على رنين جهاز الهاتف المحمول إستيقظت أماني السر (إسم مستعار)، التي تقطن في الولاية الشمالية بمحادثة تخبرها بأنها لا يمكنها الحضور لمستشفى مروي لمواصلة جلسات الاشعاع التي خضعت لها، بعد تشخيص إصابتها بمرض السرطان، فقد حرمها استهداف مليشيا الدعم السريع لمحطة كهرباء دنقلا التحويلية فجر اليوم (الاثنين)، ومعها مرضى أخرون، من مواصلة الجلسات العلاجية.

ومنذ دخول الجيش السوداني مدينة ود مدني الأسبوع الماضي لجأت المليشيا الإرهابية إلى استهداف المنشآت الحيوية والبنى التحتية بالبلاد، وفي الأيام القليلة الماضية ركزت المليشيا استهدفها على محطات الكهرباء، شملت محطة كهرباء سد مروي الرئيسية ومحطة كهرباء مدينة مروي بالولاية الشمالية ومحطة كهرباء الشوك التحويلية بولاية القضارف شرقي البلاد، بالاضافة إلى استهداف مماثل طال محطتي كهرباء مدينتي سنجة وعطبرة بولايتي سنار ونهر النيل.

قال المتحدث باسم الجيش السوداني العميد نبيل عبد الله، إن استهداف مليشيا الدعم السريع المستمر للمدنيين والبنى التحتية والمنشآت الوطنية غير مستغرب، مضيفًا أن هذه المليشيا “المجرمة” لا تنتمي أبدًا لهذا البلد ولا تشبه أهله.
وأوضح الناطق باسم الجيش في تصريح صحفي أن زعيم المليشيا وشقيقه ظلوا يهددون من قبل الحرب بتمزيق البلاد وتخريبها في كل المناسبات و أن الشعب السوداني كله كان يتابع ذلك ولا ينساه.

وتابع: “المستغرب له هو اصرارهم قيادةً وأفراد على الاستمرار في ترديد اكاذيبهم السمجة بشأن مصلحة المواطن والوطن وهم أساساً لا يكنون له إلا الحقد الأعمى والغل المطلق وعندما فشلوا في تحقيق أوهامهم بحكمه يحاولون الآن تخريبه”.

فيما أدانت وزارة الخارجية السودانية، في بيانات السلوك الإرهابي الذي تمارسه مليشيا الدعم السريع المتمردة بحرمان المدنيين من الخدمات الأساسية عن طريق الإعتداء عليها، وطالبت المجتمع الدولي بإدانة مثل هذه الأفعال وتصنيف “الدعم السريع” كجماعة إرهابية.

وقالت شركة كهرباء السودان القابضة إن أسباب الحريق الذي نشب فجر اليوم (الاثنين) في محطة كهرباء دنقلا التحويلية يعود لاستهدافها بواسطة مليشيا الدعم السريع.وأوضحت الشركة في بيان صحفي، إن السبب الرئيسي هو انفجار طائرة مسيرة انتحارية وقد تسبب ذلك في انقطاع التيار في عدة مواقع نتيجة لهذا الهجوم وأكدت الشركة أن الفريق الفني من مهندسين وفنيين وعمال انتقل إلى موقع الحدث لتقييم الأضرار والعمل على إصلاحها في أسرع وقت ممكن.

تهدف مليشيا الدعم السريع عبر هذه الممارسات حرمان المواطنين من الاستفادة من هذه الخدمة الحيوية، والتي تؤثر بدورها في تقديم خدمات حيوية أخرى لخدمة الإتصالات و الإمداد بمياه الشرب بالإضافة إلى تدمير البنيات التحتية للبلاد وتكبيد الحكومة خسائر اقتصادية وترويع المواطنيين في الولايات الآمنة تزامنًا مع الانتصارات التي يحققها الجيش السوداني في ولايات الخرطوم والجزيرة ودارفور”.

ولم تكن أماني هي الوحيدة المتأثرة من انقطاع التيار الكهربائي بالولاية التي تعتمد على الزراعة كحرفة اساسية لمواطنيها فيتسبب انقطاع التيار الكهربائي في خسائر فادحة كما يؤكد المواطن إبراهيم أحمد لـ(المحقق) بأن انقطاع الكهرباء لفترات طويلة يؤثر بصورة بالغة على مواعيد الري الذي يعتمد على المضخات المائية التي تعمل بواسطة الكهرباء.

ويقول المحلل السياسي والاقتصادي، د. خالد التيجاني إن الأثر الاقتصادي لاستهداف الدعم السريع للمنشآت الحيوية واضح للعيان مؤكداً أن ممارسات المليشيا ليس بهدف تحقيق خسائر اقتصادية إنما تنفيس لحالة اليأس لقواتها ومحاولة إفساد فرحة المواطنين بتقدم الجيش بجانب إعطاء الإحساس بعدم الأمان”.

