الهجوم الأكثر دموية في لبنان.. تحقيق يكشف آخر لحظات حياة جوليا
تاريخ النشر: 25th, January 2025 GMT
نشرت هيئة الإذاعة البريطانية "BBC" تقريراً جديداً تحدثت فيه عن الهجوم الإسرائيلي الأكثر دموية منذ عقدين في لبنان، مشيرة إلى أن هذا الهجوم وقف في منطقة عين الدلب - شرق صيدا، وأسفر عن استشهاد العديد من اللبنانيين من بينهم الناشطة جوليا رمضان.
وفق التقرير، كانت جوليا تشعر بالرعب، في وقتٍ تصاعدت وتيرة الحرب بين إسرائيل وحزب الله، وكان يراودها كابوس بأن منزل عائلتها يتعرض للقصف.
وفي وقت سابق من ذلك الشهر، كثفت إسرائيل حملاتها الجوية ضد حزب الله في لبنان، رداً على الهجمات الصاروخية المتصاعدة من قبل الحزب والتي قُتل خلالها مدنيون، ونزح على إثرها عشرات الآلاف من منازلهم شمال إسرائيل.
أشرف كان واثقاً من أن مبنى شقق عائلته سيكون ملاذاً آمناً، لذلك انضمت إليه جوليا، ولكن في اليوم التالي، وبالتحديد في 29 أيلول، تعرض المبنى لأشد هجوم إسرائيلي دموي في هذا الصراع، حيث ضربته صواريخ إسرائيلية، وانهار المبنى المكون من ستة طوابق بالكامل، مما أسفر عن مقتل 73 شخصاً.
ويقول الجيش الإسرائيلي إن المبنى استُهدف لأنه كان "مركز قيادة لحزب الله"، زاعماً أنه قضى"على أحد قادة حزب الله"، مضيفاً أن "الأغلبية الساحقة من الضحايا في تلك الضربة كانوا عناصر إرهابية"، على حد قوله. لكن تحقيقاً أجراه فريق بي بي سي لتقصي الحقائق، أكد هوية 68 شخصاً من أصل 73 قضوا جراء الهجوم، وكشف عن أدلة تشير إلى أن ستة فقط كانوا مرتبطين بالجناح العسكري لحزب الله، ولم يكن أي من هؤلاء الستة يحمل رتبة عسكرية كبيرة. كذلك، وجدت بي بي سي أن الـ62 الآخرين كانوا مدنيين، و23 منهم أطفال. ومن بين أولئك الأطفال القتلى مَن لم يتجاوز بضعة أشهر، مثل نوح قبيسي في الشقة 2 ب، وفي الشقة 1 ج، قُتلت المعلمة عبير حلاق إلى جانب زوجها وثلاثة من أبنائها، وفي الطابق الثالث، توفيت أمل الحكواتي إلى جانب ثلاثة أجيال من عائلتها؛ زوجها وأبنائها وحفيدتين. كان أشرف وجوليا قريبين من بعضهما البعض دائماً، ويتشاركان كل شيء مع بعضهما، ويصف أشرف شقيقته بأنها "مثل الصندوق الأسود، الذي يحمل كل أسراره".
وفي فترة ما بعد الظهر من يوم 29 أيلول، عاد الشقيقان إلى المنزل بعد مشاركتهما في توزيع الطعام على الأسر التي فرت من القتال، حيث نزح مئات الآلاف من الناس في لبنان بسبب الحرب.
أشرف كان يستحم، وجوليا تجلس في غرفة المعيشة مع والدهما، تساعده في تحميل مقطع فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي، وكانت والدتهما جنان تنظف المطبخ.
ثمّ دون سابق إنذار، سمعوا دوياً يصم الآذان، واهتز المبنى بأكمله، وتدفقت سحابة ضخمة من الغبار والدخان إلى شقتهما.
يقول أشرف: "صرخت منادياً، جوليا! جوليا!"، وأجابت "أنا هنا".
ويكمل: "نظرت إلى والدي، الذي كان يكافح للنهوض من على الأريكة بسبب إصابة في ساقه، ورأيت والدتي تركض نحو الباب الأمامي".
