مع نهاية عام 2024، عُرض فيلم "الهوى سلطان" الذي أثار اهتمام الجمهور وتمكّن من المنافسة في شباك التذاكر، محققًا ضجة واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي. انقسمت الآراء حوله بين معجبين يعبرون بحماسة عن تأثرهم به، ومنتقدين غاضبين على الفيلم ومحبيه. وما يجعل هذا العمل تجربة مميزة هو نوعه الرومانسي الرقيق الذي يبتعد عن الأنواع السينمائية السائدة مثل الأكشن والكوميديا، مما أضفى عليه طابعًا فريدًا يستحق التأمل.

ربما الأمر مجرد مصادفة، أو أن نجاح الفيلم شجع على صدور فيلم رومانسي آخر في وقت متقارب، غير أن الحقيقة الواقعة هي أن فيلم "6 أيام" ينتمي إلى النوع السينمائي ذاته، ولم يمزج حتى الرومانسية بالكوميديا ككثير من الأفلام الأخرى، وذلك ما يشكل ربما إرهاصة لموجة أفلام رومانسية قادمة تصنع نوعًا من التغيير في سوق سينمائية شديدة الركود. "6 أيام" هو الفيلم الروائي الطويل الأول لمخرجه كريم شعبان، ومن تأليف وائل حمدي، وبطولة كل من أحمد مالك وآية سماحة.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2إيرادات تخطّت مليار دولار.. "موانا 2" تجربة مسلية للأطفال وباهتة للكبارlist 2 of 2القائمة النهائية لترشيحات أوسكار 2025end of list 6 أيام من الحب والفراق

يبدأ فيلم "6 أيام" في عام 2006 بقصة رومانسية تقليدية بين فتى وفتاة في عمر المراهقة. يقضي الاثنان يوما لطيفا في الأيام الأخيرة من الفصل الدراسي قبل بدء الامتحانات، ويعالجان مشكلة كبيرة لديهما تتمثل في انتقال "عالية" إلى منطقة سكنية أخرى بعيدة بعد أسابيع قليلة. غير أن هذه الأزمة لن تكون همهما الأكبر بعد ساعات قليلة، ففجأة تقرر والدة الفتاة الانفصال عن زوجها والإقامة مع أخيها بصحبة بنتيها، ليفترق الحبيبان من دون إنذار أو أي أمل في اللقاء.

تقفز الأحداث حوالي 7 سنوات إلى الأمام، ليتقابلا مرة ثانية، ويوسف (أحمد مالك) على وشك التخرج من كلية الطب، وعالية (آية سماحة) تعمل نادلة في أحد المطاعم. يبدأ الاثنان الحديث كما لو أنهما لم يغيبا عن بعضهما بعضا أكثر من دقائق قليلة، ليقضيا اليوم معا. وبينما يظهر انجذابهما من جديد، تكشف هي عن خطبتها المعقودة على ابن خالها، ويقرران إنهاء اليوم مع الاتفاق على مقابلة تجمعهما في التاريخ نفسه كل عام.

إعلان

ينتقل الفيلم بعد ذلك من مقابلة إلى أخرى، ويكشف عن التغيرات التي تحدث في حياة كل منهما بهدف أن يقتربا أكثر في المرة القادمة، غير أن عقبة ما تظهر مع كل مقابلة، تبعدهما أكثر عن بعضهما.

اختار صناع "6 أيام" التركيز على الشخصيتين الرئيسيتين فقط، وتقديمهما بمعزل عن العالم، وسرد القصة عبر حكي كل منهما عن نفسه في المقابلة السنوية. هذا الأسلوب قد يتحول إلى مأزق خطير لسيناريو أي فيلم، فهو باب مفتوح لفخ الملل، خصوصًا مع غياب الشخصيات الثانوية أو الخطوط الدرامية الجانبية.

