الرؤية- فيصل السعدي

يؤكد عددٌ من المختصين أن بعض المواطنين قد يقعون في فخ شراء المنازل الجاهزة، ليتفاجأوا بعد ذلك بظهور الكثير من العيوب المخفية والمتمثلة في التشققات الإنشائية أو العيوب المعمارية، مشددين على ضرورة الانتباه عن شراء هذه المنازل والاعتماد على المطورين العقاريين الذين يمتلكون سمعة جيدة في السوق العماني.

ويقول عبدالله بن أحمد الهنائي مدير المشاريع بشركة "أسس"، إن العيوب الخفية التي تظهر في بعض المنازل الجاهزة، تكون نتيجة انعدام الأمانة لدى فريق التنفيذ (المقاول) أو بسبب ضعف جودة المواد المستخدمة، إذ تنقسم العيوب إلى قسمين: إنشائية معمارية، مضيفا: "العيوب الإنشائية هي التي تتعلق بعناصر هيكل المبنى وهي الأكثر خطورة لأنها تؤدي إلى تهديد سلامة المبنى ومستخدميه وتشمل: ضعف الأساسات والتي تحدث عادة لعدم إجراء فحوصات لازمة للتربة والتي تؤدي إلى تصميم هندسي لا يتوافق مع طبيعة التربة، وتأثير ذلك يكون نتيجته هبوط المبنى أو ميلان وظهور تشققات في هيكل المبنى والجدران مما يشكل خطرا على السلامة العامة، إلى جانب ضعف الأعمدة والجسور الإنشائية بسبب سوء التنفيذ أو لعدم الالتزام بجودة الخرسانة وتجانسها حسب المواصفات والخرائط المعتمدة، ويؤدي ذلك إلى انهيار جزئي أو كلي للأسطح مع مرور الوقت".

ويبين أن مشاكل العزل المائي تنشأ بسبب استخدام مواد عازلة ضعيفة الجودة أو التنفيذ بطريقة خاطئة، وبالتالي يظهر تأثير ذلك عبر تسرب المياه أو الرطوبة إلى الأسطح مما يسبب تلفا جزئيا فيها قد يهدد السلامة العامة في حال عدم إصلاحها، لافتا إلى أنه قد تحدث تشققات في الأسقف والهيكل العام للمبنى؛ نتيجة إهمال في تركيب الحوائط بشكل صحيح وتنفيذها حسب مواقعها المحددة في المواصفات الهندسية ويؤدي ذلك إلى عدم توازن في توزيع الأحمال على عناصر الهيكل الإنشائي".

وفيما يخص العيوب المعمارية، فيلفت إلى أنها تتعلق بالجوانب الجمالية والتصميمية للمبنى، وقد تتأثر بجودة التصميم الهندسي وطريقة تنفيذ المقاول للمنزل، بالإضافة إلى نوعية المواد المستخدمة، وقد تؤثر على وظيفة المبنى وراحة المستخدمين، ومن أبرز العيوب المعمارية: التشققات في الجدران والتي تظهر بسبب استخدام مواد غير مناسبة، مثل الإسمنت أو الطابوق ضعيف الجودة أو عدم الالتزام بالمواصفات الهندسية عند عمل خلطات اللياسة مما يؤدي إلى مظهر غير جمالي وقد تزداد مع مرور الوقت، ما يضر بشكل البناء، مبينا: "هناك عيوب أخرى تتعلق بالتركيبات الكهربائية والسباكة غير السليمة والتي قد تحدث بسبب نقص المهارة أو الخبرة من المقاول في تركيب الأسلاك الكهربائية أو الأنابيب، أو استخدام مواد رديئة قد تؤدي إلى مشاكل كهربائية (حريق، أعطال) أو تسربات مائية قد تكون خفية، وكذلك ارتفاع استهلاك الطاقة كاستخدام نوافذ رديئة وعدم جودتها لتحمل التضاريس المختلفة لمنع مياه الأمطار من التسرب إلى داخل المنزل أو منع الغبار من الدخول إلى المنزل عند وجود الرياح، وتأثير ذلك كذلك يكون في استهلاك طاقة كهربائية كبيرة بسبب ضعف المواد المستخدمة في العزل الحراري".

