهم فيأتمرون، يهينهم فيصمتون ، يحتل عواصم عربية فلا يتحركون.
بات العار العربي شعار مرحلة هي الأكثر انحطاطا والأكبر خذلانا والأسوأ عمالة وخيانة وتواطؤا مع الاحتلال، أؤمن تماما أن التاريخ سيذكر حكام العرب والمسلمين بأنهم صدقوا في ولائهم لإسرائيل، ونجحوا في تبعيتهم للاحتلال، وفشلوا أن يعيشوا بكرامة أو أن يدافعوا عن أرض أو أن يحموا أوطانهم من الانهيار.
في غزة يلعنون عمالة الحكام، وصمت الشعوب، وغباء النخب والمثقفين، وسلاح الجيوش العربية الذي صدأ من قلة الاستعمال، في غزة يكرهون بياناتكم، يشجبون شجبكم ويدينون إدانتكم ويلعنون صمتكم على إبادتهم الجماعية.. ولكن ما بدا في غزة لن ينتهي ابدا بها وانما سيذهب الى ابعد من ذلك بكثير.
صباح اليوم، أظهرت صور الأقمار الصناعية تحرك دبابات إسرائيلية من طراز ميركافا بمحاذاة الحدود المصرية مع قطاع غزة ووجهت مدافعها باتجاه نقطة مراقبة عسكرية مصرية داخل سيناء، حدث هذا في المنطقة د وفقا لاتفاقية السلام كامب ديفيد الموقعة بين مصر وإسرائيل عام 1979 والتي تمنع دخول اليات عسكرية اسرائيلية الى هذه المنطقة تماما.
التحرك الإسرائيلي يأتي بعد قصف متواصل لعدة أيام لمدينة رفح الفلسطينية وتهجير الأهالي منها لإقامة ما أطلق عنه نتنياهو بمحور موراج وهو محور أمني إسرائيلي يمتد بطول 12 كيلو مترا من البحر وحتى شارع صلاح الدين ويفصل بين مدينة رفح الفلسطينية وخان يونس تماما.
موراج كانت مستوطنة اسرائيلية في نفس المنطقة بعد احتلال اسرائيل لقطاع غزة في يونيو 1976 ثم تحولت الى محور مهم في خطة اريل شارون عام 1972 بتقسيم غزة الى خمسة محاور تفصل شمالها عن وسطها عن جنوبها ثم اصبحت تعاونية زراعية عام 1982 حتى تم تفكيكها تماما مع انسحاب اسرائيل من القطاع عام 2005.
تواجد إسرائيل في هذه المنطقة المحاذية للحدود المصرية هو خطر مباشر وتهديد استراتيجي للأمن القومي المصري بالاضافة إلى تحكم الاحتلال بشكل كامل في نقل البضائع والأفراد ودخول المساعدات واحتمالية حدوث مواجهات أو استفزازات اسرائيلية لقوات حرس الحدود المصرية على طول الشريط الحدودي الفاصل بين مصر وقطاع غزة.
في سوريا أيضا لا يختلف الأمر كثيرا، فإسرائيل لا ترى ثورا أحمر أو أبيض وإنما تعلن عن أطماعها في كامل سوريا وعن احتلالها لجزء كبير منها وعدم السماح لسوريا الجديدة بالتنفس أو إقامة علاقات ثنائية إقليمية أو عسكرية مع تركيا تحديدا.
العار العربي بات شعار حقبة هي الأسوأ تاريخيا وعربيا وإسلاميا، وبات على الشعوب العربية أن تقول كلمتها لأن التاريخ لن يرحمنا حكاما ومحكومين.