جريدة الرؤية العمانية:
2025-03-04@12:59:39 GMT

.. ورحلت الهاشمية

تاريخ النشر: 25th, January 2025 GMT

.. ورحلت الهاشمية

 

د. إبراهيم بن سالم السيابي

 

من الأحداث المحفورة بالذاكرة منذ أيام الطفولة، أيام عاشوراء؛ حيث كانت تأخذني الوالدة رحمة الله عليها إلى مأتم الحسين، كان هناك صوت عذب، فهو صوت يلامس القلوب ويترك تأثيرًا عميقًا في النفس.

ويمكن أن نصف هذا التأثير بأنه "رقيق"، "مؤثر"، "شجي"، يقرأ عن وصف الأحداث في موقعة كربلاء، ويتخلل هذه القراءة بعض القصائد الملحنة عن نفس المناسبة ونفس الأحداث.

الإلقاء يعيد إليك أحداث كربلاء تصويرًا خياليًا بتفاصيلها وكأنها حدثت للتو، وبالتالي تحدث في نفسك أثرًا عميقًا، وكأنك المعني، وكأنك كنت هناك تشهد الواقعة وقد خذلتَ الحسين فيمن خذلوه وتبكي على ما أصابه.

هاشمية أو الهاشمية كما تُسمى نظرًا الى نسبها الرفيع، الأم والقارئة والمعلمة التي عاشت بيننا بصوتها الشجي ونور علمها الذي استنار به أجيال والتي كان لها تأثير فيمن حولها ومجتمع الولاية ككل. غادرت عالمنا اليوم وانطفأت شمسها للأبد، كانت هي بقراءتها بداية من علمني ما هو إرث الحسين الحقيقي ولماذا تبكي عليه البواكي، وبعدها قرأت كيف كان رمزًا للثبات على المبادئ، وكيف وقف مع قلة من أصحابه في وجه جيش كامل، لكنه لم يخضع أو يتزحزح عن موقفه، ولم يتزعزع أمام تلك القوة، بل بقي ثابتا على الحق حتى استشهد، موقف الحسين الذي تربى في بيت النبي الكريم  يعكس  كيف يمكن للإنسان أن يعيش كقائد للمبادئ وهذا الإرث يتوارث جيلًا بعد جيل رغم رحيل الحسين بعد هذه السنين، وكيف أن الثبات على الحق قد لا يعني التفوق والانتصار في اللحظة؛ بل يعني الحفاظ على القيم، وعلى الكرامة، وعلى العدالة.

تعلمنا من الراحلة أن البكاء على الحسين ليس مجرد دموع تتناثر؛ بل هي دموع تتفجر من أعماق القلب، دموع تكون شاهدًا على وقفة مع الذات، ومراجعة دائمة للمواقف التي نتخذها في حياتنا اليومية، فقد كانت تعلمنا من خلال صوتها الشجي وعلمها المستنير كيف نعيش في ضوء تلك القيم التي حملها الحسين ودافع عنها ودفع حياته ثما لها، وكيف ننظر إلى الحياة من خلال مبادئه، وكيف نتصدى للظلم بكل شجاعة ووفاء، مهما كانت التحديات.

لم تكن الهاشمية فقط تقرأ وتنشد وتعلم؛ بل كانت تعيش في المجتمع بما تقوله من خلال مواقفها، ومن خلال تلك الروح الطاهرة التي كانت تجسدها في كل مرة كانت تعطينا دروسا في الصبر، في الثبات، وفي التضحية، حتى نعرف كيف نواجه الحياة بصلابة، كما واجه الحسين في كربلاء جيشًا كاملًا، وهو يعلم أن النصر ليس في البقاء على قيد الحياة؛ بل في الاستمرار في المضي قدما على دروب الحق.

وما أشبه اليوم بالبارحة، فلا يمكن عندما نتذكر الراحلة وسيرتها العطرة وهي من تعلمنا على يديها ثبات الحسين وسيرة الحسين في كربلاء وموقفه ومواجهته الموت، ألا نتذكر غزة والحرب على غزة وأهل غزة الشجعان الذين ثبتوا على مواقفهم الأسطورية ضد الظلم والطغيان ووقفوا في أرضهم يتحدون الموت والدمار من كل جانب بصوت واحد يرددون إما العيش في أرضنا وبكرامة أو الموت دونها، حتى تحقق لهم النصر بإذن الله ودحر المعتدين.

