جريدة الرؤية العمانية:
2025-04-22@12:56:35 GMT

قُل من أنت؟

تاريخ النشر: 25th, January 2025 GMT

قُل من أنت؟

 

 

د. خلود أحمد العبيدانية **

الإنسان هو نتاج مجموعة معقدة من المشاعر والأحاسيس التي تتشكل من خلال التجارب الحياتية والفطرة، وبعض المشاعر تتكون نتيجة لتجارب مُعينة، مثل الخوف الذي قد ينشأ من تجربة سلبية، بينما تكون بعض الأحاسيس فطرية، مثل الحب والرغبة في الانتماء. تعزيز هذه المشاعر والأحاسيس يمكن أن يأتي من البيئة المحيطة بنا، سواء من خلال الدعم العائلي أو الاجتماعي أو من خلال التجارب الشخصية التي نمر بها.

فهم هذه الديناميكيات يمكن أن يساعدنا في تطوير الذات وتحقيق النمو الشخصي.

تجربة الطفل ألبرت، التي أجراها جون واتسون وروزاليندا راينر في عام 1920، تهدف إلى دراسة كيفية تكوين الخوف لدى الأطفال من خلال التعلم الشرطي. في البداية، لم يكن ألبرت يخاف من الفئران البيضاء أو الأرانب أو الكلاب. ولكن بعد أن بدأ الباحثان في إحداث صوت عالٍ ومزعج كلما لمس ألبرت الفأر الأبيض، بدأ ألبرت في الربط بين الفأر والصوت المزعج. نتيجة لذلك، أصبح يخاف من الفأر الأبيض وحتى من الأشياء المُشابهة له. هذه التجربة أظهرت كيف يمكن تكوين الخوف من خلال التجارب السلبية، لكنها تعرضت لانتقادات شديدة بسبب القضايا الأخلاقية المتعلقة باستخدام طفل صغير في مثل هذه التجارب دون مُوافقة واضحة من والديه، وعدم محاولة إزالة الخوف الذي تم تكوينه لدى ألبرت بعد انتهاء التجربة.

توضح لنا هذه التجربة كيف يمكن تكوين الخوف من خلال التعلم الشرطي، وهو ما يمكن رؤيته في حياتنا اليومية. على سبيل المثال، قد يتطور الخوف من الامتحانات لدى الطلاب بسبب تجارب سابقة سلبية. أو الخوف من الأماكن المرتفعة بسبب تجربة سقوط سابقة، أو الخوف من الكلاب بعد التعرض لعضة. وكذلك تعريض الأطفال لمجموعة من المخاوف بقصد تأديبهم يمكن أن يكون له آثار سلبية على صحتهم النفسية والعاطفية. بدلًا من استخدام الخوف، يُفضل اتباع أساليب تربوية إيجابية تعزز الثقة بالنفس والشعور بالأمان لدى الأطفال. استخدم التعزيز الإيجابي لمكافأة السلوك الجيِّد، وتواصل بصدق وشفافية حول السلوكيات ونتائجها، قدم التوجيه والإرشاد بدلًا من العقاب، وساعدهم على فهم الخطأ وكيفية تصحيحه بطرق بناءة. تذكر أن الأطفال يحتاجون إلى الحب والدعم ليشعروا بالأمان والثقة، واستخدام الخوف كوسيلة للتأديب يمكن أن يؤدي إلى تدني احترام الذات ومشاكل في السلوك.

وللتغلب على المخاوف يمكن تطبيق أفكار التغلب على المخاوف وتطوير الذات في الحياة اليومية من خلال عدة استراتيجيات:

أولًا: يمكن استخدام التعرض التدريجي للمواقف المخيفة، مثل مواجهة الخوف من الأماكن المرتفعة عن طريق البدء بالصعود إلى أماكن منخفضة وزيادة الارتفاع تدريجيًا.

ثانيًا: يمكن التحدث مع الآخرين حول المخاوف للحصول على الدعم والنصائح، مما يُساعد في تقليل القلق.

ثالثًا: يمكن وضع خطط قابلة للتنفيذ لتحقيق الأهداف، مثل تحديد خطوات صغيرة ومحددة لتحقيق هدف كبير، مما يعزز الثقة بالنفس. وإضافة إلى ذلك، يمكن ممارسة التأمل واليقظة لتحسين التركيز وتقليل التوتر. ومن خلال تطبيق هذه الاستراتيجيات، يمكن للأفراد تحسين حياتهم اليومية والتغلب على المخاوف بفعالية، مما يُسهم في تطوير الذات والنمو الشخصي.

