أطلس الإدريسي.. أول وأدق أطلس للأرض في زمانه
تاريخ النشر: 21st, August 2023 GMT
عبد الله صقر – مركز المعلومات
(إن كتاب الإدريسي لا يمكن أن يوازن به أي كتاب جغرافي سابق له، وإن ثمت بعض أجزاء من المعمورة لا يزال هذا الكتاب دليل المؤرخ والجغرافي في الأمور المتصلة بها).
ما كتبه البارون دي سلان في عدد أبريل سنة 1841م من المجلة الآسيوية الفرنسية،
ويصف المستشرق الإسباني (بالنثيا) كتاب النزهة للإدريسي بـ « إن الكتاب حافل بالمعلومات الصحيحة في الغالب، ومادته وافرة عن البلاد الأوربية التي تسكنها شعوب نصرانية».
تفوقت خرائط الإدريسي على الخرائط اليونانية، رغم وجود العديد من النقاط المشتركة المتفقة عليها. ويتجلى هذا التفوق في مدى شمولها ودقتها في جوانب كثيرة. كما أضافت خرائط الإدريسي الكثير إلى المعارف الإنسانية، وتخلصت من كثير من الأخطاء العلمية المرتبطة بأشكال وامتداد المناطق عن الخرائط الأخرى السابقة.
الطريق يبدأ بمقياس الرسم
يعد أطلس الإدريسي أول أطلس عرفه العالم على الإطلاق، كما تعد أدق وثائق يمكن الاعتماد عليها لوصف الأرض في ذلك الوقت. بدأ الإدريسي بإعداد أدوات الرسم، واشتملت هذه المرحلة على إعداد (لوح الترسيم) وهو اللوح الذي اتخذه أساساً لتثبيت الأماكن عليه بالنسبة لخطوط الطول والعرض، بعد مقارنة هذا الأسلوب مع آخر ما توصل إليه الجغرافيون في ذلك الزمان. ولكي يتأكد الإدريسي من دقة أطوال المسافات على الطبيعة، وبما يقابلها على الخارطة، خاصة أن تقدير المسافات وصل إليه عن طريق غيره من رحالة ومتجولين، وهم يختلفون بنوع وحدات القياس بتقديرهم للمسافات، ما اضطره إلى اختبارها بمقاييس من حديد، مع مقارنة ذلك بما ورد في المصادر العلمية السابقة، وهذا الإنجاز العلمي يعتبر بمثابة مقياس الرسم في الخرائط المعاصرة.
بعد ذلك، قام بتوقيع أسماء الأماكن والظواهر على (لوح الترسيم) الذي هو عبارة عن خارطة كبيرة المساحة مسطحة مرسوم عليها خطوط الطول ودوائر العرض، بعد ذلك نقل ما وقع على هذا اللوح إلى خرائطه، دون إظهار لخطوط الطول ودوائر العرض، التي لم تظهر إلا على لوح الترسيم؛ لتسهيل تثبيت مواقع البلدان والظواهر الطبيعية؛ كالجبال والبحار والأنهار. ولكي يتحرى الدقة في تحديد المواقع ومسافاتها استعمل الفرجار لهذا الهدف.
ويضيف أ. محمد الصياد في بحثه” منهج العلماء المسلمين في البحث الجغرافي” أن الإدريسي استخدم الفرجار والمثلث والبوصلة، وهي كل ما تجمع لديه من أدوات، ومستعيناً بالجداول الجغرافية والزيجات التي وضعها من سبقوه من القدماء.
إعداد الأطلس
قسم الإدريسي النصف الشمالي للكرة الأرضية إلى 7 مناطق مناخية مختلفة معتمداً على المنهج نفسه، الذي سار عليه أكثر الجغرافيين، وهي الطريقة التي قام بها الخوارزمي وتبعه غيره مثل الفرغاني والبيروني، وهي تقوم على تقسيم المعمور إلى سبعة أقاليم مناخية على شكل أحزمة مستطيلة أفقية، تبدأ من دائرة الاستواء ومتتابعة من الجنوب إلى الشمال في موازنة دائرة الاستواء من المشرق إلى المغرب. وقد استفاد الإدريسي من هذه الطريقة، إلا أنه حدد بداية الأقاليم غرباً من بحر الظلمات (المحيط الأطلسي)، ومنتهية بالصين شرقاً.
