يناير 26, 2025آخر تحديث: يناير 26, 2025

المستقلة/- مع اقتراب نهاية عام 2024، أظهرت تقارير اقتصادية ارتفاعًا غير مسبوق في تهريب الدولار من العراق، مما أثار قلقًا كبيرًا في الأوساط الاقتصادية والمالية الدولية. يتسارع تدفق العملة الصعبة إلى خارج البلاد، مع تزايد شكاوى من تورط العديد من البنوك الحكومية والأهلية في عمليات التهريب هذه، ما يهدد بفرض عقوبات اقتصادية على العراق من قبل المؤسسات المالية الدولية.

أدى تصاعد ظاهرة تهريب الدولار إلى خارج العراق إلى دفع خبراء الاقتصاد والمراقبين الدوليين للحديث عن تبعات خطيرة على الاقتصاد العراقي. حيث تشير التقارير إلى أن البنوك العراقية، سواء الحكومية أو الأهلية، لعبت دورًا بارزًا في تهريب الدولار إلى الخارج عبر قنوات غير رسمية. هذا التهريب لا يقتصر على تدهور الاقتصاد المحلي، بل يهدد بعواقب خطيرة قد تؤدي إلى عقوبات مالية من قبل الدول الكبرى، وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية، خاصة في ظل تزايد شبهات غسيل الأموال ودعم الأنشطة المشبوهة.

معدل بيع الدولار شهد ارتفاعًا ملحوظًا على مدار العام الماضي، ليتجاوز 81 مليار دولار، وهو رقم غير مسبوق في تاريخ العراق. ورغم محاولات الحكومة العراقية اتخاذ إجراءات للحد من هذه الظاهرة، إلا أن الأوضاع المالية لا تبدو أنها تحت السيطرة. من جهة أخرى، يبرر البنك المركزي العراقي هذه الزيادة في بيع الدولار بأنها لتغطية احتياجات العراق من السلع والخدمات، إلا أن هناك تحذيرات من أن ذلك يعد غطاءً لعمليات تهريب واسعة تستهدف تمويل دول خاضعة للعقوبات الدولية مثل إيران وسوريا.

مخاوف من العقوبات الأمريكية

تحت ضغط المؤسسات المالية الدولية، وبخاصة الولايات المتحدة، أقر البنك المركزي العراقي بوجود أزمة تهريب الدولار وأعلن عن إيقاف العمل بالمنصة الإلكترونية التي كانت تعتمدها البنوك لبيع الدولار. لكن هل هذه الخطوة كافية لمنع الممارسات غير القانونية؟ يرى الخبراء أن هذا القرار قد يكون مجرد محاولة شكلية لتبديد المخاوف الدولية، خاصة أن عراقيل كثيرة لا تزال تعيق فعالية الإجراءات المعلنة.

يقول الخبير الاقتصادي الدكتور نبيل المرسومي في تصريحات صحفية إن ما يحدث الآن هو تحويل عمليات البيع والشراء من خلال البنوك المراسلة (الوسيطة)، وهي بنوك تخضع لرقابة أقل، مما يسهل عمليات تهريب الأموال وغسيل الأموال. هذا التحول في آلية البيع قد يزيد من تعقيد المراقبة ويزيد من القلق الدولي بشأن الأغراض غير القانونية لهذه التحويلات المالية.

التواطؤ السياسي والفساد

هناك أيضًا تحليلات تشير إلى أن الفساد السياسي والتواطؤ بين بعض الأطراف في الحكومة العراقية والبنوك المرتبطة بها قد يكون له دور رئيسي في هذه الأزمة. ففي الوقت الذي تعهدت فيه الحكومة باتخاذ إجراءات رادعة، إلا أن التنفيذ الفعلي على الأرض يبدو متباطئًا. هناك مصالح سياسية ومالية لدى بعض الأحزاب التي تدير البنوك التجارية، وتستفيد من هذه الشبكات غير الرسمية لتهريب الدولار.

في تصريحات له، أكد النائب العراقي مصطفى سند أن جزءًا كبيرًا من هذه الأموال المهربة يذهب إلى إيران، ما يفتح بابًا واسعًا للحديث عن الهيمنة الإيرانية على الاقتصاد العراقي وتأثيراتها السلبية على استقرار البلد. هذه الحقائق تعكس حجم التحديات التي تواجه العراق في محاولاته لمكافحة تهريب الدولار وتحقيق استقرار اقتصادي حقيقي.

