شفق نيوز:
2025-11-01@18:56:34 GMT

الفيليون.. والرؤية المستقبلية

تاريخ النشر: 21st, August 2023 GMT

الفيليون.. والرؤية المستقبلية

عبد الخالق الفلاح/ الثقافة والحضارة هي نتيجة تدافع وتسير في الأرض منذ الحضارات الأولى، بعد ان حاول الإنسان كشف محاكاة ما ييسر حياته، ويفضي إليها بعد يسر، فكشف ما ستر عورته، وطوره إلى ما يزيده جمالا في اللباس والتمدن مرتبطة ببعضها عضويا وتتضمن مجموعة متكاملة تتكون من اللغة التي ترتبط بالهوية الإنسانية، ولا تهذب الثقافة بعيدا عن الحضارة.

والثقافات تتعدد وتدافع وتهذب، ولا يمكن تحقيق ذلك بمعزل عن الحضارة.والذي لا يمكن إنكاره إن هناك علاقة وطيدة بين الثقافة واللغة، فلا ثقافة بلا لغة، ولا لغة بلا ثقافة ثم الدين والمعتقدات والقيم والأخلاق والفن والأدب والرياضة وغير ذلك مما يتعلمه الإنسان من مجتمعه ومحيطه من المكملات.

الكورد الفيليون حالهم كحال كل المكونات بمختلف قومياتهم وطوائفهم وأديانهم، فهم موزعون على جهات وقوى وأحزاب مختلفة وليس لهم موقف سياسي معين يجمعهم، فمنهم الإسلاميون والقوميون واليساريون..الخ، موزعون على أحزاب مختلفة وبالعشرات، وهذه من الأمور الطبيعية ولا يختلفون عن غيرهم ،ولكن من البديهات أن يحافظوا على تراثهم ولغتهم وثقافتهم حتى لا تضيع هويتهم الاصيلة.

ان تطوير ثقافة الكورد الفيليين ولهجتهم المستقلة في ظروف تتسم بالتعقيد والتخندق والأنانية الفئوية وانعدام الثقة والتوازن الاجتماعي لا تتعارض مع انتمائهم القومي، والتي مع الأسف من القلة التي يستفاد بسبب التأثيرات السياسية و لا تجد احدا منهم يتكلم بلغته الأصلية الا ما ندر في المناطق التي يتكاثرون ويتجمعون فيها أو في القرى النائية ، ولهم تراثا موحدا له خصوصيته،.. وباستطاعة العراقيين أن يميّزوا جملة من التقاليد والخصال التي يعيش عليها هذا المكون المسالم الذي يقف العمل في مقدمة قيمه اضافة الى المصداقية في التعامل اليومي، ثم النظام والدقة.. وقبل هذا وذاك الإبداع من جانب والإخلاص سواء للوطن أو لروح الجماعة من جانب اخر.. فضلا عن التحمّل والصبر.

لقد سعى النظام البعثي طمس هويتهم من خلال تصفية الفيليين في أوسع عمليات تهجير قذرة شملت نصف مليون مواطن منهم في العام 1980 وكبسها في شاحنات مكشوفة تقودهم مجموعة من الاوباش والساقطين اخلاقياً لكي يُسمعوهم أرذل الكلمات والتعابير الخالية من الأخلاق والانطلاق بهم نحو الحدود مع إيران لإلقائهم وسط حقول الألغام.

لاشك فيه ان الدافع المذهبي أحد الأسباب الكامنة وراء حملة التهجير والظلم الذي لحق الفيليين تاريخياً في العراق و لأسباب ودوافع سياسية بسبب معارضتهم للنظام السابق وانتشار الفكر اليساري وسط أبنائهم، وانتماء الكثير منهم للحركات الكوردستانية وثوراتها أو تعاطفهم معها على الأقل ، كما أنَّ أوساط رجال الأعمال والتجار الفيليين كانت احد مصادر التمويل المالي لتلك الحركات لهذه الحركات النضالية ... اثر هذه الجريمة البشعة 'اي التسفير' تم احتجاز الشباب من أبناء المهجرين في السجون الرهيبة في عمق الصحراء' سجن نقرة السلمان ' في بادية السماوة والذين طالتهم يد الغدر وتمت تصفيتهم جسدياً بعد قضائهم سنين طويلة في ذلك السجن الرهيب والسجون الاخرى للنظام. فيما تم مصادرة كل أموال وممتلكات وعقارات اهاليهم ومصادرة المستمسكات الرسمية التي تثبت عراقيته' المرقنة حتى هذا اليوم في دوائر الجنسية ' ولم يسمح لهم بأخذ أكثر من الملابس التي يرتدونها ، أما من تبقى منهم فقد جرى ترحيلهم البعض منهم من مدنهم عبر التهجير القسري إلى وسط وجنوب العراق وإلى مدن الرمادي والسماوة والكوت والحلة وتخفى البعض منهم بألقاب وعناوين من اجل الابتعاد عن أعين السلطة ، فيما محقت أسماء مدنهم وقراهم وقصباتها وتم ترقين أسمائهم من سجلات النفوس لعام 1957'

