العنف زاد عن حده.. عصر جديد للإفلات من العقاب بعد إلغاء عقوبات بايدن على المستوطنين بالضفة الغربية.. الحركات العنصرية تنتعش والهجمات تتصاعد مع عودة الملياردير الجمهورى
تاريخ النشر: 25th, January 2025 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
فى الوقت الذى ألقى فيه دونالد ترامب خطاب تنصيبه الثانى فى واشنطن، شن مستوطنون إسرائيليون ملثمون غارة عنيفة على القرى الفلسطينية فى الضفة الغربية، وأشعلوا النار فى المركبات والشركات فى موجة من الدمار، يرى الكثيرون أنها دليل على انتعاش اليمين المتطرف مع قدوم ترامب.
ربما كان توقيت الهجوم، الذى استهدف قريتى الفندق وجينصافوط على طول الطريق ٥٥، مصادفة أو لا.
سياسة تعزيز
تشير التقارير الواردة من وسائل الإعلام الإسرائيلية إلى أن تراجع ترامب عن العقوبات كان جزءًا من صفقة أوسع نطاقًا لتأمين وقف إطلاق النار فى غزة قبل تنصيبه. لطالما عارض رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو وحلفاؤه من اليمين المتطرف القيود الدولية المفروضة على المستوطنين، وقد قوبل قرار ترامب برفعها بالابتهاج بين حركة المستوطنين.
وتقوم هذه المجموعات، التى تنحدر من مستوطنات مختلفة فى الضفة الغربية، بشن غارات منتظمة على القرى الفلسطينية، وخاصة تلك التى تفتقر إلى وجود أمنى قوي. وغالبًا ما تمر الهجمات، المخططة لترهيب الفلسطينيين وإضعاف المقاومة لتوسيع المستوطنات الإسرائيلية، دون أن يلاحظها أحد على الساحة العالمية، حيث تطغى عليها الصراعات الأوسع نطاقًا بين حماس والجيش الإسرائيلي.
ويؤكد المسئولون الفلسطينيون أن مثل هذه الهجمات أصبحت أكثر تنسيقاً واستراتيجية. ففى الفندق، لاحظ السكان أن المستوطنين نظموا "نزهة" غير عادية بالقرب من القرية قبل يوم من الغارة، وهى مهمة استطلاعية واضحة. وفى ليلة الهجوم، وصل حوالى ٧٠ مستوطناً مسلحاً فى سيارات جيب وحافلة، تسبقهم مركبة عسكرية إسرائيلية غادرت قبل بدء العنف. وأظهرت لقطات أمنية من مستودع الحارس الليلى جنوداً إسرائيليين يقفون متفرجين بينما كان المستوطنون يخربون الممتلكات، ولم يتدخلوا إلا عندما وصل القرويون الفلسطينيون لمواجهة الغوغاء.
تمكين الفوضى
إن العنف فى قريتى الفندق وجينصافوط هو جزء من اتجاه أوسع فى الضفة الغربية، حيث الحكم منقسم بين السلطات الإسرائيلية والفلسطينية. وتقع المناطق الريفية تحت خليط معقد من الاختصاصات القضائية: يقوم الجنود الإسرائيليون بدوريات فى "المنطقة ج"، فى حين تتمتع الشرطة الفلسطينية بسلطة محدودة فى "المنطقة ب". الواقع أن القرى التى تمتد على جانبى هذه المناطق، مثل الفندق وجينصافوط، تعيش فعلياً فى فراغ أمني، حيث لا تتحمل أى من القوتين المسئولية الكاملة.
ويسمح هذا الافتقار الأمنى للمستوطنين المتطرفين بالتصرف فى ظل إفلات كامل من العقاب. وفى بعض الحالات، تأتى أعمال العنف التى يرتكبها المستوطنون فى أعقاب الهجمات الفلسطينية على الإسرائيليين، كما حدث فى إطلاق النار فى السادس من يناير الذى أسفر عن مقتل ثلاثة إسرائيليين فى المنطقة ج، بينما سلط رئيس مجلس قرية الفندق، لؤى تاين الضوء على الترابط الاقتصادى بين بعض المجتمعات الفلسطينية والمستوطنات الإسرائيلية القريبة، مشيراً إلى أن ٩٠٪ من العملاء فى المستودع المستهدف كانوا من المستوطنين الإسرائيليين. ولكن حتى هذه العلاقة الاقتصادية لم تحمى الفلسطينيين من تصعيد الهجمات.
نفوذ سياسى
إن حركة المستوطنين ليست متجانسة. فى حين يعيش ٥٠٠ ألف إسرائيلى فى مستوطنات الضفة الغربية، يشارك جزء ضئيل منهم بنشاط فى الهجمات العنيفة. ومع ذلك، اكتسب هذا الفصيل المتطرف نفوذاً سياسياً كبيراً فى ظل ائتلاف نتنياهو الحالي، الذى يعتمد على وزراء اليمين المتطرف بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن جفير "الذى استقال مؤخراً" وكلاهما من أشد المؤيدين لتوسيع المستوطنات.
