التضخم وتكلفة الغذاء في الدول النامية والعربية
تاريخ النشر: 25th, January 2025 GMT
في السنوات الأخيرة، أصبحت مشكلة ارتفاع معدلات التضخم وزيادة تكلفة الغذاء من أبرز القضايا التي تهدد استقرار الاقتصاديات في الدول النامية والعربية. هذه الظاهرة لم تعد تقتصر على الأبعاد الاقتصادية فقط، بل أصبحت تتجاوزها إلى الأبعاد الاجتماعية والسياسية، لتضع ضغوطات كبيرة على الحكومات والمجتمعات للتعامل مع تبعاتها.
باختصار، الأسباب المغذية للارتفاعات الكبيرة في معدلات التضخم تتمثل في الأزمات العالمية كالحروب، والتغيرات المناخية والصراعات الجيوسياسية إلى جانب غياب التخطيط الاقتصادي وضعف التوجهات الإصلاحية في الداخل الوطني، لتصبح بذلك عوامل مجتمعة تٌصعب على الدول النامية والعربية توفير السلع الأساسية بأسعار معقولة.
تشير البيانات إلى أن معدلات التضخم في العديد من الدول قد سجلت أرقامًا غير مسبوقة. على سبيل المثال، سجلت الأرجنتين أكبر زيادة في أسعار الغذاء بنسبة 183%، تلتها فلسطين بنسبة 115%. في المقابل، ارتفعت أسعار الغذاء في مصر بنسبة 27%. وقد ألقى التضخم بظلاله على تكاليف الشحن أيضًا، حيث ساهم في ارتفاع أسعار الوقود والخدمات اللوجستية، وبالتتابع ارتفعت تكاليف الشحن بشكل حاد، حيث قفزت تكلفة شحن الحاويات بين أوروبا وآسيا وأمريكا بأكثر من 170%، حسب آخر تسجيل سعري في يوليو 2024.
إن تأثير ارتفاع التضخم وزيادة تكاليف الغذاء لا يقتصر على تقليل القدرة الشرائية للسكان، بل يتعدى ذلك إلى تداعيات قد تكون معظمها خفية الأبعاد على الطبقات الاجتماعية. في الدول النامية، يعاني السكان من انخفاض حاد في قدرتهم على تلبية احتياجاتهم الأساسية، وهو ما دفع العديد منهم إلى دائرة الفقر المدقع. هذا الارتفاع في تكاليف المعيشة هو من أسباب تفاقم التفاوتات والاضطرابات الاجتماعية بين الطبقات المختلفة.
وبحسب تقرير للبنك الدولي، فإن حوالي 23 مليون شخص إضافي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا قد يضطرون للعيش تحت خط الفقر نتيجة لارتفاع أسعار الغذاء. وينوه التقرير إلى أن معدلات الفقر المدقع قد تصل إلى مستويات قياسية في بعض الدول، ليكون أحد العوامل المؤثرة على استقرار المجتمعات بشكل عام.
من الواضح بأن مواجهة هذه الأزمة الاقتصادية والاجتماعية تتطلب حلول اقتصادية شاملة تضمن استقرار الأسواق وتحسن من مستويات المعيشة. الحلول يجب أن تشمل السياسات النقدية الحكيمة خاصة المرتبطة برفع أسعار الفائدة بشكل مدروس ومتدرج للحد من التضخم، دون التأثير على النمو الاقتصادي أو زيادة معدلات البطالة. ولا بد من توسيع البرامج الاجتماعية لدعم الأسر ذات الدخل المنخفض وزيادة الإنفاق الحكومي على مشروعات تهدف إلى تحسين جودة الغذاء وتطوير الإنتاج المحلي.
من الضروري أيضًا إعادة النظر في السياسات الزراعية، حيث يجب أن تركز الحكومات على دعم المزارعين المحليين، وتشجيع الممارسات الزراعية المستدامة. هذا من شأنه أن يسهم في زيادة الإنتاج المحلي وتقليل الاعتماد على الواردات، وتقليل تأثير التقلبات العالمية على أسعار الغذاء.
على الصعيد الدولي، هناك حاجة إلى تعاون أكبر بين الدول لتأمين الإمدادات الغذائية. ويجب أن تعمل الدول الكبرى والمنظمات الدولية على دعم الاقتصادات الناشئة ليس فقط من خلال المساعدات المالية، ولكن من خلال نقل المعرفة والتكنولوجيا، وتقديم الدعم في تطوير البنية التحتية الزراعية لتحقيق الأمن الغذائي المستدام. كما يجب على الحكومات والمنظمات الدولية أن تعمل على مكافحة الاحتكار في أسواق الغذاء لضمان المنافسة العادلة وحماية المستهلكين في الدول الفقيرة.
