يمانيون/ تقارير في مسعىً جديدٍ لمعاقبة الشعب اليمني على انخراطه المؤثر وغير المسبوق في معركة إسناد غزة، وما حقّقه من انتصارات تاريخية كبرى على القوات الأمريكية والغربية في سياق تلك المعركة.

 أعلنت الولايات المتحدة عن إعادة تصنيف حركة “أنصار الله” في ما يسمى بقائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية؛ مِن أجلِ إعاقة مسار السلام في اليمن ومضاعفة الأزمة الإنسانية التي يعيشها اليمنيون؛ الأمر الذي يضع دول تحالف العدوان السعوديّ الإماراتي أمام اختبار جديد لمدى استجابتها للتوجّـهات الأمريكية المعادية لليمن في هذه المرحلة الحساسة.

دوافع قرار التصنيف الجديد لم تكن مخفية، حَيثُ ذكر الأمر التنفيذي الذي أصدره الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بوضوح أن القرار يأتي؛ بهَدفِ الانتقام من المشاركة الفاعلة لليمن وقواته المسلحة في معركة إسناد غزة من خلال استهداف العمق الصهيوني، واستهداف الملاحة المرتبطة بالعدوّ، بالإضافة إلى الضرباتِ النوعيةَ التي استهدفت السفنَ الحربية التابعة للولايات المتحدة والتي مثلت هزيمة تأريخية غير مسبوقة للبحرية الأمريكية.

ويمكن القول إن مثل هذه الخطوة كانت متوقعة تمامًا بالنظر إلى حجم المأزق الذي واجهته الولايات المتحدة طيلة 15 شهرا في كبح جماح جبهة الإسناد اليمنية لغزة بواسطة الضغوط العسكرية والاقتصادية والسياسية والتي تضمنت تصنيفًا مختلفًا كانت إدارة بايدن قد أدرجت “أنصار الله” فيه ضمن قوائم ما يسمى الإرهاب، وهو مأزق لن تستطيع إدارة ترامب الخروج منه من خلال قرار التصنيف الأخير؛ لأَنَّ القرار لا يأتي بجديد بالنسبة لصنعاء التي قد تجاوزت في موقفها مربع التصنيفات وخاضت معركة مفتوحة وعالية السقف مع البحرية الأمريكية بشكل مباشر وانتصرت فيها.

هذا أَيْـضًا ما أكّـدته حكومة التغيير والبناء في صنعاء في تعليقها على قرار التصنيف، حَيثُ أوضحت أن: “التصنيف لن يزيد الشعب اليمني وقواه السياسية الحرة وفي المقدمة أنصار الله إلا ثباتًا وصمودًا على الحق ودفاعًا عنه” لافتة إلى أن “الإرهابي الحقيقي هي أمريكا التي تشارك العدوّ الإسرائيلي في قتل أطفال ونساء غزة لأكثر من عام”.

وأكّـدت وزارة الخارجية أَيْـضًا أن: “التصنيف الأمريكي لن يزيد صنعاء إلَّا تمسكًا بموقفها المبدئي الداعم للشعب الفلسطيني وقضيته العادلة” معتبرة أن القرار الأمريكي يمثل دلالة جديدة على حجم انحياز الولايات المتحدة لكيان العدوّ الصهيوني، وامتدادًا لسياسة الاستكبار التي تسعى لمعاقبة كُـلّ من يرفض الإملاءات الأمريكية.

والواقع أن القرار يعكس أَيْـضًا استمرار حالة الإفلاس وانعدام الخيارات الفعالة لدى الولايات المتحدة وعدم تغير الواقع بتغير الإدارة الأمريكية؛ فالقرار نفسه ليس جديدًا، إذ كانت إدارة ترامب قد اتخذته مع نهاية ولايتها الأولى كمحاولة لتعويض على فشلها طيلة أربع سنوات في إخضاع اليمن الذي لم يكن وقتها يمتلك ما يمتلكه اليوم من قدرات وإمْكَانات، وقد لجأت إدارة بايدن إلى إلغاء ذلك القرار؛ لأَنَّها لم تر فيه سوى مضاعفة للمشكلة التي تواجهها هي وحلفاءها الإقليميين في اليمن، وعندما حاولت العام الماضي أن تعيد استخدام الورقة نفسها من خلال تصنيف مختلف لم تفلح في تحقيق أي شيء، وهذا السياق يبرز بوضوح القرارُ الجديدُ لإدارة ترامب على حقيقته كخطوةٍ جديدة قديمة على طريق الإفلاس والتخبط.

