تدمير مصفاة الجيلي.. “الأكبر” في السودان وبطاقة إنتاجية هائلة
تاريخ النشر: 25th, January 2025 GMT
تبادل الجيش السوداني وقوات الدعم السريع الاتهامات بتدمير مصفاة الجيلي، الأكبر في البلاد، والواقعة شمال العاصمة الخرطوم.
واتهم الجيش السوداني، الخميس، قوات الدعم السريع بإحراق مصفاة الخرطوم لتكرير النفط في منطقة الجيلي شمال العاصمة.
وقال الجيش في بيان صحفي إن قوات الدعم السريع تحاول تدمير البنية التحتية للبلاد بعد يأسها من الاستيلاء على مقدرات البلاد.
من جانبها اتهمت قوات الدعم السريع الجيش السوداني بقصف المصفاة عبر طائرة حربية.
وتدور معارك عنيفة بين الجيش وقوات الدعم السريع في منطقة الجيلي منذ نحو أسبوعين، وقالت مصادر عسكرية للحرة إن الجيش يفرض حصارا على مصفاة الجيلي التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع.
وشهدت المصفاة خلال العام الماضي عددا من الحرائق تبادل وقتها الجيش والدعم السريع الاتهامات بشأن التسبب فيها.
ومصفاة الجيلي هي المنشأة الرئيسية والأكبر لتكرير النفط في السودان، وتم إنشاؤها قبل نحو 3 عقود، وتقدر طاقتها الإنتاجية بنحو 100 ألف برميل يوميا.
ومن المنتجات النفطية للمصفاة الديزل والبنزين وغاز الطهي والكيروسين، وتلبي نحو نصف احتياجات السكان من هذه المواد.
وتم توقيع اتفاق مشترك لتأسيس المصفاة بين وزارة الطاقة السودانية والشركة الوطنية الصينية لإنتاج البترول بشهر مارس عام 1997، وبدأت عمليات الإنتاج في مايو 2000.
وفي إشارة إلى سيطرة قوات الدعم السريع على المصفاة وحصار الجيش لها، قالت وزارة الخارجية السودانية في بيان، الخميس، “تأتي الجريمة الشنيعة التي ارتكبتها المليشيا هذا الصباح (الخميس) بإحراق مصفاة الخرطوم (…) بعد أن أيقنت أنها لن تقوى على البقاء فيها في ظل إحكام القوات المسلحة والقوات المساندة الحصار عليها، بعد أن تجاوزت حقول الألغام الهائلة التي زرعتها المليشيا حول المصفاة”.
وقالت إن “هذه الجريمة الرعناء إضافة لكونها تعبير عن حالة اليأس والهزيمة التي تسيطر على المليشيا، لهي جريمة حرب واضحة المعالم وأحد أسوأ ضروب الإرهاب. كما أنها تأكيد علي أن المليشيا تستهدف بشكل منهجي مقصود ركائز التنمية والخدمات الأساسية والحياة العصرية في البلاد”.
وأشارت الوزارة في بيانها إلى قيام قوات الدعم السريع سابقا بـ”استهداف محطات الكهرباء في مروي والشواك وسنار وسنجة ودنقلا وأم دباكر، وعدد لا يحصى من محطات المياه، والآليات وقنوات الري في مشروع الجزيرة ومصانع السكر في الجنيد وسنار والجسور، والجامعات والبنوك والمراكز التجارية والاقتصادية بالعاصمة وود مدني وسنجة ونيالا والفاشر والجنينة”.
ويوجد في السودان عدد من مصافي تكرير النفط التي تلعب دورا رئيسيا في تلبية الاحتياجات المحلية من المشتقات النفطية، بالإضافة إلى دعم الاقتصاد الوطني من خلال تصدير بعض المنتجات.
وفيما يلي أبرز المصافي النفطية في السودان:
مصفاة الأبيض بولاية شمال كردفان، والطاقة الإنتاجية حوالي 15 ألف برميل يوميا.
مصفاة بورتسودان (مصفاة البحر الأحمر)، والطاقة الإنتاجية نحو 21 ألف برميل يوميا.
مصفاة الفولة (قيد الإنشاء) في ولاية غرب كردفان، والطاقة الإنتاجية المتوقعة حوالي 50 ألف برميل يوميا بعد اكتمالها.
