السفير البابوي ومطران صور المارونية في الكفور- النبطية للاطلاع على حجم الدمار
تاريخ النشر: 25th, January 2025 GMT
تستعد رعية سيّدة النجاة-الكفور في قضاء النبطية وجمعية سيّدة النجاة المارونية الداعمة لكافة النشاطات فيها، استكمالا لحملة تشجّع "لنعود ونبني" لدعم اعمار واعادة ترميم كنيستي ومنازل الرعيّة الّتي أصيبت بأضرار جسيمة خلال الحرب الاسرائيلية على لبنان والّتي اطلقتها لجنة وقف الرعيّة، لاستقبال زيارة تفقديّة بعد الأعياد بمشاركة شخصيّات كنسيّة.
زيارتان تأتيان ضمن إطار تعزيز الروابط الروحيّة والإنسانية بين أبناء الرعيّة والكنيسة، الأولى برعاية رئيس أساقفة صور المارونيّة المطران شربل عبد الله، والثانية بحضور السفير البابوي في لبنان المطران باولو بورجيا، الذي يشغل منصب عميد السلك الديبلوماسي في لبنان.
ورعيّة الكفور الّتي هُجِّر جميع سكانها بسبب الحرب الاسرائيلية الأخيرة على لبنان، وأصابت الأضرار بيت الله بدءًا من كنيستي سيّدة النجاة الأثريّة والجديدة، فالأولى الّتي تحمل تاريخا عمره قرابة 250 عاما ويشهد مذبحها وحجارها وسقفها القرميدي عليه أصبحت خربة ومأوى لمياه الشتاء بعد الدمار الداخلي الّذي أصابها وتضرر سقفها المعرّض للسقوط في أي لحظة، أما الثانية فلم تسلم أيضًا من الحرب فجاءت أضرارها متوسّطة، هذا وقد أصيب "الأنطش" ومنزل الرعيّة و50 منزلا لسكان القرية من المسيحيين بأضرار بالغة إضافة الى إصابة 25 منزلا بأضرار متوسّطة و6 منازل دُمِّرت بشكل كامل مما حرَم ساكنيها من العودة اليها، بانتظار اعادة الاعمار، حيث أخذت لجنتي الوقف وجمعية سيدّة النجاة المارونية على عاتقها أن تقوم بحملة تشجيع لاعادة اعمار ما تهدّم خصوصا وان الكشف الأوليّ على الأضرار جاء برقم تقريبي (700000 دولار) وقد ارتفع مع استمرار المسح الّذي يقوم به مجموعة من المهندسين المتخصصين، ويذكر منظمو الحملة من لجنة الوقف وجمعية سيدّة النجاة المارونية أن التكلفة الإجمالية لإصلاحات القرية تتجاوز هذا الرقم بكثير، لكن الهدف الأولّي سيركز على الاحتياجات الأكثر إلحاحًا للعائلات النازحة.
ينطلق البرنامج يوم السبت، 25 كانون الثاني 2025، بحيث سيتم استقبال الوفد الرعوي برئاسة المطران عبدالله عند الرابعة بعد الظهر في أجواء مهيبة تعكس الروحانية العميقة لهذه الرعية. يتبع الاستقبال القداس الإلهي، الذي سيقام عند الرابعة والنصف عصرا، بمشاركة المؤمنين والفعاليات الدينية والاجتماعية. عقب القداس، سيُعقد لقاء موسّع مع أبناء الرعية في صالة الكنيسة، لتبادل الآراء والاستماع إلى احتياجاتهم، مع تسليط الضوء على الأهداف الرعوية المستقبلية، خصوصًا بعد الحرب الاسرائيلية على لبنان والّتي كانت الكفور بمنازلها وأهلها، بحجرها وبشرها عرضة لهجرة قسريّة وتدمير كبير طال المنازل والكنيستين. وستختتم فعاليات هذا اليوم بجولة خاصة للكنيسة الأثريّة ومعاينتها ومحيطها.
