عميد الأسرى الفلسطينيين محمد الطوس حرا بعد 39 عاما
تاريخ النشر: 25th, January 2025 GMT
بعد 39 عاما من التنكيل والانتقام بالسجون الإسرائيلية، أفرجت قوات الاحتلال عن محمد الطوس أقدم أسير فلسطيني، ضمن الدفعة الثانية في إطار المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار وصفقة التبادل، الذي دخل حيز التنفيذ في 19 يناير/ كانون الثاني الجاري.
ويطوي الطوس، الملقب بعميد الأسرى الفلسطينيين، من بلدة الجبعة ببيت لحم جنوبي الضفة الغربية المحتلة، 39 عامًا أمضاها في السجون الإسرائيلية، بعد اعتقاله عام 1985.
من عميد الأسرى الفلسطينيين؟
محمد أحمد عبد الحميد الطوس (69 عاما)، أقدم أسير فلسطيني في سجون الاحتلال، اعتقل في أكتوبر/ تشرين الأول 1985، ومحكوم بالسجن المؤبد على خلفية تنفيذه مع مجموعته العديد من العمليات العسكرية ضد أهداف عسكرية إسرائيلية، وأُصيب في حينه إصابات بالغة.
وخلال سنوات اعتقاله، واجه الطوس عمليات تنكيل وانتقام على كافة المستويات، فعدا الإصابات الخطيرة التي تعرض لها خلال عملية اعتقاله برصاص القوات الإسرائيلية، والتحقيق الطويل والقاسي معه، هدم الاحتلال منزل عائلته 3 مرات.
كما رفض الاحتلال الإسرائيلي الإفراج عنه في كافة صفقات التبادل والإفراجات التي تمت على مدى سنوات اعتقاله، إلى جانب رفاقه من المعتقلين القدامى وكان آخرها عام 2014، حين رفض تل أبيب الإفراج عن الدفعة الرابعة من المعتقلين القدامى في حينه، وهو من بينهم.
وبعد عام من ذلك، تفاقم الوضع الصحي لزوجته ودخلت في غيبوبة لمدة عام كامل، إلى أن توفيت عام 2015 دون أن يتمكن من وداعها.
ويعد الطوس من المعتقلين القدامى منذ ما قبل توقيع اتفاقية أوسلو عام 1993، وعددهم اليوم 21 أسيراً، بعد استشهاد وليد دقة السنة الماضية.
وإلى جانبهم 11 معتقلا من محرري "صفقة وفاء الأحرار" المعاد اعتقالهم، وكانوا معتقلين منذ ما قبل توقيع اتفاقية أوسلو، وجرى تحريرهم عام 2011 ثم أعيد اعتقالهم عام 2014، وأبرزهم الأسير نائل البرغوثي.
وفي وقت سابق السبت، نشر مكتب إعلام الأسرى التابع لحركة "حماس"، قائمة بأسماء 200 أسير فلسطيني مقرر الإفراج عنهم السبت بينهم 121 محكوما بالمؤبد و79 من ذوي الأحكام العالية.
جاء ذلك بعد أن سلمت كتائب القسام 4 مجندات إسرائيليات أسيرات إلى اللجنة الدولية للصليب الأحمر في ميدان فلسطين بمدينة غزة، ضمن المرحلة الأولى من اتفاق التبادل بين الطرفين.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية حقوق وحريات الاحتلال محمد الطوس فلسطيني صفقة فلسطين صفقة الاحتلال محمد الطوس المزيد في سياسة حقوق وحريات حقوق وحريات حقوق وحريات حقوق وحريات حقوق وحريات حقوق وحريات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة
إقرأ أيضاً:
كيف تمحو إسرائيل أحلام الفلسطينيين في المنطقة «ج»؟
في تلك اللحظة الفاصلة بين الليل والفجر، وبين الحلم والخراب، كانت أمّ كرم تعدّ خبز التنور في خيمتها المتواضعة في خربة حمصة الفوقا بالأغوار الشمالية، حين داهمتها الجرافات الإسرائيلية برفقة جنود مدججين بالعتاد. صرخت الأم قبل أن تنهار الخيمة على رؤوس أطفالها: «ما لحقت حتى ألمّ البطانيات... هدّوا كل شيء، حتى صاج الخبز اللي ورثته عن أمي».
كانت هذه ليست المرة الأولى، ولن تكون الأخيرة. ففي قلب المنطقة «ج»، التي تشكل أكثر من 60% من مساحة الضفة الغربية، يخوض الفلسطيني معركة بقاء يومية. لا تحميه القوانين، ولا تصله الكهرباء، ولا يسمح له ببناء جدار أو حفر بئر، في حين تزدهر المستوطنات على التلال، وتتكاثر مثل الطفيليات.
