هآرتس: هل تعلق إسرائيل آمالا كاذبة على ترامب بشأن إيران؟
تاريخ النشر: 25th, January 2025 GMT
حذر محلل الشؤون العربية بصحيفة هآرتس، تسفي بارئيل، إسرائيل من عقد آمال كاذبة على نوايا الرئيس الأميركي دونالد ترامب وإستراتيجيته تجاه إيران ومنطقة الشرق الأوسط.
ولفت إلى أن ترامب أقال براين هوك -الذي كان مبعوثه الخاص إلى إيران خلال فترة ولايته الأولى- من منصبه، بحجة أنه "لا يتوافق مع رؤيتنا لجعل أميركا عظيمة مرة أخرى".
وسيحل محل هوك في منصب نائب وزير الدفاع لشؤون الشرق الأوسط مايكل ديمينو، الذي سيكون مسؤولا عن صياغة سياسة البنتاغون تجاه إيران.
وفي مقاله التحليلي بالصحيفة، يرى بارئيل أن ديمينو ليس هو الشخصية التي كان يأمل دعاة الحرب الإسرائيليون في توليها هذه المهمة، ذلك لأنه كان قد وصف في فبراير/شباط الماضي كل من يقول إن إيران تحاول السيطرة على الشرق الأوسط بأنهم مروجو خوف لا أساس له من الصحة.
وفي الشهر نفسه، قال ديمينو إن الشرق الأوسط لا يهم "مصالح الولايات المتحدة"، مضيفا أن أفضل وصف للمصالح الحيوية أو الوجودية للولايات المتحدة في الشرق الأوسط، أنها تتراوح بين "ضئيلة ومعدومة".
كما أنه -طبقا لتحليل هآرتس- وصف الهجوم الإيراني على إسرائيل في أكتوبر/تشرين الأول الماضي بأنه "معتدل إلى حد ما"، حتى إنه أشاد بالرئيس السابق جو بايدن لوقفه هجوما إسرائيليا مضادا أوسع نطاقا على إيران.
إعلانوتناول بارئيل في تحليله اتفاقية الشراكة الإستراتيجية الشاملة التي وقعها الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين والإيراني مسعود بزشكيان يوم الجمعة الماضي، أي قبل 3 أيام فقط من تنصيب ترامب رئيسا للولايات المتحدة.
وتشمل مجالات التعاون الروسي والإيراني التي تنص عليها الاتفاقية، عدة قطاعات عسكرية واقتصادية وثقافية، وتستمر لفترة 20 عاما مع خيار التمديد.
وطبقا للصحيفة الإسرائيلية، فإن الاتفاق -الذي يحل محل اتفاق سابق تم توقيعه قبل أكثر من 20 عاما- يهدف إلى تقديم الدعم العسكري والدبلوماسي لإيران. كما أنه يعوض إيران عن الضربات التي تلقتها خلال حربي غزة ولبنان، والنفوذ الذي فقدته في سوريا مع سقوط بشار الأسد.
على أن الأهم من ذلك -برأي كاتب المقال- أن الاتفاق يهدف إلى ردع الرئيس ترامب عن تنفيذ سياسته المتوقعة في إيران، إلا أن أحد بنوده الرئيسية يثير تساؤلات بشأن القيمة الإستراتيجية الحقيقية للاتفاق.
فالاتفاق ينص على أن إيران وروسيا لن تساعدا أي دولة تهاجم أيا من الدولتين الموقعتين على الاتفاق. ويفسر بارئيل ذلك بأنه يعني أن إيران وروسيا غير ملزمتين بالوقوف إلى جانب إحداهما للدفاع عن الأخرى، فالاتفاق يحظر عليهما فقط مساعدة أي دولة تهاجم أيا منهما.
وقال إن ذلك البند يتناقض مع التزام الدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي (ناتو) بالدفاع المشترك ومهاجمة أي دولة أو كيان يهاجم أي عضو آخر في الحلف، إذا لزم الأمر.
ضعف إستراتيجيوأشار إلى أن هذا "الضعف الإستراتيجي" في ذلك البند لم يمر دون أن تفطن إليه وسائل الإعلام الإيرانية، ولفت إلى أن البرلمان الإيراني ظل يدرس مشروع الاتفاقية لأكثر من عامين.
وذكر النواب في ذلك الوقت أن روسيا فشلت في الوفاء بالعديد من وعودها، فهي لم تستثمر في تطوير حقول الغاز الطبيعي في إيران، كما أن البرنامج المشترك للتحرر من الدولار الأميركي لم ينطلق.
إعلانومضى التحليل إلى أن الصين ليست ملتزمة أيضا بالدفاع عن إيران بشكل فعال، على الرغم من أن لديها اتفاقية تعاون اقتصادي مع إيران تبلغ قيمتها مئات المليارات من الدولارات، لم يتم تنفيذها بشكل مقنع بعد.
وزعم أن نجاح إسرائيل في كسر ما وصفها بحلقة النار الإيرانية المتمثلة في محور المقاومة، جعلها تعتقد على ما يبدو أن كل المؤشرات تدل على إمكانية شن هجوم واسع النطاق على المنشآت النووية الإيرانية.
