أدرك أنني ربما أُتهم بالغباء لاختياراتي التي دمرت حياتي وحياة أبنائي، لكنني في أمس الحاجة لأن يسمعني أحد، في أمس الحاجة "للفضفضة" بعد أن تحملت أكثر مما أطيق وأكبر من قدرتي على حمله.
أنا سيدة في السابعة والثلاثين من عمري، تزوجت منذ تسعة عشر عامًا، وأنجبت ولدًا وبنتًا، كان زواجي تقليديًا، حيث تقدم لخطبتي ولم نكن نعرف شيئًا عنه وعن أسرته إلا أننا اكتفينا برأي جارتنا التي أشادت به وبأخلاقه وبأسرته، وتم الزواج سريعًا نظرًا لظروف سفره وعمله خارج مصر، إلا أنه سافر ولم أسافر معه، بقيت أنا في منزل عائلته مع أبيه وأمه وأخته التي تصغره بسنوات، ورغم أنني كانت لي شقتي المستقلة داخل منزل العائلة إلا أني لم أشعر بخصوصيتي يومًا ما، فمنذ تزوجت ومفتاح شقتي توجد منه نسخة أخرى مع أمه التي من حقها هي وأبوه وأي من إخوته أن يدخلوا شقتي في أي وقت دون استئذاني سواء في حضوري أو غيابي، كنت صغيرة حينما تزوجت ولم أستطع أن أتحدث في هذا الأمر أو أعترض عليه رغم تضرري منه وعدم رغبتي في حدوثه، لكنني سكت.
وكما سكت عن هذا فقد سكت أيضًا عن أشياء أخرى كثيرة جدًا حتى لا تحدث مشاكل بيني وبين أسرته، والحقيقة أنني كنت أخاف من أبيه، نعم، أخاف من والد زوجي، كان رجلاً قاسيًا حاد الطباع لا يرضيه شيء، وكنت مهما فعلت لإرضائه أتعرض للوم الذي كثيرًا ما كان يصل لحد السباب، لكني تحملت..
قلت ربما حين يعود زوجي ينصلح الحال ويدافع عني فمن الطبيعي ألا يقبل أي رجل أن تهان زوجته حتى ولو من أبيه أو أمه خاصةً إن لم تكن على خطأ إضافةً لذلك لو كانت زوجة مثلي تخدم أهله في صمت ورضا يصل إلى حد الخوف.
وصبرت، وعاد زوجي، لكنها كانت المفاجأة حينما كان يصمت أمام أي تجاوز يحدث بحقي، وحينما كنت أشكو له كان يستهين بالأمر، لأنه ليس لديه القدرة على الدفاع عني، صدقيني سيدتي لم أكن في حاجة أن يدخل في أي صدام أو مواجهة مع أبيه، أو أن تحدث بينهما أي مشاكل وإلا كنت فعلت ذلك في غيابه، كل ما كنت أرجوه هو أن يتدخل ليفهم أباه أن قسوته معي وسوء معاملته لي أمر لا يرضاه دين ولا شرع ولا عرف، كان عليه أن يلفت انتباهه أنني أتحمل هذا لأني أود الحفاظ على بيتي وزوجي وأني امرأة طبيعية ترفض أن يعاملها أحد بمثل هذه الطريقة مهما كان وضعه، ولكن يبدو أن صمتي وصبري منذ البداية زاد الجميع طمعًا وتجبرًا خاصةً مع ضعف شخصية زوجي التي لم أنتبه لها منذ البداية، فالوقت لم يسمح لي بمعرفة شخصيته بما يكفي، والآن، فات الأوان لذلك، فعلى مدار هذه الأعوام التي لا أعرف كيف مرت أنجبت اثنين من الأبناء، كانا سببًا قويًا يدفعني للاستمرار في زواجي رغم ما اكتشفته عن زوجي فيما بعد حيث توالت المفاجآت حين علمت بالصدفة أن زوجي تورط في العديد من المشاكل في البلد العربي الذي يعمل فيه لدرجة أنه تم ترحيله ومنعه من العودة لهذا البلد مرةً أخرى!!