وأشار في حديثه مع (المحقق) بأن المساس بأي منشات خدمية هي معاقبة للمواطن وليس للجيش أو الحكومة وتعطل مصالح المواطنين والمجتمع وبها خسائر اقتصادية مترتبة على المواطن والحكومة”.

ولفت إلى أن واحدة من أهم البنود التي حملها اتفاق جدة هي حماية المواطنين، مبينًا أن ميزة هذا الاتفاق هو تأسيسه على القانون الدولي وقانون حماية حقوق الإنسان”.

وتابع: “القانون الإنساني الدولي يقوم على قاعدة أساسية وهي قاعدة الاشتباك بين الأطراف المتقاتلة وكيفية حماية المدنيين في الحروب والتمييز بين المقاتلين وبين المدنيين”.
وشدد على أن القانون الدولي يمنع منعًا باتًا استهداف المدنيين والأعيان المدنية الذي يعد انتهاكا للقانون الدولي”.
وأردف: ” قوات الدعم السريع ومنذ الأسبوع الأول للحرب تم تحويلها من طبيعتها من قتال ضد قوات الجيش إلى حرب ضد المدنيين بكافة اشكالها من السرقة واستهداف الخدمات العامة من مستشفيات ومدارس ومحطات الكهرباء”.

وزاد: “ما يمارسه الدعم السريع من استهداف للكهرباء غير جديد وهو ما يؤكد أن سلوك هذه القوات ليس شيئًا طارئًا أو عرضيًا بل إنها استهداف ممنهج”.

وقال التيجاني إن ممارسات المليشيا ممنوعة منعا باتًا بحسب القانون الدولي، وأن هذه الممارسة معتادة من قبلهم ولا يوجد فيها جديد منذ بداية الحرب وأنها تؤكد انها حرب ضد المواطن وليس ضد أي طرف آخر”.
وأكد خالد التجاني إلى أن “استهداف المليشيا لمحطات الكهرباء يوضح انه دليل يأس وأنها عسكريًا في وضع مأزوم لعدم استطاعتها لتحقيق انتصارات فأصبح الهدف هو التسبب في أضرار للبنيات التحتية من باب التنفيس لإحساس الهزيمة من جهة ومن جهة أخرى إعطاء إحساس للمواطن بأن هذا التقدم العسكري للجيش انك ستكون في أمان وقتل الفرحة بالانتصارات التي يحققها الجيش”.

واستغرب التيجاني من موقف المجتمع الدولي الذي يقف متفرجًا على انتهاكات مليشيا الدعم السريع في ظل فرض عقوبات على رئيس الدولة واتهام الجيش بارتكاب انتهاكات.

من جهته يرى المحلل الاقتصادي، خالد سعد أن استهداف الدعم السريع للمنشات والبنى التحتية هي محاولة استنزاف، لأن إعادة إعمارها مكلفة اقتصاديا وشعبيا بالنسبة للجيش الذي بدأ في استعادة رمزيته المجروحة في مدني”.

وأوضح أن استهداف البنى التحتية مثل الكهرباء، وهي خدمة كانت متوفرة في مناطق سيطرة الجيش، لا يستطيع الدعم السريع تقديمها في مناطق انتشاره، وبالتالي هو يحاول معادلة أوضاع انتشاره مع المناطق الآمنة”.
وقال سعد في حديثه لـ(المحقق) إن التأثيرات الاقتصادية لهذه الممارسات تكمن في تدمير البنى التحتية داخل المناطق الآمنة، وفي الضغط على الخدمات خاصة الكهرباء، لا سيما وأن السودان يواجه تحديات أساسية في التنمية بالإضافة إلى تعرقل خطط الاستثمار المحلي والأجنبي لأن البنى التحتية من أهم محفزات استثمار رؤوس الأموال”.
مبينًا أن هناك تأثيرات على خزانة الدولة التي فقدت موارد ضخمة نتيجة للحرب، وبالتالي فإن عملية الترميم والإصلاح تخصم من موازنة الحرب كما تزيد مثل هذه العمليات التخريبية من زيادة كلفة الإعمار، لأن التقديرات السابقة حصرتها في مناطق الحرب فقط”.

وتابع: “هذا الوضع تسود فيه حالة عدم اليقين الاقتصادي، مما يؤثر بشكل غير مباشر على الإنتاج وحركة الأسواق “العرض والطلب” لأنها تزيد من كلفة “الوقود”، وكلما ازداد الطلب على الوقود يضغط ذلك على سوق النقد الأجنبي ويخفض من قيمة العملة الوطنية”.
ونبه سعد إلى أن في حال تخريب المحولات الكهربائية قد تخرج السلع التي تعتمد على هذه الخدمة من دائرة الإنتاج”.

واعتبر سعد أن تدمير البنى التحتية ردة فعل على خسارة مدني وأجزاء واسعة من الجزيرة ومناطق أخرى تخسرها مليشيا الدعم السريع، وبالتالي تسعى لاظهار قدراتها على الرد، والتماسك وعدم الانهيار، وهي تبعث برسالة ضمنية بأن سقوفاتها الحربية مفتوحة، دون أي اعتبارات قانونية أو إنسانية”.