ويقول مدير المشاريع بشركة "أسس": "التأكد من هذه العيوب يكون من خلال الاستعانة بمهندس مختص لمراجعة سلامة التنفيذ وفق المواصفات والخرائط الهندسية المعتمدة، ومراجعة تقارير التربة ونوعية الخرسانة المستخدمة وجودة المشركات المزودة للتأكد من سلامة الهيكل الإنشائي وعمل بعض الفحوصات اللازمة إن تطلب الأمر، وكذلك فحص المواد المعمارية المستخدمة وجودتها بصريا وكفاءة المزودين وتوفر شهادات الضمانات لها، إذ تختلف مواد البناء فمنها فما ما يرتبط بالهيكل الخرساني ومنها ما يرتبط بالجانب المعماري والجمالي، والمواد التي يتكون منها الهيكل الخرساني للمبنى كالحديد ونوعية الخرسانة والطابوق والإسمنت والرمل المستخدم كلها يجب أن تكون وفق معايير ومواصفات هندسية لتجنب أي مشاكل فنية تؤثر على استدامة المبنى، وكذلك نوعية التوصيلات الكهربائية والأنابيب المستخدمة وأنواع الطلاء والعوازل المائية والحرارية يجب أن تكون عالية الجودة لضمان سلامة المبنى وعمره الافتراضي وتقليص تكاليف الصيانة".

وينصح الهنائي الراغبين في شراء المنازل الجاهزة من التحقق من توفر الخرائط الهندسية المعتمدة من البلديات المحلية وكذلك شهادات إكمال البناء ومطابقة الخرائط الهندسية المعتمدة بالواقع، وكذلك رسالة ضمان من المقاول والتي يضمن من خلالها الهيكل الإنشائي للمبنى لمدة 10 سنوات حسب القوانين المحلية مرفق معها شهادات المواد المستخدمة من المزودين للخرسانات والحديد والطابوق والتوصيلات الكهربائية ومواد تسليكات المياه، كما يجب التحقق من شهادة ضمان العزل المائي لمدة لا تقل عن 10 سنوات وشهادات ضمان النوافذ والأبواب ومعرفة كفاءة المزودين".

ويؤكد الهنائي أهمية معرفة حقوق الراغب في شراء منزل جاهز قبل الشراء، فالقانون العماني وكذلك العقد الموحد لإنشاء المباني والأعمال الهندسية ينص على ضمان لمدة عشر سنوات يتحمله المقاول والمكتب الهندسي المشرف على أعمال البناء متضامنين لجميع أعمال الهيكل الإنشائية، وكذلك ضمان لمدة عام لجميع تسليكات أنابيب المياه والتوصيلات الكهربائية، مضيفا: "ولذلك على المشتري خلال فترة الضمان القيام بفحص نظري وفني بشكل عشوائي لضمان سلامة المنزل من أي عيوب خفية يحق له المطالبة بإصلاحها خلال فترة الضمان، كما أنه من المعلوم أن تثمين قيمة المنزل تكون بناء على الموقع ثم جودة البناء والمواد المستخدمة في تشييده، وبالتالي فالمنازل التي تكون فيها عيوب ظاهرة وخفية تؤثر بشكل مباشر على قيمة المنزل وتكون نسبة الإهلاك فيها أعلى من النسب الطبيعية".

ويتحدث الهنائي عن الإجراءات التي يمكن اتخاذها عند اكتشاف عيب خفي بعد الشراء قائلا: "إذا كان العيب في أحد أجزاء الهيكل الإنشائي فإنه يتوجب عليه أن يقوم بتكليف مكتب هندسي متخصص لفحص العيوب وتزويده بتقرير فني يقوم على ضوئه بمطالبة المقاول والاستشاري بتحمل إصلاح العيوب من خلال المحاكم المختصة، وإذا كانت العيوب الخفية عيوب معمارية كجودة الطابوق أو اللياسة أو التوصيلات الكهربائية أو غيرها ففي هذه الحال يكون له الحق في اتخاذ إجراءات قانونية خلال سنة الضمان الأولى، وبعد انتهاء فترة الضمان ليس له الحق بالمطالبة لإصلاح العيوب ويقوم بإصلاحها على نفقته الخاصة".

