داليا عبدالرحيم تكتب: الدرس
تاريخ النشر: 25th, January 2025 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
عام بعد عام تتكشف حقائق جديدة حول ما حدث في ٢٥ يناير ٢٠١١، أربعة عشر عامًا كاملة مرت على أكبر وأخطر محاولة لهدم الدولة المصرية، كان التخطيط كبيرا، استغل أصحابه طموحات وأحلاما مشروعة لقطاع من الشباب يحمل نوايا طيبة، ليقفزوا على أحلامه ويستغلوا غضبه، مستخدمين مجموعات ارتبطت ارتباطا مباشرا بهم تدريبا وتمويلا لينفذوا مخططهم الشيطانى.
لم يكن الهدف النهائي تغيير نظام الحكم، بل كان ذلك خطوة أولى نحو تحقيق الهدف الأكبر، إسقاط الدولة المصرية وإعادة تقسيمها، ولم يكن بالطبع لمخطط كذلك أن يمر إلا عن طريق هدم المؤسسات الوطنية للدولة، وفى مقدمتها مؤسسة الشرطة المصرية، ظلوا سنوات عديدة يسعون لتعميق الفجوة بين المواطن البسيط ومؤسسته الأمنية، التى تحميه، من خلال إطلاق الشائعات وتعميقها حول وجود سجون سرية لأجهزة أمنية تستخدم للتعذيب، وحول قتل خارج إطار القانون، وأشياء كثيرة من هذا القبيل، ربما كان هناك بعض الأخطاء والممارسات الفردية التى وقعت بالفعل فى ذلك الوقت.
ولكنها لم تكن أبدا بهذا الحجم الذى صوروه عن طريق حملاتهم الإعلامية الداخلية والخارجية المسمومة والمفبركة- والتى اكتشف الشعب المصرى زيفها فيما بعد- عندما بدءوا فى إشعال الحرائق الصغيرة والحرائق الكبيرة، ثم اقتحموا السجون، وهدموا المبانى الحكومية، وأحرقوا أقسام الشرطة، وسرقوا السلاح، واعتدوا على الرجال والنساء وخطفوا الأطفال.ساعتها فقط استفاق المصريون وعرفوا حجم الجريمة التى سمحوا بها، فسرعان ما علت المطالب بعودة رجال الشرطة وهيبة القانون والأمن، وكم كانت الفرحة كبيرة، ونحن نستقبلهم بالورود فى الشوارع والميادين، لنعقد معهم ذلك العقد الاجتماعى الجديد الذى أقسمنا على ألا ينفك أبدا ما حيينا.
لن ينسى المصريون أبدًا مشهد عودة يوسف القرضاوى، مفتى قطر وحلف الناتو، وهو يعود متمثلا الخمينى ليصلى فى ميدان التحرير وليؤم صلاة (الثوار) فيه، بل ويدعو أبناء الوطن من المصريين والمسيحيين للصلاة خلفه!هنا أدرك المصريون بشكل واضح حجم الخدعة، لقد قفزت جماعة الإخوان الإرهابية على المشهد متسربلة برداء المدنية والحرية واعدة الشباب بتحقيق آمالهم وطموحاتهم، لقد نجحوا فى اقتناص السلطة بمساعدة شرذمة من السياسيين معدومى الضمير.
لقد كان العام الذى حكم فيه الإخوان بالفعل، أسوأ عام فى تاريخ مصر، عاش فيه الشعب المصرى أسوأ أيامه، ولكن الحقيقة سرعان ما بدأت تظهر وتتكشف، فأين السجون التى ادعى الإخوان وحلفاؤهم وجودها تحت الأرض؟ ولماذا لم يتم الإعلان عن واحد منهم؟ وأين الضباط الذين طالما ادعت جماعة الإخوان الإرهابية أنهم يقومون بتعذيب كوادرهم أثناء التحقيقات؟ ولماذا لم يقدم واحدًا منهم للمحاكمة وقد كانت الجماعة فى قمة السلطة آنذاك؟إنه الكذب والتدليس الذى انطلى على بعض البسطاء وقتها.لقد اتضحت المؤامرة بكل تفاصيلها أمام أعين المصريين، فهبوا مرة أخرى، لكن هذه المرة فى وجه حكم المرشد وجماعته وأكاذيبهم.