ومع التأكيد على انسداد أفق التأثير على الموقف اليمني والقدرات اليمنية من خلال قرار التصنيف؛ فقد حصرت صنعاء بوضوح بقية التأثيرات المحتملة للقرار، حَيثُ قالت الحكومة إنه “لا يخدم مسار السلام في اليمن” وقالت وزارة الخارجية إنه “ستكون له تداعياتٌ سلبيةٌ على الوضع الإنساني” وبالرغم من أن هذه التأثيراتِ مقصودةٌ بلا شك من قبل إدارة ترامب، فَــإنَّها تقعُ خارجَ نطاق الهدف الاستراتيجي المتمثل في تغيير موقفِ صنعاء أَو الإضرار بقدراتها، بل إن نتائجَ هذه التأثيرات ستكونُ عكسيةً بكل تأكيد.

وفي هذا السياق يمكنُ القولُ إن التأثيراتِ الإنسانيةَ والسياسية لقرار التصنيف، لا تضغَطُ على صنعاء بقدر ما تضغط على شركاء الولايات المتحدة في المنطقة، وبالتالي تضغطُ على واشنطن في النهاية؛ لأَنَّ هذه التأثيراتِ تعتمدُ بشكل رئيسي على مدى استجابة دول العدوان (الإقليمية) وفي مقدمتها السعوديّة؛ لأَنَّ عرقلةَ مسار السلام على سبيل المثال؛ بحُجّـةِ قرار التصنيف، سوف يكون خطأ استراتيجيَّا للنظام السعوديّ الذي يعلمُ جيِّدًا أن إيجابيةَ صَبْرِ صنعاء على مماطلته في تنفيذ خارطة طريق السلام ليست شيكًا على بياض، وهو ما ينطبقُ أَيْـضًا على المِلَفِّ الإنساني الذي تتحمل السعوديّة مسؤوليةَ تنفيذ تفاهماته، وفي حال محاولتِها التنصُّلَ عن تلك التفاهُمات؛ بحجّـة القرارِ الأمريكي فَــإنَّ ذلك سيشكِّلُ انقلابًا تعرف الرياض أنه قد يؤدي إلى انهيار حالة خفض التصعيد وهو ما يشكل كارثة بالنسبة للمملكة التي تحاول أن تبقى بعيدًا عن النيران قدر الإمْكَان؛ لأَنَّها تدرك عدم قدرتها على تحمل نتائج عودة الحرب مع تطور قدرات صنعاء وانكشاف طبيعة الاصطفافات في الصراع.

ولا يستطيع النظام السعوديّ الاحتماء بعذر الضغوط الأمريكية في هذه الحالة؛ لأَنَّ ارتباطه بتأثيرات قرار التصنيف قد جاء واضحًا حتى في نص القرار الذي تطرق إلى الضربات اليمنية على العمقين السعوديّ والإماراتي؛ باعتبَارها مبرّرات للتصنيف، بالإضافة إلى تزامن إصدار القرار مع إعلان محمد بن سلمان عن تقديم 600 مليار دولار لترامب تحت عنوان “استثمارات”؛الأمر الذي لا يحتاج إلى الكثير من التحليل لاستنتاج حقيقة أن القرار يُمَثِّلُ جُزءًا من تلك “الاستثمارات” إن صح التعبير، وهو ما ينسجم أصلًا مع طبيعة الموقف السعوديّ طيلة السنوات الماضية؛ فحتى قبل معركة إسناد غزة كانت الرياض تسعى بشدة لاستصدار هذا التصنيف، وبعد المعركة أبدى الإعلامُ السعوديّ تعويلًا واضحًا على قدوم إدارة ترامب؛ مِن أجلِ التصعيد ضد اليمن.