ويرى الهنائي أنه من الأفضل التصميم الشخصي للمنزل واختيار المقاول المناسب الذي يتمتع بالكفاءة لتنفيذ البناء، أو الشراء من مطور عقاري أو مقاول يتمتع بالمصداقية والثقة في سوق العقارات، لافتا إلى ضرورة إيجاد تشريعات قانونية صارمة تساهم في الارتقاء بالقطاع العقاري والتشجيع على استخدام تقنيات حديثة في البناء، إلى جانب تفعيل دور الجمعيات مثل جمعية المقاولين العمانية والجمعية العقارية العمانية لتصنيف المقاولين والطورين العقاريين وإنشاء منصات تتيح التقييم العادل للمقاولين والمطورين التي تساعد الراغبين في الشراء على اتخاذ القرار.

وفي السياق، يقول الدكتور. خالد بن حامد الريامي الرئيس التنفيذي لمجموعة جذور، إن بعض المنازل الجاهزة والمشيدة من قبل بعض المقاولين لغرض جني الأرباح السريعة تعاني من مجموعة من العيوب الإنشائية والهندسية التي تؤثر على أدائها الوظيفي وطول عمرها الافتراضي، موضحًا أن من أبرز العيوب الإنشائية هي الهبوطات التفاضلية؛ وذلك نتيجة استخدام تربة غير مناسبة أو ضعف عمليات دك التربة أسفل الأساسات أو غياب فحص التربة بشكل دقيق قبل البناء.

ويشدد الريامي على ضرورة معاينة الأبنية قبل شرائها للتأكد من عدم وجود تشققات خصوصاً التشققات المائلة والمتدرجة، إذ إن التربة السيئة تؤدي إلى تشققات كبيرة في الجدران والهيكل الخرساني، مما يعرض المنشأة لخطر انهيار جزئي أو كلي، وهي من أكثر العيوب الهندسية خطورتاً لصعوبة إصلاحه، مضيفا أن هناك تأثير نتيجة استخدام تربة مالحة، حيث يستخدم بعض المقاولين أي نوع من تربة الردم السيئة وقد تكون ذات طبيعة طينية أو رملية مالحة للتخفيض من التكلفة وسرعة الإنجاز؛ مما تتركز الأملاح حول الأساسات، وقد يسبب في تأكل حديد التسليح وتقليل قدرة العناصر الإنشائية على تحمل الأحمال.

وينصح الريامي بضرورة وجود فحوصات مختبرية تبين تركز الأملاح أو وجود ما يضمن أن تربة الردم المستخدمة هي تربة نظيفة ومستجلبة من  مصادر موثوقة وليس تربة ملوثة وغير متجانسة، حيث يمكن للراغب في شراء المنزل الجاهز إجراء فحص على نفقته الخاصة في حال عدم توفره عند المقاول أو المالك وثائق خاصة بفحوصات التربة، مبينا أن بعض المقاولين لا يراعون استخدام المواد الإنشائية المقاومة للأمطار الغزيرة أو الرطوبة العالية والتغيرات الحرارية الكبيرة؛ مما يؤدي إلى تمدد وانكماش المواد فتحدث تشققات في الهيكل العام، ولذلك يفضل الكشف من قبل الراغبين في الشراء أو من قبل مكاتب هندسية متخصصة للكشف الموقعي وإبداء الرأي في طبيعة التشققات الظاهرة والتي ستعطي فكرة عن طبيعة البناء والمواد الإنشائية ودرجة الاهتمام بالمعايير الهندسية اثناء التنفيذ.

وحول أبرز المشاكل التي تظهر في المباني الجاهزة، يتحدث الريامي قائلا: "استخدام عزل مائي خفيف ومواد عزل غير مناسبة في أماكن غير مناسبة وفي كثير من الحالات لا يتم العزل المائي حسب الاشتراطات الهندسية، ويغيب ذلك عن أعين الأشخاص غير المختصين في المجال؛ كونها في أماكن مخفية وبعيدة عن الأعين، مما يؤدي إلى تسرب المياه على الأسطح والجدران وبالتالي تلف في الهيكل الإنشائي وظهور الرطوبة والعفن، ولهذا يجب التثبت من جودة العزل عن طريق المكاتب الهندسية المتخصصة بالمجال والاطلاع على نوعية العزل والمواد المستخدمة، كما ينطبق هذا على العزل الحراري والصوتي، حيث إن هذين النوعين من العزل يؤثر على راحة السكان، خاصة في المناطق ذات درجات الحرارة المرتفعة والبيئات السكنية المكتظة".