وذهبت الجماعة إلى مزبلة التاريخ وذهبت خطط أعداء مصر وأهل الشر أيضا إلى مزبلة التاريخ، ولكن ظل الدرس شاخصا أمامنا، نعلمه لأبنائنا وأحفادنا جيلا بعد جيل، وطن بدون درع تحمى شعبه فى الداخل وتبعث روح الطمأنينة والأمان هو وطن قابل للانهيار وقابل للعبث به من قبل ألد أعدائه، وطن بدون درع تحمى مقدراته وحدوده الخارجية وأمنه القومى هو وطن لا يستحق أن يوجد أصلا. لقد تعلمنا جميعا الدرس، أن الجيش والشرطة هما درع الوطن وحماته وعموده الفقرى، وأن أى مساس بهما سيكون على جثتنا كمصريين.
تعلمنا أن الغضب يجب أن يُقنِّن من خلال أطر قانونية ودستورية وأن التغيير يجب أن يتم وفقا لآليات سلمية حددها الدستور والقانون.لقد وعى المصريين الدرس جيدًا، ولن يستطيع أحد أيًّا كان أن يُغرِّر بهم أو يخدعهم مرة أخرى، مهما كانت شكل الشعارات أو حجم الأشخاص.
تحية إعزاز وتقدير، فى العيد الثامن والستين للشرطة المصرية، لكل شرطى مصرى فى أى بقعة على أرض الوطن يعمل بكل طاقته للحفاظ على أمن بلده وحمايتها.
ونعدكم دومًا أن تظلوا محل احترام وتقدير فى عيون المصريين جميعا، نفخر بكم وبجهودكم فى حماية الأمن الداخلى للوطن، ودمتم حراسا مؤتمنين، وكل عام وأنتم بخير.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: داليا عبدالرحيم الدرس ٢٥ يناير احتفال عيد الشرطة عيد الشرطة
إقرأ أيضاً:
مونيكا ويليم تكتب: كيف تؤثر الطاقة في مسار الصراع الروسي الأوكراني؟
مثلت الطاقة محورًا أساسيًا في النزاعات الدولية، لا سيما في الصراعات التي تتداخل فيها الأبعاد الاقتصادية والجيوسياسية. وفي سياق الحرب الروسية الأوكرانية، برزت مسألة استهداف البنية التحتية للطاقة كأحد الأدوات المستخدمة للضغط المتبادل بين الطرفين. ومع ذلك، شكّلت المباحثات التليفونية بين الرئيس دونالد ترامب والرئيس بوتين والتي استمرت لمدة 90 دقيقة محطة هامة في مسار التهدئة وخفض التصعيد منذ أكثر من ثلاث سنوات والتي توافقت على ضرورة إقرار السلام الدائم على أن يتم البدء بهدنة تفضي بعدم استهداف البنية التحتية الطاقية، وذلك على الرغم من تبادل الجانبين الاتهامات بانتهاكه، وعلى هذا الأساس ينظر إلى هدنة الطاقة في الحرب الروسية الأوكرانية، كونها تخضع إلى الضرورات الاستراتيجية وحسابات القوى الدولية.