وبالمحصلَّة، فَــإنَّ التأثيراتِ “الممكنة” لقرار التصنيف الأمريكي (والتي لا تتضمن تغيير موقف صنعاء أَو الإضرار بالقدرات العسكرية اليمنية) ستعودُ في النهاية كضغط عكسي على الولايات المتحدة نفسها، فبالرغم من أن ترامب قد لا يمانعُ تزويدَ السعوديّة بالمزيد من الأسلحة إذَا انهارت حالةُ خفض التصعيد؛ بسَببِ عرقلة مسار السلام أَو التنصُّل عن تفاهمات المِلف الإنساني، فَــإنَّ الدعمَ الأمريكي لن يصل أبدًا إلى مستوى القُدرة على “حماية” النظام السعوديّ من التداعيات الكبيرة لعودة التصعيد، وهو ما سيجعل العلاقةَ بين الرياض وواشنطن أكثر توترًا وهشاشةً مما تبدو عليه الآن.

نقلا عن المسيرة نت

المصدر: يمانيون

كلمات دلالية: الولایات المتحدة قرار التصنیف إدارة ترامب مسار السلام أن القرار ن القرار تصنیف ا من خلال وهو ما ف ــإن

إقرأ أيضاً:

من هو دان رازين كين الذي اختاره ترامب لرئاسة أركان الجيش الأمريكي؟

استعرضت صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية الأسباب التي دفعت ترامب لاختيار الجنرال دان رازين كين لتولي منصب رئيس هيئة الأركان المشتركة الأمريكية.

وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن السيرة المهنية لكين ثرية حيث تقلد العديد من المهام، من بينها العمل كطيار مقاتل وتولي منصب عميل للاتصال في وكالة المخابرات المركزية "سي آي إيه".

وتضيف أن كين عاد إلى حياته المهنية بعد خروجه الى التقاعد ليشغل منصب رئيس أركان القوات المسلحة الجديد، وقد كان لتوعده سنة 2018 - أثناء الزيارة التي أداها دونالد ترامب إلى العراق في سنة 2018 خلال ولايته الرئاسية الأولى - بقدرته على القضاء على تنظيم الدولة في غضون أسبوع الفضل في وقوع اختيار ترامب عليه خلفا للجنرال تشارلز كوينتون براون جونيور؛ حيث إن التوعد بإنجاز المهام بطريقة أفضل من الآخرين وفي فترة وجيزة دون تكبد تكاليف باهظة من العوامل التي يأخذها دونالد ترامب بعين الاعتبار أثناء تعيين فريق إدارته.

وأفادت الصحيفة أن كين كان أحد الطيارين الذين حلقوا في سماء الولايات المتحدة بعد دقائق من هجمات 11 أيلول/ سبتمبر 2001.  في إحدى منشورات وكالة المخابرات المركزية بخصوص الهجوم قال الجنرال الحالي: "لقد قفزنا إلى الطائرات وبدأنا في تشغيلها لقد قضيت في ذلك اليوم ثماني ساعات تقريبا في الجو".



وتخصص كين في مكافحة الإرهاب في عهد جورج دبليو بوش وتقلد العديد من مهام الاستخبارات والعمليات الخاصة.

وذكرت الصحيفة أنه في المجمل تمت إحالة ستة من كبار المسؤولين في البنتاغون إلى التقاعد المبكر، من بينهم الأدميرال ليزا فرانشيتي، التي كانت على رأس البحرية الأمريكية. وفيما يخص تشارلز كوينتون براون جونيور، فقد ألمح وزير الدفاع بيت هيغسيث إلى ضرورة إقالته بسبب دعمه لبرامج التنوع والإنصاف والإدماج داخل الجيش، مشككا في مواصلة حياته المهنية بسبب لون بشرته رغم أن ترامب نفسه عيّنه سنة 2020 على رأس سلاح الجو الأمريكي.



