تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

ضمن إصدارات معرض القاهرة الدولي للكتاب في الدورة 56 صدر للكاتب الصحفي والباحث السياسي السيد الحراني كتاب "ثورة 30 يونيو والاستجابة للقدر"، الصادر عن دار كنوز للنشر والتوزيع، والذي يعد وثيقة تحليلية شاملة ترصد أحد أهم المنعطفات في تاريخ مصر الحديث، وذلك عبر 400 صفحة من القطع الكبير، تتناول 300 حدث وواقعة شكلت مسار المشهد المصري خلال العقدين الأخيرين.

ويؤكد الحراني أن كتابه ليس مجرد تأريخ للأحداث، بل هو محاولة لتقديم رؤية سوسيولوجية شاملة لفهم طبيعة الثورات والصراعات السياسية، وكيفية تأثيرها على المجتمعات، مشيرًا إلى أن المعرفة والوعي الجمعي هما السبيل الوحيد لحماية الدولة المصرية من أي محاولات لاختطافها مجددًا.

التحولات السياسية والاقتصادية قبل 30 يونيو

ينطلق الحراني في كتابه من مرحلة التمهيد السياسي للتوريث التي بدأت مع عبث الرئيس الأسبق حسني مبارك بالدستور عام 2005، سعيًا لتمكين نجله جمال مبارك من وراثة الحكم، مستعرضًا شبكة المصالح والامتيازات المالية والسياسية التي استفادت منها شخصيات نافذة، وحتى لا تسقط بالتقادم أو النسيان تلك المرحلة وأسماء أبطالها من الذاكرة.

وتناول الكتاب خريطة أصدقاء الوريث وما تحصلوا عليه من مزايا ومنافع مالية وسياسية بدون وجه حق وعلى رأس تلك الظواهر كان المهندس «أحمد عز» -الذي يبلغ من العمر الآن 66 عامًا- وكان أحد قيادات الحزب الوطني المنحل والذي بالفعل قدم لأسباب كثيرة للمحاكمة في 6 مارس 2013 وقضت محكمة جنايات الجيزة بسجنه 37 عامًا ثم خرج في 7 أغسطس 2014 بكفالة مالية قدرها 250 مليون جنية، وانتهى الأمر بتصالحه في نهاية عام 2018.

ويكشف الكتاب تفاصيل فساد مراكز القوى في عهد مبارك، مؤكدًا على أن تفشي الفساد المالي والسياسي الذي وصل -آنذاك- للركب، كما قال الراحل الدكتور زكريا عزمي أحد أركان نظام مبارك ورئيس ديوانه، أدى إلى تراكم الغضب الشعبي، مما أسهم في اندلاع ثورة 25 يناير 2011، التي استغلتها جماعة الإخوان المسلمين لتحقيق أهدافها الخاصة.

المخططات الإخوانية.. من التلاعب بالثورة إلى محاولة السيطرة

يخصص المؤلف فصولًا متعددة لتفكيك دور الإخوان في استغلال أحداث يناير، متتبعًا تفاصيل إطلاق محمد مرسي يد التنظيم المسلح لنشر الفوضى والعنف، إلى جانب تحركاته لتمكين جماعته من السيطرة على مؤسسات الدولة، مثل الجيش، الشرطة، القضاء، الأزهر، الكنيسة، مجلس الوزراء، النقابات، والأندية الرياضية، تحت توجيه مباشر من خيرت الشاطر، مهندس مشروع التمكين الإخواني.

ويكشف الحراني كيف حاولت الجماعة السيطرة على مراكز الشباب في القرى والمدن، وتحويلها إلى ساحات لتجنيد وتدريب مقاتلي التنظيم المسلح، بإشراف أسامة ياسين، أحد قيادات الإخوان، في إطار خطة كانت تستهدف إشعال حرب أهلية داخل مصر.

وخاض كتاب في تفاصيل وكواليس كثيرة كان من بينها محاولات الإخوان الهيمنة على صناعة دستور يتوافق مع اغراضهم ويسهل لهم التمكين من الدولة ومؤسساتها والتفافهم على احلام الشباب الغاضب والشعب الحالم وأيضًا أقرانهم وشركائهم المنتمين للتيار السلفي وتيارات إسلامية وسياسية اخرى، واقتناص انتخابات مجلس الشعب وصناعة أحداث خبيثة في شوارع القاهرة وخاصة شارع محمد محمود المتفرع من ميدان التحرير من أجل الوقيعة بين الشعب والجيش والقفز بحيل كثيرة حتى وصل التنظيم المحظور إلى كرسي الرئاسة بأحد أعضاء التنظيم الذي ثبت أنه لم يفي بالقسم الدستوري للشعب ولكنه وفى ببيعته لعشيرته ومرشد الاخوان والتنظيم الدولي.

