تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

فى الوقت الذى ألقى فيه دونالد ترامب خطاب تنصيبه الثانى فى واشنطن، شن مستوطنون إسرائيليون ملثمون غارة عنيفة على القرى الفلسطينية فى الضفة الغربية، وأشعلوا النار فى المركبات والشركات فى موجة من الدمار، يرى الكثيرون أنها دليل على انتعاش اليمين المتطرف مع قدوم ترامب.
ربما كان توقيت الهجوم، الذى استهدف قريتى الفندق وجينصافوط على طول الطريق ٥٥، مصادفة أو لا.

ولكن بالنسبة لسعيد بشير، حارس ليلى فى مستودع محلي، كانت ليلة من الرعب. مختبئًا فى الظلام، شاهد العشرات من المستوطنين يحرقون معدات البناء ويحطمون النوافذ ويرشقون بابه بالحجارة. يتذكر قائلاً: "لقد أحضروا أسطوانة غاز"، واصفًا كيف أشعل المهاجمون النار فى مركز حديقة قريب قبل وصول الشباب الفلسطينيين المحليين، مما أجبرهم على التراجع. إن هذا الارتفاع الأخير فى عنف المستوطنين يأتى فى أعقاب التحرك السريع الذى اتخذه ترامب لرفع العقوبات التى فرضها بايدن على الجماعات الاستيطانية المتطرفة، وهو الأمر التنفيذى الذى صدر فى الوقت الذى كانت فيه أعمال الشغب في جينصافوط تتكشف. وقد تم تفسير القرار على أنه ضوء أخضر للمستوطنين المتطرفين لتصعيد حملتهم من الترهيب والتهجير ضد المجتمعات الفلسطينية.
سياسة تعزيز 
تشير التقارير الواردة من وسائل الإعلام الإسرائيلية إلى أن تراجع ترامب عن العقوبات كان جزءًا من صفقة أوسع نطاقًا لتأمين وقف إطلاق النار فى غزة قبل تنصيبه. لطالما عارض رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو وحلفاؤه من اليمين المتطرف القيود الدولية المفروضة على المستوطنين، وقد قوبل قرار ترامب برفعها بالابتهاج بين حركة المستوطنين.
وتقوم هذه المجموعات، التى تنحدر من مستوطنات مختلفة فى الضفة الغربية، بشن غارات منتظمة على القرى الفلسطينية، وخاصة تلك التى تفتقر إلى وجود أمنى قوي. وغالبًا ما تمر الهجمات، المخططة لترهيب الفلسطينيين وإضعاف المقاومة لتوسيع المستوطنات الإسرائيلية، دون أن يلاحظها أحد على الساحة العالمية، حيث تطغى عليها الصراعات الأوسع نطاقًا بين حماس والجيش الإسرائيلي.
ويؤكد المسئولون الفلسطينيون أن مثل هذه الهجمات أصبحت أكثر تنسيقاً واستراتيجية. ففى الفندق، لاحظ السكان أن المستوطنين نظموا "نزهة" غير عادية بالقرب من القرية قبل يوم من الغارة، وهى مهمة استطلاعية واضحة. وفى ليلة الهجوم، وصل حوالى ٧٠ مستوطناً مسلحاً فى سيارات جيب وحافلة، تسبقهم مركبة عسكرية إسرائيلية غادرت قبل بدء العنف. وأظهرت لقطات أمنية من مستودع الحارس الليلى جنوداً إسرائيليين يقفون متفرجين بينما كان المستوطنون يخربون الممتلكات، ولم يتدخلوا إلا عندما وصل القرويون الفلسطينيون لمواجهة الغوغاء.
تمكين الفوضى
إن العنف فى قريتى الفندق وجينصافوط هو جزء من اتجاه أوسع فى الضفة الغربية، حيث الحكم منقسم بين السلطات الإسرائيلية والفلسطينية. وتقع المناطق الريفية تحت خليط معقد من الاختصاصات القضائية: يقوم الجنود الإسرائيليون بدوريات فى "المنطقة ج"، فى حين تتمتع الشرطة الفلسطينية بسلطة محدودة فى "المنطقة ب". الواقع أن القرى التى تمتد على جانبى هذه المناطق، مثل الفندق وجينصافوط، تعيش فعلياً فى فراغ أمني، حيث لا تتحمل أى من القوتين المسئولية الكاملة.