وبحسب الصحيفة فإن السبب الآخر لوقوع اختيار ترامب على كين هو الوفاء المطلق، فبعد فوزه في انتخابات 2016، اختار العديد من المسؤولين التنحي عن مناصبهم بسبب شخصية ترامب المزاجية، من بينهم الجنرال مارك ألكسندر ميلي، الرئيس السابق لهيئة الأركان المشتركة، الذي، ذكّر خلال خلاف معه أنه أقسم على خدمة الدستور لا  الرئيس.

أداء أفضل من سابقيه

لهذه الأسباب استبعدت الإدارة الجديدة الشخصيات الأكثر تقليدية، مثل الجنرال مايكل كوريلا، الذي يشرف على العمليات العسكرية الأمريكية في الشرق الأوسط. رغم التقدير الذي يكنه ترامب لكوريلا غير أنه اعتبره ينتمي إلى القادة الذين حاولوا التصدي له خلال ولايته الرئاسية الأولى.

وتتساءل الصحيفة عما إذا كان الجنرال دان كاين، بمجرد توليه المنصب واطلاعه على تعقيدات هذه المهمة، سيكون قادرا بالفعل على إنجاز المهام بشكل أفضل مقارنة بغيره وفي فترة قصيرة دون تخصيص موارد طائلة.

في رواية أخرى، رويت بعد خمس سنوات من لقائهما، ذكر ترامب أن كين وعده بهزيمة تنظيم الدولة خلال أربعة أسابيع، زاعما أن كين "لعب دورا حاسما في القضاء التام على تنظيم الدولة ونفذ ذلك في وقت قياسي، في غضون أسابيع قليلة". إلى جانب ذلك، قال ترامب: "العديد من العباقرة العسكريين قالوا إن هزيمة تنظيم الدولة سوف تستغرق سنوات. لكن الجنرال كين قال إنه يمكن معالجة هذه المسألة بسرعة، وأوفى بوعده".

وفي ختام التقرير نوهت الصحيفة بأنه على الرغم من أن تنظيم الدولة لم يعد يسيطر على المنطقة كما هو الحال في سنة 2014، غير أنه لم يتم القضاء عليه نهائيّا، حيث تستمر الخلايا النشطة في سوريا والعراق في العمل واستقطاب المسلحين.

مقالات مشابهة

  • من هو دان رازين كين الذي اختاره ترامب لرئاسة أركان الجيش الأمريكي؟
  • قائد “أيزنهاور” يكشف تفاصيل جديدة عن هجمات صنعاء على القطع الحربية الأمريكية
  • الحوثي: اليمن لن يرضخ للضغوط الأمريكية وسننتزع السلام بقوة سلاحنا
  • “غزة ترامب”.. الرئيس الأمريكي يوضح رؤيته لغزة المستقبل من خلال فيديو أنشأه الذكاء الاصطناعي
  • مجلس النواب يدعو الاتّحاد البرلماني الدولي للتدخل لوقف العبث الأمريكي السعودي الإماراتي في اليمن
  • ورشة عمل بصنعاء لتعزيز إدارة مخاطر الكوارث والفيضانات في اليمن
  • مجلس الأمن الدولي يعتمد مشروع القرار الأمريكي الذي يدعو لإنهاء الصراع في أوكرانيا
  • في ظل المساعي الأمريكية – الإسرائيلية لتوقيع اتفاق التطبيع مع السعودية:خطة صهيونية لاستغلال خط أنابيب النفط “بترولاين” السعودي وربطه بميناء إيلات
  • وزير الدفاع للسفير الأمريكي.. الأهم في تصنيف الحوثيين "منظمة إرهابية" تطبيق القرار
  • 23و22 فبراير خلال 9 أعوام.. 38 شهيدًا وجريحاً في جرائم حرب متفرقة بغارات العدوان السعودي الأمريكي على اليمن