في ضوء الحروب التي يشنها الاحتلال على العديد من الدول المجاورة، وحالة الخوف التي تتملكه، يستحضر الإسرائيليون النظريات المؤسسة للحركة الصهيونية منذ بداياتها، لاسيما مقال زئيف جابوتنسكي الذي كتبه قبل نحو مائة عام حول "الجدار الحديدي"، واللافت أن الاحتلال ما زال يراه صحيحا حتى اليوم، ما يستدعي منه الحفاظ على هذا الجدار كي يتمكن من الاستمرار في الوجود في ظل البيئة القاسية حوله.



البروفيسور بوعاز غولاني أستاذ علوم البيانات واتخاذ القرار في معهد التخنيون بجامعة حيفا، أكد أن "ما يقرب من مائة عام مرّت منذ أن نشر جابوتنسكي مقاله عن الجدار الحديدي، شارحا عقيدته حول كيفية تمكن الحركة الصهيونية من تحقيق رؤيتها، وإقامة دولة يهودية، وهو أول من أدرك أن الطريقة الوحيدة التي قد يوافق بها العرب على الاعتراف بحق اليهود في إقامة هذه الدولة هي القوة العسكرية".


وأضاف في مقال نشرته صحيفة "معاريف" العبرية، وترجمته "عربي21"، أن "الحركة الصهيونية السائدة آنذاك لم تقبل خطة جابوتنسكي، وحاولت الترويج لنهج أكثر شمولاً، بموجبه سيتم إنشاء دولتين هنا، وكان بن غوريون وأصدقاؤه في حزب الماباي يعتقدون أنه يمكن تحقيق الدولة اليهودية بالوسائل السلمية، لكن مرّت خمس وعشرون سنة أخرى قبل أن يغير رأيه، ويتبنى فعلياً النقاط الرئيسية لمنهج جابوتنسكي في إطار مفهوم الأمن الاستراتيجي الذي صاغه مباشرة بعد حرب 1948".

وأشار إلى أن "الكثير حدث هنا منذ كتب جابوتنسكي عقيدته حول الجدار الحديدي، فقد أقام اليهود دولة الاحتلال، وأدخلوا المزيد من الهجرات اليهودية، وقسموا أرض فلسطين إلى نصفين، وحلموا بالشرق الأوسط الجديد، إلى أن جاء هجوم حماس في السابع من أكتوبر، ومعه خيبة الأمل، ما يؤكد أن مقال جابوتنسكي لا يزال صحيحا اليوم تماما، كما كان صحيحا آنذاك، وبالتالي فإن على إسرائيل أن تبني وتحافظ على جدار حديدي قوي حتى تتمكن من الاستمرار في الوجود في البيئة القاسية التي تجد نفسها فيها".

وأوضح أن "حكومة الاحتلال تسلمت مؤخرا التقرير النهائي للجنة ناغال، الذي ناقش احتياجات ميزانية الدفاع للسنوات القادمة، وظهر واضحا أن التقرير حدّد القرارات المتخذة بهذا الشأن على شكل الجدار الحديدي الإسرائيلي في العقد المقبل، ولكي يفي هذا الجدار بالتوقعات، فإن الأمر سيتطلب استثماراً هائلاً في وسائل الحرب والقدرات التكنولوجية والتنمية البشرية، والذكاء الاصطناعي، والقدرات العسكرية في الفضاء والأسلحة الليزرية وما إلى ذلك".


ولفت إلى أن "إحدى الأفكار الحيوية التي استخلصناها من حرب السيوف الحديدية (العدوان على غزة) هي الحاجة لإنشاء مناطق عازلة خارج حدودنا، طالما أن الجانب الآخر لا يعترف تماما باستسلامه أمامنا، رغم ما مُني به من انتكاسات عسكرية، ولذلك فقد تم مؤخرا إنشاء مثل هذه المناطق الأمنية في قطاع غزة وجنوب لبنان وشرق مرتفعات الجولان، بعد أن استوعبت مصر والأردن حقيقة أنه لا يمكن هزيمة الاحتلال عسكريا، ومن الأفضل لهما أن تعيشا معه في سلام".

واستدرك بالقول إنه "مع التطورات المقلقة التي نشهدها على حدود الاحتلال مع مصر والأردن، سيتعين عليه أن يفكر بإنشاء مناطق عازلة مماثلة هناك أيضاً، وهنا يبقى السؤال المفصلي الخاص بإقامة الجدار الحديدي داخل إسرائيل ذاتها لمواجهة فلسطينيي48 الذين يعيشون فيها، ما يستدعي اتباع سياسة أمنية قوية، لا تقبل حجم الأسلحة غير القانونية الموجودة بينهم، وهو جزء من الجدار الحديدي في عصرنا هذا".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية الاحتلال فلسطين غزة فلسطين غزة الاحتلال صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الجدار الحدیدی

إقرأ أيضاً:

البابا فرانسيس.. أيقونة سلام وقُدّيس على الجدار

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

في 25 مايو 2014، خرج البابا الراحل فرانسيس عن المسار البروتوكولي المحدد لزيارته للأراضي الفلسطينية وإسرائيل، حين فاجأ الجميع بتوقف غير معلن عند الجدار العازل الذي أقامته إسرائيل في الضفة الغربية. 