ولكن سيناريو فيلم "6 أيام" تجاوز هذه العقبة برسم صورة شبه مكتملة لشخصية كل من يوسف وعالية، فحوّلها من مجرد حديث شخصية خيالية عن نفسها إلى إنسان من لحم ودم، شخص ذي طموحات وإحباطات، أزمات عائلية وعثرات لا تنتهي، ونجاحات قادرة على تغيير حياته، بالإضافة إلى الواقعية الشديدة في تناول تفاصيل حياة كل منهما.

ليمثل كل من يوسف وعالية صورة حقيقية لأبناء جيل تخبّط بين كثير من الأحداث المغيرة للحياة، من تغييرات عالم الاتصالات، ودخول الإنترنت، وانتشار مواقع التواصل الاجتماعي، وحتى وباء كوفيد-19، ومن ثم يسهل على المشاهد التماهي معهما وتصديق حكايتهما.

حب جيل الألفية

علينا أن نتحدث في البداية عن نوع الفيلم وهو الرومانسية، فرغم الإقبال الكبير على هذا النوع السينمائي الذي يُعدّ مفضلًا لدى النساء والمحبين، فإنه يعاني من ظلم كبير، والسبب في ذلك هو أنه يسهل أن يقع في فخ الاستسهال والكليشيهات.

إذا نظرنا إلى السنوات الماضية، سنجد أن عدد الأفلام الرومانسية المصرية التي شاهدناها محدود للغاية، باستثناء فيلم "الهوى سلطان" الذي أعاد الحياة لهذا النوع.

الملصق الدعائي لفيلم "الهوى سلطان" (الجزيرة)

إذن، لماذا تتحول هذه الأفلام بسهولة إلى كليشيهات؟ لأن هذه الأفلام غالبًا ما تكون بسيطة جدا، فهي تعتمد على نسق تقليدي؛ فتى وفتاة يحبان بعضهما، ثم يواجهان عقبات كبيرة، وفي النهاية تكون النتيجة إما أن تفصل بينهما أو تجمع شملهما بسعادة.

إعلان

إحدى مشاكل هذا النوع تتمثل في أن العقبة مكتوبة بشكل جيد، لكن الشخصيات مفتقرة إلى التعقيد، وتعتمد كثيرا على كاريزما الممثلين أو عوامل أخرى. أو في حالة أخرى تكون الشخصيات جيدة، ولكن العقدة وهمية جدا تجعلك تشعر أن الفيلم ليس له قيمة، فالمشكلة يمكن حلها بسهولة.

فيلم "6 أيام" قدّم ما عليه ببساطة، لم يحاول أن يكون معقدًا أو يشتت انتباه المشاهد بشخصيات وحبكات جانبية، بل بدأ من الشخصيات نفسها.

عالية ويوسف يشبهان ملايين من الشباب المصريين والمصريات أبناء الجزء الثاني من جيل الألفية، فإن قلنا إن أبطال الهوى سلطان هم الرعيل الأول لهذا الجيل، الذي بدأ من عام 1981 إلى 1996، فإن يوسف وعالية ينتميان للنصف الثاني من هذا الجيل، فتى وفتاة عاشا في أسر مصرية عادية، ويعترفان بأن والديهما كانا مسيئين، مثل كثير من الأهالي، القضية التي لا تتناولها الدراما بما فيه الكفاية، غير أن الفيلم تناولها بذكاء كعامل مؤثر في سير الأحداث، فمن دون قسوة الأم التي انتزعت عالية من محيطها ومدرستها في يوم وليلة لما فقدت القدرة على التواصل مع يوسف، بينما عنف والد يوسف واستبداده الشديد كانا السبب في دخوله كلية لا يحبها، ثم ترك مهنة الطب وتخبط سنوات قبل أن يجد لنفسه مسيرة مهنية ملائمة له بصورة أفضل.

عاش كل من عالية ويوسف مدة طويلة كعرائس الماريونيت، تتحكم فيهما أطراف خارجية، وعندما أصبحت لديهما القدرة على التحكم فيها راحا يتخبطان والدنيا تتلاعب بهما، وخلال كل ذلك كانا يحاولان اكتشاف نفسيهما، وفي الوقت نفسه يتمسكان بالعلاقة التي ظلت ثابتة رغم كل التغيرات التي مرت بهما.

