الأسبوع:
2024-07-06@10:01:37 GMT

الاختيار الصعب (1)

تاريخ النشر: 21st, August 2023 GMT

الاختيار الصعب (1)

أدرك أنني ربما أُتهم بالغباء لاختياراتي التي دمرت حياتي وحياة أبنائي، لكنني في أمس الحاجة لأن يسمعني أحد، في أمس الحاجة "للفضفضة" بعد أن تحملت أكثر مما أطيق وأكبر من قدرتي على حمله.

أنا سيدة في السابعة والثلاثين من عمري، تزوجت منذ تسعة عشر عامًا، وأنجبت ولدًا وبنتًا، كان زواجي تقليديًا، حيث تقدم لخطبتي ولم نكن نعرف شيئًا عنه وعن أسرته إلا أننا اكتفينا برأي جارتنا التي أشادت به وبأخلاقه وبأسرته، وتم الزواج سريعًا نظرًا لظروف سفره وعمله خارج مصر، إلا أنه سافر ولم أسافر معه، بقيت أنا في منزل عائلته مع أبيه وأمه وأخته التي تصغره بسنوات، ورغم أنني كانت لي شقتي المستقلة داخل منزل العائلة إلا أني لم أشعر بخصوصيتي يومًا ما، فمنذ تزوجت ومفتاح شقتي توجد منه نسخة أخرى مع أمه التي من حقها هي وأبوه وأي من إخوته أن يدخلوا شقتي في أي وقت دون استئذاني سواء في حضوري أو غيابي، كنت صغيرة حينما تزوجت ولم أستطع أن أتحدث في هذا الأمر أو أعترض عليه رغم تضرري منه وعدم رغبتي في حدوثه، لكنني سكت.

وكما سكت عن هذا فقد سكت أيضًا عن أشياء أخرى كثيرة جدًا حتى لا تحدث مشاكل بيني وبين أسرته، والحقيقة أنني كنت أخاف من أبيه، نعم، أخاف من والد زوجي، كان رجلاً قاسيًا حاد الطباع لا يرضيه شيء، وكنت مهما فعلت لإرضائه أتعرض للوم الذي كثيرًا ما كان يصل لحد السباب، لكني تحملت..

قلت ربما حين يعود زوجي ينصلح الحال ويدافع عني فمن الطبيعي ألا يقبل أي رجل أن تهان زوجته حتى ولو من أبيه أو أمه خاصةً إن لم تكن على خطأ إضافةً لذلك لو كانت زوجة مثلي تخدم أهله في صمت ورضا يصل إلى حد الخوف.

وصبرت، وعاد زوجي، لكنها كانت المفاجأة حينما كان يصمت أمام أي تجاوز يحدث بحقي، وحينما كنت أشكو له كان يستهين بالأمر، لأنه ليس لديه القدرة على الدفاع عني، صدقيني سيدتي لم أكن في حاجة أن يدخل في أي صدام أو مواجهة مع أبيه، أو أن تحدث بينهما أي مشاكل وإلا كنت فعلت ذلك في غيابه، كل ما كنت أرجوه هو أن يتدخل ليفهم أباه أن قسوته معي وسوء معاملته لي أمر لا يرضاه دين ولا شرع ولا عرف، كان عليه أن يلفت انتباهه أنني أتحمل هذا لأني أود الحفاظ على بيتي وزوجي وأني امرأة طبيعية ترفض أن يعاملها أحد بمثل هذه الطريقة مهما كان وضعه، ولكن يبدو أن صمتي وصبري منذ البداية زاد الجميع طمعًا وتجبرًا خاصةً مع ضعف شخصية زوجي التي لم أنتبه لها منذ البداية، فالوقت لم يسمح لي بمعرفة شخصيته بما يكفي، والآن، فات الأوان لذلك، فعلى مدار هذه الأعوام التي لا أعرف كيف مرت أنجبت اثنين من الأبناء، كانا سببًا قويًا يدفعني للاستمرار في زواجي رغم ما اكتشفته عن زوجي فيما بعد حيث توالت المفاجآت حين علمت بالصدفة أن زوجي تورط في العديد من المشاكل في البلد العربي الذي يعمل فيه لدرجة أنه تم ترحيله ومنعه من العودة لهذا البلد مرةً أخرى!!