ويؤكد الريامي أهمية فحص التشطيبات من قبل مكتب هندسي متمرس، حيث تعد التشطيبات الهندسية من أهم المعايير التي تحدد جودة البناء وصلاحيته للسكن، ومن أبرز الجوانب التي يجب مراعاتها هي نوعية الزجاج المستخدم في الأبواب والنوافذ، قائلا: "يُفضل أن يكون زجاجًا مزدوجًا لتحقيق عزل حراري وصوتي فعال، مع الانتباه إلى نوعية الفريمات المستخدمة مثل الألمنيوم عالي الجودة أو مادة UPVC التي توفر متانة وعزلًا ممتازًا، ويجب أيضًا تقييم طريقة التشطيبات النهائية والطلاء، مع التركيز على إحكام غلق الأبواب والنوافذ لضمان عدم تسرب الهواء أو الماء".

ويتابع الرئيس التنفيذي لمجموعة جذور قائلا: "من المهم أيضًا فحص توزيع المفاتيح والمقابس الكهربائية والتأكد من وضعها بشكل يحقق الراحة والكفاءة في الاستخدام، مع ضرورة التحقق من استخدام مواد عالية الجودة مطابقة للمواصفات القياسية، والتأكد من وجود أنظمة حماية مثل القواطع الكهربائية التي تحمي من الأحمال الزائدة وضمان عزل التوصيلات بشكل كامل لتفادي أي مخاطر كهربائية، كما ينبغي فحص شبكة المياه لضمان جودة المواد المستخدمة مثل الأنابيب المقاومة للتآكل، والتأكد من عدم وجود تسريبات أو انخفاض في ضغط المياه. يجب أن تكون الأنابيب مصممة بقطر مناسب مع مراعاة استواء التركيب لتفادي تجمع المياه. كما يُنصح بالتحقق من جودة التركيبات مثل الخلاطات والصنابير ومدى كفاءتها في التشغيل".

ويبين: "أضف إلى ذلك فحص أنابيب الصرف، والتأكد من تصميمها بانحدار كافٍ لضمان تصريف المياه بكفاءة ودون انسداد، وفحص نقاط الربط مع المنهول للتأكد من إحكامها لمنع تسرب المياه أو انتشار الروائح الكريهة، مع أهمية التأكد من عزل المنهول جيدًا لتجنب أي تسربات داخلية أو خارجية، إذ إن الاهتمام بهذه التفاصيل يضمن لك شراء منزل العمر يقلل من تكاليف الصيانة المستقبلية".

بدوره، يقول ماجد سيف المعمري: "اشتريت منزلا جاهزا منذ 6 سنوات ولاأزال أعاني أنا وعائلتي من العيوب الإنشائية، حيث بدأت تظهر العيوب بشكل تدريجي بعد السكن، وذلك نتيجة استخدام المقاول لمواد لرخيصة ورديئة في للبناء، وحتى الآن بلغت تكاليف صيانة المنزل 12 ألف ريال، فالمطابخ والمراحيض وأسلاك الكهرباء تتأثر بالأجواء الماطرة، بالإضافة إلى نوعية الأصباغ المستخدمة تتأثر بالرطوبة التي أدت إلى انتفاخ الجدران والملوحة".

وينصح المعمري: "لا يفضل شراء المنزل الجاهز، وإن كان المستهلك مضطرا إلى الشراء نتيجة ظروفه الصعبة فلابد من شراء منزل من قبل مقاول موثوق وبعد فحص عميق من قبل المكاتب الاستشارية والمختصين وبضمانات تحفظ حقه من العيوب الخفية التي تظهر في المنزل".

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

كلمات دلالية: المواد المستخدمة الهیکل الإنشائی استخدام مواد غیر مناسبة والتأکد من تشققات فی التی تظهر من العیوب تؤدی إلى من قبل

إقرأ أيضاً:

أسرى من الدفعة الثانية يتحدثون للجزيرة نت عن أشكال التعذيب بسجون الاحتلال

"ثمن فرحتي وخروجي من سجون الاحتلال كان غاليا للغاية"، بهذه الكلمات، وبوجه غابت عنه الابتسامة، وصف الأسير الفلسطيني المحرر سعيد هرماس لحظة خروجه إلى مكان استقبال الدفعة الثانية من الأسرى المفرج عنهم.