والآن نأتي إلى العقبات التي تواجه هذا الحب، وهي ليست عقبة واحدة بل عقبات متعددة، وعقبات حقيقية وواقعية ومتراكمة، تعتمد بشكل أساسي على فرق التوقيت، حيث ينضج كل واحد من الشخصيتين بسرعات مختلفة وفي فضاء مختلف. لذلك، عندما يلتقيان لا يحدث التلاقي الحقيقي لأنهما لم يصلا بعد إلى النقطة ذاتها، وهذا الأمر يبعث الأمل في نفس المشاهد في كل مرة، فحتى عندما يشعر بالإحباط يبقى لديه أمل في التلاقي بالنهاية.

إعلان

لم يقدم فيلم "6 أيام" ما هو جديد أو مختلف عند مقارنته بالأفلام الرومانسية العالمية، غير أنه عمل فني محكمة تفاصيله، وقدم قصة مصرية أصيلة، وأظهر أفضل ما لدى ممثليه من مهارات، ليكون بداية موفقة لعام سينمائي قادم.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات سينما الهوى سلطان غیر أن

إقرأ أيضاً:

“كعك” العيد.. نافذة لانتزاع بسمة من أطفال غزة وسط الإبادة والمجاعة

غزة – تصر نساء فلسطينيات داخل أحد مراكز الإيواء بمدينة خان يونس جنوب قطاع غزة على إعداد كعك العيد رغم استمرار الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل وما يرافقها من جرائم التجويع والقتل، في محاولة منهن لانتزاع بسمة من وجوه أطفالهن الذين أنهكتهم الحرب.

ورغم حالة الألم والقهر والحسرة التي تلف قلوب تلك الفلسطينيات على ما فقدنه خلال الإبادة من منازل وأحباء إلا أنهن يسعين من أجل توفير الحد الأدنى لأطفالهن وإنقاذهن من دائرة “الحرمان” التي تدفع إسرائيل فلسطينيي غزة إليها عبر التجويع.

ويحل عيد الفطر على فلسطينيي غزة لهذا العام، وسط ظروف إنسانية واقتصادية صعبة في وقت تصعد فيه إسرائيل من جرائم إبادتها الجماعية بارتكاب المجازر والتجويع والتعطيش.

ومنذ 2 مارس/ آذار الجاري، تفرض إسرائيل حصارا مشددا على قطاع غزة عبر إغلاق المعابر أمام دخول المساعدات الإنسانية والإغاثية والطبية، حيث باتت الأسواق شبه خالية من البضائع فيما ترتفع أسعار المتوفر منها لمستويات كبيرة ما يحول دون قدرة الفلسطينيين الذين حولتهم الإبادة الإسرائيلية إلى فقراء.

تواصل هذا الإغلاق ينذر بتفاقم الكارثة الإنسانية التي تسببت بها الإبادة المتواصلة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، وفق ما حذرت منه حركة “حماس” الجمعة.

والأسبوع الماضي، أعلن المكتب الإعلامي الحكومي بغزة دخول القطاع أول مراحل المجاعة جراء إغلاق المعابر ومنع دخول المساعدات التي تشكل شريان الحياة للفلسطينيين بغزة.

**إصرار على الحياة

في مشهد يحمل في طياته تناقضا لكنه يعكس إصرارا كبيرا على الحياة، تجلس الفلسطينية كوثر حسين أمام فرن مصنوع من الطين تم وضعه في أحد زوايا مركز الإيواء وتحاول إشعال النار تمهيدا لخبز كعك العيد، فيما تقصف المدفعية الإسرائيلية مناطق مختلفة من القطاع.

إشعال النيران باتت من المهام التي تثقل كاهل الفلسطينيات بغزة لما تتطلبه من جهد ووقت كبير حيث يتم ذلك باستخدام قطع الكرتون والأخشاب، بعدما نفد غاز الطهي من القطاع جراء الإغلاق الإسرائيلي.