عاد زوجي بكارثة لم تكن في الحسبان بعد اتهامه بالاستيلاء على أموال كانت عهدة لديه ولولا تدخل وسطاء لتم سجنه هناك، عاد باكيًا ونادمًا، صدقته حين وعدني أن هذا الأمر لن يتكرر وأنه سيسعى للحصول على عمل جديد داخل مصر وأن يتقي الله فيّ أنا وابنيه.

وحرصًا على سمعته وسمعة أبنائي كتمت الأمر حتى عن أهلي، لم أقص تلك الحكاية على أحد حتى أمي..

ومرت سنوات وأنا أعاني ضعف شخصية زوجي ليس أمام أبيه وأمه فقط بل مع كل أخوته رغم أنه أخوهم الكبير، فقد كانت شخصيته ضعيفة بالشكل الذي صرت أنا معه مهانة حتى من إخوته وكلما شكوت له حاول تهدئتي وإنهاء المشكلة حتى لو كان ذلك على حساب كرامتي ونفسيتي، وازداد الأمر سوءًا حينما علمت أن زوجي يقوم بالنصب على الناس واختلاق قصص عن مشروعات زائفة وأموال يمتلكها مقابل الحصول على أموالهم التي ينفق بها على أبنائي، اكتشفت ذلك حينما بدأ الدائنون يطاردونه ويأتون إلى البيت فينكر وجوده أو يتهرب من الرد على الهاتف وعندما أقوم بالرد أجد من يتشاجرون معي ويهددونني بإيذائي وأبنائي إذا لم يرد لهم أموالهم.

حينما وصلت إلى هذا الحد من الانهيار النفسي اضطررت لأن أحكي ما يحدث لأسرتي، في البداية لم يصدقوا ما قلت لأن ما حكيته كان على عكس الصورة التي كنت أصدرها لهم عنه، كان الأمر صادمًا حينما عرفوا مأساتي التي أخفيتها عنهم لسنوات طوال، وقد وصلت إلى هذه القناعة أن الحياة بيننا صارت مستحيلة وأنني لن أستطيع الاستمرار مع هذا الرجل الذي دمر حياتي وحياة أبنائي وأطعمنا من مال حرام، لقد تحملت أكثر من طاقتي من أهله لكي تستمر الحياة، وتحملت وجودي وحدي لسنوات ومسئولية أطفالي وخدمة أسرته وسوء معاملتهم لي في غيابه وفي حضوره أيضًا، إلا أن الكثير من الأحداث جرى بعد ذلك.. .

أصدقائي..

نظرًا لأهمية تلك الرسالة وما تحويه من تفاصيل كثيرة ربما تكون عبرة وعظة للكثيرين فضلنا أن ننشرها كاملة، إلا أنه التزامًا بالمساحة المحددة للباب نعدكم بنشر "البقية في العدد القادم"..

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: إلا أن

إقرأ أيضاً:

أمي.. ظل لا يغيب

 

سلطان بن محمد القاسمي

في سكون الليل الحالك؛ حيث يستتر العالم تحت وشاح الظلام، تبقى نجمة واحدة تلمع في سماء قلبي، تلك هي أمي. كانت تلك الروح النابضة بالحياة، التي علمتني كيف أعتنق النور حتى في أشد الأيام ظلمة.

محرومٌ جدًا من لا يعشق ظلًا في الدار ينطقها العالم أمًّا، ويحكيها القلب روحًا، ويترنمها القول أنغامًا. محرومٌ جدًا من يسكن بجوار الحب ولا يدري كيف يحياه ويعيشه. محرومٌ جدًا من لا تحتفل به أمه عمرًا، ذاك الذي يتصدق بكلمة في يوم الأم، والأم هي الأيام، والحب، بل هي أنت.. يا أنت.

