ترامب يتبنى شعار "أمريكا أولا" وعينه على النظام العالمي
تاريخ النشر: 26th, January 2025 GMT
أشار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الثلاثاء 21 يناير الجاري، إلى أنه سينظر في فرض عقوبات جديدة على روسيا في حال رفض الرئيس الروسي فلاديمير بوتين التفاوض مع أوكرانيا للتوصل إلى اتفاق لإنهاء الحرب.
وفي ردّ على إمكانية فرض المزيد من العقوبات على روسيا في حال لم يحضر بوتين إلى طاولة المفاوضات أجاب ترامب خلال لقاء مع الصحافيين في البيت الأبيض “يبدو الأمر كذلك“.وقد يشعر المتابع بشيء من الاستغراب من خلال التوقف عند تصاريح ترامب قبل تنصيبه وبعده، لاسيما في ما يتعلق بتوجيه “الإطراء” إلى شخصية بوتين على اعتباره رجلا ذكيا. ومن خلال تأكيده أن حرب أوكرانيا ما كانت لتكون، وأنه سيعمل على حلّها في أسرع وقت ممكن. ولكنّ تصاريحه هذه لا تنسجم مع ممارساته، فهي تحمل الكثير من التعالي في طياتها، ومن النظرة الفوقية، الأمر الذي يستفز به الرئيس الروسي، ويزيد عقدة على تعقيدات هذه الأزمة، لاسيما وأن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلنيسكي كان قد وقّع على مرسوم يحذر به الطرف الأوكراني من إجراء أيّ مفاوضات مع موسكو عندما كان في ولايته الشرعية، فلماذا يضع ترامب المشكلة عند الجانب الروسي؟
تشعر روسيا بأن ترامب يصنع لها فخًا لأخذها إلى الاستسلام، لاسيما وأنه تحدث عن فاعلية عقوبات بلاده على روسيا، وإنهاكها للاقتصاد الروسي، وأنه مستعد لمدّ كييف بالسلاح، وقد وصف أهم داعمي ترامب، إيلون ماسك، زيلينسكي بـ”سارق القرن”. ليس صحيحًا أن ترامب يريد أن ينهي الحروب في العالم، فهو ليس برجل سلام، هذا ما تؤكده مقولته أنه “سيفرض السلام بالقوة.” ولكن السؤال الذي يفرض نفسه أيّ سلام يريد ترامب فرضه على العالم وهل يعني بالقوة استخدام السلاح؟
قد يكون السلام الأوكراني مجرد تمنيات عند الرجل، لأن الحرب في أوكرانيا معقّدة ومتداخلة. كما وقد تكون نظريته “الانفتاحية” تجاه الصين، مجرد “بالونات” إعلامية، رغم الاتصال الذي حصل مع الرئيس الصيني شي جينبينغ، والذي تناول فيه التعاون لتحقيق التنمية العالمية. لكنّ العداوة بين البلدين مبنية على قاعدة “فخ سيوثيديدوس” المؤرخ اليوناني، الذي يفرض حتمية “الصدام” بين قوتين إحداهما صاعدة “الصين اليوم”، والثانية فارضة “الولايات المتحدة”.
لا سلام مع بكين، وما زيادة نسبة الضرائب إلى 10 في المئة التي اقترحها ترامب على الواردات الصينية إلا دليل على ذلك، وما يؤكد الأمر طلب ترامب الاستحواذ على 50 في المئة من منصة “تيك توك” الصينية، إن أرادت الاستمرار في البث في السوق الأميركي، بعدما صدر قرار قضائي أميركي يحظرها من البث. واضح أن ما يطلبه ترامب هو جزء من الاستمرارية الأميركية في الهيمنة على النظام العالمي، عبر كافة وسائلها تحديدًا التواصلية الاجتماعية.
إن الشعار الترامبي “أمريكا أولاً”، لا يعني وضع حدود للتدخل الأمريكي في العالم، والتركيز فقط على حل القضايا الداخلية كقضية التحول الجنسي التي خصص لها هجومًا مركزًا في خطاب القسم. ولا يعني أيضًا الالتزام فقط بتطبيق “عقيدة مونرو”، التي من الواضح أننا سنرى في عهده تجسيدًا لهذا المبدأ ساري المفعول في الولايات المتحدة منذ عام 1823. ذلك المبدأ الذي يفرض على الشق الغربي من الكرة الأرضية عدم السماح لأيّ دولة أجنبية التدخل في شأن القارتين الأمريكيتين الشمالية والجنوبية. لهذا تفترض من إدارة ترامب الاهتمام أكثر في ما يخصّ شأن فنزويلا، الغنية بالنفط، والعمل على تغيير نظام نيكولا مادورو، ويكون مصيره شبيهًا بمصير الرئيس السوري بشار الأسد، بسبب انغماسه الكلي مع محور الصين وروسيا وتحديدًا إيران.
كما يريد ترامب فرملة “الطحشة” للمنافسين الجيوسياسيين لبلاده، الروسي والصيني، من خلال وضع اليد على جزيرة غريلاند التي يجد فيها “موقع المواجهة” مع روسيا في منطقة القطب الشمالي. ووضع اليد على قناة بنما، لاعتباره أن الشركات الصينية بات لها حضور استثماري من خلال إدارتها لميناءين على هذه القناة، ما يفرض أمرًا صعبًا على الحركة البحرية الأميركية. ولم يكتف ترامب بفتح النار على هذه الدول، بل ذهب بعيدًا مع توقيعه قرارًا تنفيذيًا أعاد بمقتضاه إدراج كوبا ضمن القائمة الأميركية للدول “الراعية للإرهاب”، ملغيًا بذلك الإعفاء الذي أصدره سلفه الرئيس جو بايدن قبل نهاية ولايته الرئاسية.