عاد زوجي بكارثة لم تكن في الحسبان بعد اتهامه بالاستيلاء على أموال كانت عهدة لديه ولولا تدخل وسطاء لتم سجنه هناك، عاد باكيًا ونادمًا، صدقته حين وعدني أن هذا الأمر لن يتكرر وأنه سيسعى للحصول على عمل جديد داخل مصر وأن يتقي الله فيّ أنا وابنيه.
وحرصًا على سمعته وسمعة أبنائي كتمت الأمر حتى عن أهلي، لم أقص تلك الحكاية على أحد حتى أمي..
ومرت سنوات وأنا أعاني ضعف شخصية زوجي ليس أمام أبيه وأمه فقط بل مع كل أخوته رغم أنه أخوهم الكبير، فقد كانت شخصيته ضعيفة بالشكل الذي صرت أنا معه مهانة حتى من إخوته وكلما شكوت له حاول تهدئتي وإنهاء المشكلة حتى لو كان ذلك على حساب كرامتي ونفسيتي، وازداد الأمر سوءًا حينما علمت أن زوجي يقوم بالنصب على الناس واختلاق قصص عن مشروعات زائفة وأموال يمتلكها مقابل الحصول على أموالهم التي ينفق بها على أبنائي، اكتشفت ذلك حينما بدأ الدائنون يطاردونه ويأتون إلى البيت فينكر وجوده أو يتهرب من الرد على الهاتف وعندما أقوم بالرد أجد من يتشاجرون معي ويهددونني بإيذائي وأبنائي إذا لم يرد لهم أموالهم.
حينما وصلت إلى هذا الحد من الانهيار النفسي اضطررت لأن أحكي ما يحدث لأسرتي، في البداية لم يصدقوا ما قلت لأن ما حكيته كان على عكس الصورة التي كنت أصدرها لهم عنه، كان الأمر صادمًا حينما عرفوا مأساتي التي أخفيتها عنهم لسنوات طوال، وقد وصلت إلى هذه القناعة أن الحياة بيننا صارت مستحيلة وأنني لن أستطيع الاستمرار مع هذا الرجل الذي دمر حياتي وحياة أبنائي وأطعمنا من مال حرام، لقد تحملت أكثر من طاقتي من أهله لكي تستمر الحياة، وتحملت وجودي وحدي لسنوات ومسئولية أطفالي وخدمة أسرته وسوء معاملتهم لي في غيابه وفي حضوره أيضًا، إلا أن الكثير من الأحداث جرى بعد ذلك.. .
أصدقائي..
نظرًا لأهمية تلك الرسالة وما تحويه من تفاصيل كثيرة ربما تكون عبرة وعظة للكثيرين فضلنا أن ننشرها كاملة، إلا أنه التزامًا بالمساحة المحددة للباب نعدكم بنشر "البقية في العدد القادم"..
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: إلا أن
إقرأ أيضاً:
عوض أن يكون ملهمي.. زوجي يزدريني ويحطّم كياني
سيدتي، إنتفضت اليوم وأنا أطرق أبواب صرحك المنيع المتمثل في ركن أدم وحواء علني أنفرد برد منك يلملم أشلائي المبعثرة.
فأنا إنسانة مجروحة إلى أقصى درجة على يد زوجي ورفيق دربي وما قلبي الحائر الذي لجأ إليك اليوم إلا وهو إنعكاس لثقتي الكبيرة في منبرك سيدتي فلا تبخلي عليّ رجاءا.
سيدتي، بعد زيجة إلتمست منها الكثير من المودة والرحمة وجدت أن أحلامي البسيطة تهاوت وقد أفل وهج قلبي في عد جميل وواعد. فعوض أن يكون نصفي الثاني وعزائي وجدت أن زوجي تحول إلى جلاد هوى عليّ بسوط الأسى والتجاهل. زوج مارس ضدي كل أنواع الإذلال والهوان.
لا أخفيك سيدتي أن أهلي اشاروا عليّ بعدم الإرتباط بمن هوى بقلبي إلى اسفل سافلين، قهر وإنتقاص من القيمة دفعني اليوم أنني أعض نواجدي ندما. لكنني إتبعت صدى قلب محب عاشق فوجدت نفسي وقد سقت لها الهوان والذل بطريقة لم أتوقعها.