ان اللغة الفيلية هي العمود الفقري للثقافة و العامل المتين لحفظ الهوية الاصيلة للتفاعل والتأقلم مع المجتمع ولهم انسجام واضح المعالم في المجتمع العراقي ومن اهم الامور التي تساهم مساهمة اساسية وفعالة في تطوير ثقافة ابنائهم بشكل خاص والثقافة العراقية بشكل عام الذي هم جزء مهم منه هو المحافظة على لغتهم الأم التي تضاف بشكل جلي لتوطيد أو صورهم مع الآخرين ، والتنوع الثقافي في العراق نعمة يجب أن تحظى باهتمام جميع القوميات من أجل خلق مناخ صحي يتنفس فيه الجميع انسام الحرية الخلاقة، فلا تقدم ولا ازدهار دون شعار الحرية الذي يغمر شعوب العراق وأطيافه جميعا.

في واقع الحال تواجه اللهجة الكوردية الفيلية في العراق مخاطر حقيقية قد تؤدي الى انقراضها إذا لم يتم الاهتمام بها ، والسعي الى تنشيط آدابها ومساعدة الكورد الفيليين على التكلم بها، خاصة اولئك الذين تعرضوا للتهجير والترحيل القسري من مناطقهم صغارا، حيث عاشوا في بيئة مغايرة لبيئتهم الكوردية وصاروا بمواجهة جديدة على مختلف المستويات، مما أدى الى تركهم التكلم بلهجتهم بحكم سياسة الأمر الواقع، فاللغة السائدة الرسمية هي العربية فضلا عن كونها لغة التخاطب الوحيدة في الشارع والمحلات والدوائر والمؤسسات الحكومية وسط العراق وجنوبه، وهي من العوامل التي تضعف الحس القومي، لذا نرى ضرورة الاهتمام باللهجة الكوردية الفيلية ودعم سبل انتشارها ما بين صفوف الكورد الفيليين وانشاء محطات اعلامية مسموعة ومقروءة ومرئية من أجل تنشيط آدابها واعادة الذاكرة الشعبية الى مجراها الطبيعي، ومساعدة الجيل الذي حرم من لغته وثقافتها التي حاول النظام البعثي طمس هويتهم الاصيلة في اسقاط الجنسية عنهم جراء دورهم الوطني وتهجير المئات من العوائل من النساء والأطفال والشيوخ ورميهم على قارعة الحدود، وتلك وصمة عار في التاريخ المعاصر للبلاد في زمن حزب البعث وتحتاج اعتذارا تاريخيا ومواصلة حقوقية واعتبارية كيترسخ اللحمة الوطنية ، لازال الكورد الفيليون هم علامات مضيئة في ركب الحضارة الإنسانية، وشموع تنير دياجير الجهل أينما حلّوا وارتحلوا.

المصدر: شفق نيوز

كلمات دلالية: محمد شياع السوداني السوداني العراق نيجيرفان بارزاني بغداد ديالى الحشد الشعبي تنظيم داعش النجف السليمانية اقليم كوردستان اربيل دهوك إقليم كوردستان بغداد اربيل العراق اسعار النفط الدولار سوريا تركيا العراق روسيا امريكا مونديال قطر كاس العالم الاتحاد العراقي لكرة القدم كريستيانو رونالدو المنتخب السعودي ديالى ديالى العراق حادث سير صلاح الدين بغداد تشرين الاول العدد الجديد

إقرأ أيضاً:

علي جمعة: المسلمون ابتلوا فى الآونة الأخيرة بفتنٍ سببها غالبِها الغلوَّ والتفسيرَ الناقصَ للنصوص

قال الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية السابق وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف عبر صفحته الرسمية على فيس بوك إن العالمُ الإسلاميّة ابتُلي في الآونةِ الأخيرةِ بفتنٍ كقطعِ الليلِ المظلم، كان سببُ غالبِها الغلوَّ والتفسيرَ الناقصَ للنصوص، فاستسهلَ بعضُ الناسِ قذفَ المسلمينَ بالبدعةِ والكفرِ والشركِ والجهلِ في أمورٍ خلافيةٍ قالَ بها أئمةُ المسلمينَ وعلماؤهم، ولم يعلمْ هؤلاءِ أن سرَّ خلودِ الإسلامِ هو الاختلافُ المحمودُ الذي دعا إليه الإسلامُ وتحلّى به علماءُ الأمةِ منذ نشأةِ الحضارةِ الإسلامية.

هل أكل السمك يوم السبت حرام؟.. انتبه لـ5 حقائق لا يعرفها كثيرونصلاة الزوال.. اعرف المراد بها وفضلها وعدد ركعاتهامتى نصلي الضحى اليوم بالساعة؟.. صليها ركعتين فقط بعد 9 دقائقكيفية صلاة الفجر للمرأة في البيت 4 ركعات.. بـ12 خطوة كما علمنا النبي

وأشار إلى أن الداءَ الأكبرَ الذي غُذِّيَ به أصحابُ هذه الفتنِ هو غيابُ آدابِ الحوارِ والاختلافِ وضوابطِهما التي تعصمُ من التصدّرِ في دينِ الله بالغلوِّ والقدحِ في الآخرين، إن كان الحقُّ هو المطلوبَ من خلافِه، وليس الانتصارَ لتعصّبٍ أعمى أو هوًى بغيض، قال تعالى: {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ}.

ونوه انه قد كانت سنّةُ الصحابةِ والتابعينَ ومن بعدهم من علماءِ الإسلامِ في الحوارِ بينهم استعمالَ العباراتِ اللطيفةِ والكلماتِ العذبة، لمعرفتِهم أن ذلك يلينُ القلوبَ القاسيةَ ويقرّبُ الخصمَ المعاند، كما يقول سبحانه: {ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ، فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ}.

 كما أمرَ بالقولِ الحسنِ بل الأحسنِ الذي يسدُّ مداخلَ الشيطانِ الذي يُغري بالعداوةِ والبغضاءِ والجفوةِ عن طريقِ الكلمةِ الخشنةِ والردِّ السيئ، فقال تعالى: {وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ، إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ، إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا}.

وهذا رسولُ الله ﷺ لم يكن سبّابًا، ولا فاحشًا، ولا لعّانًا.

واتبعَ علماءُ الأمةِ هذا الهديَ النبويَّ في خلافِهم، فنرى الإمامَ الذهبيَّ يُثني ثناءً عطرًا على تقيِّ الدين السبكي، مع أنه شيخُ الأشاعرة، الذي كان بينه وبين شيخه الشيخ تقي الدين ابن تيمية من الخلاف ما هو معروف.

ولم يتبعْ علماءُ الأمةِ الظنونَ والأوهامَ في تخطئةِ الناسِ أو رميِهم بالجهلِ والخيانة، بل نصّوا على أن الأصلَ في عمومِ المسلمين الصدقُ والعدالةُ وحسنُ الظنِّ بهم، وأن المسلمَ إذا قال شيئًا فإنما يُحمل على أحسنِ محاملِه إن وُجد إلى ذلك سبيل. 

هذا في عمومِ الناس، فما بالُ علمائِهم وعقلائِهم إن قالوا شيئًا؟ فالاحتياطُ في الاتهامِ هنا أولى، والتمهّلُ للفهمِ أجدى؛ لأن هؤلاء إنما يتكلمون بمستندٍ شرعيٍّ، حتى ولو لم ينصّوا عليه في كتبهم، وهذا هو الأصلُ وما عليه العملُ في كتبِ الفقهاءِ عندما يذكرون المسائلَ الفقهيةَ خاليةً من النصوصِ الدالةِ عليها.

