6 أيام.. نافذة جديدة على الرومانسية في السينما المصرية
تاريخ النشر: 25th, January 2025 GMT
مع نهاية عام 2024، عُرض فيلم "الهوى سلطان" الذي أثار اهتمام الجمهور وتمكّن من المنافسة في شباك التذاكر، محققًا ضجة واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي. انقسمت الآراء حوله بين معجبين يعبرون بحماسة عن تأثرهم به، ومنتقدين غاضبين على الفيلم ومحبيه. وما يجعل هذا العمل تجربة مميزة هو نوعه الرومانسي الرقيق الذي يبتعد عن الأنواع السينمائية السائدة مثل الأكشن والكوميديا، مما أضفى عليه طابعًا فريدًا يستحق التأمل.
ربما الأمر مجرد مصادفة، أو أن نجاح الفيلم شجع على صدور فيلم رومانسي آخر في وقت متقارب، غير أن الحقيقة الواقعة هي أن فيلم "6 أيام" ينتمي إلى النوع السينمائي ذاته، ولم يمزج حتى الرومانسية بالكوميديا ككثير من الأفلام الأخرى، وذلك ما يشكل ربما إرهاصة لموجة أفلام رومانسية قادمة تصنع نوعًا من التغيير في سوق سينمائية شديدة الركود. "6 أيام" هو الفيلم الروائي الطويل الأول لمخرجه كريم شعبان، ومن تأليف وائل حمدي، وبطولة كل من أحمد مالك وآية سماحة.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2إيرادات تخطّت مليار دولار.. "موانا 2" تجربة مسلية للأطفال وباهتة للكبارlist 2 of 2القائمة النهائية لترشيحات أوسكار 2025end of list 6 أيام من الحب والفراقيبدأ فيلم "6 أيام" في عام 2006 بقصة رومانسية تقليدية بين فتى وفتاة في عمر المراهقة. يقضي الاثنان يوما لطيفا في الأيام الأخيرة من الفصل الدراسي قبل بدء الامتحانات، ويعالجان مشكلة كبيرة لديهما تتمثل في انتقال "عالية" إلى منطقة سكنية أخرى بعيدة بعد أسابيع قليلة. غير أن هذه الأزمة لن تكون همهما الأكبر بعد ساعات قليلة، ففجأة تقرر والدة الفتاة الانفصال عن زوجها والإقامة مع أخيها بصحبة بنتيها، ليفترق الحبيبان من دون إنذار أو أي أمل في اللقاء.
تقفز الأحداث حوالي 7 سنوات إلى الأمام، ليتقابلا مرة ثانية، ويوسف (أحمد مالك) على وشك التخرج من كلية الطب، وعالية (آية سماحة) تعمل نادلة في أحد المطاعم. يبدأ الاثنان الحديث كما لو أنهما لم يغيبا عن بعضهما بعضا أكثر من دقائق قليلة، ليقضيا اليوم معا. وبينما يظهر انجذابهما من جديد، تكشف هي عن خطبتها المعقودة على ابن خالها، ويقرران إنهاء اليوم مع الاتفاق على مقابلة تجمعهما في التاريخ نفسه كل عام.
إعلانينتقل الفيلم بعد ذلك من مقابلة إلى أخرى، ويكشف عن التغيرات التي تحدث في حياة كل منهما بهدف أن يقتربا أكثر في المرة القادمة، غير أن عقبة ما تظهر مع كل مقابلة، تبعدهما أكثر عن بعضهما.
اختار صناع "6 أيام" التركيز على الشخصيتين الرئيسيتين فقط، وتقديمهما بمعزل عن العالم، وسرد القصة عبر حكي كل منهما عن نفسه في المقابلة السنوية. هذا الأسلوب قد يتحول إلى مأزق خطير لسيناريو أي فيلم، فهو باب مفتوح لفخ الملل، خصوصًا مع غياب الشخصيات الثانوية أو الخطوط الدرامية الجانبية.
ولكن سيناريو فيلم "6 أيام" تجاوز هذه العقبة برسم صورة شبه مكتملة لشخصية كل من يوسف وعالية، فحوّلها من مجرد حديث شخصية خيالية عن نفسها إلى إنسان من لحم ودم، شخص ذي طموحات وإحباطات، أزمات عائلية وعثرات لا تنتهي، ونجاحات قادرة على تغيير حياته، بالإضافة إلى الواقعية الشديدة في تناول تفاصيل حياة كل منهما.
ليمثل كل من يوسف وعالية صورة حقيقية لأبناء جيل تخبّط بين كثير من الأحداث المغيرة للحياة، من تغييرات عالم الاتصالات، ودخول الإنترنت، وانتشار مواقع التواصل الاجتماعي، وحتى وباء كوفيد-19، ومن ثم يسهل على المشاهد التماهي معهما وتصديق حكايتهما.
حب جيل الألفيةعلينا أن نتحدث في البداية عن نوع الفيلم وهو الرومانسية، فرغم الإقبال الكبير على هذا النوع السينمائي الذي يُعدّ مفضلًا لدى النساء والمحبين، فإنه يعاني من ظلم كبير، والسبب في ذلك هو أنه يسهل أن يقع في فخ الاستسهال والكليشيهات.
إذا نظرنا إلى السنوات الماضية، سنجد أن عدد الأفلام الرومانسية المصرية التي شاهدناها محدود للغاية، باستثناء فيلم "الهوى سلطان" الذي أعاد الحياة لهذا النوع.
إذن، لماذا تتحول هذه الأفلام بسهولة إلى كليشيهات؟ لأن هذه الأفلام غالبًا ما تكون بسيطة جدا، فهي تعتمد على نسق تقليدي؛ فتى وفتاة يحبان بعضهما، ثم يواجهان عقبات كبيرة، وفي النهاية تكون النتيجة إما أن تفصل بينهما أو تجمع شملهما بسعادة.