الدور الأمريكي والمؤامرات الخارجية

يتناول الكاتب في فصول أخرى الضغوط الأمريكية والغربية التي مورست على مصر منذ عهد الرئيس بيل كلينتون وحتى عهد باراك أوباما، الذي دعم بقوة وصول الإخوان إلى الحكم، ضمن مشروع "الفوضى الخلاقة"، الذي كان يستهدف إعادة تشكيل خريطة الشرق الأوسط، وفق رؤية تحقق المصالح الأمريكية والإسرائيلية.

كما يتطرق الكتاب إلى تفاصيل تدريب بعض الشباب المصري في الخارج على تقنيات الثورات السلمية، وفق برامج دعمتها جهات أجنبية، حيث يعرض الكاتب على لسان عالم الاجتماع الراحل الدكتور سعد الدين إبراهيم، الذي أقرّ بدوره في تدريب عدد من الشباب في صربيا وأوكرانيا.

30 يونيو أنقذت الدولة المصرية

يركز الكتاب على تفاصيل ثورة 30 يونيو 2013، التي شكلت نقطة فاصلة في إنقاذ الدولة المصرية من مخطط الإخوان للهيمنة على البلاد، حيث يشرح دور الجيش المصري بقيادة الراحل المشير حسين طنطاوي والرئيس عبد الفتاح السيسي، إلى جانب دور القضاء، الشرطة، الصحافة، الأحزاب، والنقابات في مواجهة مخططات التنظيم الدولي للإخوان.

ويستعرض الحراني كيف وقفت الملايين من المصريين في مواجهة المشروع الإخواني، الذي كان يهدف إلى إقامة دولة دينية تابعة لتنظيمات الإسلام السياسي، مما دفع الشعب إلى النزول في ثورة تاريخية غير مسبوقة في 30 يونيو، نجحت في إسقاط حكم الإخوان وإنقاذ الدولة من الانهيار.

التحديات بعد الثورة.. والعبور إلى المستقبل

يركز الكاتب في الفصول الأخيرة على الضغوط والتحديات التي واجهتها مصر بعد 30 يونيو، مستعرضًا محاولات الخارج لفرض حصار سياسي واقتصادي على الدولة المصرية، وكيف تمكنت القيادة السياسية من تحقيق الاستقرار، وإطلاق مشروعات قومية ضخمة نقلت البلاد إلى مرحلة النمو والتنمية المستدامة، في إطار خطط رؤية مصر 2030 و2050.

كما يتناول الفصل الأخير تحليلًا للعلاقات المصرية-الأمريكية، في ضوء سياسات واشنطن تجاه مصر خلال العقود الأخيرة، مشيرًا إلى كيف تصدى الرئيس عبد الفتاح السيسي لمؤامرات الخارج، وقاد مشروعًا وطنيًا يهدف إلى استعادة مصر لمكانتها الإقليمية والدولية، وسط منطقة تعج بالحروب والصراعات.

الشأن الوحدوي العربي 

في تصريح خاص، قال السيد الحراني إن الكتاب يفكك أزمات الشأن الوحدوي العربي، وينفرد بكشف مخططات جديدة لأعدائه وفي مقدمتهم إسرائيل. ويطرح سؤالا في غاية الأهمية ويجيب عنه حول لماذا حاليًا يتم تنفيذ حرب الإبادة البشرية على قطاع غزة؟! بعد ذريعة عملية "طوفان الأقصى" يوم 7 أكتوبر 2023 التي أكدت على حاجتنا الملحة من أجل تشكيل «وحدة ردع» حقيقية لانتزاع المواقف الغربية الراعية لمصالحنا العربية.

وأكد الحراني أن علم الاجتماع شرح باستفاضة أسباب اشتعال الثورات ومدى ارتباطها بصعوبة التجمد وتعمد تعطيل التحرك الإيجابي للمجتمعات نحو المستقبل وما يترتب على ذلك حيث تأتي أيضًا فترات ما بعد الثورات لتكون الأشد صعوبة. لذلك، يقر الكتاب «سوسيولوجيا المعرفة» من أجل خلق وعي جمعي مصري وعربي وشرق أوسطي يعيد بوصلة الرؤية إلى صالح الإنسان القادر على بناء دولة قوية، خاصة بعد الدرس النموذجي في ثورة 30 يونيو الذي لُخِّص في قول الشاعر أبو القاسم الشابي «إذا الشعب يومًا أراد الحياة فلا بد أن يستجيب القدر».

