جريدة الرؤية العمانية:
2025-04-22@19:47:31 GMT

نرجسية ترامب والعودة للاستعمار

تاريخ النشر: 25th, January 2025 GMT

نرجسية ترامب والعودة للاستعمار

 

حاتم الطائي

 

قرارات ترامب تتوافق مع طبيعته النرجسية والشعبوية

"نهج الصفقات" يُهيمن على سياسات ساكن البيت الأبيض

النزعة الاستعمارية لترامب تتجلى في قضية قناة بنما وكندا

 

لم تكن القرارات التي اتِّخذها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في الدقائق الأولى من تولي منصبه في العشرين من يناير، مُفاجئة لنا كمُراقبين ومُحللين للسياسات الأمريكية، ولم نستبعد ذلك الخطاب المليء بالشعبوية وتعمُّد توجيه سهام النقد اللاذع- وربما غير الملائم- لكل من يُخالفه الرأي وخصوصًا الحزب الديمقراطي، وتلميحاته المُباشرة إلى فشل إدارة سلفه جو بايدن أثناء حضوره، كل ذلك كان مُتوقعًا.

ورغم أنَّ الكثير من المُحللين يُصنِّفون ترامب على أنَّه "غير مُتوَقَّع"، إلّا أنه في المقابل مُتوَقَّع تمامًا، ترامب مُتوَقَّع منه أن يُمارس شعبويته التي باتت تُعرف بـ"الترامبية" في كل حديث وكل كلمة، ولا يُخفي ذلك أبدًا؛ بل يتباهى به ويتفاخر. ولا شك أنَّ مثل هذه الصفة تعكس نرجسيةً حادةً في شخصيته الغريبة والبعيدة كُل البُعد عن أي نهج سياسي أمريكي عُرف من قبل. نعم الشعبوية- كخطاب سياسي- ليست جديدة على الساحة السياسة في أمريكا أو العالم، لكنها لم تصل لهذه الدرجة من الفجاجة والوضوح على لسان وتصرفات الرجل الأول في أمريكا، وزعيم أكبر قوة اقتصادية وعسكرية في العالم! ترامب النرجسي يتملكه شعور عميق بالفوقية على كثير من الفئات، ويعكس هذه النرجسية ويرغب في "نقلها" إلى أتباعه، ليزيد لديهم الشعور بالتفوُّق العرقي. نرجسية ترامب تدفعه دائمًا إلى تنفيذ رغباته المُلحة في الاستحواذ على كل شيء، على الأموال والاستثمارات، والتكنولوجيا والصناعة، والتجارة، وغيرها، الرجل من شدة نرجسيته يُريد كل شيء حرفيًا، حتى إنه يُريد أن "يسترد"- كما يزعم- قناة بنما، فقط لأنَّها تفرض رسومًا مرتفعة على السفن الأمريكية، ويسعى كذلك لـ"ضم" جرينلاند، وجعل كندا الولاية رقم 51. وفي جانب التجارة، يُريد ترامب النرجسي فرض رسوم كبيرة على الواردات من دول مثل الصين والمكسيك وكندا، ليس لزيادة الإيرادات الجمركية وحسب، بل لمُعاقبة هذه الدول على أمور يراها فقط بعينه! أضف إلى ذلك، أنه يشترط لعمل تطبيق "تيك توك" الصيني، أن تؤول ملكية 50% من أسهمه إلى مستثمرين أمريكيين، وبالطبع هو يقصد حليفه أغنى رجل في العالم الملياردير إيلون ماسك.

هذا التفكير النرجسي الاستعماري، يؤكد أنَّ "ترامب 2" نسخة أشد وأعنف من "ترامب 1"، الذي حكم بين عامي 2016 و2020، وتعرض للهزيمة أمام غريمه بايدن، ثم عاد فيما يبدو لكي يُعوِّض ما فاته خلال الفترة التي لم يكن يجلس فيها في المكتب البيضاوي بالبيت الأبيض. عاد ترامب إلى السُلطة بعد "الثأر" من بايدن، وإجباره على الانسحاب من السباق الرئاسي، وإلحاق هزيمة نكراء بالديمقراطيين، الذين لم يجدوا سوى كامالا هاريس نائبة الرئيس، لتخوض المنافسة أمام مرشح شرس، عُرف عنه تبني أسلوب فظ في التَّعامل مع منافسيه؛ بل وربما توجيه الكلمات الجارحة والخادشة للحياء.

