لماذا يخشى سُنة العراق تعويق العفو بعد إقراره بالبرلمان؟
تاريخ النشر: 26th, January 2025 GMT
على وقع تمرير "العفو العام" في البرلمان العراقي، تشن قوى سياسية شيعية حملة ضد القانون الذي من المقرر أن يُفرج عن آلاف المعتقلين الذين زجوا في السجون وصدرت بحق الكثير منهم أحكاما بالإعدام والمؤبد نتيجة تهم كيدية أو اعترافات أخذت بالإكراه والتعذيب.
ومن أجل تمرير القوانين الجدلية من دون اعتراضات، أقر البرلمان ضمن ما يُعرف بطريقة "السلة الواحدة" (التصويت سوية) ثلاثة قوانين، وهي: العفو العام، والأحوال الشخصية، وإعادة العقارات إلى أصحابها التي صودرت في مرحلة ما قبل عام 2003.
ومن ضمن الهجوم الذي شُن ضد قانون العفو العام، هو ما صرّح به حبيب الحلاوي النائب عن كتلة "صادقون" التابعة لمليشيا "عصائب أهل الحق"، من أن المعتقلين السُنة لن يُفرج عنهم وإنما سيذهبون إلى المحاكم، بينما معتقلي الشيعة ستفتح لهم الأبواب ويخرجون إلى بيوتهم.
تغيّر الظروف
وبخصوص الهجمة ضد قانون العفو العام ومدى تطبيقه وعدم تعويقه، قال النائب يوسف السبعاوي عن حزب "تقدم" (السني) إن "من يعترض على العفو العام، من حقه الطعن به أمام المحكمة الاتحادية، والأخيرة هي الفيصل في مسألة إعادته للبرلمان أو إقراره أو إلغائه".
وقال السبعاوي لـ"عربي21" إن "قانون العفو العام سيمرّ، وستُرد جميع الطعون التي قدمت من النواب، وكل المحكومون بجرائم لا تتعلق بالإرهاب والانتماء إلى تنظيم الدولة مشمولون به وسيجري الإفراج عنهم، باستثناء قضايا الزنا بالمحارم وغيرها لن تُشمل".
أما مسألة المشمولين من المتهمين بقضايا الإرهاب، أوضح السبعاوي أن "دعاوى المخبر السري والشاهد المتهم فسيتم إعادة التحقيق معهم ومحاكمتهم مرة ثانية، وأن القضايا الأخرى تُشكل لجان من مجلس القضاء الأعلى، ويقدم طلب إليها للنظر فيها، ومن تثبت براءته يُفرج عنه".
وعن مدى تطبيق القانون وعدم تسويف الإفراج عن الأبرياء، أكد السبعاوي أن "عملية إعادة التحقيق ستجري بحضور المحامي الذي يوكله المعتقل، وبالتالي تتم العملية بالشكل القانوني، وهذا الأمر كفيل في الإفراج عن الأبرياء الذين جرى اعتقالهم بتهم كيدية وانتزعت اعترافاتهم تحت التعذيب".
ولفت إلى أن "المحقق اليوم يختلف عمن حقق في تلك الظروف التي جرت فيها عمليات الاعتقال، ولا سيما في مرحلة الحرب ضد تنظيم الدولة (2014 إلى 2017)، بالتالي فإن جميع من ظلم بسبب المخبر السري والشاهد المتهم سيخرجون من السجون".
من جهته، قال عضو اللجنة القانونية البرلمانية، محمد عنوز، الثلاثاء، إن "التصويت على قانون العفو تم وفقا لاتفاق سياسي بعد قراءة القانون داخل البرلمان، وأن من حق جميع النواب الطعن به وفقا للدستور، وأن على جميع النواب تأسيس قاعدة سلمية بمنع النقاش لحظة التصويت".
وأوضح عنوز أن "ما يتم تداوله عن قانون العفو العام منذ طرحه لغاية الآن غير دقيق، نافيا شمول الإرهابيين بالقانون"، مبينا، أن "تسمية القانون ليس عفوًا بل بمعنى مراجعة الأحكام أو إعادة النظر".
وتابع عضو اللجنة القانونية، أن "القانون يسمح لمن يدعي انتزاع الاعتراف أو الاعتراف بالإكراه بإعادة محاكمتهم وفق لجنة قضائية"، مؤكدا، أنه "لا يوجد جهة لديها السلطة التقديرية إلا القضاء".
"ولادة مشوّهة"
وفي المقابل، قال المستشار القانوني للمركز العراقي لـ"توثيق جرائم الحرب"، أسلم الشمري لـ"عربي21" إن "القانون من الأصل ولد مشوها، لذا إن جرى إعاقته أو إفراغه من محتواه، فهذا لن يقدم شيئا لغالبية المعتقلين".