دعا سموتريتش، وهو من سكان كيدوميم (مستوطنة فى الضفة الغربية بالقرب من قرية الفندق)، علناً إلى ضم مستوطنات الضفة الغربية بالكامل ووضعها تحت السيطرة المدنية الإسرائيلية. هذه الخطوة، التى يُنظر إليها على نطاق واسع على أنها مقدمة للضم الرسمى للضفة الغربية بأكملها، يعارضها بشدة الفلسطينيون، الذين ينظرون إليها على أنها تهديد وجودى لتطلعاتهم إلى إقامة دولة.
وعلى الصعيد الدولي، تعتبر أغلب الحكومات المستوطنات الإسرائيلية غير قانونية بموجب القانون الدولي، وتستشهد بها باعتبارها عقبة رئيسية أمام السلام. ومع ذلك، لم تخف إدارة ترامب موقفها المؤيد للمستوطنين. وشهدت رئاسته الأولى تحول واشنطن بعيدًا عن السياسة الأمريكية التقليدية بشأن الشئون الإسرائيلية الفلسطينية، وتشير عودته إلى السلطة إلى أن المستوطنين سيستمرون فى التمتع بالحماية السياسية على أعلى المستويات.
مزيد من التشريد
بالنسبة للمجتمعات الفلسطينية، فإن الرسالة من واشنطن وتل أبيب واضحة: سيستمر عنف المستوطنين دون رادع. ومع رفع عقوبات بايدن وتمكين قادة اليمين المتطرف الإسرائيلي، يخشى القادة المحليون عصرًا جديدًا من النزوح.
أعرب جلال بشير، رئيس مجلس قرية جينصافوط، عن قلقه المتزايد إزاء التصعيد. وقال: "لقد أزالوا أى عقوبة عن الأشخاص الذين يهاجموننا. وسيزداد الأمر سوءًا، لأن أكبر رجل فى العالم يدعمه".
مع سياسات ترامب التى تعزز التوسع الاستيطاني، يبدو أن الضفة الغربية سوف تشهد المزيد من الاضطرابات. والسؤال الآن هو ما إذا كان المجتمع الدولى سوف يتدخل، أم أن الفلسطينيين سوف يتركون لمواجهة هذه الموجة الجديدة من العدوان وحدهم؟.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: ترامب بايدن فى الضفة الغربیة الیمین المتطرف النار فى
إقرأ أيضاً:
أحدثُه اعتقال السمودي .. الاحتلال يوسّع استهدافه للصحفيين في الضفة الغربية
"اقتحموا المنزل مع ساعات الفجر، بطريقة همجية، فتشوا كل شيء، وحطموا كثيرا من محتوياته، ثم اقتادوا والدي ووضعوه في آلية بوز النمر وغادروا"، كلمات وصف بها محمد لحظات اعتقال الجيش الإسرائيلي لوالده الصحفي علي السمودي من منزله في حي الزهراء في مدينة جنين شمالي الضفة الغربية.
وكانت قوات الاحتلال الإسرائيلي قد اقتحمت منزل السمودي في الخامسة من فجر اليوم الثلاثاء، بعد تفجير مدخله، وأخضعته للتحقيق الميداني لمدة 20 دقيقة، كما حاولوا تفتيش زوجة نجله الأكبر رغم أنها حامل في الأشهر الأخيرة، ورفعوا الأسلحة الرشاشة على ابنته البالغة من العمر 20 عاما.
وبحسب العائلة، لم يبلّغ جنود الاحتلال عن سبب اعتقال الأب، كما لم يحمل الاستجواب في منزله تفسيرا، حيث ركز الجنود على طبيعة عمل السمودي، ووضع منزله وكيف جهّزه وبناه.
يقول محمد (28 عاما) للجزيرة نت "كان والدي موجودا في المنزل مع أختي وزوجة أخي فقط، ولم يوجد أحد منا نحن الشباب في المنزل، لكن تصرف الجنود كان همجيا جدا، حيث دمروا مقتنيات المنزل بشكل كامل وأرهبوا الموجودين، الأهم من ذلك أنهم جردوا والدي من ملابسه في الشارع، وأدخلوه الآلية العسكرية من دونها".
إعلانويضيف "والدي يعاني من أمراض مزمنة، حيث يعاني من قرحة في المعدة، والسكري والضغط، ويحتاج لعلاج يومي يُؤخذ مرتين في اليوم، كما أنه يحتاج إلى حقنة أنسولين لتنظيم السكري تؤخذ كل يومين، وللأسف لم يُسمح له بأخذ علاجه معه وهذا ما يستدعي القلق على حالته الصحية".
ولم تبلَّغ العائلة عن الوجهة التي اقتاد الاحتلال السمودي إليها، وهو ما صعّب من تواصلهم مع محامي لمتابعة قضيته، وأكد محمد "لا معلومات لدينا، المحامي قال لي يجب أن نعرف على الأقل أين هو للمباشرة بالقضية، لكن نادي الأسير وعدني بعد اتصال أجراه معي أن يتولى محامٍ من النادي قضية الوالد وحالته الصحية"، وهو ما أكده النادي أيضا للجزيرة نت.
