فاطمة الحارثية
هناك الكثير من سوء الفهم حولنا، فلا تدفعوا النَّاس لأقصى الحدود حتى لا تأذوا أنفسكم، ولا تُحاصروا من لا حول له حتى لا يضطر أن يُحدث ألم الدفاع عن النفس، نحن رهن فهمنا للأمور وإن أسئنا استئنا، وإن أصبنا سعدنا، وإن تريثنا غنمنا.
الأحداث غير المتوقعة في حياتنا كثيرة، وإن تبلورت في ظروف مشابهة؛ تبقى النتائج متباينة خاضعة لفهمنا بغض النظر عن الوقائع، ورغبتنا في صياغتها ومحورتها حسب مصالحنا، وانتقاء التعبير الذي يُناسبنا عند الآخرين.
في غياهب وتمويهات اللعب الخسائر هي الأرباح الحقيقة، لأنها توهم الخصم انتصارا زائفا، وتُرخي حذر العدو، أما الأرباح السريعة فليست إلا مخدر مؤقت وإن أثرت على الأحداث، قد تُخسرك اللعبة بأكملها، وبكل تأكيد تأثيره ظاهري عكس الربح، ولا تسبب سوى استبدال اللاعبين بعذر "الإجهاد أو الفساد"؛ ومن الحماقة أن تبقى على البيادق أو بالأصح من يتم استخدامهم لفترة طويلة، لأنهم يصدأون ويوهن فكرهم وحيلهم، وإن غلبهم الجشع والطمع، سيُعجل من السقوط مدويا بلا رحمة، ومع ذلك كسر شوكتهم سلاح ذو حدين، لأنك بذلك تحصل على بيدق ضعيف قد لا يخدم جيدا على ساحة الملعب، والاستبدال المستمر أيضا قد يُفقدك طاعتهم وولاءهم، مهم جداً والأسلم تشتيتهم بخلافات وهمية بينهم وبين بعض، فتشحذ الوهن وفي نفس الوقت لا يجدوا وقتًا لتدبر الأمور والأحداث، مما يسر الشركاء، لتبقى مُتعة اللعبة على المدى الطويل.
وفي زمن لا عدالة فيه؛ فالمكاسب والخسائر هي الحكم الفصل. وفي مثل هذه الميادين على الفرد أن يعلم متى يتراجع، ويُحافظ على أمانه، ويُبقى عينيه على الساحة، ليعرف متى يُقلب ويُغير أركان اللعبة أو أقلها موقعة منها. فالتغير أمر حتمي، يحتاج فقط إلى الوقت والذكاء، وخلق مجال تحويل الدفة، علماً بأنَّ الخطوة إلى الخلف ليست هزيمة، واللاعب البارع فقط من يستطيع أن يُقيم ويصنع أدواته لتلائم التغيرات أو حتى يحين المد المناسب، لا أن يعتمد على تشجيع الجمهور وتصفيقه، أو صاحب اللعبة.
ذكرت في مقال سابق الحياة وأرضها عبارة عن مسرح، وضخامة أو حجم هذا المسرح يعتمد على موقعك، فمن على الساحة يراها كبيرة ضخمة وواسعة لا نهاية لها، أما من هم على مقاعد الجمهور بالنسبة لهم هو ملعب صغير على مد أبصارهم، وجهد اللاعب واجتهاده الذي هو كالدهر بالنسبة له، عند المشاهد أو الجمهور ومضة أو ثوان، يُهلل عندها أو يغضب ويسخط، وعند صاحب الملعب.
سمو...
لا أحد يملك أن يصنف موقعك سواك، ولك أن تؤرجح حياتك بين لاعب وحكم ومالك، ولك أيضا أن تختار جنتك ونارك، الخيار لك، فلا تلم سوء الفهم أو تتوكأ على حُسنه.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
الشرع يكشف للإعلام الأمريكي عن الاطراف التي سوف تتضرر في حال وقعت في سوريا أي فوضى
اعتبر الرئيس السوري، أحمد الشرع، في حديث لصحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية، “أي فوضى في سوريا ستضر بالعالم أجمع، وليس دول الجوار فقط”.