سعيد، كما كل المحررين المفرج عنهم من الدفعة الثانية من صفقة الأسرى ضمن اتفاق وقف إطلاق النار، تحدث عن ظروف صعبة عاشها الأسرى في السجون بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 واستمرت حتى اللحظات الأخيرة من وجودهم في السجون، قائلا "بعد الحرب أدخلونا في ما يشبه القوقعة، الحياة فيها مُميتة".

وتابع سعيد هرماس للجزيرة نت أنه "منذ لحظة إبلاغنا بالإفراج وحتى آخر لحظة ونحن نتعرض للضرب والإهانة والتعذيب، نحن تحررنا ولكن الخوف مستمر على من بقي خلفنا".

اعتقل سعيد (37 عاما) من منزله في بيت لحم عام 2016، وقضت محكمة إسرائيلية عليه بالسجن 16 عاما، اعتقاله كان بعد فترة قصيرة من الإفراج عنه من حكم امتد 8 سنوات أيضا.

ترك سعيد أبناءه الثلاثة أطفالا، ورغم صعوبة السجن وقسوة الحكم، فإنه عُرف بين الأسرى بأنه الواثق المبتسم المتفائل، غير أن الحرب غيّرت كل شيء، كما قال.

آثار السجن من جوع وضرب وإهمال طبي كانت بادية على سعيد، الذي خرج يرتدي نظارة مكسورة بالكاد ثبتت على وجهه.

المستقبلون حملوا الأسرى المفرج عنهم على الأكتاف (الفرنسية) فرحة الانتصار

ليس سعيد فقط من عانى، فكل الأسرى -الذين استقبلهم ذووهم وعددهم 130 أسيرا من أصل 200 أسير تم الإفراج عنهم بعد إبعاد 70 منهم إلى مصر- تحدثوا عن سوء أحوال السجون التي كانت بادية في نحول أجسادهم والخسارة الكبيرة في أوزانهم.

إعلان

الأسير عبد العزيز مساد من بلدة كفردان غرب جنين، يبلغ من العمر 20 عاما اعتقل مع شقيقه عبد الله في أغسطس/آب 2023 بتهمة تقديم المساعدة لمنفذ عملية ضد جنود إسرائيليين في حوارة شمالي الضفة الغربية، لم يحاكم عبد العزيز طوال هذه الفترة التي تخللها هدم منزل عائلته، ولكن كان من المتوقع أن يصل حكمه إلى المؤبد.

قال عبد العزيز للجزيرة نت، وهو محمول على الأكتاف ومزيّن بالعصبة الخضراء، "لم أتوقع الإفراج عني، فأنا موقوف وبالعادة يتم الإفراج عن أصحاب الأحكام".

كان حلم الإفراج بعيدا عن عبد العزيز حتى قبل أيام عندما بدأت إدارة سجن عوفر بحملة تنقلات في صفوف الأسرى ثم تحويله وباقي الأسرى المنوي الإفراج عنهم إلى مقابلة مسؤول المخابرات في السجن وإبلاغهم رسميا بالإفراج عنهم ضمن الدفعة الحالية.

وخلال المقابلة مع مسؤول المخابرات بالسجن، قال عبد العزيز إنه تم تهديده بإعادة الاعتقال إذا قام بأي عمل ضد إسرائيل.

وفي وصفه لشعوره حال الإفراج عنه رغم كل ما تعرض له، قال "شعور لا يوصف بالفرح والفخر بأن المقاومة أوفت بما وعدت به، ولكن حزني على من هم خلفي من الأسرى وخصوصا أخي، الآن كل أسير يتوقع أن يكون اسمه ضمن الدفعة المقبلة".

الأسير المحرر عبد العزيز مساد خلال استقباله عقب خروجه من سجون الاحتلال (الجزيرة) أسرى المؤبدات

الفرحة الكبرى بالإفراج كانت من نصيب المؤبدات الذين قضوا سنوات طويلة، ومن بينهم ابن قرية بيتا جنوب نابلس نصر محمد داود، الذي لم تفارقه الابتسامة وهو يتحدث عن "نصر المقاومة الذي تحقق بالإفراج عنه وعن باقي المؤبدات الذين لم تكن حريتهم ممكنة لولا ذلك".

