بين الرضا والخوف يتفاعل اليمنيون مع قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في إدارته الجديدة بتصنيف جماعة الحوثي "منظمة إرهابية أجنبية"، في ظل التصعيد الذي تشهده المنطقة والوضع الإنساني المتأزم في البلاد منذ اندلاع الحرب قبل عشر سنوات.

 

والأربعاء أعاد ترامب تصنيف الحوثي منظمة إرهابية أجنبية لهجماتها ضد الملاحة البحرية وتهديد المصالح الأمريكية وتهديد الأمن والاستقرار الإقليمي.

 

خطوة تصنيف الحوثيين كـ "منظمة إرهابية" من قبل واشنطن تعني تكثيف الضغط على الجماعة في اليمن اقتصاديًا وقانونيًا، وسيصعب هذا التصنيف على الحوثيين التعامل مع النظام المالي العالمي أو الحصول على الدعم الخارجي.

 

وتتوالى ردود الأفعال بين أوساط اليمنيين من تداعيات تلك القرار، البعض يرى أنه إيجابي سيعمل على عزل الجماعة عن العديد من قنوات التمويل والمساعدات الإنسانية التي كانت قد تصل إليهم من قبل، مما سيزيد من معاناتهم في التعامل مع الأزمات الإنسانية والاقتصادية، فيما البعض الآخر يبدي تخوفه من انعكاس ذلك على المدنيين، مؤكدين أن الجماعة لا يهمها أمر المدنيين بل تتجار وتستغل معاناتهم.

 

ويرى أخرون أن هذا التصنيف يشكل عائقًا كبيرًا في طريق الحوثيين للتعامل مع العديد من الدول والمنظمات الدولية، بما في ذلك الأمم المتحدة نفسها، التي قد تواجه صعوبة في تنفيذ عملياتها بسبب القيود المفروضة من قبل الدول الغربية والمؤسسات الدولية.

 

خبراء في الاقتصاد يقولون إن قرار تصنيف الحوثيين كـ “منظمة إرهابية” له تأثيرات اقتصادية وقد يؤدي إلى مزيد من العزلة المالية، أي أن الدول والشركات والمصارف الدولية ستكون في مواجهة عقوبات قانونية إذا تعاملت مع الحوثيين، ما يعني أنهم سيجدون صعوبة كبيرة في تأمين تمويلات أو استثمارات خارجية.

 

ويأتي قرار التصنيف في وقت يعاني فيه اليمنيون منذ سنوات من أزمة إنسانية هي الأسوأ في العالم، بحسب تقديرات الأمم المتحدة.

 

ويتأثر أكثر من 24 مليون شخص في اليمن من استمرار الحرب والصراع كما يعتمد حوالي 80% من السكان على المساعدات الإنسانية للبقاء على قيد الحياة. وتشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن عدد المستفيدين من المساعدات الإنسانية يصل لنحو 10 ملايين شخص في مناطق سيطرة الحوثيين بشكل دوري.

 

هل سيكون هناك استباق حوثي لإفراغ قرار التصنيف؟

 

وفي السياق قال السياسي والدبلوماسي اليمني سفير اليمن في لندن ياسين سعيد نعمان، إن الحوثيين وبدعم من جهات تتعاطف معهم، يعملون على تفكيك الجزء الخارجي من بنيتهم الارهابية وإعادة بنائها بما يتفق مع الضرورات التي أخذت تلح عليهم أن يستبقوا قرار إعادة تصنيفهم كمنظمة ارهابية من قبل إدارة ترامب".

 

وأضاف "القرار الذي صدر عن الادارة الأمريكية مؤخراً بتصنيفهم منظمة ارهابية لن يدخل حيز التنفيذ إلا بعد خطوات تنتهي بتقرير يقدمه وزير الخارجية الأميركي، مما يعني أن القرار ترك الباب موارباً بحيث يتمكن " الوسطاء" ممن حاولوا اقناع الادارة الأمريكية بجعل القرار مرناً، أن يقوموا بتفكيك الجزء الخارجي من البنية الارهابية للجماعة بدءاً بإطلاق الطاقم الملاحي للسفينة المختطفة غالاكسي كعربون سمع وطاعة، والذي ستعقبه خطوات أخرى".