وقد راعى أهلُ الحديثِ هذا أيضًا، فلم يطعنوا أحدًا في غيرِ روايةٍ، ونصّوا على أنه لا يجوز ذكرُ المسلمين بصفاتِهم المذمومةِ إلا في مقامِ الجرحِ، لضرورةِ الحفاظِ على السنةِ قبل تدوينِها، وأما خارجَ ذلك فالأدبُ الجمُّ، والخلقُ النبيل، وبسطُ الوجه، وعذرُ الجاهل.

ولم يكن من أخلاقِ علماءِ الحديثِ أو الفقهِ أن يسبَّ أو يهينَ أو يُحقّرَ بعضُهم بعضًا، ولم يطعنْ أحدٌ منهم عرضَ مخالفِه، بل لم يكن ذلك يظهرُ في الحضارةِ العلميةِ الإسلاميةِ إلا ممن يتشبّهون بالعلماءِ وليسوا منهم؛ فهم يُشغِبون بالقولِ ليظنَّ الجاهلُ أنهم من العلماء، ولو كانوا منهم لتلبّسوا بأخلاقِهم ولغةِ حوارِهم واختلافِهم كما يلبسون ثيابَهم ويخادعون بعلومِهم.

يقول الحافظُ ابن رجبٍ الحنبليّ: «ولمّا كثرَ اختلافُ الناسِ في مسائلِ الدينِ، وكثرَ تفرّقُهم، كثرَ بسببِ ذلك تباغضُهم وتلاعُنُهم، وكلٌّ منهم يظنّ أنّه يُبغض لله».

ثم يقول:

«وهاهنا أمرٌ خفيٌّ ينبغي التفطّنُ له، وهو أنّ كثيرًا من أئمّةِ الدينِ قد يقول قولًا مرجوحًا، ويكون فيه مجتهدًا مأجورًا على اجتهاده فيه، موضوعًا عنه خطؤه فيه، ولا يكون المنتصرُ لمقالتِه تلك بمنزلتِه في هذه الدرجة، لأنّه قد لا ينتصر لهذا القولِ إلا لكونِ متبوعِه قد قاله. وأمّا هذا التابعُ فقد شابَ انتصارُه لما يظنّ أنّه الحقُّ إرادةَ علوِّ متبوعِه وظهورَ كلمتِه، وأنّه لا يُنسب إلى الخطأ، وهذه دسيسةٌ تقدحُ في قصدِه الانتصارَ للحقّ، فافهمْ هذا فإنّه مهمٌّ عظيمٌ». [جامع العلوم والحِكَم].

إن الهوى لم يكن مطيّةَ أحدٍ من الصحابةِ رضوانَ الله عليهم أجمعين، أو تابعيهم، أو علماءِ الأمةِ العظامِ في خلافاتهم، والخلافاتُ التي أفرزت تلك الآدابَ لم يكن الدافعُ إليها غيرَ تحرّي الحقّ. .

وكانت أخوّةُ الإسلامِ بينهم أصلًا من الأصولِ المهمّة التي لا قيامَ للإسلامِ دونها، وهي فوقَ الخلافِ أو الوفاقِ في المسائلِ الاجتهادية.

طباعة شارك الفتن المسلمون المسلم العلماء الحديث آداب الحوار

مقالات مشابهة

  • العناني: مشروع المتحف المصري الكبير درس في العمل الجماعي والرؤية المستدامة
  • وكيل الأوقاف عن حكم ترند الصور الفرعونية: "سيبوا الناس تفرح"
  • استطلاع للقناة 12 العبرية: "إسرائيل" تحت الوصاية الأمريكية
  • إيقاف 149 حكما تركيا بتهمة المراهنة على مباريات كرة القدم
  • علي جمعة: المسلمون ابتلوا فى الآونة الأخيرة بفتنٍ سببها غالبِها الغلوَّ والتفسيرَ الناقصَ للنصوص
  • إيقاف 149 حَكماً تركياً بتهمة «المراهنة» على مباريات كرة القدم
  • إيقاف 149 حكماً تركياً بتهمة المراهنة على المباريات
  • عمر كمال لمحمد فؤاد: "عندى 36 سنة منهم 30 بلف وراك حفلاتك"
  • نائب:يجب إلغاء كل الإتفاقيات التي أبرمها السوداني مع تركيا
  • منتدى المهنيين الشباب يناقش تمكين القيادات المستقبلية في العمل البلدي