ويحمّل محمد جيش الاحتلال الإسرائيلي المسؤولية الكاملة عن أي تدهور في وضع والده الصحي، خاصة وأنه عانى قبل 3 أشهر من سكتة قلبية، ويوضح "والدي يحتاج لنظام غذائي صحي لأنه مريض سكري، ولا يناسبه الطعام العادي ولا حتى الجاهز، كما أنه يحتاج أدوية يومية، وحالته الصحية غير مستقرة أبدا، ونحن في العائلة نخشى أن يصيبه أي أذى، أو أن تتدهور صحته".
استهداف متكرر
منذ بدء عملية "السور الحديدي" العسكرية الإسرائيلية في مخيم جنين أواخر يناير/كانون الثاني الماضي، عرقل الاحتلال الاسرائيلي عمل الصحفيين الفلسطينيين في المخيم ومنعَهم من التغطية واحتجز عددا منهم.
وكان من بينهم السمودي، الذي احتجز لأكثر من مرة في محيط المخيم، كان آخرها عندما تم احتجازه على مدخل مخيم جنين القريب من مستشفى جنين الحكومي قبل أسبوعين، وسُحب هاتفه المحمول لعدة ساعات، وتم تهديده إن وُجد في محيط المخيم مستقبلا.
وسبق أن تعرض السمودي -الذي يبلغ من العمر 58 عاما- لإصابة مباشرة برصاص الاحتلال في الجزء العلوي من الصدر وخرجت من الظهر، بالتزامن مع استهداف الزميلة شيرين أبو عاقلة واغتيالها عند مدخل مخيم جنين الغربي، المعروف باسم "دوار العودة"، كما أصيب عام 2023 بشظايا رصاص حي في الرأس داخل مخيم جنين أثناء تغطيته لاقتحام قوات الاحتلال للمخيم.
إعلانوتعتبِر العائلة أن اعتقال علي السمودي قد يكون مقدمة لاستهداف الصحفيين في جنين واعتقالهم، إثر محاولتهم تغطية عمليات الجيش الإسرائيلي في المخيم، فقد سبق أن اعتقلت قوات الاحتلال 3 صحفيين آخرين من جنين، هم مجاهد السعدي، وحمزة زيود، وحمزة علاونة، وتعرضت الطواقم الصحفية لاعتداءات كثيرة خلال تغطيتها لاقتحامات الاحتلال المتكررة لمخيم جنين وبلدات المحافظة.
ويعمل علي السمودي حاليا مراسلا لصحيفة القدس الفلسطينية، إضافة لتعاونه مع عدد من الوكالات الإخبارية المحلية، كراديو البلد في جنين، وهو أب لـ4 أبناء، ويعمل صحفيا منذ نهاية التسعينيات.
تضييق على الصحفيين
سجلت نقابة الصحفيين الفلسطينيين ارتفاعا بعدد الاعتداءات الإسرائيلية خلال الربع الأول من العام الجاري بحق الطواقم الصحفية في الضفة، ووثقت 343 واقعة انتهاك واعتداء وجريمة، من بينها اعتداءات لفظية وتهديد وغرامات مالية وحذف مواد صحفية.
وجاء في التقرير الذي نشر السبت الماضي أن "الارتفاع المرعب كان في وقائع الاستهداف المباشر بالرصاص الحي، حيث تم تسجيل 49 واقعة، كان الموت فيها قريبا جدا من الصحفيين، بحجة تحذيرهم من الاقتراب أو إبعادهم عن المكان، في منهجية إرهابية لا مثيل لها بالعالم".
كما تعرض نحو 117 صحفيا لقمع واحتجاز، وتمت ملاحقة الطواقم الصحفية ومنعها من التغطية، وسجلت أغلب الحالات في القدس وجنين، حيث تعرض نحو 14 صحفيا لاعتداءات جسدية مثل الضرب بأعقاب البنادق والركل بالأقدام، فيما سُجلت 16 حالة مصادرة معدات للعمل وتحطيمها.
وبحسب نادي الأسير، فإن سلطات الاحتلال تواصل اعتقال 49 صحفيا منذ بدء الحرب على قطاع غزة، مؤكدا أنّ سلطات الاحتلال في الضّفة تستهدف الصحفيين عبر عمليات الاعتقال الإداري، أي تحت ذريعة وجود "ملف سري"، حيث يصل إجمالي الصحفيين المعتقلين إداريا إلى 19 صحفيا، كان آخرهم الصحفيان سامر خويرة، وإبراهيم أبو صفية.
إعلانكما تعتقل قوات الاحتلال الإسرائيلي الصحفيين على خلفية ما يسمى بـ"التحريض"، حيث تحوّلت منصات التواصل الاجتماعيّ إلى أداة لقمع الصحفيين، وفرض المزيد من السيطرة والرّقابة على عملهم وعلى حرية الرأي والتعبير.