ويضيف: "كانت جوليا تتنفس بصعوبة شديدة، وتبكي بشدة على الأريكة، كنت أحاول تهدئتها وأخبرتها أننا بحاجة إلى الخروج، ثم حدث هجوم آخر".
ويُظهر مقطع فيديو للضربة، تم تداوله عبر الإنترنت وتم التحقق منه من قبل بي بي سي، 4 صواريخ إسرائيلية تتجه نحو المبنى، وبعد ثوانٍ، انهار المبنى. كان أشرف، مع كثيرين آخرين، محاصرين تحت الأنقاض، بدأ ينادي، لكن الصوت الوحيد الذي كان يسمعه، كان صوت والده، الذي أخبره أنه لا يزال يسمع جوليا وأنها على قيد الحياة، ولم يستطع أي منهما سماع صوت والدة أشرف.
أرسل أشرف رسالة صوتية إلى الأصدقاء في الحي لتنبيههم، وكانت الساعات القليلة التالية مؤلمة، إذ كان يسمع رجال الإنقاذ وهم يزيلون الأنقاض، ونحيب السكان الذين اكتشفوا موت أحبائهم. ويقول أشرف: "كنت أدعوا: أرجوك يا الله، ليس جوليا، لا أستطيع أن أعيش هذه الحياة دون جوليا".
وإثر ذلك، تم انتشال أشرف أخيراً من تحت الأنقاض بعد ساعات، مصاباً بجروح طفيفة فقط.
واكتشف أن والدته تم إنقاذها لكنها توفيت في المستشفى، أما جوليا فقد اختنقت تحت الأنقاض، وأخبره والده لاحقاً أن آخر كلمات جوليا كانت نداءات لأخيها. وفي تشرين الثاني، تم الاتفاق على وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله بهدف إنهاء الصراع، ويمنح الاتفاق مهلة 60 يوماً للقوات الإسرائيلية للانسحاب من جنوب لبنان، ولحزب الله لسحب قواته وأسلحته إلى شمال نهر الليطاني. وأعرب خبراء الأمم المتحدة عن قلقهم بشأن الهجمات الجوية الإسرائيلية على المباني السكنية في المناطق ذات الكثافة السكانية العالية في لبنان.
وكان هذا النمط باستهداف المباني بأكملها - مما أدى إلى خسائر كبيرة في صفوف المدنيين - سمة متكررة في أحدث صراع بين إسرائيل وحزب الله، والذي بدأ عندما صعّد الحزب هجماته الصاروخية رداً على حرب إسرائيل في غزة.
وبين تشرين الأول 2023 وشرين الثاني 2024، تقول السلطات اللبنانية إن أكثر من 3960 شخصاً قُتلوا في لبنان على يد القوات الإسرائيلية، وكثير منهم من المدنيين.
وعلى مدى الفترة الزمنية نفسها، تقول السلطات الإسرائيلية إن 47 مدنياً على الأقل قتلوا بصواريخ حزب الله التي أطلقت من جنوب لبنان، كما قُتل ما لا يقل عن 80 جندياً إسرائيلياً أثناء القتال في جنوب لبنان أو نتيجة لهجمات صاروخية على شمال إسرائيل.
ويعد الهجوم على عين الدلب، الهجوم الإسرائيلي الأكثر دموية على مبنى في لبنان منذ 18 عاماً على الأقل. (BBC)
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: جنوب لبنان فی لبنان
إقرأ أيضاً:
الفاتيكان يكشف تفاصيل اللحظات الأخيرة في حياة البابا فرنسيس
كشف الفاتيكان رسميًا تفاصيل سبب وفاة البابا فرنسيس، بابا الكنيسة الكاثوليكية، الذي وافته المنية صباح الاثنين الموافق 21 أبريل 2025، مؤكدًا أن الوفاة كانت نتيجة سكتة دماغية مفاجئة أدت إلى غيبوبة وفشل في الدورة الدموية القلبية، تبعه توقف كامل للقلب.
شهادة الوفاة: مضاعفات صحية مزمنة أدت إلى الوفاةأوضح البروفيسور أندريا أركانجيلي، مدير مديرية الصحة في دولة الفاتيكان، أن شهادة الوفاة الرسمية تشير إلى أن البابا عانى من سكتة دماغية أدت إلى غيبوبة مفاجئة تسببت في توقف القلب.