نصر داود (45 عاما) لم يكن يعلم شيئا عن الصفقة إلا في أواخر الأيام، فإدارة السجون تعمدت منذ اليوم الأول للحرب فرض تعتيم كامل على الأخبار خارج السجون، وكان مصدر معلوماتهم الوحيد ما ينقله المحامون لهم الذين حملوا آخر الأيام "البشرى" بصفقة قريبة.

استقبال حافل للدفعة الثانية من الأسرى (الجزيرة)

كان نصر يشعر يقينا أنه سيكون ضمن صفقة تبادل الأسرى بين حركة المقاومة الإسلامية (حماس) والاحتلال، قائلا "كان لدي شعور قوي أنني سأكون ضمن هذه الصفقة".

إعلان

تيقن نصر من الخبر قبل يومين حينما أبلغته إدارة السجن أنه سيكون ضمن المفرج عنهم، ورغم الطريقة الهمجية التي تعاملت بها إدارة السجون مع الأسرى المنوي الإفراج عنهم، فإن شعور الانتصار وفرحة التحرر كان أكبر.

وأضاف نصر للجزيرة نت أن "الوضع في السجون الآن لا يوصف، ما كان يهوّن علينا هو ثقتنا أن خلفنا مقاومة لديها أسرى للتبادل والإفراج عنا مكرمين".

الأسير المحرر من جنين سمير الطوباسي (يسار) يتحدث إلى عائلته (الجزيرة) فرحة مؤجلة

وبينما انشغلت كل العائلات باستقبال أبنائها، كان الأسير سمير الطوباسي (43 عاما) في زاوية ساحة الاستقبال يتحدث إلى عائلته عبر مكالمة مصورة من خلال الهاتف وهو يبكي.

العائلة تأخرت عن الوصول من مدينة جنين شمالي الضفة الغربية بسبب منع جنود الاحتلال للمركبات بالمرور عبر أحد الحواجز العسكرية المقامة على مداخل مدينة رام الله، فاختصر الوقت بمكالمة هاتفية.

قال سمير بحسرة للجزيرة نت "إنه لم يكن يتوقع أن لا يجد أحدا في استقباله وأن يستمر الاحتلال في سلب فرحتة حتى آخر لحظة".

سمير اعتقل في العام 2001 وحكم عليه بالسجن مدى الحياة، وخلال فترة اعتقاله استشهد اثنان من أشقائه، وخلال الحرب استشهد ابن شقيقته "لم أتمكن من مواساة شقيقتي وتعزيتها، فخلال الحرب عزلنا الاحتلال بالكامل".

وتابع "ما جرى في السجون كان حربا موازية للحرب في غزة، غيبنا تماما عن كل ما يجري في الخارج، وحتى بعد إبلاغنا بالصفقة تلاعبوا بنا حتى آخر لحظة، لم أكن أعرف هل سيفرج عني إلى جنين أم إلى الخارج؟".

ورغم لهفته للعودة إلى جنين مسقط رأسه، فإنه لا يعلم كيف سيصل إلى منزله في ظل اجتياح قوات الاحتلال مدينة جنين منذ أيام.

مقالات مشابهة

  • أسرى من الدفعة الثانية يتحدثون للجزيرة نت عن أشكال التعذيب بسجون الاحتلال
  • الأعمال الإنشائية لمشروع برج بيجي في الرياض .. صور
  • مترجمون وأساتذة يتحدثون: استخدام الذكاء الاصطناعي في الترجمة بين المخاطر والمميزات
  • زيادة الضوضاء بالأماكن الإنشائية تؤدي لإلغاء التصريح
  • الدهون الصحية من بين الأطعمة التي تعزز عملية التمثيل الغذائي
  • قرار عاجل بتحديد ارتفاع المباني في القرى.. وهذه عقوبة المخالفين
  • وزير الإسكان يُصدر قرارا جديدا بشأن ارتفاعات المباني بالقرى
  • وزير الإسكان يُصدر قرارا بشأن تحديد ارتفاعات المباني بالقرى
  • قرار جديد من وزير الإسكان لتنظيم ارتفاع المباني في القرى