كل ما سبق يُؤكد أنَّ ترامب لا يكترث بالتداعيات الخطيرة التي قد تحدث نتيجة لأيٍ من سياساته وتوجهاته؛ حيث يمضي مثل قائد مركبة بلا مكابح، يعتمد نهج "الصفقات" المُربحة له فقط، وليس بالضرورة أن تكون مربحة لكافة الأطراف. وتجلى ذلك في "اتفاق غزة"؛ حيث مارس تهديدات غير مسبوقة على الأطراف كلها، بما فيها إسرائيل، التي ظلت تحت حماية ودعم أمريكا في تنفيذ أبشع جريمة إبادة جماعية بحق سكان قطاع غزة. لكن ترامب ومن باب ضرورة وقف نزيف الدعم الأمريكي لإسرائيل أمر نتنياهو بالتوقيع على الاتفاق، خاصة وأنه يعتقد أن غزة "مليئة بالأمور الرائعة التي يُمكن تنفيذها"، وهو ما يُعيد إلى الأذهان "صفقة القرن" المزعومة التي بشر بها ترامب في ولايته الأولى، لكنها فشلت فشلًا ذريعًا، خصوصًا بعد "طوفان الأقصى".

الواضح لدينا أنَّ سياسات ترامب الداخلية والخارجية، لا تنفصل عن شخصيته النرجسية الاستعمارية، ففي الداخل أصدر في اليوم الأول من حكمه قرارات شعبوية تُظهره وكأنَّه يملك سلطات شبه مُطلقة، منها ما يُخالف الدستور الأمريكي نفسه (مثل إلغاء حق الجنسية بالولادة)، ومنها ما يُؤجج مشاعر غضب الأقليات العرقية، مثل قرار إعفائه عن شرطيين أُدينا بقتل شاب أسود. إلى جانب قرارات مُخالفة للأعراف والتقاليد الدبلوماسية الأمريكية مثل الانسحاب من المُنظمات الدولية وإعلان رغبته في احتلال الدول وانتزاع ملكيات دولية مثل قناة بنما وجرينلاند، وكذلك تعاليه على دول أوروبا والشرق الأوسط وطلبه أن يدفعوا له المزيد من الأموال في مُقابل ما يقول إنها حماية أمريكية لهم، بل وصل الأمر إلى مطالبة أعضاء حلف "الناتو" بزيادة إسهاماتهم المالية في الحلف العسكري.

ترامب يريد أن يُحوِّل قيادته لأمريكا مثلما يقود شركة العقارات خاصته، فكما أن هناك "منظمة ترامب" (المجموعة الاستثمارية الأمريكية العملاقة) يبدو أننا سنرى "منظمة أمريكا"، في صورة إبرام اتفاقيات وصفقات تحت سيف التهديد والوعيد، صفقات تخدم طرفًا واحدًا فقط، وهو ترامب الطرف الذي يُظهر قوة؛ بل قوة مفرطة؛ سواء في الحديث أو الفعل أو التفكير. ولذلك نجد ترامب يروج لنفسه على أنَّه شخص "مُلهَم" أو "صاحب رؤية"؛ حتى إنه يزعم أنَّ الله أرسله لهذا العالم لكي يُنقذ البشرية، وأنَّ الله نجاه من الموت أكثر من مرة من أجل أن يحمي أمريكا!

ويبقى القول.. إن العالم اليوم أمام رئيس أمريكي نرجسي، يتعالى على قادة وزعماء العالم، ويتعمد إحراجهم وتوبيخهم على الملأ.. رئيس لا تعنيه المشكلات العالمية، بقدر ما تعنيه انعكاساتها على الداخل الأمريكي، الذي يمثل الأولوية له في كل شيء، ويُريد أن يصنع من نفسه بطلًا قوميًا عظيمًا مثل جورج واشنطن وإبراهام لينكون، وغيرهما، ويسعى لنيل جائزة نوبل في السلام، وربما طباعة صورته على الدولار الأمريكي، وقد استبق ذلك بإصدار عملة رقمية باسمه تحمل صورته وقصة شعره الشهيرة... والحقيقة الآن أنَّ المستقبل كفيل بالكشف عمّا سيواجه العالم خلال السنوات الأربع المُقبلة.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

كأس العالم للأندية 2025.. الأهلي يواجه باتشوكا المكسيكي وديًا في أمريكا

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

حدد مسئولو النادي الأهلي، موعد المباراة الودية التي يخوضها الفريق في أمريكا قبل المشاركة في كأس العالم للأندية 2025.