وأوضح الشمري أن "مواد قانون العفو استبعدت فئة كبيرة من المعتقلين، وأتاح الفرصة فقط للسراق وأصحاب الجرائم المخلة بالشرف والفاسدين والمختلسين وتجار المخدرات وغيرهم ممن أضر كثيرا بالمجتمع، فهؤلاء وحدهم من استفاد من القانون بشكل من غير شروط".
وبحسب الخبير القانوني فإنه "حتى الآن ليست هناك ضمانات حقيقة لتطبيق قانون العفو وإعادة المحاكات سوى تفاهمات سياسية في إقراره من ضمن سلة قوانين أخرى، والتي كان من المفترض أن تحصل إقرارات منفردة وليس بشكل الذي مررت به".
وتابع الشمري قائلا: "هناك العديد من المؤشرات التي يمكن تسجيلها على قانون العفو العام من حيث المبدأ والتشريع والمضمون والإجراءات والإقرار، وكل هذا يستدعي إعادة تشريعه بطريقة قانونية وإنسانية ليست منحازة أو مجحفة بحق المعتقلين".
وبيّن الخبير القانوني أن "الفقرة الأولى من القانون، وتحديدا المادة رقم واحد، تشترط تنازل المشتكي عن حقه الشخصي كشرط لشمول المعتقل بالعفو، وهنا خلط كبير ما بين مفهوم الحق العام والحق الشخصي، والذي يجب على الدولة أن تقوم برفع هذا الإحراج والشرط من القانون".
وأشار إلى أن "مسألة إعادة المحاكمة والتمييز غير مبرر لإعادة التحقيق من عدمه، وهذا جعل المسألة اختيارية تخضع للسلطة القضائية في حالة ادعاء المعتقل بنزع الاعتراف منه بالتعذيب، وفي الوقت نفسه نجد نصا أن إعادة المحاكمة والتحقيق أمر ملزم، وهذه الازدواجية تجعل هناك فجوة كبيرة ما بين إقرار العفو وإجراءاته".
ورأى الشمري أن هذه الازدواجية "تتيح فرصة لضعاف النفوس من أجل المتاجرة في أوراق التحقيق مرة أخرى، إذ كان من الواجب على المشرع البت في هذه الأمور وتشكيل لجان خاصة بإعادة التحقيق لجميع المعتقلين الذين سيخضعون للمحاكمة من جديد".
ولفت إلى أن "العملية السياسية الحالية في العراق تمر بأسوأ حالاتها من حيث تطبيق القانون والدستور، وإقرار التشريعات، فالكثير من المشكلات السياسية أثرت بشكل كبير ومباشر على القوانين والمجتمع، وأن هذه الحملات ضد القانون تضر بأصحابها أولاً وبالعلمية السياسية التي احتوتهم".
وخلص الشمري إلى أن "هذه الحملات موجهة وليست عفوية بسبب توجهاتها الطائفي والتحريض على عدم تنفيذ العفو العام، رغم أن القانون يخدم الطبقة السياسية والفاسدين بشكل خاص".
وفي السياق ذاته، وجه السياسي والبرلماني السابق مشعان الجبوري رسالة إلى القوى الشيعية الحاكمة، قال فيها إن "المطلوب من تعديل قانون العفو هو منح فرصة لإعادة التحقيق والمحاكمة لأولئك الذين اعترفوا بجرائم لم يرتكبونها تحت سياط التعذيب، أو أدينوا بناءً على المخبر السري أو اعترافات معتقلين آخرين، ليخرج البريء منهم فقط".
وأضاف الجبوري عبر تدوينة على "إكس" أن "التشدد في تعديل القانون أو تعطيله يعكس أن البعض لم يشبع من الظلم، بل يجد لذة في سماع أنين المظلومين، غير مكترث باستعداء أهلهم ومحبيهم وبيئتهم. تذكروا دائما أن الظلم لا يدوم، والإنصاف هو السبيل الوحيد للحفاظ على الوطن".
ورغم أن قانون العفو العام أرادت به الكتل السُنية في البرلمان تمريره للإفراج عن المعتقلين الذين مضى على اعتقالهم سنوات طويلة دون وجه حق، لكن قوى شيعية اشترطت تمريره بإضافة فقرات تتيح إطلاق سراح تجار المخدرات وسراق المال العام والفاسدين، بحسب سياسيين.
ويقبع في السجون العراقية أكثر من 70 ألف معتقل من المكون السني، جرى اعتقالهم بسبب تهم كيدية وفقا لما يعرف بـ"المخبر السري" وانتزعت منهم اعترافات تحت التعذيب، حكم الكثير منهم على إثرها بالإعدام والسجن المؤبد، وفقا لمنظمة العفو الدولية.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية العفو العام العراقي العراق السنة العفو العام المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة قانون العفو العام إعادة التحقیق المخبر السری إلى أن
إقرأ أيضاً:
كبسولة فى القانون.. اعرف عقوبة جريمة تعريض حياة الأطفال للخطر
القانون المصري جرّم الاعتداء البدني بكل أنواعه من ضرب وتعذيب، ونصت المادة 116 مكرر من قانون الطفل: إنه يزداد بمقدار المثل الحد الأدنى للعقوبة المقررة لأي جريمة إذا وقعت من بالغ علي طفل، او إذا ارتكبهـا أحد والديه أو من له الولاية أو الوصاية علية أو المسئول عن ملاحظتـه وتربيتـه أو مـن لـه سـلطة عليه أو كان خادما عند من تقدم ذكرهم.