ومع تحليل البيانات الصادرة بين البيت الأبيض والكرملين بشأن المباحثات المشار إليها عاليه، تلاحظ اختلافات كبيرة بينهما، فأبرز تلك الاختلافات، تتمثل في أن البيان الصادر من قبل الكرملين، تناول المباحثات بشيء من التفاصيل برزت من خلال سرد شروط روسيا لوقف أطلاق النار بشكل شامل ومستدام في أوكرانيا وهو ما ينفذ من خلال وقف الإدارة الأمريكية عن تسليح أوكرانيا أو تقديم الدعم العسكري لها ، أو تعبئة أوكرانيا فضلا عن ذلك وقف التعاون الاستخباراتي مع أوكرانيا خاصة في ظل حصار 10 ألف جندي أوكراني في العملية العسكرية في كورسك وفقدانها أبرز الوحدات القتالية وبالتالي فقدان عدد من الأسلحة النوعية والتكتيكية كالقذائف المدفعية، ومدافع هاو تزر والعربات لقتالية المطورة ، كما فقدت أوكرانيا حوالي 300 عربيات برادلي لنقل الجند من طراز M1s ؛ وهو بدوره ما يعرقل العمليات الهجومية لدي أوكرانيا، ويؤكد عدم تفعيل الاتفاق سريعًا بل سيترقب ويتوقف الأمر علي ضمانات من قبل الإدارة الأمريكية بوقف أطلاق النار.
في حين تناول بيان الولايات المتحدة بعض الملفات التي لم يتم الإشارة إليها؛ إلا أن النقطة المشتركة هو وقف استهداف البنية التحتية النفطية وقذف منشأت الطاقة والتي تمثل أداة أساسية للتفاوض وهو ما يعد تقدماً.
وفي هذا الإطار سوف تركز هذه المقالة على عدة أبعاد منها موقع الطاقة في المفاوضات مع التطرق إلى عمق الدوافع البرجماتية لدي الولايات المتحدة لحل الأزمة.
وعليه هناك عدة تساؤلات من قبيل هل تعد تلك الهدنة بمثابة هدنة تكتيكية جزئية خاصة بقطاعي الطاقة والبنية التحتية؟ هل سيدخل اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ؟
باستذكار الملابسات المتعلقة بالهجمات على منشآت الطاقة كجزء من جهود كلا البلدين لإضعاف الآخر، إذ كانت الهجمات الروسية على البنية التحتية للطاقة في أوكرانيا جزءاً أساسياً من جهودها لإخضاع البلاد ، قد بدأت روسيا بمهاجمة البنية التحتية للطاقة في أوكرانيا في أكتوبر 2022 بعد أن اتضح ضرورة أن يصاحب خطتها الأولية حرب استنزاف لتحقيق نصر سريع على الأرض،وبالتالي أصبحت فيها البنية التحتية للطاقة في أوكرانيا هدفاً رئيسياً.
أما بالنسبة لأوكرانيا، فتهدف الهجمات على المنشآت الروسية إلى خفض عائدات روسيا المترامية الأطراف، وعلى هذا الاساس بدأت أوكرانيا باستهداف البنية التحتية للطاقة الروسية بشكل متكرر في أوائل عام 2024، في محاولة لإلحاق الضرر بالاقتصاد الروسي خاصة قطاع النفط والغاز وذلك لتحقيق هدف مزدوج يتمثل في خفض عائدات النفط الروسية التي تُستخدم لتمويل الجيش الروسي والحد من إمدادات الوقود إلى جانب إحداث تأثير نفسي من خلال إشعال حرائق واسعة النطاق.
وعلي مدار العام الماضي، صعدت أوكرانيا هجماتها حيث تسللت طائرات أوكرانية مُسيّرة إلى عمق الأراضي الروسية، مُستهدفةً مصافي نفط ومستودعات ووحدات تخزين وأنابيب ومحطات ضخ؛ وقد أدت هذه الهجمات إلى تعطيل تدفقات النفط التي تمر عبر محطات النفط البحرية الروسية وخط أنابيب دروجبا.
وعند محاولة استقراء تأثير تلك الهجمات علي مصافي النفط علي خفض قدرة التكرير في روسيا، تبين وفقاً للعديد من التقديرات أنها بلغت نحو 10% إلا ان الشركات الروسية تمكنت من تفادي تلك التأثيرات سريعاً.