ويسمح هذا الافتقار الأمنى للمستوطنين المتطرفين بالتصرف فى ظل إفلات كامل من العقاب. وفى بعض الحالات، تأتى أعمال العنف التى يرتكبها المستوطنون فى أعقاب الهجمات الفلسطينية على الإسرائيليين، كما حدث فى إطلاق النار فى السادس من يناير الذى أسفر عن مقتل ثلاثة إسرائيليين فى المنطقة ج، بينما سلط رئيس مجلس قرية الفندق، لؤى تاين الضوء على الترابط الاقتصادى بين بعض المجتمعات الفلسطينية والمستوطنات الإسرائيلية القريبة، مشيراً إلى أن ٩٠٪ من العملاء فى المستودع المستهدف كانوا من المستوطنين الإسرائيليين. ولكن حتى هذه العلاقة الاقتصادية لم تحمى الفلسطينيين من تصعيد الهجمات.
نفوذ سياسى
إن حركة المستوطنين ليست متجانسة. فى حين يعيش ٥٠٠ ألف إسرائيلى فى مستوطنات الضفة الغربية، يشارك جزء ضئيل منهم بنشاط فى الهجمات العنيفة. ومع ذلك، اكتسب هذا الفصيل المتطرف نفوذاً سياسياً كبيراً فى ظل ائتلاف نتنياهو الحالي، الذى يعتمد على وزراء اليمين المتطرف بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن جفير "الذى استقال مؤخراً" وكلاهما من أشد المؤيدين لتوسيع المستوطنات.
دعا سموتريتش، وهو من سكان كيدوميم (مستوطنة فى الضفة الغربية بالقرب من قرية الفندق)، علناً إلى ضم مستوطنات الضفة الغربية بالكامل ووضعها تحت السيطرة المدنية الإسرائيلية. هذه الخطوة، التى يُنظر إليها على نطاق واسع على أنها مقدمة للضم الرسمى للضفة الغربية بأكملها، يعارضها بشدة الفلسطينيون، الذين ينظرون إليها على أنها تهديد وجودى لتطلعاتهم إلى إقامة دولة.
وعلى الصعيد الدولي، تعتبر أغلب الحكومات المستوطنات الإسرائيلية غير قانونية بموجب القانون الدولي، وتستشهد بها باعتبارها عقبة رئيسية أمام السلام. ومع ذلك، لم تخف إدارة ترامب موقفها المؤيد للمستوطنين. وشهدت رئاسته الأولى تحول واشنطن بعيدًا عن السياسة الأمريكية التقليدية بشأن الشئون الإسرائيلية الفلسطينية، وتشير عودته إلى السلطة إلى أن المستوطنين سيستمرون فى التمتع بالحماية السياسية على أعلى المستويات.
مزيد من التشريد
بالنسبة للمجتمعات الفلسطينية، فإن الرسالة من واشنطن وتل أبيب واضحة: سيستمر عنف المستوطنين دون رادع. ومع رفع عقوبات بايدن وتمكين قادة اليمين المتطرف الإسرائيلي، يخشى القادة المحليون عصرًا جديدًا من النزوح.
أعرب جلال بشير، رئيس مجلس قرية جينصافوط، عن قلقه المتزايد إزاء التصعيد. وقال: "لقد أزالوا أى عقوبة عن الأشخاص الذين يهاجموننا. وسيزداد الأمر سوءًا، لأن أكبر رجل فى العالم يدعمه".
مع سياسات ترامب التى تعزز التوسع الاستيطاني، يبدو أن الضفة الغربية سوف تشهد المزيد من الاضطرابات. والسؤال الآن هو ما إذا كان المجتمع الدولى سوف يتدخل، أم أن الفلسطينيين سوف يتركون لمواجهة هذه الموجة الجديدة من العدوان وحدهم؟.
 