أما يوم الأحد، 26 كانون الثاني 2025، فستبدأ الأنشطة باستقبال صباحي لسفير دولة الفاتيكان لدى لبنان باولو بورجيا عند الساعة 10:50، يتبعه الاحتفال بالقداس الإلهي عند الساعة 11:30 صباحًا. بمشاركة أبناء الرعيّة الّتي وضعت 2 بولمان مجانا بتصرف أبنائها ممّن يرغب بالحضور للحصول على البركة والمشاركة في هذه المناسبة الروحية المهمة، الأول ينطلق من جسر ملعب فؤاد شهاب-كسروان (للاستفسار03217397) والثاني من مكان جامعة الحكمة-بيروت، (للاستفسار 03500136)
بعد القداس، سيُقام لقاء آخر في صالة الكنيسة مع أبناء الرعية، يتيح لهم فرصة مشاركة همومهم وشجونهم والحديث مباشرة مع السفير البابوي عميد السلك الدبلوماسي في لبنان. وستُختتم الزيارة بجولة تفقدية للكنيسة الأثرية، التي تحمل إرثًا دينيًا وتاريخيًا عريقًا.
تأتي هذه الزيارة في سياق الجهود التي تبذلها الكنيسة لتعزيز العلاقات بين المؤمنين وقياداتهم الروحية، لا سيّما بعد فترة الأعياد التي تُعدّ فرصة لتجديد الإيمان والتأمل في القيم المسيحيّة، وبعد الحرب الاسرائيلية المدمّرة الّتي تركت أثرًا نفسيًّا وماديًّا يشكل عبئا كبيرا جاثما على نفوس أهالي الكفور، وتُعتبر رعية سيدة النجاة-الكفور من أبرز الرعايا التابعة لأبرشية صور المارونية، حيث تتميّز بتاريخها العريق وموقعها الذي يحمل رمزيّة كبيرة في المنطقة.
ولا بدّ من الاشارة الى أنّ المطران شربل عبد الله يُولي أهمية كبيرة لهذه الزيارة، نظرًا لما تمثّله من فرصة، للاطّلاع عن كثب على التحدّيات التي تواجهها المنطقة بشكل عام والكفور بشكل خاص، والعمل على إيجاد حلول تسهم في تعزيز الحضور المسيحي والحياة الروحية والاجتماعية للرعية.
كما يُضيف وجود السفير البابوي، قيمة استثنائية لهذه الزيارة. فعميد السلك الدبلوماسي، الذي يُمثل الكرسي الرسولي في لبنان، يلعب دورًا محوريًا في تعزيز العلاقات بين الكنيسة الكاثوليكية والمؤمنين. ويأتي حضوره تأكيدًا على اهتمام الكنيسة الجامعة بالرعايا المحليّة ودعمها في مختلف الجوانب الروحية والاجتماعية.
تدعو رعية سيدة النجاة جميع أبنائها والمؤمنين من المناطق المجاورة للمشاركة في هذه الزيارة التي تعد فرصة فريدة للقاء قياداتهم الدينيّة والمشاركة في الاحتفالات الروحيّة. والاضاءة على أهمّية الوجود المسيحي وترسيخه. ويمكن متابعة تفاصيل الزيارة وبرنامجها من خلال الصفحات الرسمية للرعية على مواقع التواصل الاجتماعي.
بهذا الحدث، تسعى رعية سيدة النجاة-الكفور لتجديد رسالتها الروحية والمجتمعية، مؤكدةً دور الكنيسة كجسر محبة وسلام بين المؤمنين، وداعيةً الجميع لتوحيد الجهود من أجل مستقبل أفضل ومليء بالإيمان.
وبالامكان التبرع عبر WishMoney 20895988-01 و WishMoney 20895988-03
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: الحرب الاسرائیلیة السفیر البابوی ة الکفور فی لبنان ة النجاة الرعی ة
إقرأ أيضاً:
المراحل العشر التي قادت فيتنام إلى عملية الريح المتكررة ضد أميركا
في ظهيرة يوم شديد الصعوبة من أبريل/ نيسان عام 1975، بثت إذاعة الجيش الأميركي خبراً مفاده أن "درجة الحرارة في سايغون تبلغ 105 درجات وترتفع"، كانت تلك رسالة مشفرة تعني أن الوضع قد وصل إلى حد الانفلات التام في أعقاب هجوم واسع لقوات حكومة فيتنام الشمالية، وأنه قد بدأ الإجلاء الفوري لجميع الأميركيين المتبقين في فيتنام، بعدما كانت الولايات المتحدة قد سحبت قواتها القتالية من فيتنام وفقا للاتفاقية الموقعة في باريس عام 1973، تاركة نحو 5000 أميركي في مهام دبلوماسية واستخباراتية.