نشأت الديهي ناعيًا البابا فرنسيس: "رجل متواضع ورع.. صوت ديني بارز" عاجل| الفاتيكان: البابا فرنسيس طلب أن يُدفن في الأرض دون أي زخرفة خاصةوأشار إلى وجود تاريخ طبي معقد للبابا، شمل:
فشل تنفسي حادالتهاب رئوي متعدد الميكروبات في الرئتينتوسع القصبات الهوائية المزمنارتفاع ضغط الدمالإصابة بمرض السكري من النوع الثانياللحظات الأخيرة للبابا.. استيقظ بخير ثم فقد وعيه فجأةحسب صحيفة كورييري ديلا سيرا الإيطالية، فقد استيقظ البابا فرنسيس في الساعة السادسة صباحًا وكان يشعر أنه بحالة جيدة، إلا أنه بدأ بعد ساعة فقط في الشعور بالمرض، وتدهورت حالته بسرعة.
وفي تمام الساعة 7:30 صباحًا، حدثت النتيجة المميتة، إذ دخل في غيبوبة تامة ثم توقف قلبه عن العمل.
البابا خاطب العالم في عيد الفصح قبل يوم من وفاتهتأتي الوفاة بعد 24 ساعة فقط من ظهوره العلني الأخير من شرفة كاتدرائية القديس بطرس في الفاتيكان بمناسبة عيد الفصح، حيث ألقى تحية مقتضبة قال فيها:
"أيها الإخوة والأخوات الأعزاء، عيد فصح سعيد".
لكنه لم يتمكن من إلقاء رسالة العيد كاملة، حيث أسند مهمة القراءة إلى عريف الحفل، دييجو رافيلي، وذلك بسبب ضعف حالته الصحية في ذلك اليوم.
البابا خرج من المستشفى قبل أسابيع قليلة.. وواصل عمله رغم المرضتدهورت صحة البابا فرنسيس بشكل ملحوظ خلال الأشهر الأخيرة، ففي 23 مارس الماضي، خرج من المستشفى بعد أن قضى 37 يومًا داخله للعلاج.
وعلى الرغم من معاناته، تمكن من الاستمرار في أداء مهامه البابوية، واستمر في ممارسة جدول أعماله الرسمي توازيًا مع فترة النقاهة.
وصية البابا فرنسيس: أوصي بدفني في البازيليك البابوية للقديسة مريم الكبرىبعد وفاته، نشر الفاتيكان وصية البابا فرنسيس الأخيرة، التي دوّنها بخط يده، متعلقة بمكان وطريقة دفنه.
وجاء في الوصية:
"إذ أشعر بأن شمس حياتي الأرضية تميل إلى المغيب، وبثقة حية في الحياة الأبدية، أرغب في التعبير عن إرادتي في ما يخص فقط مكان دفني."
وأضاف البابا:
"لقد أوكلت دائمًا حياتي وخدمتي الكهنوتية والأسقفية إلى أم ربنا، مريم الكلية القداسة. ولذلك، أطلب أن ترقد رفاتي، بانتظار يوم القيامة، في البازيليك البابوية للقديسة مريم الكبرى."
وختم وصيته بالقول:
"أرغب أن تُختتم رحلتي الأرضية الأخيرة في هذا المزار المريمي العريق، حيث اعتدت أن أذهب للصلاة في بداية كل زيارة رسولية ونهايتها، لأوكل بثقة نواياي إلى الأم الطاهرة، وأشكرها على رعايتها الوالدية والوديعة."
العالم يودع بابا الإنسانيةشكلت وفاة البابا فرنسيس خسارة كبيرة للعالم، إذ يُعد أحد أبرز رموز التسامح والدعوة إلى الحوار بين الأديان والثقافات، وقد ترك إرثًا إنسانيًّا وروحيًّا حافلًا، من أبرز ملامحه توقيع وثيقة الأخوَّة الإنسانية مع الأزهر الشريف، ومواقفه الداعمة للفقراء والمهمشين، وأخيرًا، دفاعه العلني عن أهل غزة وفلسطين في أيامه الأخيرة.