واتفق الجهاز الفني للأهلي بقيادة مارسيل كولر على مواجهة فريق باتشوكا المكسيكي، لتكون البروفة النهائية للفريق الأحمر قبل انطلاق مشواره في بطولة كأس العالم للأندية 2025 .

مباراة ودية بين الأهلي وباتشوكا 

واتفق الأهلي مع باتشوكا المكسيكي على إقامة مباراة ودية يوم 8 يونيو المقبل، استعدادًا لبطولة كأس العالم للأندية، وذلك بناءً على رغبة السويسري مارسيل كولر.

وتقام مباراة الأهلي وباتشوكا المكسيكي في الولايات المتحدة الأمريكية خلال معسكر الأهلي قبل كأس العالم للاندية 2025.

وكان الأهلي واجه باتشوكا المكسيكي في شهر ديسمبر الماضي بنصف نهائي كأس الإنتركونتيننتال للأندية والتي خسرها الأهلي بركلات الترجيح وفشل في التأهل إلى نهائي البطولة.

الأهلي يستعد بقوة لمونديال الأندية

وبدأت إدارة النادي الأهلي برئاسة محمود الخطيب الترتيبات للمشاركة التاريخية في كاس العالم للأندية 20245 بنظامه الجديد الذي يقام لأول مرة بمشاركة 32 فريقا، ويشهد مشاركة تاريخية للفريق الأحمر، ممثلا عن قارة إفريقيا بعد تتويجه بلقب دوري أبطال أفريقيا.

ويتطلع جمهور الأهلي لظهور تاريخي للفريق في المونديال متسلحا بالصفقات الجديدة والتي كان أخرها حسم صفقة أحمد سيد زيزو نجم الزمالك ومنتخب مصر لتدعيم صفوف الفريق الأحمر في مونديال الأندية.

مجموعة الأهلي في مونديال الأندية

وتضم مجموعة الأهلي في كأس العالم للأندية 2025 كلا من إنتر ميامي الأمريكي وبالميراس البرازيلي وبورتو البرتغالي

موعد مباريات الأهلي في مونديال الأندية

يفتتح الأهلي بطل أفريقيا مشواره في كأس العالم للأندية 2025 بمواجهة إنتر ميامي الأمريكي في الثامنة مساء يوم 14 يونيو المقبل بتوقيت الولايات المتحدة، الرابعة فجر 15 يونيو بتوقيت القاهرة، على ملعب "هارد روك".

وفي الجولة الثانية يلعب الأهلي ضد بالميراس البرازيلي يوم 19 يونيو الساعة 12 ظهراً بتوقيت الولايات المتحدة، الثامنة مساء بتوقيت القاهرة، بملعب "ميت لايف" فى ولاية نيويورك.

ويختتم الأهلي مشواره فى دور المجموعات ببطولة كأس العالم للأندية 2025 بمواجهة بورتو البرتغالي يوم 23 يونيو الساعة 9 مساءً بتوقيت الولايات المتحدة الأمريكية، الخامسة فجر 24 يونيو بتوقيت القاهرة بملعب "ميت لايف" في ولاية نيويورك.

مقالات مشابهة

  • الصين تتوعد الدول التي تسير على خطى أمريكا لعزل بكين
  • كأس العالم للأندية 2025.. الأهلي يواجه باتشوكا المكسيكي وديًا في أمريكا
  • مجلس النواب يدين المجزرة الوحشية التي ارتكبها العدوان الأمريكي في حي وسوق فروة بالعاصمة
  • البابا فرنسيس.. إرث إصلاحي جريء من أمريكا اللاتينية إلى قلب الفاتيكان
  • أخبار العالم| وزير الدفاع الأمريكي متهم بنشر معلومات حساسة حول ضربات اليمن.. وانتهاء هدنة عيد الفصح في أوكرانيا وسط تبادل الاتهامات وغياب التمديد
  • سياسات أمريكا.. عسى أن تكرهوا شيئا!
  • أمريكا التي لا يحب ترامب رؤيتها
  • زمن أمريكا أم زمن الصين؟
  • ما يحدث في أمريكا غير طبيعي ويلـزمـه انتفاضـة غيـر طبيعيـة
  • رحلات شم النسيم.. قضي يوم في الإسكندرية بـ 100 جنيه ذهاب وعودة بـ قطار النزهة