المحقق – نازك شمام

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: ملیشیا الدعم السریع البنى التحتیة

إقرأ أيضاً:

الجيش السوداني يطرد قوة للدعم السريع من الفاشر وسط اشتباكات عنيفة

قال مصدر في الجيش السوداني للجزيرة إن قوة من الدعم السريع تسللت مساء أمس الخميس إلى أطراف مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور، وأكد أن الجيش طارد تلك القوة فجر اليوم الجمعة وأجبرها على الانسحاب.

وقال المصدر ذاته إن اشتباكات عنيفة وقعت فجر اليوم بين الجيش والدعم السريع في محاور عدة بالمدينة انتهت بتكبيد الدعم السريع خسائر فادحة في الأرواح والعتاد.

وأكد المصدر أن مناوشات ما زالت مستمرة بين الطرفين في الأجزاء الجنوبية من المدينة.

وفي أم درمان، أفاد مصدر أمني وآخر بالشركة السودانية لتوليد الكهرباء للجزيرة بأن 4 طائرات مسيّرة للدعم السريع استهدفت منشأة كهربائية بمنطقة المرخيات شمال غربي المدينة، وأوضحا أن دفاعات الجيش السوداني تمكنت من التصدي للهجوم وحالت دون وقوع أي أضرار مادية أو بشرية جراءه.

حريق سابق بأحد مستودعات مصفاة الجيلي بالخرطوم (مواقع التواصل الاجتماعي) اتهامات متبادلة

وأمس الخميس، قال الجيش السوداني إن قوات الدعم السريع أحرقت مصفاة الخرطوم في الجيلي، التي تُعد أكبر محطة لتكرير النفط بالبلاد، واتهمت الحكومة قوات الدعم بمواصلة "سلسلة الممارسات الإجرامية الممنهجة في تدمير المرافق الحيوية بالسودان".

إعلان

ووصف الجيش السوداني -في بيان- ما أقدمت عليه قوات الدعم بأنه "محاولة يائسة لتدمير بنى هذا البلد"، و"مواصلة لسلوكها الإجرامي الحاقد على البلاد وشعبها، بعد أن ضيقت عليها قواتنا الخناق بكل محاور القتال".

وشدد الجيش على عزمه على "ملاحقة مليشيا الدعم السريع في كل مكان حتى تطهير كل شبر من البلاد".

في المقابل، قالت قوات الدعم السريع إن الجيش شن غارات جوية على المصفاة.

وذكرت في بيان أن "عمليات القصف الجوي المستمرة على المصفاة، وآخرها صباح اليوم، أدت إلى تدميرها".

وتواصلت أمس الخميس لليوم الثاني اشتباكات ضارية بين الجيش وقوات الدعم في بلدة الجيلي الواقعة على بعد نحو 70 كيلومترا شمال الخرطوم، في محاولة للسيطرة على مصفاة النفط، وسط تصاعد سحب دخان، وفق ما نقلته وكالة الأناضول عن شهود عيان.

وذكرت الوكالة أن الجيش السوداني أطلق هجوما واسعا أمس الأول الأربعاء، وسيطر على بلدة الجيلي ومناطق الكباشي والسقاي، في حين قالت قوات الدعم السريع إنها صدّت هجوما شنته قوات الجيش على المصفاة.

وتسيطر قوات الدعم على المصفاة، التي أنشئت في تسعينيات القرن الماضي، منذ اندلاع القتال في منتصف أبريل/نيسان 2023.

ومنذ ذلك التاريخ يخوض الجيش وقوات الدعم السريع حربا خلّفت أكثر من 20 ألف قتيل ونحو 14 مليون نازح ولاجئ، وفق الأمم المتحدة والسلطات المحلية.

وتتصاعد دعوات أممية ودولية لإنهاء الحرب، بغية تجنيب السودان كارثة إنسانية جراء نقص الغذاء بسبب القتال الذي امتد إلى 13 ولاية من أصل 18.

مقالات مشابهة

  • الجيش السوداني يتهم الدعم السريع بالمسؤولية عن حريق مصفاة الخرطوم للنفط
  • البرهان من مقر قيادة الجيش: “الدعم السريع” إلى زوال
  • البرهان يزور مقر القيادة العامة بعدما استعاده الجيش من قوات الدعم السريع  
  • الدعم السريع تنفي تحقيق الجيش السوداني انتصارات في الخرطوم
  • حزب الله: إسرائيل تُطبق سياسة "الأرض المحروقة" في القرى الحدودية
  • مقتل وإصابة 70 شخصاً جراء استهداف الدعم السريع للمستشفى السعودي بالفاشر
  • الجيش السوداني يعلن كسر حصار الدعم السريع لمركز قيادته وسط الخرطوم
  • الجيش السوداني يطرد ميليشيا الدعم السريع من مصفاة الجيلي
  • الجيش السوداني يطرد قوة للدعم السريع من الفاشر وسط اشتباكات عنيفة