وخلال ساعات؛ وثقت الكاميرات مشهد عشرات الأميركيين والجنود الفيتناميين الجنوبيين واقفين على سطح مبنى في سايغون (عاصمة فيتنام الجنوبية)، أعينهم معلقة بطائرة هليكوبتر أميركية تهبط على عجل. رجال ونساء وأطفال يصطفون على درج معدني ضيق، يتدافعون بحذر وخوف نحو الطائرة التي لا تسع إلا عدداً قليلاً.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2نصف مليون جندي و8 ملايين طن من القنابل.. لماذا هُزمت أميركا في فيتنام؟list 2 of 2في حال وقع المحظور النووي هل ستنحاز أميركا للهند أم باكستان؟end of listكان ذلك المشهد ذروة عملية الإجلاء السريع التي عُرفت باسم "عملية الريح المتكررة" (Operation Frequent Wind)، وأصبحت رمزًا مريرًا لنهاية أطول حرب خاضتها الولايات المتحدة في القرن العشرين.
لكن كيف وصلت فييتنام إلى هذه اللحظة؟ وكيف تحوّل بلد زراعي صغير على هامش خريطة آسيا إلى ساحة صراعٍ دوليّ دمويّ، وإلى اختبارٍ عسير لطموحات القوى الكبرى ومرآة لانكساراتها؟ ولفهم هذه التحولات التي باتت تمثل واحدة من أهم المعارك العسكرية في القرن العشرين؛ لا بد من العودة إلى البدايات؛ إلى الحسابات الجيوسياسية لحقبة ما بعد الحرب العالمية الثانية وماقبل ذلك في زمن الاستعمار القديم، تلك الحسابات التي تجاوزت حدود فيتنام الضيقة وجعلت منها ساحةً لصراع استمر أكثر من عقدين من الزمن.
منذ القرن التاسع عشر؛ كانت فيتنام جزءًا من المستعمرات الفرنسية، إلى جانب لاوس وكمبوديا (كانت الدول الثلاث تعرف باسم الهند الصينية). وكانت البلاد أشبه بساحة خلفية للإمبراطورية الفرنسية، حيث نُهبت ثرواتها الطبيعية، وقُمعت حركاتها الشعبية، وزُرعت فيها بذور الانقسام الطبقي والثقافي.
إعلانلم تكن فيتنام تحديدا مجرد مستعمرة بعيدة، بل كانت عقدة حيوية في خريطة النفوذ الفرنسي في آسيا. ميناء "هايفونغ" التجاري الأهم في فيتنام، والمزارع التي كانت تنتج الأرز والمطاط، وخطوط السكك الحديدية التي تربط الهضاب بالمرافئ، كلها كانت تُدار لخدمة باريس، وليس لخدمة هانوي.
المحطة الثانية: فرصة خاطفة للاستقلالفي منتصف القرن العشرين، ومع اندلاع الحرب العالمية الثانية؛ بدأ التوازن الاستعماري القديم يتصدع. اجتاحت اليابان الهند الصينية عام 1940، تاركة الإدارة الاسمية لفرنسا الفيشية، لكنها عمليًا أضعفت القبضة الفرنسية وأفسحت المجال لنمو تيارات المقاومة المحلية. من بين هذه التيارات، برزت شخصية استثنائية ستغيّر وجه آسيا، ويحمل الفيتناميون صورته اليوم وهم يحتفلون بالذكرى الخمسين لتوحيد بلادهم: هو تشي منه.
أسّس هو تشي منه "رابطة استقلال فييتنام" أو "الفييت مينه"، وهي حركة قومية شيوعية، مزجت بين الكفاح المسلح والتحريض الشعبي. وعندما انتهت الحرب العالمية الثانية عام 1945، وإعلان استسلام اليابان، كانت الفرصة سانحة أمام هو تشي منه، فأعلن استقلال فيتنام عن الامبراطورية اليابانية في ساحة "با دينه" بهانوي.
لم يعمر حلم الاستقلال طويلًا. فرنسا، التي خرجت مدمّرة من الحرب العالمية الثانية، أرادت استعادة "هيبتها" من خلال إعادة بسط نفوذها على مستعمراتها القديمة. تجاهلت إعلان الاستقلال في هانوي، ونزلت قواتها مجددًا إلى الأراضي الفيتنامية، لتبدأ بذلك حربًا دموية جديدة. وبذلك؛ وُلدت حرب الهند الصينية الأولى، والتي ستُشكّل الأساس لحرب فيتنام القادمة.