عين ترامب على مونرو، كيف لا والأزمات الداخلية باتت تشكل عبئًا على أيّ إدارة أمريكية تصل إلى البيت الأبيض. لهذا قد يشكك البعض في أن تخاذل الديمقراطيون في مواجهة الجمهوريون في الانتخابات الأخيرة، ليس بسبب ضعف شخصية مرشحتهم كامالا هاريس، بل لأنّ المرحلة القادمة تحتاج إلى رجل جريء في اتخاذ القرار لدرجة “الجنون”. ومنْ أفضل من الرئيس ترامب لتحمل تلك المسؤولية، وأخذ القرارات التي قد تصل إلى صدام مباشر مع أعداء الولايات المتحدة، بدءًا بقرار ضرب إيران. هذا القرار الذي على ما يبدو قد “نضج” عند مصادر القرار الأميركي كما الإسرائيلي، وما يحتاج إلا إلى تحديد ساعة الصفر.
لا نستطيع أن نقول إن أمريكا زمن ترامب ستنسحب من القرار الدولي، ولا يجب أن يتخيل المتابع أن واشنطن ستترك للصين أيّ فرصة للدخول إلى مركز القيادة العالمية. فما أعلنت عنه وزارة الخارجية الصينية، ليس دليلًا، بل مراوغة أمريكية، عن أنها ستدعم منظمة الصحة العالمية في مهامها على خلفية انسحاب الولايات المتحدة من المنظمة بقرار من ترامب الذي قال الاثنين 20 يناير الجاري إن “هذه المنظمة تخدعنا“.
لا يريد ترامب أن يسحب بلاده من القيادة العالمية، ولا أن يدمر النظام العالمي الليبرالي الذي هو صنيعة بلاده، بل جلّ ما يهدف إليه هو إزالة التهديدات الخارجية والداخلية التي قد تعصف بالولايات المتحدة. كيف لا، والرجل وصل إلى السلطة في زمن باتت فيه روسيا والصين تشعران أنهما قريبتان جدًا من إحداث التغيير في النظام العالمي، فهل سيقف متفرجًا؟
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: اتفاق غزة سقوط الأسد عودة ترامب إيران وإسرائيل غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية عودة ترامب الولایات المتحدة النظام العالمی من خلال
إقرأ أيضاً:
الحرب الروسية الأوكرانية.. بوتين يرد على تهديدات ترامب.. وزيلينسكي يحذر من خداع الرئيس الروسي
على مدار الأيام القليلة الماضية جرت مناوشات بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، بشأن وضع نهاية للحرب الروسية الأوكرانية التي اندلعت في فبراير 2022 وتسببت في مقتل وإصابة مئات الآلاف من الجانبين.
نهاية الحرب الروسية الأوكرانية
وعاد الحديث حول إنهاء الحرب الأوكرانية مع عودة ترامب إلى البيت الأبيض، حيث نصب رئيسا للولايات المتحدة في العشرين من يناير الجاري خلفا للرئيس جو بايدن، وقبل عودة ترامب بيوم واحد توقفت الحرب في غزة وهو ما استثمره ترامب للحديث حول إنهاء الحرب الأوكرانية.
وهدد ترامب أكثر من مرة بوتين، بأنه سيفرض عقوبات ضد موسكو إذا رفض الرئيس الروسي التفاوض لوضع نهاية للحرب، مؤكدا أن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي لديه رغبة في السلام.
وقال ترامب خلال مناسبات متعددة خلال حملته للترشح للرئاسة الأمريكية العام الماضي أنه لو كان رئيسا للولايات المتحدة ما اندلعت الحرب، وهو ما أكده بوتين في تصريحات أمس الجمعة، بأنه لو لم يسرق الفوز من ت ترامب في الانتخابات الرئاسية الأمريكية عام 2020 ما نشبت الحرب.
وبعد تنصيب ترامب رئيسا أكد جديته في وقف الحرب، ولكن في الوقت نفسه أعلن أن الإدارة الأمريكية تبحث دعم أوكرانيا عسكريا، مطالبا الاتحاد الأوروبي بضرورة زيادة المساعدات إلى كييف.
بوتين يرد على ترامبوقال الرئيس الروسي ردا على ترامب، إنه لم يرفض أبدا التواصل مع الولايات المتحدة، في إشارة إلى تصريحات الرئيس الأمريكي بفرض عقوبات على روسيا إذا رفضت التفاوض لوقف الحرب الأوكرانية.
وأشار بوتين إلى أن له علاقات عملية مع ترامب، والأفضل هو الاجتماع معه، موضحا أنه يتفق مع الرئيس الأمريكي في إنه كان يمكن تجنب حرب أوكرانيا.
زيلينسكي يشكك في بوتينوشكك زيلينسكي في نية بوتين لإنهاء الحرب بالقول إن الرئيس الروسي يحاول التلاعب بجهود نظيره الأمريكي الرامية للوصول إلى حل سلمي، موضحا أن رئيس جهاز الاستخبارات الخارجية أبلغ اجتماعا للقيادة العسكرية الأوكرانية عن الإمكانات العسكرية الروسية واستعداد بوتين لمواصلة الحرب والتلاعب بزعماء العالم".
وأضاف في كلمته المسائية المصورة أمس الجمعة "على وجه التحديد، إنه يحاول التلاعب برغبة الرئيس الأميركي في تحقيق السلام. أنا واثق من أن أي تلاعب روسي لن ينجح بعد الآن".