الجانب المُشرِق لشركات النفط
تاريخ النشر: 25th, January 2025 GMT
د. محمد بن عوض المشيخي **
النفط أو الذهب الأسود كما يحلو للبعض أن يُطلق عليه، هو شريان الحياة للاقتصاد في دول الخليج العربية منذ عدة عقود؛ فالنفط الذي تستخرجه الشركات الغربية بالشراكة مع بعض المؤسسات المحلية التي دخلت على الخط في السنوات اللاحقة، بعد وصول أسعار النفط إلى أسعار قياسية غيَّرت وجه الحياة في الدول المصدرة لتلك الخامات البترولية، فتحولت الصحاري القاحلة إلى مدن ومناطق صناعية ومشاريع قائمة على صناعة النفط مثل البتروكيماويات ومُشتقاتها المختلفة، كما ارتقت شعوب المنطقة بانتشار المدارس والجامعات التي خرجت أجيالا متعاقبة من المتعلمين الذين ساهموا في بناء تلك الأوطان بداية من عقد الأربعينيات من القرن العشرين ووصولًا إلى المرحلة الحالية، وذلك بفضل من الله وارتفاع إيرادات النفط والذي أصبح العمود الفقري للتنمية بأبعادها الثلاثة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية.
وكانت البداية لهذه النهضة العمرانية التي شهدتها المنطقة كل من البحرين والكويت والسعودية ثم دخلت الدول الأخرى على نفس المسار مثل قطر والإمارات وأخيرا سلطنة عُمان التي صدرت أول شحنة تجارية من النفط في 1967.
وتعد شركة "تنمية نفط عُمان" واحدة من أكبر الشركات العالمية في مجال استخراج النفط والغاز في الخليج العربي؛ فالحكومة العُمانية تملك 60 بالمائة من أصول هذه الشركة الوطنية التي لعبت دورا محوريا وأساسيا في بناء بلدنا العزيز، بينما تملك شركة "شل" التي تعد واحدة من أكبر ما يعرف بـ"الأخوات السبع" الغربيّة العملاقة في صناعة النفط والغاز والتي هيمنت على صناعة النفط منذ الأربعينيات من القرن العشرين "34 بالمائة" من أصول (PDO)، بينما ذهب لكل من (توتال) والمجموعة البريطانية للنفط "BP" 4%، و2% تباعًا.
وفي خطوة موفقة وغير مسبوقة في تاريخ الشركة تقلد الدكتور أفلح الحضرمي منصب المدير العام لها منذ أبريل 2024، ليكون أول عُماني يشغل هذا المنصب الرفيع، بينما يبلغ عدد موظفي شركة تنمية نفط عُمان أكثر من 9500 موظف، 91% منهم من العُمانيين. وتقوم شركة تنمية نفط عُمان بالتنقيب عن النفط والغاز في منطقة الامتياز والمعروفة بـ"بلوك 6" ويشغل مساحات واسعة في محافظتي الوسطى وظفار؛ حيث تستخرج الشركة حوالي 70 في المائة من إجمالي إنتاج السلطنة من النفط المقدر بمليون برميل يوميًا. ويُشكَّل النفط والغاز 68 بالمائة من إيرادات الموازنة العامة للدولة للسنة المالية 2025.
وقد سعدتُ بأن أكون ضمن مجموعة من الإعلاميين الذين استضافتهم الشركة في منتصف يناير الجاري؛ لزيارة منطقتي مرمول ونمر، للاطلاع على الجهود الخيِّرة لهذه المؤسسة الوطنية (PDO) في مجالي: المحافظة على بيئة نظيفة وخدمة المجتمع. وفي مجال المساهمة في إيجاد طاقة نظيفة من الالواح الشمسية على مساحة 4 كيلومترات مربعة، نفَّذت الشركة مشروعها الأول من نوعه في المنطقة والذي يساهم في توفير 100 ميجاواط في منطقة نمر، على بعد 300 كيلومتر شمال شرق مدينة صلالة؛ وذلك من خلال مجموعة شركات انضوت تحت مسمى محطة أمين لتوليد الطاقة الكهروضوئية، كما إن هناك العديد من المبادرات في مرحلة التنفيذ في مجالات طاقة الرياح وكذلك الطاقة الشمسية في مختلف مناطق الامتياز بهدف التقليل من الانبعاثات الكربونية وخلق بيئة نظيفة في السلطنة في إطار سياسة البلاد بالوصول إلى الحياد الصفري في 2050.