الإجراءات غير الكافية

رغم الجهود التي تبذلها حكومة العراق، سواء عن طريق البنك المركزي أو وزارة المالية، فإن الفجوة بين سعر الصرف الرسمي للدولار وسعر السوق السوداء ما زالت كبيرة. هذه الفجوة تعكس ضعف الإجراءات المتخذة لمكافحة تهريب العملة، ويعزز من فرص المضاربين في سوق العملات.

وفي تصريحات شديدة القسوة، أشار بعض الخبراء إلى أن الحكومة لا تملك الإرادة السياسية الحقيقية لمواجهة هذه الأزمة بجدية، إذ أن القوى المتنفذة على الأرض، بما في ذلك الأحزاب السياسية الكبرى، تستفيد من استمرار هذا النظام الفاسد. ولذلك، تبقى عملية حل هذه الأزمة معقدة للغاية وتحتاج إلى تدخلات جذرية تبدأ من إصلاح النظام المالي العراقي بشكل كامل.

الخلاصة

ما يواجهه العراق اليوم من أزمة تهريب الدولار ليس مجرد مشكلة اقتصادية عابرة، بل هو جرس إنذار قد يعصف بالاقتصاد العراقي ويعرضه لعقوبات مالية دولية. وعلى الرغم من تعهدات الحكومة بتحقيق الإصلاحات، فإن الوضع الراهن يعكس عدم جدية في معالجة الجذور الحقيقية للأزمة. إذا استمرت الأمور على هذا النحو، فقد يشهد العراق تصعيدًا في الضغوط الاقتصادية الدولية، مما سيزيد من معاناة الشعب العراقي ويدفع بالبلاد إلى المزيد من العزلة المالية على الساحة الدولية.

المصدر: وكالة الصحافة المستقلة

كلمات دلالية: تهریب الدولار

إقرأ أيضاً:

الوزراء العراقي: نخطو خطوات واثقة نحو التكامل مع المجتمع الدولي

عرضت قناة القاهرة الإخبارية خبرا عاجلا يفيد بأن رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، قال إن الحوارات المفتوحة أصبحت جزءا من نهجنا السياسي، وأنهينا مرحلة الحروب والصراعات وانتقلنا إلى مرحلة السلم والاستقرار.

لقاءات على طاولة الرئيس.. توافق مصري قبرصي بـغزة.. ودعم تطلعات شعب العراقتركيا تعلن تحييد 5 عناصر من حزب العمال الكردستاني شمال العراقالعراق يرد على أنباء تهديدات أمريكية بفرض عقوبات بسبب نفط كردستانتكريم انتشال التميمي بمهرجان العراق السينمائي


وأضاف أن “نخطو خطوات واثقة نحو التكامل مع المجتمع الدولي، وحكومتنا ترتكز على سياسة مبدأ العراق أولا، والعراق بات جسرا للحوار والتعاون واستعاد دوره الريادي في المنطقة”.

ولفت إلى أن العراق منفتح على الصعيدين الإقليمي والدولي وهذا نهجنا المستمر في سبيل توسيع الشراكات الاقتصادية، ونحن على أعتاب مفاوضات مع التحالف الدولي لوضع إطار واضح للتعاون المشترك في مواجهة الإرهاب.


 

مقالات مشابهة

  • العراقي للتجارة يقرر إيقاف السحب النقدي عبر أجهزة ATM خارج العراق
  • كيف نجح الاقتصاد الروسي في الالتفاف على العقوبات الغربية؟
  • الوزراء العراقي: نخطو خطوات واثقة نحو التكامل مع المجتمع الدولي
  • وزير النفط: رفع العقوبات عن قطاع الطاقة في سوريا خطوة إيجابية لإعادة بناء الاقتصاد الوطني
  • دياب لـ سانا: قرار الاتحاد الأوروبي برفع العقوبات يمثل خطوة إيجابية نحو إعادة بناء الاقتصاد الوطني وتعزيز الاستقرار في سوريا لكون قطاع الطاقة أحد الأعمدة الأساسية التي يمكن أن تسهم في إعادة إعمار سوريا
  • نحو 100% .. مبيعات الحوالات الخارجية للمركزي العراقي من الدولار
  • الدولار الأمريكي يواصل تراجعه أمام الدينار العراقي مع إغلاق البورصة
  • تراجع أسعار صرف الدولار أمام الدينار العراقي
  • إحباط محاولة تهريب أدوية إلى العراق
  • إحباط محاولة تهريب أدوية إلى العراق في ديالى