أحمد عقل – الحرة
إنضم لقناة النيلين على واتسابالمصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: قوات الدعم السریع ألف برمیل یومیا مصفاة الجیلی فی السودان
إقرأ أيضاً:
منشأة اقتصادية ونقطة لوجستية.. ما أهمية سيطرة الجيش على مصفاة الخرطوم؟
الخرطوم- بعد معارك استمرت شهورا، أعاد الجيش السوداني اليوم السبت السيطرة على مصفاة الخرطوم لتكرير النفط في شمال العاصمة، في خطوة عدّها خبراء تحولا جديدا في مسار العمليات من شأنه أن يعجّل بإكمال تحرير مناطق الخرطوم بحري وشرق النيل، وعزل قوات الدعم السريع في شريط محدود.
وسيطرت قوات الدعم السريع على مصفاة الخرطوم للنفط بعد أيام من بدء الحرب، لكن المصفاة ظلت تعمل حتى توقفت عن الإنتاج في أكتوبر/تشرين الأول 2023.
تقع المصفاة في منطقة الجيلي على بعد 70 كيلومترا شمالي العاصمة، وأُسّست في عام 1997 وبدأ تشغيلها في عام 2000 بالشراكة بين وزارة الطاقة السودانية والشركة الوطنية للبترول الصينية قبل أن تؤول إلى الوزارة لاحقا، وبلغت كلفة إنشائها أكثر من مليار دولار.
وقال مسؤول عسكري، للجزيرة نت، إن قوات الدعم السريع لم تسيطر على مصفاة الخرطوم بالقتال بل كانت ضمن القوة التي تحرسها، وكان بالمصفاة عدد محدود من الجنود غدرت بهم قوات الدعم السريع.
ويوضح المسؤول العسكري أن منطقة مصفاة الخرطوم، التي تبعد عن ضاحية الجيلي نحو 20 كيلومترا، تقع في مساحة 40 كيلو مترا من المناطق المهمة عسكريا.
وحسب المسؤول، فإن المنطقة المحيطة بالمصفاة تشمل منطقة قري الحرة، والتصنيع الحربي، وقاعدة هيئة العمليات للتدريب التابعة لجهاز المخابرات، ومحطة قري الغازية لتوليد الكهرباء، بجانب تلال جبلية.
خريطة تقريبية للسيطرة على الخرطوم (الجزيرة) قاعدة إمدادويكشف المسؤول العسكري أن المصفاة منحت قوات الدعم السريع ميزة لوجستية، كما استغلت المرافق المحصنة ومخازن للأسلحة وقواعد للإمداد والتموين، وأنشأت منظومة اتصال وسيطرة، ونصبت مرصد مراقبة ومنصة لإطلاق الطائرات المسيرة نحو ولاية نهر النيل المتاخمة لها.
إعلانوتجنب الجيش استخدام الطيران والقصف المدفعي لضمان سلامة المصفاة وبنيتها ومرافقها الفنية، واستخدم تكتيكات متكاملة شملت الحصار وقطع خطوط الإمداد عن قوات الدعم السريع حتى أضعف قدراتها واستنزفها قبل أن يعيد السيطرة عليها، وفقا للمسؤول العسكري.
وأعلن رئيس مجلس السيادة والقائد العام للجيش، عبد الفتاح البرهان، خلال لقائه تنسيقية أبناء قبيلة الزريقات في 15 يناير/كانون الثاني الجاري، أن 70% من قوات الدعم السريع المتمركزة في مصفاة الجيلي للنفط بالخرطوم مرتزقة أجانب. وقال إن "التمرد استعان بعدد كبير من المرتزقة من الخارج".
ويكشف مسؤول أمني -للجزيرة نت- أن "المرتزقة في مصفاة الخرطوم من جنسيات تشادية وليبية وسورية وجنسيات أخرى"، وقد استسلم عناصر من قبائل التبو الليبية للجيش يوم الجمعة بعد محاصرتهم في المصفاة.
ويقول المسؤول الأمني إن القوة التي دخلت المصفاة وجدت أسرى ومحتجزين في حالة سيئة، وأغلبهم مدنيون كانت تعتقلهم قوات الدعم السريع.