ونصت المادة (96): يعد الطفل معرضاً للخطر ، إذا وجد في حالة تهدد سلامة التنشئة الواجب توافرها له ، و ذلك في أي من الأحوال الآتية :
1-إذا تعرض أمنه أو أخلاقه أو صحته أو حياته للخطر .
2-إذا كانت ظروف تربيته في الأسرة أو المدرسة أو مؤسسات الرعاية أو غيرها من شأنها أن تعرضه للخطر أو كان معرضاً للإهمال أو للإساءة أو العنف أو الاستغلال أو التشرد .
3-إذا حُرم الطفل ، بغير مسوغ ، من حقه و لو بصفة جزئية في حضانة أو رؤية أحد والديه أو من له الحق في ذلك .
4-إذا تخلى عنه الملتزم بالإنفاق عليه أو تعرض لفقد والديه أو أحدهما أو تخليهما أو متولي أمره عن المسئولية قبله .
5-إذا حُرم الطفل من التعليم الأساسي أو تعرض مستقبله التعليمي للخطر .
6-إذا تعرض داخل الأسرة أو المدرسة أو مؤسسات الرعاية أو غيرها للتحريض على العنف أو الأعمال المنافية للآداب أو الأعمال الإباحية أو الاستغلال التجاري أو التحرش أو الاستغلال الجنسي أو الاستعمال غير المشروع للكحوليات أو المواد المخدرة المؤثرة على الحالة العقلية .
7-إذا وجد متسولاً ، و يعد من أعمال التسول عرض سلع أو خدمات تافهة أو القيام بألعاب بهلوانية و غير ذلك مما لا يصلح مورداً جدياً للعيش .
8-إذا مارس جمع أعقاب السجاير أو غيرها من الفضلات و المهملات .
9-إذا لم يكن له محل إقامة مستقر أو كان يبيت عادة في الطرقات أو في أماكن أخرى غير معدة للإقامة أو المبيت .
10-إذا خالط المنحرفين أو المشتبه فيهم أو الذين أشتهر عنهم سوء السيرة .
11-إذا كان سيئ السلوك و مارقاً من سلطة أبيه أو وليه أو وصيه أو متولي أمره ، أو من سلطة أمه في حالة وفاة وليه أو غيابه أو عدم أهليته .
و لا يجوز في هذه الحالة اتخاذ أي إجراء قبل الطفل ، و لو كان من إجراءات الاستدلال ، إلا بناء على شكوى من أبيه أو وليه أو وصيه أو أمه أو متولي أمره بحسب الأحوال .
12-إذا لم يكن للطفل وسيلة مشروعة للتعيش و لا عائل مؤتمن .
13-إذا كان مصاباً بمرض بدني أو عقلي أو نفسي أو ضعف عقلي و ذلك على نحو يؤثر في قدرته على الإدراك أو الاختيار بحيث يُخشى من هذا المرض أو الضعف على سلامته أو سلامة الغير .
14- إذا كان الطفل دون سن السابعة و صدرت منه واقعة تشكل جناية أو جنحة .
و فيما عدا الحالات المنصوص عليه في البندين (3) و(4) ، يعاقب كل من عرض طفلاً لإحدى حالات الخطر بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر و بغرامة لا تقل عن ألفى جنيه و لا تجاوز خمسة آلاف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين .
وتتحول قضايا تعذيب وضرب الأبناء في قانون العقوبات إلى جنحة ضرب ولا يتجاوز الحكم فيها ٣ سنوات، وإذا تسبب الضرب فى الوفاة أو عاهة مستديمة فقد تصل العقوبة من 3 إلى 7 سنوات.
ونصت المادة ٢٣٦ من قانون العقوبات بصفة عامة على كل من جرح أو ضرب أحدا عمدا أو إعطاء مواد ضارة ولم يقصد من ذلك قتلا ولكنه أفضى إلى الموت يعاقب بالسجن المشدد أو السجن من ثلاث سنوات إلى سبع، وأما إذا سبق ذلك إصرار أو ترصد فتكون العقوبة السجن المشدد أو السجن.. وهذه العقوبة تنطبق أيضا على الجرائم التي تنتهك بحق الأطفال.
كما نصت المادة ٢٤٠ من قانون العقوبات لجريمة الجرح أو الضرب المفضي إلى عاهة مستديمة، على عقوبة السجن من ثلاث سنوات إلى خمس سنوات، وتشدد العقوبة في حالة ما إذا كانت الجريمة مقترنة بسبق الإصرار أو الترصد، فتكون السجن المشدد من ثلاث سنوات إلى عشر سنوات.
مشاركة