جاءت هذه اللفتة بعد قداس كبير أقامه في ساحة كنيسة المهد ببيت لحم، في لحظة وُصفت بأنها أشبه بصلاة على “حائط مبكى” جديد، حيث كانت عبارات المطالبة بالحرية والاستقلال تملأ الجدار، وارتفعت الأعلام الفلسطينية حوله.


دعوة للسلام بعد انهيار المفاوضات

خلال عظته في القداس، دعا البابا كلاً من الرئيس الفلسطيني محمود عباس والرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز للصلاة المشتركة من أجل السلام في الفاتيكان، بعد فشل مفاوضات السلام التي رعتها الولايات المتحدة. وقال في كلمته: “إحلال السلام معقد، ولكن العيش من دونه هو عذاب دائم”، مؤكداً على حق الفلسطينيين في دولة ذات سيادة.


 

ردود فعل غاضبة من الجانب الإسرائيلي


أثارت زيارة البابا للجدار العازل موجة من الغضب في الإعلام الإسرائيلي، حيث وُجهت له اتهامات بالانحياز للفلسطينيين، لا سيما من الأوساط اليمينية. وحرص رئيس الحكومة آنذاك، بنيامين نتنياهو، على التعتيم على الصورة، فدعا البابا إلى زيارة نصب تذكاري إسرائيلي، ليعلن بعدها في بيان رسمي أن الجدار “أنقذ أرواحاً كثيرة من الإرهاب الفلسطيني”.


 

الضمير لا يشيخ: البابا يصارع المرض ويتابع غزة

بعد عشر سنوات، وبينما كان البابا يصارع المرض، تابع عن كثب ما يجري في غزة، وعبّر عن إدانة صريحة للهجوم الإسرائيلي، رافضًا التلاعب بالمصطلحات. في كتابه الأخير “الرجاء لا يخيب أبداً”، وصف ما يحدث في غزة بأنه “يملك خصائص الإبادة الجماعية”، مطالباً بتحقيق دولي لتحديد ما إذا كان ينطبق عليه التعريف القانوني الكامل.


موقف شجاع حتى آخر اللحظات

ففي مواجهة الانتقادات الإسرائيلية، خاصة مع اقتراب احتفاله الأخير بعيد ميلاده، قال البابا بوضوح: “هذه ليست حرباً، بل وحشية. قصف الأطفال وقتلهم بهذه الصورة يمس القلوب”. وفي ساعاته الأخيرة، وصف الوضع الإنساني في غزة بأنه “مروع ومشين”، مؤكدًا دعمه الكامل للضحايا المدنيين.


شهادات من غزة: البابا الذي لم ينسَ أحداً

يروي جورج أنطون، رئيس لجنة الطوارئ بكنيسة العائلة المقدسة في غزة، كيف كان البابا يتواصل معهم يومياً، رغم مرضه الشديد. “يسألنا عن كل شيء: ماذا نأكل؟ ما وضع المياه؟ ما أخبار القطاع الصحي؟ مكالماته كانت تبعث فينا شعور الأمان وكأن لنا أباً حقيقياً يرعانا”، يقول أنطون.

مقالات مشابهة

  • الاحتلال الإسرائيلي يستهدف مدرسة يافا التي تؤوي نازحين بحي التفاح
  • حماس: الجرائم الصهيونية لن تُثني الشعب الفلسطيني عن التمسك بأرضه ومواصلة المقاومة حتى نيل حقوقه المشروعة
  • تعليقاً على مقال:” عامان من حرب السودان: لم ينجح أحد*
  • عضو بهيئة كبار العلماء: كلام الرئيس السيسي سليم مائة بالمائة فالثوابت لا مساس بها
  • تصريحات صادمة بعد مائة يوم من ولاية ترامب: من السخرية الى التحدي
  • البابا فرانسيس.. أيقونة سلام وقُدّيس على الجدار
  • تنظيم القاعدة يتبنى الهجمات التي استهدفت جيش بنين
  • القس منذر إسحاق ينعى البابا فرنسيس: راعي حقيقي للفلسطينيين
  • تعقيب علي مقال د.الوليد ادم مادبو: عن الخديعة الكبرى وذاكرة العنصريين الصغرى
  • أبرز الطائرات الانتحارية التي يستخدمها جيش الاحتلال (إنفوغراف)