دون أن تكترث للدخان المنبعث من عملية الاحتراق، تدخل حسين الأواني التي تم ترتيب قطع الكعك عليها تباعا من أجل خبزها.

وتقول بينما تخبز الكعك: “الأجواء حزينة جدا هنا، لقد فقدنا الكثير من الأقارب والأحباب، ونعاني من حصار وأزمة إنسانية كبيرة”.

وأوضحت في حديثها للأناضول، أنه رغم الفقد والحرمان الذي يعاني منه النازحون الفلسطينيون وفقدان مستلزمات الحياة الأساسية، إلا أنهن يحاولن صناعة الحياة رغم الدمار والموت.

وتابعت: “نحن شعب يحب الحياة، لا نريد لأطفالنا أن يعيشوا هذا الحرمان، نحاول أن نوفر لهم من كل شيء القليل”.

وأشارت إلى أنها كانت تصنع في الأعياد التي سبقت حرب الإبادة الجماعية نحو 9 كيلو جرامات من الكعك، إلا أنها ستكتفي هذا العام بكيلو واحد فقط من أجل زرع البهجة في قلوب الأطفال المتعبين من الحرب.

ورغم الحزن، إلا أن إظهار مظاهر الفرح بالعيد فهي من “شعائر الله التي يجب إحياؤها”، كما قالت.

**بهجة رغم الإبادة

الفلسطينية “أم محمد” تحاول تعويض أطفالها وأحفادها عن مستلزمات العيد بـ”توفير الكعك لهم”.

وفي ظل شح الدقيق والمواد الخام المستخدمة في صناعة الكعك، تحاول الفلسطينيات توفير البدائل والاكتفاء بما يتوفر لديهن من القليل من التمور، وذلك في إطار إحياء الشعائر الدينية وزرع الفرح على وجوه الأطفال.

وتقول “أم محمد” للأناضول، إنها تمكنت من صناعة القليل من الكعك من أجل تعويض الأطفال عما فقدوه من طقوس الأعياد خلال الإبادة.

وتتابع: “الحزن يلف الأطفال، نحاول أن نفرحهم بتوفير كعكة لكل واحد منهم، وهذا ما نستطيع توفيره”.

وأشارت إلى أن الأطفال ومع اقتراب العيد، يتساءلون عن الملابس الجديدة التي اعتادوا عليها ما قبل الإبادة، إلا أن هذا السؤال يشكل ألما مضاعفا لذويهم، فيحاولون تعويضهم بإعداد الكعك.

ورغم ذلك، إلا أن مئات الآلاف من العائلات لا يتوفر لديها الحد الأدنى من المواد الغذائية بما يحول دون قدرتهم على إسعاد أطفالهم بالعيد، فيقضون أيامه بألم يعتصر قلوبهم على هذا الحرمان الذي أجبروا عليه.

 

الأناضول

مقالات مشابهة

  • “كعك” العيد.. نافذة لانتزاع بسمة من أطفال غزة وسط الإبادة والمجاعة
  • أكاديمية السينما تعتذر بعد إغفال اسم المخرج الذي اعتدت عليه إسرائيل
  • فرص عمل جديدة في السعودية.. التقديم لمدة 5 أيام.. ورواتب من 2000 إلى 5000 ريال
  • بقيمة 570 مليون..وزارة الصحة تطلق صفقات جديدة للحراسة والمراقبة في مركز مولاي يوسف بالرباط
  • أكسيوس: سلطنة عمان أطلعت واشنطن على الرسالة التي تلقتها من إيران وستسلمها للبيت الأبيض خلال أيام
  • البنديرة.. نافذة بين الماضي والحاضر
  • جامعة كفر الشيخ تعقد ندوة بعنوان "التحديات العالمية التي تواجه الأسرة المصرية"
  • التحديات العالمية التي تواجه الأسرة المصرية.. ندوة بجامعة كفر الشيخ
  • الضمان: التعرفات الاستشفائية غير المقطوعة أصبحت نافذة
  • 3 أيام.. البورصة المصرية تحدد موعد إجازة عيد الفطر المبارك