 

مقامرة بأرواح الملايين من اليمنيين

 

الخبير الاقتصادي رئيس مركز الإعلام الاقتصادي، مصطفى نصر، قال "من المؤسف أن تقامر جماعة الحوثي بحياة الملايين المواطنين القاطنين في مناطق سيطرتها".

 

وأضاف معلقا على اقدام جماعة الحوثي باختطاف موظفين أمميين في صنعاء بالقول "عمليا، تسد كل منافذ الوصول إلى الحياة الكريمة في وجوههم، سواء من خلال التسبب في العقوبات المتلاحقة المفروضة على الجماعة والتي تواجهها بمزيد من الصلف والتحدي الذي وصفه بـ "الأرعن"، أو عبر الاستمرار في الاعتقالات والانتهاكات التي تمارسها تجاه العاملين في منظمات المجتمع المدني المحلية والدولية والبعثات الدبلوماسية".

 

دفن خارطة الطريق الأممية

 

من جهته قال الباحث ماجد المذحجي رئيس مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية، إن "قرار ترامب بتصيف الحوثيين منظمة إرهابية يدفن نهائياً خارطة الطريق الأممية".

 

وأضاف "صدر أخيراً ما هو متوقع: تصنيف الرئيس الأمريكي ترامب للحوثيين كمنظمة ارهابية اجنبية بقرار تنفيذي بدل الانتظار لمشروع القانون في الكونغرس".

 

وزاد "الملفت للغاية هو النص المتشدد للغاية للقرار الذي يحشد ويعاقب -بنص فضفاض ويمكن التوسع بتأويله- أي علاقة مع جماعة الحوثيين بما فيها قطع التمويل الأمريكي عن أي منظمة لا تقوم بما يكفي من توثيق لـ انتهاكاتهم، او بما يكفي في مواجهة الحوثيين عموماً".

 

وأكد المذحجي أن قرار التصنيف سيدفن نهائياً خارطة الطريق الاممية، ويستأنف تنفيذ قرارات البنك المركزي بنقل البنوك إلى عدن رغماً عن الجميع، ويجفف الموارد، ويعاقب على أي مستوى من العلاقة السياسية والمالية من أي منظمات دولية او أطراف وشركات محليه مع الحوثيين.

 

ولفت إلى أن القرار سيغلق باب السياسة والحوار مع الحوثيين، ويصعد إلى السطح سياسات الخنق الاقتصادي الأقصى للجماعة، بما يبدو مساراً واضحاً لتقويضها اقتصادياً وسياسياً قبل تقويضها عسكرياً". مؤكدا بالقول "إنها نهاية عقد من الفرص استثمرتها هذه الجماعة على حساب اليمنيين".

 

خنق الحوثي اقتصاديا

 

المحلل السياسي عبدالقادر الجنيد قال إن الفقرة المهمة في التصنيف هو "تعاون أمريكا مع شركائها الإقليميين للقضاء على قدرات وعمليات الحوثي، وحرمانها من الموارد".

 

وأضاف "قدرات" و "عمليات" الحوثي، تعني: استعمال الطائرات المسيرة والصواريخ ضد اليمنيين، عملية الهجوم على مارب بسلاسل الأرتال العسكرية، عملية حصار مدينة تعز".

وتابع الجنيد "القضاء على القدرات والعمليات، يعني أن تقوم أمريكا وشركاؤها الإقليميون (السعودية والإمارات وربما اسرائيل) بالمبادرة بقصف الحوثيين سواء قاموا بهجمات أم لم يقوموا".