رحيل الهاشمية اليوم سيترك فراغًا في قلوب أهلها ومحبيها، لكن ما غرسته من حب للمبادئ، سيبقى حيا فينا، ليظل يذكرنا بما قدمته في حياتها وسيرتها العطرة، لقد رحلت جسدا لكنها تركت إرثًا من العلم والمعرفة، ومن الإيمان، ومن الوفاء ولعلنا نعيش كما علمتنا، ثابتين على الحق، سائرين على نهجها في مواجهة تحديات الحياة؛ حيث تظل روحها حاضرة في كل قلب تعلم منها معنى الإيمان والثبات على الحق، فلتكن ذكراها دربًا نحتذي به، ولتبق كلماتها الشجية في آذاننا، وهي تدعونا للتمسك بكل ما هو حق، كما هي ذكرى الحسين فينا حيَّة، ما دام الدم يجري في عروقنا.

رحم الله الهاشمية وأسكنها فسيح جناته، وجعلها في مكانٍ عليٍّ مع الصديقين والشهداء وحسن أولئك رفيقًا، وألهم أهلها الصبر والسلوان، وإنا لله وإنا إليه راجعون.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

صحفية: أوجلان لن يتمكن من التصويت ولا السفر إلى الخارج

أنقرة (زمان التركية) – قالت الكاتبة الصحفية التركية نوراي باباجان، إن زعيم حزب العمال الكردستاني، لن يتمكن من السفر إلى الخارج ولن يكون له الحق في التصويت والانتخاب.

ومن المتوقع الإفراج عن زعيم حزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان، بعد إعلانه حل التنظيم الانفصالي ودعوته التنظيم إلى ”إلقاء السلاح“.

وفي مقالها المعنون حرية أوجلان ’المحدودة‘، ذكرت نوراي باباجان أنه: ”إذا سار مشروع المبادرة على النحو المنشود تمامًا، سيكون أوجلان حرًا… ولكن بشكل محدود. سيقيم في إمرالي ويستقبل الزوار من الخارج. وسيسافر داخل حدود تركيا بإذن. لن يتمكن من السفر إلى الخارج ولن يكون له الحق في التصويت والانتخاب”.

وأضافت باباجان: “وبعبارة أخرى، ستتحدث تركيا عن الحق في الأمل (العفو) هذا العام. ستحدد الدولة حدوده. ومن المعروف أن حزب العمال الكردستاني سيعقد مؤتمراً لحل نفسه. وهناك آراء مختلفة حول موعد هذا المؤتمر. وتتحدث مصادر استخبارات أنقرة عن انعقاد مؤتمر حزب العمال الكردستاني بعد أسبوعين. هناك خطة لنقل تاريخ 21 مارس عيد النوروز إلى موعد سابق حتى لا يتم استخدامه كموعد”.

وتابعت الصحفية: “إذا سارت الخطة بأكملها بشكل منهجي كما تتصورها الدولة، إذا تم الانتهاء من عمليات مثل حل وتسليم السلاح وهجرة الكوادر القيادية إلى دول أخرى وإخلاء جميع المعسكرات ومناطق السكن والكهوف دون وقوع أي حوادث، عندها سنبدأ الحديث عن العفو. تقول المصادر إن الأمر سيستغرق سنة على الأقل حتى يتم ذلك، وسيستغرق الأمر ما يصل إلى عامين عندما تؤخذ جميع الإجراءات اللازمة في الحسبان“.

Tags: أكرادأوجلانالعمال الكردستاني

مقالات مشابهة

  • بلاغة آيات الصيام في ملتقى الأوقاف الفكري بمسجد الحسين في ثالث ليالي رمضان
  • القبض على متهم ينتحل صفة ضابط بأحد الأجهزة الأمنية في كربلاء
  • حيث الانسان يزهر من محافظة لحج ويحيي أمالا كانت طي النسيان ويبعث الحياة في مزرعة جدباء كانت للأشقاء السبعة... الحلقة الثانية
  • الملكة رانيا العبدالله في فيديو مع العائلة الهاشمية بشهر رمضان
  • صحفية: أوجلان لن يتمكن من التصويت ولا السفر إلى الخارج
  • رمضان في كربلاء.. مبادرات إنسانية لمواجهة ارتفاع الأسعار
  • صفورية التي كانت تسكن تلال الجليل مثل العصفور.. جزء من هوية فلسطين
  • المغرب: شاب يسقط خلال مباراة رمضانية ويُفارق الحياة
  • سحر رامي تكشف كواليس فيلمها أثناء حرب الخليج: المغامرة كانت تستحق المخاطرة
  • “صم بصحة”.. جهود توعوية متكاملة من المنظومة الصحية لتعزيز جودة الحياة في رمضان