المنطقة «ج»: حيث تُهدم البيوت وتُحاصر الحياة
منذ توقيع اتفاق أوسلو، قُسّمت الضفة الغربية إلى ثلاث مناطق، وظلت المنطقة "ج" - الأكبر مساحة - تحت السيطرة الإسرائيلية الكاملة أمنيًا وإداريًا. تضم أكثر من 200 مستوطنة وبؤرة استيطانية، وتقطنها قرى فلسطينية مهمشة، محرومة من الحد الأدنى من البنية التحتية.
في هذا الفراغ القانوني، أصبحت الجرافة الإسرائيلية أداة تشريع، وأصبح الفلسطيني هدفًا دائمًا للمحو. كل شيء هنا مؤقت، هش، ينتظر أمر الهدم، أو حجارة مستوطن، أو اقتحامًا ليليًا يخلع أبواب المنازل وينثر سكانها في العراء.
فالهدف الإسرائيلي من هذه السياسات لا يخفى على أحد: فرض وقائع على الأرض تُمكّن من السيطرة الكاملة على المنطقة دون الحاجة إلى مفاوضات أو اتفاقيات، ودفع الفلسطينيين إلى اليأس والنزوح الذاتي البطيء، عبر خنق سبل العيش، وحرمانهم من الحق في البناء، والماء، والكهرباء، والتعليم. إنها سياسة استيطان توسعية تتستر بذرائع أمنية وقانونية زائفة، لكنها تسعى فعليًا إلى تفريغ الأرض من أصحابها، لتُعاد هندسة الجغرافيا والديموغرافيا بما يخدم مشروع الضم والهيمنة.
أقسى من الجندي: رعب المستوطن
في شرق نابلس، وتحديدًا في بيت دجن، كان أحمد صوافطة، سائق الجرافة الفلسطيني، يحاول تسوية قطعة أرض تعود لعائلة زراعية فقيرة، حين داهمتهم قوة من جيش الاحتلال الإسرائيلي وصادرت المعدّات.
يقول خلال حديثه لـ«عُمان»: «أنا لم أقوم ببناء مستوطنة، ولا اقوم بحفر نفق! أنا أعمل في عملي، قالي لي جنود الاحتلال: هذا نشاط غير مرخّص، مع أن الأرض لنا، فقام جنود الاحتلال بضرب شاب من كان يعمل معي، ووقع أرضًا من الضرب المبرح».
أما في عصيرة القبلية جنوب نابلس شمالي الضفة الغربية المحتلة، فكان المشهد أكثر رعبًا. المستوطنون لا يكتفون بسرقة الأرض، بل يهاجمون القرى نهارًا، تحت حماية جنود الاحتلال.
محمد عارف، شاب من القرية، يروي لـ«عُمان» مشهد الاقتحام الأخير: «دخلوا على القرية مثل قطيع مسعور، معهم سلاح وملثمين. رجموا البيوت بالحجارة، ضربوا الشجر، كسروا السيارات. حاولنا نصدهم، فهجم علينا جنود جيش الاحتلال، بدل ما يبعد عنا غلاة المستوطنين».
جبع: ذاكرة تهدمها الجرافات
في بلدة جبع الواقعة شمال مدينة القدس المحتلة، تقف الجرافة شاهدًا على جريمة جديدة. منزل عطا أمين العبيدي، المشيد منذ أربعين عامًا، تم تسويته بالأرض. لم تُمنح العائلة أي إخطار، ولم تُعطَ فرصة للاستئناف.
يقول عطا العبيدي لـ«عُمان»، وهو يضمد جراح ابنه الذي أُصيب أثناء الاقتحام: «12 نفر ساكنين في هذا البيت. صحونا على صريخ، دخلوا البيت بدون إذن، دفعونا، طخّوا ابني، وحجرونا، وبلشوا بالهدم. الدار راحت، كأنها ليست أربعين سنة تعب».
سامي توام، رئيس مجلس قروي جبع، يحاول أن يلملم ما تبقى من ذاكرة القرية: «هذا البيت من ثلاث طوابق، 200 متر، فيه بئر ماء وشجر عمره سنين. نحن لم نخسر بيت فقط، وإنما خسرنا تاريخ. للأسف، الاحتلال الإسرائيلي لم يهدم بيوت، ولكن يهدم مستقبل بلدة كاملة».