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: ترامب بايدن فى الضفة الغربیة الیمین المتطرف النار فى

إقرأ أيضاً:

مئات المستوطنين يقتحمون الأقصى.. وقوات الاحتلال تهدم 4 منازل في الضفة

اقتحمت مجموعات من المستوطنين الإسرائيليين، صباح اليوم الثلاثاء، باحات المسجد الأقصى المبارك من جهة باب المغاربة، بحماية مشددة من شرطة الاحتلال الإسرائيلي.

واقتحم نحو 304 مستوطنين بحسب دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس، وأدوا طقوسا تلمودية.

وتحذر أوقاف القدس من خطورة الاقتحامات المتكررة، وأطماع الاحتلال الإسرائيلي في تهويد المسجد الأقصى.


304 مستوطنين اقتحموا المسجد الأقصى المبارك صباح اليوم وسط حراسة من قوات الاحتلال pic.twitter.com/CD862S1cke — شبكة العاصمة الإخبارية (@alasimannews) April 29, 2025

هدم جيش الاحتلال الإسرائيلي، الثلاثاء، 4 منازل فلسطينية ومنشآت زراعية في محافظتي الخليل ورام الله بالضفة الغربية المحتلة بزعم "البناء دون ترخيص".

وقال شهود عيان إن "قوات الاحتلال اقتحمت قرية الزويدين بمسافر يطا جنوبي الخليل وهدمت منزلين و5 بركسات لتربية الماعز وبئرا لجمع مياه الأمطار"، بزعم "البناء دون ترخيص".

وأوضح الشهود أن المنزلين مأهولان ويعودان للمواطنين هاشم إبراهيم الأتيمين، وخليل رمضان الأتيمين.

وغربي رام الله وسط الضفة، اقتحمت قوة إسرائيلية بلدة قبيا برفقة جرافات وشرعت في هدم منزلين بدعوى "البناء دون ترخيص".

وبيّن الشهود أن المنزلين يعودان للفلسطينيين فرج إبراهيم غيطان، وراجح أحمد الطاهر.

وأمس الاثنين، هدمت جرافات إسرائيلية 5 منازل في بلدة إذنا غربي الخليل للذريعة ذاتها.

وحسب هيئة مقاومة الجدار والاستيطان التابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية، نفذت سلطات الاحتلال خلال آذار/مارس الماضي 58 عملية هدم طالت 87 منشأة، بينها 39 منزلاً مأهولاً، و6 غير مأهولة، و26 منشأة زراعية وغيرها.

وتمنع السلطات الإسرائيلية البناء أو استصلاح الأراضي في المناطق المصنفة "جيم" من الضفة دون تراخيص يعد الحصول عليها "شبه مستحيل"، وفق فلسطينيين.

الاحتلال يواصل عمليات هدم لمنازل الأهالي في قرية قبيا غرب رام الله pic.twitter.com/J19AxC3fjC

— القسطل الإخباري (@AlQastalps) April 29, 2025

مقالات مشابهة

  • وزير الأمن القومي يطلب من جيش الاحتلال إرسال مروحيات لإجلاء المستوطنين بالقدس
  • الاحتلال يشن حملة اعتقالات واسعة بالضفة
  • اعتقالات واسعة بالضفة ومستوطنون يقتحمون بلدة قرب القدس
  • الصليب الأحمر: يحب توفير الرعاية الصحية الملائمة بالضفة
  • الاحتلال يهدم 4 منازل بالضفة ويعتقل 22 فلسطينيا بينهم 4 سيدات
  • مئات المستوطنين يقتحمون الأقصى.. وقوات الاحتلال تهدم 4 منازل في الضفة
  • كيف يمكن للمليشيا ومن يدعمها بعد كل تلك الفظائع التى إرتكبتها بحق أهل السودان أن يعيشوا معهم بسلام
  • منظمة حقوقية: جرائم المستوطنين في الضفة الغربية تزداد توسعا
  • مستوطنون يقتحمون الأقصى والاحتلال يواصل هدم المنازل بالضفة
  • الخارجية تطالب بفرض عقوبات دولية رادعة على مجموعات المستوطنين