الأم، يجهل قدرها من لا قدر له، من لا علم له، من لا فهم له، من لا تشغله إلّا نفسه. وقد يشعر بعد فوات الأوان، بعد أن يخسرها، كم ضيع من عمره أيامًا وأيامًا كانت لتكون أبهى لو جلس عند قدمي أمه، يطلب رضاها ودعاءها، وتقبيل كفها ورأسها، ويتلمس في عينيها ما ترغب، فيلبي لها قلبه قبل يديه، ويسعى ليسُرَّها بروحه قبل جيبه. من فَقَدَ أمه ولم يُرضها فَقَدَ الكثير الكثير، فمن يكافئ الأم بعد الفقد؟ لا أحد.. إلا قلب آمن بالله، أرضاها من قبل، وأسعدها بعد بعمل صالح، وصدقة مستمرة، ودعاء عريض آناء الليل وأطراف النهار.

وأنا لم أكن أظن يومًا أني سأفقد ذلك الظل الظليل بهذه السرعة.. ما كنت أظن.. أن الآجال تتخطف الناس من حولي على حين غرة.. وإن كانت أمي ومن قبلها أبي.. ولو كنت بأمس الحاجة لهما.. لكنه أجل لا بُد أن يأتي.. ولا بُد لي أن أبرّ وأن أُحسن لمن فقدت .. فإني أظنُّ - وهذه المرة أثق بظني- أن ما أقوم به سيصل إليهما سرورًا وسعادةً.. ومحبةً وفرحًا.. كأنني أراهما الآن يضحكان لكلماتي.. يبتسمان... ينتشيان.. يتعانقان.. وكأنني أسمع لصوتهما صدى يقول: رضي الله عنك.. يا بني.. كما أرضيتنا.. واسعدك كما أسعدتنا..  وكأنني اسمع صدى الوحي يردد: "وقل ربِّ ارحمهما كما ربياني صغيرًا"..

أمي، ذاك الاسم الذي يكتنفه الحب الخالد والحنان الذي لا يفتر. في رحيلك، يا أمي، خلّفت خلفك فراغًا لا يملؤه الزمن، وذكريات تفوق العد. كنتِ مثال العطاء بلا حدود، والصبر الذي يقهر الصعاب، والأمل الذي لا يعرف المستحيل. في وجودك كانت الحياة أكثر إشراقًا، وفي غيابك بات كل شيء يحمل لون الحنين.

لقد علمتني، بصمتك النبيل، دروسًا عظيمة في الحب والتضحية. كنت تنسجين من روحك ثوبًا يحتوينا، يحمينا من قسوة الأيام وبرودة الوحدة. كنت لنا السند الذي إن مالت به الدنيا، تماسك ولم ينثني.

أتذكر الآن كيف كانت يداك تلك البوصلة التي تهديني خلال عواصف الحياة. لم يكن هناك خوف يستطيع أن يقتحم سكون الليل طالما كنت أستمد الأمان من صدرك. كنتِ اللحن الذي يتردد في أعماقي، يوقظ فيّ الأمل ويبعث النور في دروبي المظلمة.

يا أمي، في كل مرة تشرق الشمس أراك في أشعتها الذهبية، وفي كل مساء إذ تغفو الأفق تحت طيات الغسق، أرى ظلك يمتد على جدران قلبي. لقد كنتِ لي الدفء في برد الوحدة، والسلوان في لحظات الأسى. كيف لا، وأنتِ من علمتني أن الحب لا يعرف حدودًا ولا يقيده زمان أو مكان.