إعلانإحدى مشاكل هذا النوع تتمثل في أن العقبة مكتوبة بشكل جيد، لكن الشخصيات مفتقرة إلى التعقيد، وتعتمد كثيرا على كاريزما الممثلين أو عوامل أخرى. أو في حالة أخرى تكون الشخصيات جيدة، ولكن العقدة وهمية جدا تجعلك تشعر أن الفيلم ليس له قيمة، فالمشكلة يمكن حلها بسهولة.
فيلم "6 أيام" قدّم ما عليه ببساطة، لم يحاول أن يكون معقدًا أو يشتت انتباه المشاهد بشخصيات وحبكات جانبية، بل بدأ من الشخصيات نفسها.
عالية ويوسف يشبهان ملايين من الشباب المصريين والمصريات أبناء الجزء الثاني من جيل الألفية، فإن قلنا إن أبطال الهوى سلطان هم الرعيل الأول لهذا الجيل، الذي بدأ من عام 1981 إلى 1996، فإن يوسف وعالية ينتميان للنصف الثاني من هذا الجيل، فتى وفتاة عاشا في أسر مصرية عادية، ويعترفان بأن والديهما كانا مسيئين، مثل كثير من الأهالي، القضية التي لا تتناولها الدراما بما فيه الكفاية، غير أن الفيلم تناولها بذكاء كعامل مؤثر في سير الأحداث، فمن دون قسوة الأم التي انتزعت عالية من محيطها ومدرستها في يوم وليلة لما فقدت القدرة على التواصل مع يوسف، بينما عنف والد يوسف واستبداده الشديد كانا السبب في دخوله كلية لا يحبها، ثم ترك مهنة الطب وتخبط سنوات قبل أن يجد لنفسه مسيرة مهنية ملائمة له بصورة أفضل.
عاش كل من عالية ويوسف مدة طويلة كعرائس الماريونيت، تتحكم فيهما أطراف خارجية، وعندما أصبحت لديهما القدرة على التحكم فيها راحا يتخبطان والدنيا تتلاعب بهما، وخلال كل ذلك كانا يحاولان اكتشاف نفسيهما، وفي الوقت نفسه يتمسكان بالعلاقة التي ظلت ثابتة رغم كل التغيرات التي مرت بهما.
والآن نأتي إلى العقبات التي تواجه هذا الحب، وهي ليست عقبة واحدة بل عقبات متعددة، وعقبات حقيقية وواقعية ومتراكمة، تعتمد بشكل أساسي على فرق التوقيت، حيث ينضج كل واحد من الشخصيتين بسرعات مختلفة وفي فضاء مختلف. لذلك، عندما يلتقيان لا يحدث التلاقي الحقيقي لأنهما لم يصلا بعد إلى النقطة ذاتها، وهذا الأمر يبعث الأمل في نفس المشاهد في كل مرة، فحتى عندما يشعر بالإحباط يبقى لديه أمل في التلاقي بالنهاية.
إعلانلم يقدم فيلم "6 أيام" ما هو جديد أو مختلف عند مقارنته بالأفلام الرومانسية العالمية، غير أنه عمل فني محكمة تفاصيله، وقدم قصة مصرية أصيلة، وأظهر أفضل ما لدى ممثليه من مهارات، ليكون بداية موفقة لعام سينمائي قادم.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات سينما الهوى سلطان غیر أن
إقرأ أيضاً:
مدير المكتب المركزي للأبحاث القضائية يكشف عن معطيات جديدة عن الخلية الإرهابية التي تم تفكيكها
قال مدير المكتب المركزي للأبحاث القضائية، الشرقاوي حبوب، اليوم الاثنين بسلا، إن المكتب تمكن بتعاون مع المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، من إحباط مخطط إرهابي خطير كان يستهدف المملكة، وذلك بفضل معلومات استخباراتية دقيقة. العملية الأمنية التي استمرت حوالي عام أسفرت عن تفكيك خلية إرهابية تتكون من 12 شخصًا، تم توقيفهم في مدن متعددة بينها العيون، الدار البيضاء، فاس، طنجة، وأزمور.
واضاف الشرقاوي في ندوة صحفية نظمها المكتب المركزي للأبحاث القضائية أن الخلية، التي أطلق أعضاؤها على أنفسهم اسم “أسود الخلافة في المغرب الأقصى”، كانت تخطط لتنفيذ هجمات إرهابية في عدة مدن مغربية. عمليات البحث والتفتيش التي تلت توقيف أفراد الخلية أسفرت عن ضبط مواد وأسلحة خطيرة، بما في ذلك عبوات ناسفة جاهزة للاستعمال، وأسلحة نارية وذخيرة، بالإضافة إلى معدات يُشتبه في استخدامها لصناعة المتفجرات.
وذكر ان التحقيقات كشفت أن الخلية كانت على اتصال مباشر مع قيادي بارز في تنظيم “داعش” بمنطقة الساحل الإفريقي، المدعو “عبد الرحمان الصحراوي”، الذي قدم الدعم اللوجيستي والمعدات اللازمة لتنفيذ المخطط الإرهابي. من بين الاكتشافات المهمة، كان مخبأ للأسلحة يقع في منطقة الراشيدية، حيث تم العثور على شحنة من الأسلحة النارية، بما في ذلك بنادق ومسدسات وكمية كبيرة من الذخيرة.
وتجدر الإشارة إلى أن هذه العملية تندرج في إطار جهود المغرب المستمرة لمكافحة الإرهاب والتصدي لأي محاولات تهدد أمنه الداخلي، مع تعزيز التعاون الأمني والاستخباراتي على الصعيدين الإقليمي والدولي.