أما في تشجيع العلم وبناء العقول في مناطق الامتياز، فهناك البعثات الدراسية في الجامعات العُمانية وكذلك في الخارج فقد خصصت المقاعد الدراسية لمخرجات الدبلوم العام والتي تقدر بمائيات المقاعد الدراسية كل عام، فضلا عن برنامج "تعزيز" الذي يهدف إلى تطوير مستوى الطلبة في مجال اللغة الإنجليزية وتنمية مهارتهم الخاصة في مجالات التواصل الاجتماعي، إذ أن البرنامج يتطلب السفر إلى المملكة المتحدة في الإجازة الصيفية لكون أن هؤلاء الطلبة في مقاعد التعليم العام وتحديدًا صفي الحادي عشر والثاني عشر. والأهم من ذلك كله هو بلوغ القيمة المحلية المضافة لشركة تنمية نفط عُمان 2.5 مليار دولار خلال عام 2023، خصصت جزءًا منها للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، بينما انفقت 422 مليون دولار على الصناعات الوطنية.
وفي الختام.. أثناء مشاركتي كمتحدث "في ملتقى الإعلام البترولي الخامس لدول مجلس التعاون الخليجي" في اغسطس الماضي، أجمع الحضور على أن هناك تحديات غير مسبوقة تواجه الدول المُصدِّرة للنفط، تتمثل في الحملات الإعلامية من المنظمات الدولية والحكومات الأوروبية وأحزاب الخضر المهتمة بالبيئة في معظم دول العالم بهدف التخلص مما يعرف بـ"الوقود الأحفوري" المتمثل في النفط والغاز؛ لكونه المتسبب الأول في تلوث كوكبنا، وخاصة الانبعاثات الكربونية المضرة بالبيئة، غير أنه في المقابل يؤكد كبار المسؤولين في وزارات النفط والغاز في دول مجلس التعاون الخليجي، الإيجابيات الكبيرة لقطاعي النفط والغاز في نهضة المجتمعات الخليجية، لأنها المصدر الأساسي لنمو الاقتصادات الخليجية ومن ثم تحقق الرخاء والرفاهية.
** أكاديمي وباحث مختص في الرأي العام والاتصال الجماهيري
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
استمرار فتح ميناء رفح البري لليوم الـ36 على التوالي
صرح مصدر مسئول بميناء رفح البري بمحافظة شمال سيناء اليوم الثلاثاء بأن الجانب المصري من معبر رفح لا يزال مفتوحا لليوم الـ36 على التوالي انتظارا لوصول المصابين والجرحى والمرضى الفلسطينيين ومرافقيهم لتلقي العلاج والرعاية الطبية في الخارج.. بينما تواصل سلطات الاحتلال الإسرائيلي إغلاق الجانب الفلسطيني من المعبر وتمنع أيضا دخول المساعدات الإغاثية والإنسانية، وشرعت في توسيع عملياتها البرية في رفح جنوبي قطاع غزة.
وأوضح المصدر، أن الأطقم الطبية وسيارات الإسعاف في وضع استعداد دائم في انتظار استقبال المصابين الفلسطينيين ومرافقيهم، حيث وصل منهم حتى يوم 18 مارس الماضي 45 دفعة شملت 1700 من المصابين والجرحى والمرضى إلى جانب 2500 من المرافقين.
وأشار المصدر، إلى أن سلطات الاحتلال تغلق منذ 2 مارس الماضي الجانب الفلسطيني من معبر رفح البري وتمنع دخول شاحنات المساعدات الإنسانية والإغاثية والمعدات الثقيلة اللازمة لإعادة الإعمار في قطاع غزة، وإزالة الركام الناتج عن 15 شهرا من الحرب على غزة.
يذكر أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي تغلق المنافذ التي تربط قطاع غزة منذ يوم 2 مارس الماضي بعد انتهاء المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار بغزة وعدم التوصل لاتفاق لتثبيت وقف إطلاق النار واختراق إسرائيل له بقصف جوي عنيف يوم 18 مارس الماضي وإعادة التوغل بريا بمناطق متفرقة بقطاع غزة.. كما أن سلطات الاحتلال تمنع دخول شاحنات المساعدات والمعدات الثقيلة اللازمة لإزالة الركام وإعادة الإعمار إلى قطاع غزة، ولا تزال مئات الشاحنات مصطفة على جانبي طريق رفح والعريش منذ أول رمضان الماضي في انتظار الدخول للقطاع.
وكان قد تم الإعلان يوم (الأربعاء 15 يناير2025م) عن التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة وتبادل الأسرى والمحتجزين بين إسرائيل وحركة حماس والعودة إلى الهدوء المستدام ينفذ على ثلاث مراحل، بوساطة مصر وقطر والولايات المتحدة الأمريكية، ليبدأ سريان الاتفاق اعتبارًا من يوم الأحد (19 يناير 2025م).. وانتهت المرحلة الأولى بعد 42 يومًا منذ بدء سريان الاتفاق دون التوصل لاتفاق بتثبيت وقف إطلاق النار أو هدنة، وتجري حاليا بجهود الوسطاء مفاوضات من أجل العودة للهدنة ووقف الحرب على غزة.
اقرأ أيضاًاستمرار فتح ميناء رفح البري من الجانب المصري لليوم الـ25 على التوالي
لليوم العاشر.. ميناء رفح البري لا يزال مفتوحا من الجانب المصري