واستكمالا للتطرق في هذا البعد، وبالنظر إلى أن الصراع الروسي الأوكراني قد غير خريطة إمدادات الطاقة عالمياً، فمن المتوقع أن تُغير نهايته العديد من المعادلات بالأسواق، فوفقا لتوقعات بنك جولد مان ساكس أن تنخفض أسعار الغاز في أوروبا بنسبة تتراوح ما بين 15-50% وذلك ترجيحاً بعودة جزء من الغاز الروسي إلى أوروبا، وفي الوقت نفسه تتباين التقديرات الدولية فيما يتعلق بالتأثير على أسواق النفط، ففي حين يرجح بنك جولد مان ساكس التأثير على أسواق النفط تأثيراً محدوداً، وذلك لان النفط الروسي محكومًا بالاساس بقرارات الأوبك بلس.
في حين أن بنك أوف أمريكا (Bank of America) يرجح أن الزيادة في أمدادات النفط الروسي للأسواق العالمية، بنحو 1.2 مليون برميل يومياً بعد رفع العقوبات قد يسهم في هبوط الأسعار بنحو 5- 10 دولار للبرميل ما تسعي إليه أيضا الولايات المتحدة الأمريكية.
وتأسيسا على ذلك، وُيمكن النظر إلى كافة المحاولات بأنها مفاوضات تكتيكية لبحث آلية وقف أطلاق النار فأي مفاوضات مع الجانب الأوكراني هي مفاوضات جزئية كون روسيا لا تعترف بشرعية النظام الأوكراني علاوة على ذلك، حالة انعدام الثقة المرسخة بين الجانب الأوكراني والروسي والتي تنامت بعد توقيع اتفاقية الحبوب في تركيا عام 2022.
وهو الأمر الذي يدفعنا للبحث عن الأسباب البرجماتية الدافعة للولايات المتحدة لحل الأزمة، فهناك معضلة تبرز في رغبة روسيا في الاعتراف بانتصارها والضغط على أوكرانيا لاستسلامها، ولكن في المقابل ماذا تريد الولايات المتحدة؟
الإجابة تتلخص في عدة مشاهد متناثرة ومترابطة في آن واحد، وبالتالي هناك تفاهمات متشابكة أولاً، ثمة صفقات متعلقة بالحفاظ علي النفوذ الأمريكي داخل منطقة جنوب وشرق أسيا وأيضا الشرق الأوسط وذلك من خلال استغلال العلاقات الاستراتيجية التي تربط روسيا بالصين وأيضا بكوريا الشمالية و ايران ، وبالتالي فك الحلف العسكري الذي برز بين روسيا والصين وكوريا الشمالية وايران علي خلفية تصاعد الصراع الروسي الأوكراني.
فضلا عن عودة الشركات الأمريكية إلى القطاع الاقتصادي الروسي وذلك بعد خسارتها قرابة 300 مليار دولار وتقدر عدد الشركات 1000 شركة ، وفي الوقت نفسه تتبلور البرجماتية الأمريكية في هذا الإطار لأنه باستمرار هذه الحرب تزداد المخاوف باحتمالية نشوب حرب عالمية ثالثة.
ختاماً، يمثل الاتفاق على تحييد المنشآت النفطية من الاستهداف العسكري خطوة مهمة نحو احتواء التصعيد في الحرب الروسية الأوكرانية، كما يعكس الأهمية المتزايدة للطاقة كعامل مؤثر في مسار النزاعات الدولية. وعلى الرغم من أن هذه الخطوة قد تسهم في خلق بيئة أكثر استقرارًا للمفاوضات، فإنها تظل مرهونة بالتطورات الميدانية والسياسية ومدى التزام الأطراف المعنية بها. وفي ظل التوازنات الدولية المتغيرة، يبقى السؤال الأهم: هل يكون هذا الاتفاق مقدمة لحل شامل، أم مجرد هدنة مؤقتة في صراع أعمق تحكمه اعتبارات استراتيجية معقدة؟