زوج يزدريني أمام أهله وينعتني بأبشع الصفاتـ ، رفيق درب يخجل بي ولا يفوت فرصة حتى يجعلني أمام معارفه ناقصة بالرغم من أنني أشغل منصبا مرموقا وبالرغم من أنني أنا من يكابد أكبر جزء من مسؤولية البيت. لست أقبل لنفسي أن أخسر زوجي بسبب طباعه الحادة، إلا أنني لست أرضى الذل والهوان الذي أكثر ما يجعلني أحسه بإنهيار أحلامي وإخفاقي في إختيار الشريك الذي لهث ورائي حتى أقبل به .
لا أريد أن أبقى على هذا الحال، ولا أبتغي لأولادي أن يروا في الإنكسار والضعف وأنا التي كنت دوما مثالا للقوة والإلهام.كما أنني لا أريد أن أكون سببا في أن يطلقني زوجي فأخسر بذلك حياة بنيتها بكبير التضحيات مني. أنا على حافة الإنهيار سيدتي ,انا أطلب منك أن أرسو على بر الأمان بنصائحك وإرشاداتك.
أختكم س.نجاة من الغرب الجزائري.
الرد:
أختاه، من الغريب أن يجد المرء نفسه يجني المتاعب جراء سوء الإختيار، ولعل أوجع إحساس أن نتأكد من أننا أسأنا إختيار رفيق الدرب الذي نهبه حياتنا وكل جميل فيها لنجده يزرع بين جوانبها كل سيء ومخزي. بكل الذكاء الذي حباك به الله ، وبكبير الخبرة في الحياة التي تملكينها إلا أنك ولطيبة أخلاقك وحسن سيرتك توسمت الخير في إنسان لم يزدك إلا غبنا. هذا الإحساس إنتابني وأنا أقرأ ما كتبته بقلب مفتوح من أنك تحسين أن هذا الزوج كان يرتدي قناعا سرعان ما نزعه لتتضح لك معالم شخصيته الحقيقية، ولدرجة أنني أحسست أيضا من أنه لم يرتبط بك سوى ليكسرك، وكأنّ، لديه عقدة نقص جعلته كصياد رمى بطعمه لفريسته لينكل بها بعد أن إصطادها.
تريدين اليوم الإنتفاض وتستطيعين أختاه من دون أن يبلغ رفضك لما أنت فيه للطلاق، لأنه من غير المعقول لزوج يدرك قيمتك والإيجابية التي زرعتها في حياته أن يتخلى عنك أو يجعلك بين يدي شخص أخر غيره. ناقشيه في أنك تفهمين ما به من ظروف وإمكانيات ومن أنك لا تتحملين من المسؤوليات الكثير خوفا أو ضعفا، وإنما حبا وتوسما للخير ورضا الله، أخبريه من أنك قادرة على العطاء أكثر، لكن بمقابل أن يهيّأ لك هو الظروف المناسبة لذلك. أدركي أختاه أن اللين الذي ستمارسينه على زوجك قد يجعله يعيد ترتيب أفكاره أو على الأقل يعيد حساباته معك من جديد،فتستقر حياتكما وتجدين نفسا من أجله لتمضي قدما نحو الأمام. أما إذا قد وجدته يزيد من غطرسته وإستهزائه بك، فإحتكمي به إلى أهله وأهلك حتى يعوا حقيقة ما تكابدينه وتعانيه مع زوجك الذي يحاول دفنك حية.
ما أنت فيه أختاه ليس غبنا بقدر ما هو إحساس بعدم التقدير أو رد الجميل من زوجك، وعليك أن تتأقلمي مع الظروف أيا كان ولتعتبري أنّ ذلك ليس إنتقاصا من كرامتك بقدر ما هو علوّ في قدرك مع الله قبلا ومع نفسك أخيرا، ففاقد الشيء أبدا لا يعطيه وأنت بعون الله وحفظه نبع للعطاء .
ردت: س.بوزيدي.