ولما فرغ من تقسيم العالم إلى سبعة أقاليم، قام بتقسيم كل خط إلى عشرة أقسام متساوية ووضع لكل قسم خارطة توضح ما في داخله؛ بحيث أصبح عددها سبعين خارطة. وبعد الرجوع لمقدمة الإدريسي عند قوله: «ومبلغ أعداد هذه المصورات الآتية بعد هذا سبعون مصورة غير النهايتين اللتين أحديهما نهاية المعمور في جهة الشمال، وأكثرها خلاء لشدة البرد». تميزت خرائطه الجغرافية لأوروبا بدقة غير مسبوقة في أي خريطة أخرى، وقد أظهرت خرائط الإدريسي تفاصيل سواحل البحر المتوسط بدقة، كما أظهرت بوضوح منابع النيل بين البحيرات الاستوائية الكبرى. كما اشتمل الأطلس على 356 مدينة أفريقية، و740 مدينة أوروبية، و959 مدينة آسيوية. فكان بحق أعظم موسوعة جغرافية وبشرية في زمانه.
قالوا عن الأطلس
يعتبر الإدريسي مدرسة قائمة بذاتها في رسم الخرائط؛ تمثل المرحلة الثالثة من تطور الخرائط، فقد تأثر بالمرحلة الأولى الرياضية والفلكية؛ حيث اعتمد على الفلك في تحديد الخطوط العرضية السبع لبروزه في الفلك، وإن كان قد خالف هذا المنهج في تقسيمها إلى أجزاء، لا تعتمد على أساس فلكي. وقد تخلص من قيود المرحلة الثانية في اتجاهاتها الخطية القوسية كما فعل ابن حوقل. ولهذا فقد انفرد بمرحلة خاصة به تميزت بتخلصها من قيود الرسم المحلية، واتجه إلى العالمية بالإضافة إلى الخرائط الإقليمية. ويتميز منهجه أنه غطى غير المعمور من الأرض كما بين ذلك في مقدمة كتابه.
ويذكر أ. عبد الغني في كتابه” الشريف الإدريسي أشهر جغرافي” : (أننا نجد في هذا الأطلس تطور عمل الخرائط العربية في ثالث مراحله. وبدت دقة رسم الشواطئ والأنهار، وتحديد درجات الطول والعرض، ومطابقة الواقع الطبيعي. وعلى الرغم من مراعاة الإدريسي لطريقة بطليموس في رسم الخرائط، فإنه قد زاد عليه في الدقة وارتفاع المستوى في الأداء) ويؤكد لنا هذه الحقيقة المستشرق الإيطالي ألدومييلي وكراتشكوفسكي” في حسبان حقبة الإدريسي الزمنية هي الأوج الذي بلغه فن رسم الخرائط. ويعد هذا الأطلس أهم أثر لعلم رسم الخرائط العربية، بل لعله أهم أثر لعلم الخرائط الجغرافية في العصور الوسطى”. وأشاد المستشرق الفرنسي (ريسلر) بقوله:( ومصورات الإدريسي التي تعترف بكروية الأرض كانت تتويجاً لعلم المصورات الجغرافية في العصر الوسيط بوفرتها، وصحتها واتساعها).
المصدر: صحيفة البلاد
كلمات دلالية: الحضارة الإسلامية
إقرأ أيضاً:
هل أتاكَ حديثُ الطاغية!!؟
لنفترض جدلاً إنّه حیٌ (يرتزق) في مستنقع العمالة الآسن، وأنه تنَزَّلُ عليه الشياطين كما تنزَّلُ علی كلِّ أفَّاكٍ أثيم!! ولنترك جانباً سردية إنه قد قُتِل مُدبراً غير مُقبل، فجاءته الإصابة في مٶخرته، وأنه فقد إحدیٰ ساقيه التي كان قد أطلقهما للريح، وأن عينه قد فُقِأَت، فهل يظن أنه قد تبقت له من جيشه باقية تستحق أن يُقال عنها (الأشاوذ!!) فهذا من ما لا يجوز حتیٰ يتصالح الدمباري مع الجراد الصحراوي الذي كان يأكل عيشه من مطاردة أسرابه فی براري دارفور !!