غير أن الكاتب يرى أن أي شخص يقرع "طبول الحرب ضد إيران مترقبا بفارغ الصبر ضوءا أخضر من البيت الأبيض، فعليه ربما أن يهيئ نفسه لخيبة أمل".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات ترجمات الشرق الأوسط إلى أن
إقرأ أيضاً:
د. علي عبدالحكيم الطحاوي يكتب: السياسية الخارجية الأمريكية مع ترامب
بعد تولي دونالد ترامب رئاسة الولايات المتحدة مجددًا في يناير 2025، والعودة مرة أخرى من المتوقع أن تكون سياسته الدولية مزيجًا من المبادئ التي انتهجها خلال ولايته الأولى مع بعض التعديلات لتتناسب مع الظروف الجديدة، سواء على المستوى الداخلي أو الدُّوَليّ.
أرى ترامب سيتابع النهج الذي أطلق عليه "أمريكا أولًا"، وهو الذي يركز على تحقيق مصالح الولايات المتحدة على حساب التزامات دولية قد يراها غير مفيدة لمصلحة الأمريكيين.
ولكن في الوقت ذاته، سيكون عليه التعامل مع متغيرات جديدة على الساحة الدولية.
وهنا أوضح حسب رؤيتي" أن كل رؤساء الولايات المتحدة نجد أمامه ثوابت يتم العمل عليها ولكن الهدف واحد وتختلف في طريقة التنفيذ لها من رئيس لآخر ".
ووفقًا لسياسة ترامب أوضح من الناحية الاقتصادية والسياسية أن الرئيس ترامب يركز على السياسة الاقتصادية والتجارية لأنها جزءًا أساسيًا من استراتيجية ترامب الدولية. سيواصل الدفاع عن "أمريكا أولًا" عبر فرض سياسات تجارية تهدف إلى تقليل العجز التجاري مع بعض الدول الكبرى، مثل الصين والاتحاد الأوروبي.
من المتوقع أن يستمر في فرض الرسوم الجمركية على السلع الصينية، وهو ما قد يؤدي إلى تصعيد التوترات التجارية بين أكبر اقتصادين في العالم. ترامب سيعزز موقفه كمدافع عن الصناعة الأمريكية وسيسعى لخلق فرص عمل محلية انطلاقًا من إحياء قطاعات مثل التصنيع والطاقة.
بجانب السياسة العسكرية والدبلوماسية، يظل ملف الطاقة جزءًا أساسيًا من استراتيجية ترامب. مع عودة الولايات المتحدة كأحد أكبر منتجي الطاقة في العالم، من المحتمل أن يسعى ترامب إلى زيادة الاهتمام بالاقتصاد والطاقة والعمل على تسويق العلاقات الاقتصادية وبصفه خاصه مع دول الشرق الأوسط بما يعزز من مصالح الولايات المتحدة في الطاقة.
إضافة إلى ذلك قد يسعى إلى جذب استثمارات في قطاع الطاقة المتجددة بواسطة شراكات استراتيجية مع بعض دول الخليج مثل الإمارات والمملكة العربية السعودية.
وأرى أيضا التعامل مع الصين انطلاقًا من المنافسة الإستراتيجية لها لذلك من المتوقع أن تكون العَلاقة بدولة الصين واحدة من أكثر القضايا تعقيدًا في السياسة الخارجية لترامب في ظل تصاعد التنافس بين الدولتين على الصعيدين الاقتصادي والتكنولوجي، سيستمر ترامب في سياسة مواجهة الصين في قضايا متعددة مثل التجارة، والتكنولوجيا، والسيطرة على الاقتصاد العالمي.
ترامب قد يسعى لتطوير سياسة أكثر عدوانية تجاه الصين، مستفيدًا من تحالفات مع حلفاء في منطقة المحيطين الهادئ والهندي مثل اليابان والهند وأستراليا، من أجل الحد من النفوذ الصيني في المنطقة. كما سيضع الصين في صدارة قضايا الأمن السيبراني وحقوق الإنسان.
وبالنسبة لروسيا في ظل استراتيجيات "أمريكا أولًا"، سيتعين على ترامب تحديد كيفية التعامل مع نفوذ روسيا المتزايد في الشرق الأوسط، قد يسعى ترامب إلى تعزيز التحالفات مع حلفائه في المنطقة لمواجهة هذا النفوذ الروسي، لكن من غير المتوقع أن يتخذ خطوات متطرفة ضد موسكو في ظل التنافسات الجيوسياسية.
وسيعمل فيما بعد على وقف الحرب بين روسيا و أوكرانيا.
وهنا أوضح حسب رأيي أن ملف للشرق الأوسط بالنسبة لترامب فقد تتغير سياسته نوعا ما حسب الواقع الحالي في الشرق الأوسط، ومن المحتمل أن يظل ترامب متمسكًا بتعهداته بحماية أمن الشرق الأوسط، بداية من منطقة الخليج العربي حتي شمال أفريقيا فيما يتعلق بمصالح الولايات المتحدة في النفط والتجارة.