في الختام.. حياة الإنسان مليئة بالتجارب الإيجابية والسلبية التي تتراكم منذ الصغر وتستمر عبر مراحل العمر المختلفة. فهم كيفية تأثير هذه التجارب على احتياجاتنا وسلوكياتنا، يُمكن أن يساعدنا في تطوير الذات والتغلب على المخاوف بطرق بناءة. من خلال تلبية احتياجاتنا الأساسية، واستخدام استراتيجيات فعَّالة للتغلب على المخاوف، والتركيز على التعزيز الإيجابي والتوجيه البنّاء، يُمكننا بناء حياة مليئة بالثقة والأمان وتحقيق أهدافنا الشخصية والمهنية بفعالية.

** باحثة تربوية في مجال علم النفس والإرشاد، عضو المجلس الاستشاري الأسري العُماني

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

تراجع حاد في السياحة الأمريكية بسبب المخاوف الأمنية

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

شهدت الولايات المتحدة الأمريكية تراجعًا ملحوظًا في عدد السائحين الأجانب خلال شهر مارس الماضي، حيث انخفضت أعداد الزوار بنسبة 12% مقارنة بالشهر نفسه من العام السابق، وفقًا لما أعلنته إدارة التجارة الدولية التابعة لوزارة التجارة الأمريكية.

ووفق التقرير، سجلت أعداد السائحين القادمين من ألمانيا انخفاضًا حادًا بلغ 28%، وهو الأعلى بين الدول، بينما تراجع عدد الزوار من أوروبا الغربية بنسبة 17%، ومن أميركا الوسطى بنسبة 24%، ومن الصين بنسبة 11% خلال نفس الفترة.

ويمثل هذا الانخفاض، الذي سبقه تراجع طفيف بنسبة 2% في فبراير، أول تراجع كبير في حركة السياحة الأجنبية إلى الولايات المتحدة منذ جائحة كوفيد-19. 

وحذر الخبراء من أن استمرار هذا الاتجاه قد يتسبب في خسائر بمليارات الدولارات لقطاع السياحة الأميركي.

وأرجع التقرير أحد أسباب التراجع إلى المخاوف الأمنية لدى السياح الأجانب، على خلفية عدد من حوادث الاعتقال عند دخول الولايات المتحدة، حتى في حالات امتلاك المسافرين للوثائق القانونية اللازمة. 

وأشارت الصحيفة إلى وجود تقارير حول احتجاز بعض الزوار، خاصة من ألمانيا، لفترات مطولة في مرافق الترحيل.

وفي محاولة لطمأنة الرأي العام، أوضح وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو أن القادمين إلى البلاد لأغراض السياحة أو الزيارة وليس لهم صلة بأي أنشطة احتجاجية أو تحريضية، لا يجب أن يشعروا بالقلق.

بدوره، رأى خبير السياحة آدم ساكس أن هذا الانخفاض لم يكن مفاجئًا، معتبرًا أن المناخ السياسي والخطابات المثيرة للانقسام الصادرة عن إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب كانت من أبرز الأسباب التي دفعت المسافرين الدوليين لإعادة النظر في وجهاتهم.

يُذكر أن البيانات الكاملة المتعلقة بالسياحة لا تزال غير مكتملة بسبب تأخر الإحصاءات الخاصة بكل من المكسيك وكندا، وهما من أكبر الأسواق المصدّرة للسياح إلى الولايات المتحدة. كما أشار التقرير إلى تأثير توقيت عطلة عيد الفصح، التي وقعت في نهاية مارس العام الماضي، بينما صادفت شهر أبريل هذا العام، ما قد يفسر جزئيًا التراجع في الأعداد.

مقالات مشابهة

  • ناكر: حان وقت كسر حاجز الخوف
  • ارتفاع أسعار النفط رغم المخاوف الاقتصادية
  • تراجع حاد في السياحة الأمريكية بسبب المخاوف الأمنية
  • بعد تهدئة المخاوف بشأن الإمدادات.. النفط يتراجع والذهب إلى مستوى قياسي جديد
  • الخوف من الذئب.. المصير الأمريكي (2)
  • هل يمكن معرفة جنس الجنين من التغيرات الجسدية أثناء الحمل؟ استشاري يُجيب
  • العفو الدولية: لا يمكن الوثوق بإسرائيل للتحقيق في جرائم جيشها 
  • سلاح التعليم الصيفي المرعب
  • جينيفر أنيستون تروي معاناتها من فوبيا الطيران .. وتكشف عن الحل الفعّال
  • انتشار مرض «الغدة الدرقية» في دارفور يثير المخاوف