 

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: تاريخ مصر 25 يناير 30 يونيو الدولة المصریة ثورة 30 یونیو

إقرأ أيضاً:

أستاذ تاريخ: محاولات الإخوان لنشر الشائعات لن تنجح في تقسيم المصريين

قال الدكتور جمال شقرة، أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر، إن التاريخ يعكس محاولات مستمرة من بعض جماعات أهل الشر لتقسيم المصريين، مؤكدًا أن هذه المحاولات، التي تعتمد على الفتنة والشائعات، تتكرر وتظل ثابتة في أسلوبها عبر الأجيال، وقد شهدنا نشر مواد تدعم هذه الأفكار منذ فترة طويلة، وأن هذه المحاولات لا تُعد جديدة.

اللغة والشائعات نفسها عبر الحكومات

وأشار شقرة، خلال استضافته ببرنامج «الساعة 6»، وتقدمه الإعلامية عزة مصطفى، المذاع على قناة الحياة، إلى أن أسلوب ولغة هذه المنشورات، سواء في عهد الرئيس عبدالناصر، مبارك، أو السيسي، هي نفسها تمامًا، على سبيل المثال، هاجموا اتفاقية الجلاء في عهد الرئيس عبدالناصر، كما هاجموا السياسات الخارجية للرئيس السيسي، هذه التكتيكات والشائعات تظل ثابتة، مثل الهجوم على بناء السد العالي وقناة السويس الجديدة، حيث يتكرر الهجوم على الإنجازات الوطنية الكبيرة.

الأساليب لا تتغير

أكد شقرة أن الأساليب تبقى ثابتة رغم اختلاف الزمن، ففي الماضي كان يتم الهجوم من خلال استخدام أساليب غير مشروعة مثل زجاجات المولوتوف والأسلحة، وما زالت الشائعات عن «العلمانية والخيانة» تتكرر، مضيفًا أن التقرير الذي أصدرته وزارة الداخلية عن حل جماعة الإخوان الإرهابية في عهد عبدالناصر يُظهر تكرار هذه الأساليب مع مرور الوقت.

الصراع التاريخي لا يزال قائمًا

وأردف شقرة قائلاً: «هذا الصراع مستمر عبر التاريخ»، موضحًا أن مثل هذه الفتنة والمواجهات ليست جديدة في التاريخ المصري، مستشهداً بما قاله عمر التلمساني من أن المعركة بين القوى السياسية لا يمكن محوها إلا بالدم، وهو رأي مليء بالمشكلات، حسب قوله.

منظور الخلافة وتهديدات الوطن

واختتم شقرة حديثه بتوضيح خطورة بعض الرؤى، مثل فكرة الخلافة التي لا تؤمن بالدولة المدنية أو الأحزاب، ولا ترى في الوطن أو القومية أهمية، محذرًا من أن هذا المنظور قد يكون مهدداً للغاية، مشبهاً إياه بالمنظور الصهيوني الذي يتجاهل فكرة الوطن والقومية بشكل خطير.

مقالات مشابهة

  • أستاذ تاريخ: محاولات الإخوان لنشر الشائعات لن تنجح في تقسيم المصريين
  • أستاذ تاريخ معاصر: نظريات الإخوان الإرهابية تقربنا من الفكرة الصهيونية
  • أستاذ تاريخ: شائعات الإخوان لم تتغير منذ عصر الرئيس جمال عبدالناصر
  • خطايا جماعة الإخوان.. تاريخ أسود من العنف والإرهاب في المنطقة العربية
  • 14 عاما على ربيع مصر الذي سحقته الفاشية العسكرية
  • مصطفى بكري: جماعة الإخوان حولت الفرحة في 25 يناير إلى دمار وخراب
  • ندوة عن فشل الإخوان في تنفيذ مخططهم بـ 25 يناير في قصر ثقافة شبين الكوم
  • "الحراني" يكشف خبايا مرحلة مفصلية في تاريخ مصر بكتابه الجديد "ثورة 30 يونيو والاستجابة للقدر"
  • من معركه الإسماعيلية إلى ثورة شعب.. 25 يناير نقطة فارقة في تاريخ وطن