لم يكن الاستعمار هذه المرة مثل الاستعمار القديم منحصرا فقط في استغلال الموارد؛ بل برز في قلبه صراع أيديولوجي ناشئ حول رؤيتين للعالم: فرنسا التي تمثّل الغرب الرأسمالي الإمبريالي، وفيتنام التي بدأت تتجه نحو الفكر الشيوعي، مدفوعة بإرث الاحتلال، وبحلم العدالة الاجتماعية.
إعلانكانت التربة الفيتنامية قد تشبعت بما يكفي من الغضب، وكان المشهد الإقليمي والعالمي مهيأً لانفجار طويل الأمد، لن ينتهي إلا بعد ثلاثة عقود من الدم والنار.
المحطة الرابعة: "ديان بيان فو" حيث دفنت فرنسا رايتها وورثت أمريكا عبء الإمبراطوريةفي وادٍ بعيد تحيط به التلال شمالي غرب فيتنام، خسرت فرنسا آخر رهاناتها الاستعمارية الكبرى. بدأت المعركة في مارس 1954، واستمرت 57 يومًا من القصف والحصار والنار. حاصرت المقاومة الفيتنامية بقيادة فو نغوين جياب الجنود الفرنسيين. واعتبرت المعركة لاحقا أحد الدروس التاريخية المذهلة في فنون وتكتيكات حرب العصابات وقدرتها على التفوق على الجيوش النظامية.
وفي السابع من مايو 1954، استسلمت القوات الفرنسية في ديان بيان فو، بينما كانت قادة فرنسا يبحثون في جنيف عن مخرج مشرّف. وفي يوليو 1954، اجتمع القوى الكبرى في العالم في مؤتمر جنيف، حيث تقرر تقسيم فييتنام مؤقتًا على طول خط العرض 17، الشمال بقيادة هو تشي منه الشيوعي، عاصمته هانوي. والجنوب بقيادة نظام مدعوم من الغرب، برئاسة إمبراطور صوري ثم رئيس فعلي هو نغو دينه ديم. لكن الاتفاق نص أيضًا على إجراء انتخابات وطنية موحدة عام 1956، لكنها لم تحدث، لأن الولايات المتحدة خشيت من فوز الشيوعيين.
من هنا، بدأت واشنطن تتدخل في فييتنام. لم يكن هناك إنزال عسكري بعد، وكانت الولايات المتحدة آنذاك تخشى من ما يسمى "تأثير الدومينو": إذا سقطت فييتنام في يد الشيوعية، ستتبعها لاوس وكمبوديا وتايلاند، وربما تصل العدوى إلى أستراليا! وهكذا، تحوّلت فييتنام من ساحة استعمار قديم إلى مسرح للصراع الأيديولوجي العالمي الذي تصاعد بعد الحرب الباردة.
انتهى الوجود الفرنسي رسميًا في جنوب فييتنام في أبريل 1956، وبقيت البلاد منقسمة بحكم الواقع بين حكومة “جمهورية فييتنام” في الجنوب، وحكومة “جمهورية فييتنام الديمقراطية” بقيادة هو تشي منه في الشمال.
إعلاندشن ديان دينه ديم (حليف أمريكي) سياسة أيديولوجية قومية وعنيفة ضد المعارضين داخليًا، معطياً امتيازات واسعة للكاثوليك وهو ما أشعل اضطرابات اجتماعية وانتفاضات بوذية ضد حكمه. عام 1960 تأسست «جبهة التحرير الوطني» المعروفة بـ"الفيت كونغ" لإعادة توحيد كل قوى المعارضة في الجنوب تحت قيادة الشمال. اعتمدت الفيت كونغ على تكتيكات حرب العصابات وبنية تحتية سرية في الدول المجاورة من الهند الصينية لتأمين الإمداد اللوجيستي.
المحطة السادسة: خليج تونكين؛ الذريعة التي فتحت أبواب الجحيمفي أغسطس من عام 1964، زعمت البحرية الأمريكية أن مدمّرتها يو إس إس مادوكس تعرّضت لهجوم من زوارق طوربيد فيتنامية شمالية في خليج تونكين. لم تكن التفاصيل واضحة، والصور غير حاسمة، لكن الرئيس ليندون جونسون لم يحتج لأكثر من هذه الشرارة لطلب تفويض مطلق من الكونغرس لاستخدام القوة في فييتنام. وهكذا، صدر قرار خليج تونكين، الذي منح البيت الأبيض يدًا طليقة لشن الحرب دون إعلان رسمي.