الشاهد إن الفلنقاي أول أركان نهب دمباري لم يُجری علی لسانه – كما جرت عنده العادة فی كل مرة – إسم الفريق أول الركن عبد الفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة القاٸد العام للقوات المسلحة، تلك القوات التی تُحرز الإنتصار تلو الإنتصار علی مليشيا آل دقلو المُجرَّمة دولياً.
كما أن أسماء الشيخ علي كرتي، وأسامة عبد الله لم يَرِدا فی خطابه الأخير، مثلما إنه أعفیٰ الشايقية من تهديداته الجوفاء، وأفكاره الخرقاء، لكنه كال الشتاٸم بالربع الكبير من قاموسه البذٸ علی الفريق ياسر العطا، وأخرجه من ملة المسلمين بلا أدنی تردد، واتهمه بالجبن وكأنّ ياسر العطا قد ذهب مثله إلیٰ دويلة الشر يتمطَّیٰ ويتآمر علی وطنه مع زمرة العملاء المتآمرين!! اْو أن العطا غير موصوف بالبسالة والإقدام بين جنوده وضباطه وقادته، ولعل أبرز ما في خطابه هو إنكاره (حطب) لوجود حاجة إسمها الجيش، فالعين تُنكِر ضوء الشمس من رمدٍ، ومعذورٌ هو فقد فجعه الجيش فی أحلامه فطاشت مثل طاٸرة مسيَّرة خرجت من مجال التحكُّم !!
أما السادة القادة الكِبار الذين طالتهم بذاءات الدمباري الهارب مثل السيد القاٸد منِّي أركو منَّاوي حاكم إقليم دارفور، ودكتور جبريل إبراهيم محمد وزير المالية والتخطيط الإقتصادي ومستشاره السلطان بشارة سليمان عُشَر، فسيكون ردهم علی تخرصات الدمباري في الميدان، حيث المشتركة هناك، والمورال فوق.
وإن تعجب فعجبٌ حديثهُ عن العلمانية، ويحمد له أنه استطاع نطق الكلمة فی حد ذاتها، أما أن يعرف معناها ومٶداها فإن ذلك يدخل في باب المستحيلات، فقد يظن إن العلمانية من الخمور البلدية، أو الأكلات الشعبية، أو الطرق الصوفية، فكل ما في الأمر إنه قد سمع أن (ناس الحلو بيطالبوا بعلمانية الدولة) فقال مثل ما قالوا دون أن يكلف نفسه عناء التفسير، بل ذهب فی تزلفه للحلو ابعد من ذكر العلمانية، فقال بلغةٍ ملٶها الخضوع والإنكسار (ديل غشونا وفرقوا بينا)، حتی تذكرت ترويج لدراما إذاعية يقول بصوت نسائي (غشاني يا العمدة قال لی بعرسك، وماعرسني!!)
ونسي الدمباري فی غمرة تزلفه للحلو إن الحلو من دار مساليت التی ارتكب فيها أشاوذه أبشع الجراٸم التی لن ينساها التاريخ.
وتذلل للرٸيس الكينی وهو يشكره علی إاستضافته حفل التوقيع علی (المِيساخ) الذی عجز هو عن حضور (قعدة) توقيعه!!
وحاول التقرب لأهل الشمالية ونهر النيل زُلفیٰ بأنه ليس ضدهم، وحاول (تحنيك) أهل الشرق بالحديث عن محطة تحلية مياه البحر ليشربوا مجاناً،لكن الناس الإستضفتوهم ديل ما دايرين ليكم الخير!! أو كما قال أخزاه الله.أما عن بقاٸه فی القصر الجمهوری والمقرن فهذه (حكاية تَضَحِك الغنماية!!) مثل حديثه عن ذكریٰ غزوة بدر الكبری مقرونةً بتاريخ تأسيس المليشيا!!
وفی الختام لابد لنا من أن نشكر الفلنقاي أول أركان نهب دمباري علی توفير هذه المادة الشيِّقة للسخرية منه، ولاعزاء له فی هلكی فندق الضمان بنيالا، الذی نزل عليه سلاح الجو ضيفاً ثقيلاً، وجعل نزلاء فندق الضمان بلا ضمان.
-النصر لجيشنا الباسل.
-العزة والمنعة لشعبنا المقاتل.
-الخزی والعار لأعداٸنا وللعملاء.
محجوب فضل بدري
إنضم لقناة النيلين على واتساب