من جانبه، يرى الخبير العسكري العميد المتقاعد جمال الشهيد أن سيطرة الجيش على مصفاة الخرطوم انتصار عسكري واقتصادي حيث كانت تستغلها قوات الدعم السريع لإمداد مركباتها القتالية في ولاية الخرطوم ثم ولايتي الجزيرة وسنار، بجانب بيع المحروقات للمواطنين حتى بعد توقفها عن الإنتاج لوجود مستودعات ضخمة كانت معبأة بالمشتقات مما وفر لها موارد مالية كبيرة.
تحول عسكري
وفي حديث للجزيرة نت، يقول الخبير العسكري إن استعادة المصفاة لا يعني تحرير منشأة اقتصادية، بل تحوّل عسكري يؤمن ولاية نهر النيل المتاخمة للمنطقة من أي تهديد محتمل بعدما كانت قوات الدعم السريع تنتشر في قرى بالولاية في محيط منطقة المصفاة، وتحرمها من نقطة ارتكاز لوجستية مهمة.
ويأتي هذا التحول متزامنًا مع التحام قوات أم درمان مع سلاح الإشارة في الخرطوم بحري ومقر القيادة العامة للجيش في وسط الخرطوم، مما يعجل بتحرير أغلب مناطق العاصمة خلال فترة وجيزة بعد تقطيع أوصال قوات الدعم السريع وعزلها في جيوب صغيرة محاصرة، حسب الخبير العسكري.
إعلانوشهدت مراحل القتال المختلفة احتراق أجزاء من مصفاة الخرطوم ووحداتها ومرافقها، بجانب خسائر لشركات النفط باحتراق مستودعات في خارج المصفاة كانت معبأة بالمشتقات.
ويقول أستاذ الاقتصاد في جامعة الخرطوم إبراهيم أونور إن كلفة إنشاء المصفاة نحو مليار دولار، وتنتج 100 ألف برميل يوميا، وإذا تأكد دمارها فإن ذلك يعني خسارة السودان صرحا اقتصاديا لا تقتصر أهميته في أصوله الثابتة، بل تمتد تداعياته السلبية إلى توفير المشتقات النفطية للاستهلاك من السوق الخارجية.
خسائر اقتصادية
ويوضح أونور، في منشور له، أن التكلفة الاقتصادية للمصفاة تشمل قيمة الأصول الثابتة بسعر اليوم بالإضافة إلى كلفة استيراد المشتقات التي كانت توفرها المصفاة، بجانب سعر الفائدة في حال الحصول على قرض تجاري لتمويل المشروعات، والفترة الزمنية لإنشاء مصفاة بديلة. وقدر أن خسارة تدمير المصفاة بين 5 و8 مليارات دولار.
ودعا الأستاذ الجامعي الحكومة إلى تشكيل لجان لحصر وتقدير التكاليف الاقتصادية لمنشآت البنية التحتية التي دمّرت خلال الحرب للوصول إلى الكلفة الاقتصادية بدلا من التركيز فقط على الكلفة الإنشائية توطئة لرفع قضايا تعويض في المحاكم الدولية ضد الدول التي تموّل الحرب.
وتعد مصفاة الخرطوم من أكبر المصافي في السودان، وترتبط بخط أنابيب للتصدير بميناء بشائر على ساحل البحر الأحمر شرقي السودان بطول 1610 كيلومترات.
كذلك ترتبط بآبار النفط في ولايات غرب وجنوب كردفان، لكن قوات الدعم السريع سيطرت على عدد من الحقول في هذه الولايات، بينها حقل بليلة في ولاية غرب كردفان.
وتبلغ طاقة المصفاة اليومية 10 آلاف طن من الغازولين و4500 طن بنزين و8 آلاف طن من غاز الطهو، وتعادل 55% من احتياجات السودان، ويتم سد الفجوة عبر الاستيراد.
ورغم سيطرة قوات الدعم السريع على المصفاة منذ الأيام الأولى للحرب، فإن الإنتاج توقف في أكتوبر/تشرين الأول 2023، بعد تراجع إنتاج الخام، وإيقاف القوات ضخ المشتقات عبر الأنابيب إلى ولاية الجزيرة وبورتسودان في ولاية البحر الأحمر باعتبار أن الحكومة هي المستفيدة من ذلك.
إعلان