 

ويرى أن القرار سيحرم الحوثي من "الموارد" وسيضع نهاية الحركة الحوثية بالسم البطيء، وقال الجنيد "ربما يكون هذا أهم ما في قرار التصنيف الأمريكي للحوثية كجماعة إرهابية"

.

واستدرك "الحوثي الآن، في حالة القط الشرس الذي وضع في زاوية في غرفة مغلقة وليس أمامه إلا الهجوم إلى الوسط.

 

وقال الجنيد "تم حجز الحوثي وحصره في زاوية في مكان مغلق بإلغاء خارطة الطريق وتصنيف الإرهاب وقطع الموارد"، مشيرا إلى أن الحوثي يريد تغيير المعادلة والقيام بضربة استباقية.

 

ترحيب حكومي وتصعيد حوثي

 

وفي أو تعليق رسمي لها قالت جماعة الحوثي إن قرار إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بإعادة تصنيفها منظمة إرهابية أجنبية لن يزيدها إلا ثباتا وصمودا.

 

وزعمت أن هذا القرار القديم الجديد لا يخدم الاستقرار في المنطقة وجهود السلام التي ترعاها الأمم المتحدة لتحقيق السلام العادل والمشرف للشعب اليمني.

 

إلى ذلك قال رئيس الحكومة أحمد عوض بن مبارك إن القرار سيؤدي إلى تجفيف مصادر تمويلها ويحد من أنشطتها الإرهابية داخل اليمن وخارجه.

 

وأضاف بن مبارك -خلال لقائه رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأمريكي، السيناتور جيمس ريتش، في ختام زيارته للعاصمة واشنطن- أن هذا التصنيف يعد خطوة قانونية واقتصادية هامة لعزل أذرع إيران الإرهابية في المنطقة.

 

ولفت إلى أن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية سيسهم في زيادة الضغط على المليشيا ويبعث برسالة واضحة حول انتهاكاتها واعتداءاتها الإرهابية.

 

وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو أكد على أهمية الأمر التنفيذي للرئيس دونالد ترامب الذي يعيد تصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية أجنبية كخطوة حاسمة للحد من تأثير المجموعة، معربا عن تطلعه للاستمرار في دعم الحكومة اليمنية في مواجهة الحوثيين.


المصدر: الموقع بوست

كلمات دلالية: اليمن أمريكا الحوثي ارهاب الأزمة اليمنية منظمة إرهابیة أجنبیة تصنیف الحوثیین الأمم المتحدة جماعة الحوثی خارطة الطریق قرار التصنیف تصنیف الحوثی إلى أن من قبل

إقرأ أيضاً:

تقرير أممي: تجميد التمويل الأمريكي يضر بالجهود العالمية لمكافحة الإيدز

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

أفاد تقرير جديد صادر عن الوكالة الأممية المكلفة بالاستجابة لمرض الإيدز بأن إغلاق العيادات وتسريح العاملين في مجال الصحة حول العالم يعكس الآثار السلبية الواسعة النطاق لتجميد التمويل الأمريكي على الجهود العالمية لمكافحة الإيدز.

وأشار برنامج الأمم المتحدة المشترك لمكافحة الإيدز (UNAIDS) إلى أن تقارير عن تأثير التخفيضات التمويلية تم استلامها من 55 دولة مختلفة حتى بداية هذا الأسبوع. وتشمل هذه التقارير 42 مشروعا تدعمها خطة الرئيس الأمريكي الطارئة للإغاثة من الإيدز (PEPFAR) و13 مشروعا تتلقى بعض الدعم الأمريكي.

وبحسب الموقع الرسمي للأمم المتحدة؛ فإنه وبعد يومين من صدور أمر تنفيذي من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في أواخر يناير يعلن تجميدا لمدة 90 يومًا لجميع المساعدات الخارجية، أصدر وزير الخارجية إعفاء طارئا لاستئناف المساعدات الإنسانية "المنقذة للحياة"، بما في ذلك علاج فيروس نقص المناعة البشرية. ومع ذلك، أفاد برنامج UNAIDS بعد أكثر من أسبوع بوجود "ارتباك" واسع النطاق حول كيفية تنفيذ هذا الإعفاء على أرض الواقع.