كانت الحادثة التي لا يزال الجدل قائمًا حول صحتها الكاملة نقطة تحوّل فاصلة، إذ انتقلت أمريكا من دور المستشار والراعي في الظل إلى قوة محتلة، تمطر الأدغال الفيتنامية بعشرات الآلاف من الجنود والقنابل.
وبحلول عام 1965، بدأ التصعيد العسكري الكبير: إرسال أولى وحدات القتال، ثم القصف الجوي المكثف على شمال فييتنام في حملة سُمّيت "رعد متواصل" (Operation Rolling Thunder).
مع تصاعد عدد القتلى، وغياب أفق النصر، بدأ الرأي العام الأميركي ينقلب تدريجيًا على الحرب. اللحظة المفصلية جاءت عام 1968، بعد هجوم مفاجئ شنّه الفيتكونغ في رأس السنة القمرية (هجوم تيت) على عشرات المدن في الجنوب، بما فيها سايغون نفسها. ورغم أن الهجوم ألحق خسائر هائلة بالمقاومين الفيتناميين وربما يعتبر خسارة عسكرية، إلا أنه زلزل ثقة الأمريكيين بقدرتهم علي تحقيق النصر. فقد بدا لهم كأن العدو "المنهك" لا يزال قادرًا على الضرب بقوة في عمق المناطق الآمنة، سيظل كذلك.
المحطة الثامنة: "فتنمة الحرب".
حين تولّى ريتشارد نيكسون الرئاسة في الولايات المتحدة عام 1969، كانت فييتنام قد أصبحت كابوسًا سياسيًا وعسكريًا. أدرك نيكسون أن النصر الكامل مستحيل، لكنه لم يشأ الانسحاب فجأة. فطرح استراتيجية سمّاها: "فتنمة الحرب" (Vietnamization)، أي تحويل عبء القتال إلى الجيش الفيتنامي الجنوبي، بينما تبدأ القوات الأمريكية بالانسحاب التدريجي.
المرحلة التاسعة: رحيل آخر الجنود المقاتلينلم تكن "فتنمة الحرب" أكثر من محاولة لتأجيل الهزيمة، لا تجنّبها. فالجيش الجنوبي كان ضعيف التدريب، ويفتقر للحافز القتالي، في حين كان الشمال يزداد صلابة. في الوقت نفسه، وسّع نيكسون الحرب عبر قصف كمبوديا ولاوس بحجة ضرب خطوط الإمداد الفيتنامية (طريق هو تشي منه)، ما أدى إلى توسيع رقعة الصراع، وخلق المزيد من الفوضى في المنطقة، وأشعل المعارضة داخل الولايات المتحدة.
لم يستجب الفيتناميون لرغبة الأمريكان في التفاوض مباشرة، واستمروا في إلحاق الخسائر بهم، حتى عام 1973 حين وقّعت أميركا اتفاقية باريس للسلام مع حكومة فيتنام الشمالية، معلنة انسحابها الرسمي من الحرب، بعد أن خسرت أكثر من 58 ألف جندي، وأبقت على نحو 5000 آلاف جندي فقط في مهام غير قتالية.
المحطة العاشرة: سقوط سايجون
في ربيع عام 1975، بدأ الجيش الشمالي الزحف النهائي نحو العاصمة الجنوبية سايغون. كانت القوات الفيتنامية الشمالية مدعومة بخبرة طويلة، وعقيدة قتالية متماسكة، بينما كان الجنوب، رغم الأسلحة الأمريكية المتروكة، منهارًا معنويًا. سقطت المدن الواحدة تلو الأخرى، بلا مقاومة تُذكر. أما واشنطن، فقد اكتفت بالمراقبة، بعد أن قطعت المساعدات العسكرية.
في 30 أبريل 1975، دخلت دبابات الشمال سايغون. لم تكن هناك معركة حقيقية. رفع الجنود علمهم الأحمر بنجمة صفراء فوق القصر الرئاسي، وانتهت الجمهورية الفيتنامية الجنوبية إلى الأبد. لم يُعلن عن هزيمة أمريكية رسميًا، لكنها بقيت محفورة ومستقرة في التاريخ العسكري والاستراتيجي: أن الفيتناميين هزموا الولايات المتحدة.
إعلان