ما يبقى أن نقوله هو أن هذه الأزمة لا يمكن تلخصيها كمجرد تحدي اقتصادي، بل هي مسألة استراتيجية ملحة تتطلب إيجاد حلول مبتكرة وشاملة لمواجهة الواقع الجديد الذي تفرضه الأزمات العالمية المتجددة. الإطار العام لهذه الحلول يجب أن يجيب على التساؤل المطروح، وهو عما إذا كانت الهياكل الاقتصادية الحالية قادرة على الصمود أمام الأزمات العالمية المتتالية وكبح جماح التضخم الذي أصبح يمتد بلا سقف. الحلول المؤقتة لن تنجح في تحقيق المعالجة المطلوبة، ولن يمكن لاقتصادات المنطقة تحمل الانتظار بينما تواصل التكاليف الاقتصادية والبشرية في الارتفاع. هذه المعطيات تتطلب باختصار استراتيجيات استباقية وإصلاحات هيكلية وجذرية في السياسات الاقتصادية والاجتماعية للتعامل مع الأوضاع العالمية المتقلبة.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الدول النامیة أسعار الغذاء فی الدول یجب أن
إقرأ أيضاً:
استقرار نسبي في أسعار الفضة بالأسواق المحلية والبورصة العالمية خلال أسبوع
شهدت أسعار الفضة بالأسواق المحلية حالة من الاستقرار النسبي خلال تعاملات الأسبوع الماضي، مع استقرار الأوقية بالبورصة العالمية، بفعل ارتفاع الدولار وانحسار التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين، وفقًا لتقرير مركز «الملاذ الآمن» Safe Haven Hub.
أوضح التقرير ، أن أسعار الفضة بالأسواق المحلية تراجعت بقيمة 0.25 جنيه، خلال تعاملات الأسبوع الماضي، حيث افتتح سعر جرام الفضة عيار 800 تعاملات الأسبوع عند 49 جنيهًا، واختتمت التعاملات عند 48.75 جنيهًا، في حين ارتفعت الأوقية بالبورصة العالمية، بقيمة 0.47 دولار، حيث افتتحت تعاملات الأسبوع عند 32.53 دولار، واختتمت عند 33 دولارًا.
وأضاف، أن سعر جرام الفضة عيار 999 سجل 61 جنيهًا، و سجل سعر جرام الفضة عيار 925 نحو 56.50 جنيه، في حين سجل الجنيه الفضة ( عيار 925) مستوى 452 جنيهًا.
أسعار الفضة بالأسواق المحلية
وأشار، التقرير، إلى أن أسعار الفضة بالأسواق المحلية شهدت حالة من الاستقرار النسبي على مدار الأسبوع، مع استقرار الأوقية بالبورصة العالمية، بدعم من تهدئة الحرب التجارية بين الصين والولايات المتحدة.
أضاف، أن قرار الصين بمنح إعفاءات جمركية على واردات أمريكية أساسية أثار آمالاً بتهدئة النزاع التجاري، مما دفع المستثمرين للابتعاد عن الملاذات الآمنة كالفضة، وبينما يدعم الاستقرار الاقتصادي الأوسع نطاقاً الطلب الصناعي على الفضة على المدى الطويل، فقد تضاءل الإقبال الفوري على شراء الفضة، مما ضغط على الأسعار.
أفادت بلومبرج أن الآمال في هدنة في الحرب التجارية بين أكبر قوتين اقتصاديتين في العالم قد ازدادت، حيث صرحت الصين بأنها تدرس تعليق الرسوم الجمركية الإضافية على واردات المعدات الطبية وبعض المواد الكيميائية الصناعية من الولايات المتحدة.
مع ذلك، من المتوقع أن تُبقي التصريحات المتناقضة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب والصين حول مشاركة الدولتين في مفاوضات التجارة المستثمرين حيادية، وقد صرّح ترامب بأن المناقشات بين واشنطن وبكين بشأن التجارة تسير على ما يرام، إلا أن الصين نفت هذه التصريحات، مؤكدةً عدم وجود أي "مفاوضات اقتصادية وتجارية بين الصين والولايات المتحدة".
وأوضح، التقرير، أن تقلبات الاقتصاد الكلي الناتجة عن قوة الدولار وتراجع المخاطر العالمية، ربما يدفع الفضة إلى التراجع.
في حين نشر معهد الفضة استطلاعه لعام 2025 للفضة، ومن المتوقع أن يشهد المعدن النفيس عجزًا للسنة الخامسة على التوالي، وإن كان هذا الاختلال هو الأصغر في أربع سنوات.
توقعات
ومن المتوقع أن تشهد الفضة عجزًا قدره 117 مليون أوقية، حيث ينخفض الطلب قليلاً إلى 1.148 مليار أوقية، ويزداد إجمالي المعروض بنسبة 1.5% مع ارتفاع إنتاج المناجم.
وتوقع معهد الفضة، أن يظل الطلب الصناعي على الفضة مستقرًا نسبيًا هذا العام عند حوالي 677.4 مليون أوقية.
ارتفعت أسعار الفضة بنسبة 21 % خلال العام الماضي أي ما يعادل نصف ارتفاع أسعار الذهب تقريباً، لكنها لا تزال تتفوق بسهولة على عائد عدد كبير من مؤشري الأسهم العالمية خلال تلك الفترة.
تجاوزت نسبة أسعار الذهب إلى الفضة وهي مؤشر يُحسب عند ارتفاع المعدن الأصفر 100 ضعف في وقت سابق من هذا الأسبوع قبل أن تتراجع إلى منتصف التسعينيات، مقارنةً بمتوسط 68 على مدار الأعوام الثلاثين الماضي.