وأضاف بأسى: «من شهرين تقريبًا، فجأة ظهروا مستوطنين في سهل البلد، نصبوا خيام، وبدأوا يهاجموا الشجر والمزارعين. حاولنا بكل الطرق نمنعهم - اتصلنا بالارتباط الفلسطيني، والشرطة، وجهات أجنبية - ولكن بيرجعوا تاني يوم، أقوى».
الهدم بلا إنذار
وفي فجر آخر أكثر قسوة، اقتحمت قوات الاحتلال المنطقة بين بلدتي الرام وجبع، وهدمت منزلًا ومجموعة بركسات تأوي خمس عائلات فلسطينية.المنزل يعود للمواطن إبراهيم كعابنة، الذي يروي مشهد الطرد والهدم بذهول لا يزال في عينيه:«الساعة خمسة الفجر، سمعنا عراك كلامي. طلعوا علينا جيش الاحتلال، طلعونا من البيت حتى أواعينا ما قدرنا نأخذها، المبنى مشيد من 1988، معي عقد ملكية، وفيه ثلاث عائلات، وفيه مزرعة غنم فيها عائلتين. لكن ما سمعونا، ولا أعطونا مهلة، قالوا: تنفيذ أمر عسكري».
الاستيطان يزحف
ليس الهدم وحده ما ينهك الفلسطيني، بل اعتداءات المستوطنين اليومية. في قرى القدس، وخصوصًا في سهل جبع، سُجلت عشرات الهجمات في الأسابيع الأخيرة.
سامي توام يروي أن المستوطنين اقتلعوا مئات أشجار الزيتون، وهاجموا قطعان الأغنام، واعتدوا على الأهالي والمزارعين.
ويتابع : «كأنهم بيجربوا حدود صبرنا. كل يوم يأتون إلى هنا، كل مرة بخيمة جديدة. المستوطن عنده جيش محتل يحميه، ونحن لنا رب العالمين فقط».
يرى المحلل السياسي الفلسطيني عصمت منصور أن ما يحدث في المنطقة «ج» ليس سلسلة اعتداءات عشوائية، بل خطة مدروسة لتغيير الواقع الديمغرافي والجغرافي.
يقول: «إسرائيل تطبق سياسة (الضم الزاحف). لا تحتاج قانونًا لضم الضفة، بل تخلق وقائع على الأرض. تُطرد العائلات، تُسلب الأراضي، تُحاصر القرى، ويُغلق المجال للبناء والتنمية. وبهذا، تُفرغ المنطقة ج من سكانها الأصليين، وتُملأ بالمستوطنين».
ويضيف، في تصريح لـ«عُمان»: «الخطورة مش بس بالهدم، بل بكسر الروح. الفلسطيني لما يفقد البيت، الشجرة، الماء، حتى الظل، يبدأ يفكر بالرحيل. وإسرائيل تراهن على هذا التآكل البطيء».
وأشار إلى أن الاستيطان في المنطقة «ج» يجري وفق رؤية استراتيجية إسرائيلية تهدف إلى قطع التواصل الجغرافي بين المدن والبلدات الفلسطينية، وتحويل الضفة الغربية إلى جزر معزولة يسهل السيطرة عليها.
ويوضح: «هذا المشروع الاستيطاني يقتل الأمل الفلسطيني بدولة قابلة للحياة. لا يكفي أن نرصد أرقام البيوت المهدمة أو البؤر الجديدة، علينا أن ننتبه إلى ما هو أخطر: تقويض فكرة الوطن في ذهن الإنسان الفلسطيني، وقتل الأمل لديه إقامة الدولة الفلسطينية».
صوت الجرافة أعلى من النداء
في المنطقة «ج»، لا توجد خطوط تماس تقليدية، ولا حرب تُعلن رسميًا، لكن هناك ساحة مفتوحة للمحو المنهجي. كل حجر يُهدم، كل شجرة تُقطع، كل طفل يُفزع من نومه، هو جرح في جسد الأرض.
ما بين خربة حمصة، وجبع، وبيت دجن، والرام، يتكرّر المشهد، وتتشابه التفاصيل، ويطغى صوت الجرافة على صوت الأم وهي تبكي خبزها الذي احترق على صاجٍ مقلوب.
هنا، حيث تُسرق الذاكرة ويُقتل الأمل، يبقى الفلسطيني واقفًا، يبني من الطين مرة أخرى، ويعيد زرع الزيتونة، ولو في علبة سمن فارغة، ويقول: «إحنا هون... ولو ما ضل إلنا غير ظل الشجرة».