وأظهرت 16 تقريرا استلمتها مكاتب برنامج UNAIDS في جميع أنحاء العالم خلال الأسبوع من 17 إلى 21 فبراير أن هذه الإعفاءات أدت إلى استئناف بعض الخدمات السريرية، مثل علاج فيروس نقص المناعة البشرية ومنع انتقال الفيروس من الأم إلى الطفل، في العديد من الدول التي تعتمد بشكل كبير على التمويل الأمريكي.

ومع ذلك، من غير الواضح كم من الوقت سيستمر التمويل في ظل تقارير متعددة تفيد بأن الأنظمة الحكومية الأمريكية الرئيسية والموظفين المسؤولين عن دفع الأموال إلى الشركاء المنفذين إما غير متصلين بالإنترنت أو يعملون بقدرة محدودة للغاية، وفقا للوكالة الأممية.

وبحسب الوكالة الأممية فإنه بالإضافة إلى ذلك، فإن العديد من جوانب الاستجابة الوطنية للإيدز غير مؤهلة للحصول على هذه الإعفاءات، بما في ذلك العديد من خدمات الوقاية من فيروس نقص المناعة البشرية والخدمات المجتمعية الموجهة للفئات الرئيسية والفتيات المراهقات والنساء الشابات.

وفي الوقت نفسه، تعطلت خدمات جمع البيانات وتحليلها في العديد من الدول، وفقا لتقارير استلمت الأسبوع الماضي، والتي أشارت إلى أن الكمية والنوعية العامة لخدمات الوقاية من فيروس نقص المناعة البشرية والاختبار والعلاج قد تدهورت.

وأفاد برنامج UNAIDS بأن العاملين في المرافق الصحية يواجهون أعباء عمل متزايدة، بينما يعاني المرضى من زيادة في أوقات الانتظار لتلقي الخدمات المنقذة للحياة. كما لا تزال هناك مخاوف أخرى قائمة، بدءا من الأنظمة الصحية المتعثرة وصولا إلى معالجة الأولويات المتعلقة بالنوع الاجتماعي.

ووفقا لتقرير الوضع الصادر عن برنامج UNAIDS، فإن تصريحات الحكومة الأمريكية إلى منظمات الأمم المتحدة تشير إلى أن البرامج الممولة من الولايات المتحدة والتي تركز على المساواة بين الجنسين والمجتمعات المتحولة جنسيًا قد لا تستأنف عملها.

مقالات مشابهة

  • تقرير أممي: تجميد التمويل الأمريكي يضر بالجهود العالمية لمكافحة الإيدز
  • مليشيا الحوثي تهدد الأمم المتحدة والسعودية وتهاجم المبعوث الأممي قبيل دخول قرار تصنيفهم جماعة إرهابية أجنبية
  • رئيس الحكومة يفعل خارطة الطريق للنهوض بالتشغيل ويؤكد أنه أولوية وطنية كبرى
  • الحوثي يهاجم غروندبرغ ويهدد بتعليق السلام واستهداف السعودية
  • تقرير: غياب الدعم الأمريكي يضع أوكرانيا أمام تهديد عسكري خطير
  • العاطفي يلوح بالتصعيد ويؤكد إفشال المشاريع الخارجية في اليمن وتطوير قدرات الحوثيين العسكرية
  • وزير الدفاع الأمريكي يؤكد لنظيره السعودي التزام ترامب بالقضاء على قدرات الحوثيين
  • لميس الحديدي: القمة العربية الطارئة تحدد خارطة الطريق لإعادة إعمار غزة
  • وزير الدفاع للسفير الأمريكي.. الأهم في تصنيف الحوثيين "منظمة إرهابية" تطبيق القرار
  • رئيس الوزراء يطالب ممثل اليونيسيف لدى اليمن بممارسة الضغوط على مليشيا الحوثي