وفي تأكيد على الدعم الدولي للإدارة الجديدة في دمشق، ذكر الشرع أن “دولا إقليمية وأوروبية تهتم باستقرار سوريا الجديدة بعد سقوط نظام بشار الأسد”.
وعن وجود قوات أجنبية في سوريا، صرح الرئيس السوري للصحيفة الأميركية: “أبلغنا جميع الأطراف بأن الوجود العسكري في سوريا يجب أن يتوافق مع قوانينا”.
وتابع: “يجب ألا يشكل أي وجود أجنبي في سوريا تهديداً للدول الأخرى عبر أراضينا”.
والأحد الماضي، أعلن رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، إيال زامير، أن وجود قواته في مناطق جنوب سوريا يهدف إلى “الدفاع عن النفس بأفضل طريقة ممكنة”.
وأضاف زامير خلال زيارة مناطق تسيطر عليها إسرائيل في جنوب سوريا: “نحن نسيطر على نقاط رئيسية، ونتواجد على الحدود لحماية أنفسنا على أفضل وجه”، وفقا لما نقلت “تايمز أوف إسرائيل”.
ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري المخلوع، بشار الأسد، توغلت القوات الإسرائيلية في هضبة الجولان التي احتلت القسم الأكبر منها عام 1967، قبل أن تضمه في 1981.
كما دخلت المنطقة العازلة مطيحة باتفاقية فض الاشتباك التي أبرمت عام 1974 بين الجانب السوري والإسرائيلي.
بينما شددت مصادر أمنية على أن التوغل العسكري الإسرائيلي وصل إلى حوالي 25 كيلومترا نحو الجنوب الغربي من دمشق، وفق رويترز.
وفي ملف التسليح، أشار الشرع في حديثه إلى أن “بضعة أشهر ليست كافية لبناء جيش لدولة بحجم سوريا”.
وتابع: “لم نتلق بعد عروضاً من دول لاستبدال أسلحتنا، ومعظمها تصنيع روسي”.
وعن العلاقة بين دمشق وموسكو، أوضح الشرع: “لدينا اتفاقيات غذاء وطاقة مع روسيا منذ سنوات، ويجب أخذ هذه المصالح السورية في الاعتبار”.
وتطرق الرئيس الشرع إلى العلاقات مع أميركا، حيث دعا واشنطن “إلى رفع العقوبات عن سوريا التي اتخذت رداً على جرائم النظام السابق”.
وذهب الشرع إلى أن” بعض الشروط الأميركية بشأن رفع العقوبات تحتاج إلى مناقشة أو تعديل”.
ومنذ الإطاحة بالرئيس الأسد في ديسمبر الماضي بعد حرب أهلية استمرت قرابة 14 عاما، تدعو الإدارة السورية الجديدة المجتمع الدولي إلى رفع العقوبات التي فرضت على دمشق خلال حكمه.
وحتى الآن، لا يزال معظم تلك العقوبات ساريا وتقول الولايات المتحدة ودول غربية أخرى إن السلطات الجديدة لا يزال يتعين عليها إظهار التزامها بالحكم السلمي والشامل.
وفي الشأن الداخلي، قال الرئيس الشرع: “حكومتي ملتزمة بالحفاظ على السلام في منطقة الساحل، وسنحاسب المسؤولين عن أعمال العنف الأخيرة”.
وشهدت منطقة الساحل السوري الشهر الماضي أعمال عنف طائفية سقط فيها المئات من القتلى من أنصار الأسد، عقب حركة تمرد مسلحة ضد النظام الجديد.
ودعت واشنطن جميع الأطراف إلى ضبط النفس، وتجنب أي تصعيد، والعمل بمسؤولية من أجل بناء سوريا موحدة ومستقرة وآمنة