لذلك سيستمر ترامب في تبني سياسة متشددة تجاه إيران، والعمل على تطبيق "الضغوط القصوى" مرة أخرى، خصوصًا فيما يتعلق بالبرنامج النووي الإيراني والتوسع الإقليمي كما سيواصل دعم الحلفاء التقليديين مثل مصر و السعودية والإمارات، مع التأكيد على أن الولايات المتحدة يجب أن تكون في موقع القوة في أي مفاوضات إقليمية.
وأرى من ضمن ملفات ترامب المهمة في الشرق الأوسط ملف القضية الفلسطينية التي تظل القضية الأولى في الشرق الأوسط وتستخدم ورقة ضغط محورية على المستوى العربي.
وأرى أن الملف الفلسطيني قد يكون له وضع معقد على الإدارة الأمريكية برغم من دعم ترامب القوي لإسرائيل، فإن تعقيدات الوضع الفلسطيني ستظل تمثل تحديًا له في الشرق الأوسط.
لأنه سيبقى هدف دعم إسرائيل على حساب الدول العربية في صلب السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط مع أنّ العديد من الأنظمة العربية ترفض ذلك.
وأرى هذا الدعم لدولة الاحتلال واضح من تأييد ترامب للمشهد الحالي في الضفة الغربية والدليل على ذلك الموافقة على إرسال بعض الأسلحة كانت رفضتها إدارة بايدن في وقت سابق.
وأرى أكبر خطأ قد يقع فيه ترامب هو دعمه لملف التهجير للفلسطينيين وهو صعب جدا على الفلسطينيين وصعب جدا أيضا موافقة الدول المجاورة مثل الأردن ومصر، لان ذلك المخطط قد يطمس وينهي القضية الفلسطينية، لذلك نأمل من إدارة ترامب مراجعة نفسها في مثل هذه التصريحات أو حتي العمل عليها لعدم اشتعال المنطقة مرة أخرى بعد العمل على التهدئة من خلال توقيع اتفاق وقف العدوان على غزة، وأرى من المرجح سيظل ترامب يبتعد عن التدخل العسكري المباشر في النزاعات الإقليمية، لكن سيستمر في دعم الأنظمة الحليفة عبر تقديم مساعدات عسكرية أو دعم دبلوماسي مع فتح استثمارات لهم مع زيادة الثقة والعمل على الصالح العام للولايات المتحدة أولًا.
وبالنسبة للتعامل مع الحلفاء التقليديين لأمريكا
على الرغم من الانتقادات التي واجهت ترامب خلال ولايته الأولى، إلا أن العودة إلى البيت الأبيض قد تُمكنه من إعادة تشكيل علاقات الولايات المتحدة مع حلفائها التقليديين مثل دول حلف الناتو والمملكة المتحدة.
وأرى أن ترامب سيواصل ممارسة ضغوط على حلفاء الناتو لتسديد المزيد من النفقات العسكرية، بينما قد يعزز التعاون مع المملكة المتحدة في القضايا التجارة بعد توسع مجموعة البريكس.
ومع ذلك، فإن العَلاقة مع الاتحاد الأوروبي قد تظل مشوبة بالتوتر، خاصة في ما يتعلق بقضايا مثل المناخ، التجارة، والاتفاقات الدولية.
وبالنسبة للعلاقات مع تركيا قد تكون هناك تناقضات استراتيجية فالسياسة التركية قد تتناقض مع بعض مصالح الولايات المتحدة في المنطقة، قد يسعى إلى تحقيق نوع من التوازن بين التعاون الاستراتيجي مع تركيا والحفاظ على التحالفات الإقليمية الأخرى.
وبالنسبة للانسحاب من المنظمات الدولية من المؤكد قد يعيد ترامب النظر في عضوية الولايات المتحدة في بعض المنظمات الدولية التي تراها الإدارة الأمريكية "مضرة" بمصالح أمريكا، وقد تم اتخاذ هذا الاتجاه، فقد قرر ترامب الانسحاب من منظمات مثل منظمة الصحة العالمية (WHO) أو اتفاقية باريس للمناخ، وهي القضايا التي سبق له أن خالفها في ولايته الأولى.
وترجع سياسة الانسحاب من المعاهدات والاتفاقات الدولية لأنه يراها غير ملائمة للمصالح الوطنية الأمريكية.
وبالنسبة لملف الاهتمام بالقوة العسكرية والقيادة العالمية أرى ترامب لن يتخلى عن الدور القيادي العسكري للولايات المتحدة، لكنه قد يركز أكثر على تمويل التحالفات العسكرية بدلاً من التورط المباشر في الحروب طويلة الأمد لان سياسة ترامب العسكرية ستكون موجهة نحو الهيمنة العسكرية الأمريكية، لكنه سيسعى لتحجيم الوجود العسكري الأمريكي في مناطق النزاع المستمرة، ومن المحتمل أن يعزز الوجود العسكري الأمريكي في المحيطين الهندي والهادئ لمواجهة النفوذ الصيني.
لذلك نجد الكثير من الأزمات الإقليمية والضغوط العالمية مع بداية عودة ترامب خلال مدّة ولايته الجديدة المليئة بالتحديات الدولية والعالمية.