رحيلك، يا أمي، كان كسرًا لا يُجبر، لكن في كل يوم أجد فيه قوة أن أمضي، أعلم أنه بفضل القوة التي زرعتيها فيّ. وأنا الآن، إذ أكتب هذه الكلمات، أحاول أن أرسم من حروفي صورة لمحبتك، أتأمل أن تحلق فوق عالمي كطائر الفينيق الذي يولد من جديد من تحت الرماد.

لم يكن حبك مجرد مشاعر تتردد في أرجاء البيت؛ بل كان عملًا مُستمرًا، صلة لا تنقطع، تعبيرًا عن الجمال في أسمى معانيه. في كل زاوية من هذا البيت، في كل لمسة على الأثاث، في كل قطعة من الزهور التي زرعتها، أرى بصمات يدك التي لطالما كانت مصدر إلهامي وأماني.

أمي الغالية، اليوم أنتِ لست بيننا بجسدك، لكن روحك تظل تحوم حولنا، توجهنا وترعانا. أشكرك على كل ما قدمتيه، وإن كانت الكلمات لا تفي حقك أبدًا. سأحمل ذكراك في قلبي، كعهدٍ أبديٍّ بأنني سأظل أحبك وأذكرك، حتى يوم أن نلتقي مجددًا في عالمٍ لا يعرف الفراق.

في رثائك، يا أمي، لن أقول وداعًا، بل إلى اللقاء. لأنني أعلم أن كل نسيم يحمل إليّ عطرك، وكل ضحكة تذكرني بصوتك، وكل دمعة تعكس صورتك. فأنتِ هنا، معي، دائمًا وأبدًا، في القلب تسكنين، وفي الروح تعيشين.

من كانت له أم تنعم بالحياة، فلينعم هو ببرها، ومودتها، ولا يضيع يومًا دون أن يبرها ولو بكلمة، الخسارة الحقيقية ليست خسارة المال، ولا الوظيفة، الخسارة الفادحة فَقْدُ الأم، لأنها خيمة لك من برد وحر، وأُنس لك من وحشة وفقر، ووطن لك من غربة ووحدة. الأمُّ جنة الله في الأرض، فاسكنوها واعمروها وانعموا بأفيائها وخيراتها، فإن من ورائنا يوم فقد شديد وعصيب. وكم أني حزين لفراقها، وأسعى لأن أعوِّض ذلك في أن أقص على أولادي أجمل قصة في حياتي هي قصة أمي..

تعجَّل.. يا من لك أُمٌّ تعيش معك.. بالقرب منك.. لا تُطل بينها المسافات.. وتُعكِّر عليها أيامها.. لاتُسئ إليها.. أحسن ثم أحسن ثم أحسن... فإن للمحسنين سرورًا.

رحم الله أمهاتنا جميعًا، ومنح الأحياء منهن صحة وسلامة وعزيمة.

رابط مختصر

مقالات مشابهة

  • ديدييه ديشامب يُبدي سعادته بالفوز الصعب على البرتغال
  • حكومة بريطانية جديدة.. والقط لاري يتشبث بالسلطة منذ 13 عاما
  • علامة التحقق الخضراء على واتساب تتحول قريبًا إلى اللون الأزرق.. كيف تفيد المستخدمين
  • الطفلة ألما في مسلسل «نور» تفاجئ جمهورها بعد 16 سنة.. كيف تغيرت ملامحها؟
  • حاضنة تبحث عن نفقة لأطفالها الأربعة بعد هجر زوجها لها فى أكتوبر
  • سيدة تلاحق جد أطفالها بدعوى نفقة أقارب وتتهمه بالتسبب فى خلافاتها مع زوجها
  • زوجة تلاحق جد أطفالها بدعوى نفقة أقارب وتتهمه بالتسبب فى خلافاتها مع زوجها
  • أمي.. ظل لا يغيب
  • «200 سؤال».. المراجعة النهائية في مادة الجغرافيا لطلاب الثانوية العامة
  • كيت وينسلت تتسلم تكريمها في مهرجان ميونخ السينمائي