يحتوي على كنوز الكتب النادرة.. سور الأزبكية أقدم رصيف ثقافى فى مصر والعالم العربى
تاريخ النشر: 25th, January 2025 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
على مدى أكثر من قرن من الزمان يظل سور الأزبكية للكتاب أشهر رصيف ثقافي في مصر والعالم العربي ويبقى مقصدًا لكل المثقفين والمفكرين والأدباء والباحثين عن الكتب النادرة وزهيدة الثمن في نفس الوقت؛ ويحمل السور عبق الماضي ووهج الحاضر. فهو ليس مجرد مكان لبيع الكتب، بل هو معجم حيّ للقراءة حيث يتردد عليه عشاق الكتب من مختلف الأعمار والخلفيات منذ نشأته ليصبح شاهدًا على حكايات ثقافية لا تنتهي.
يتميز سور الأزبكية بجوه الخاص الذي يجمع بين الأصالة والبساطة، إذ تعمل به نخبة من كبار الوراقين والأساتذة الذين يمتلكون شغفاً عميقاً بالكتب ولديهم القدرة على تقييم قيمة الكتاب بمجرد نظرة واحدة، وهم مستعدون دائماً لمساعدة الزوار على اكتشاف الكنوز المخفية بين صفحات الكتب القديمة بجانب أحدث الإصدارات مما يخلق توازناً فريداً يعكس تطور الثقافة وتاريخها. كما أنه ليس فقط سوقاً لبيع الكتب بل فضاءً مفتوحاً للحوار الثقافي والتبادل الفكري.
ركيزة معرفية
في جولة ل«البوابة» التقت الحاج علي الشاعر أحد كبار شيوخ المهنة بسور الأزبكية، والذي عبر عن حكايته مع القراءة بكل صدق؛ ليروي لنا حكاية العمر مع الكتب وسور الأزبكية. قال علي الشاعر: «لأنني شاعر أكتب الشعر وأعشق الكلمة منذ الصغر؛ وأبلغ من العمر ٧٥ عامًا، وأمارس مهنة بيع الكتب منذ أكثر من نصف قرن وبدأت رحلتي مع الكلمة في الكتاب، حيث تعلمت وحفظت قصص الأنبياء ومن هناك دخلت المدرسة واكتشفت حب القراءة. وكان منزلنا مليئًا بكتب والدي خاصة إصدارات دار الهلال القديمة مما فتح لي عالماً من المعرفة والثقافة. ومارست مهنتي على مدار ٥٥ عامًا في قلب سور الأزبكية هذا الصرح الثقافي العريق الذي تأسس بين عامي ١٩٠٦ و١٩٠٧ في عهد الخديوي عباس حلمي الثاني».
حيث مر السور بأحداث وتغيرات كبرى وكان قد شهد عهود السلاطين والخديوية وملوك ورؤساء مثل محمد نجيب، جمال عبد الناصر، السادات، حسني مبارك، وعدلي منصور، وصولًا إلى الرئيس عبد الفتاح السيسي.
ورغم هذه التحولات بقي السور صامدًا وإن كان ينتقل أحيانًا بسبب تجديد محطة المترو. واليوم نستعد لانتقال جديد خلال الأشهر المقبلة.
وأضاف سور الأزبكية هو ذاكرة حية تضم آلاف الكتب التي تمثل مختلف العصور والتيارات الفكرية تجد فيه كتبًا نادرة تتجاوز أعمارها مئة عام مثل إصدارات أنيس منصور، يوسف السباعي، ونجيب محفوظ، إضافة إلى كتب التراث وأمهات الكتب الدينية التي شهدت نهضة كبيرة في القراءة بعد نكسة ١٩٦٧.
واستكمل الحاج علي؛ هنا يتردد علينا الجميع من الأطفال والطلاب إلى الباحثين الأدباء وحتى الرؤساء فالرئيس السادات نفسه زار السور في الثلاثينيات والأربعينيات عندما كان معتقلًا، كما كان يأتينا عظماء مثل توفيق الحكيم ونجيب محفوظ.
وعما يميز سور الأزبكية عن معرض القاهرة الدولي للكتاب يقول على هو استمراريته؛ فبينما يُقام المعرض لفترة محدودة فإن السور متاح على مدار العام؛ وهنا تجد الكتب النادرة التي لا تتوافر في المكتبات الأخرى إلى جانب إصدارات جديدة تُلبّي شغف القراء. كما يمكن أن تجد العدد الأول من صحيفة الأهرام، أو طابعات نادرة مثل هارمن كيدين وموبيل ديك وأيضًا كتب دينية بطبعات قديمة يصعب العثور عليها في أي مكان آخر. بعض الأجانب يشترون الكتب ليس فقط لمحتواها، بل لجمال جلودها القديمة.
وتابع على : سور الأزبكية هو الهرم الرابع كما أحب أن أسميه لما يحمله من تاريخ وثقافة. إنه مكان يستطيع أي مثقف أن يزوره بدلًا من الأهرامات ليجد فيه ثروة معرفية لا تُقدَّر بثمن. وعن رسالته للشباب قال: اقرأوا.. فالقراءة تمنحكم قيمة ومعرفة وتفتح أمامكم عوالم جديدة.
معقل الثقافة
من جهته قال الدكتور أحمد الركابي؛ صاحب إحدى المكتبات بسور الأزبكية: نشأت بين أرفف الكتب وأزقتها في سور الأزبكية، حيث كان والدي جزءًا من هذا العالم وأنا معه منذ طفولتي.وعشت أجواء السور منذ سبعينيات القرن الماضي ورأيت كيف كان وما زال مركزًا ثقافيًا يجذب الزوار من كل مكان. لم يكن السور مجرد مكان لبيع الكتب بل كان ملتقى لرواد الثقافة من العرب والأجانب من سفراء وملحقين ثقافيين إلى الباحثين والصحفيين الكبار أمثال صبري أبو علام حتى الملحق الثقافي الفرنسي كان من بين زواره. وأضاف رغم أن سور الأزبكية تعرض للإزالة ثلاث مرات، إلا أنه صمد كرمز ثقافي خالد وشاهد على تطور الحراك الثقافي في مصر.
كما يقع السور في موقع استراتيجي محاط بالمسرح القومي ودار الأوبرا؛ مما يجعله جزءًا من مثلث ثقافي متكامل، وتخيل أن الروايات التي تعرض في المسرح أو الأوبرا، يمكن أن تجدها مكتوبة بين أيدي الباعة في السور.
وتابع؛ البائعون هنا ليسوا مجرد تجار بل شركاء في البحث والتثقيف يساعدون الباحثين والمثقفين على الوصول إلى كنوز فكرية لا تقدر بثمن. الهيئة العامة للكتاب مشكورة على توفير مساحة للسور في معارضها رغم أننا لسنا جزءًا رسميًا منها. فاهتمامهم بالسور يعكس تقديرهم لما يحمله من تاريخ وثقافةخاصة أن السور يستقبل زوارًا ومفكرين من دول مثل المغرب، الجزائر، تونس، السعودية، وحتى إندونيسيا. كما أن السور ليس مجرد مصدر دخل فحسب بل هو مصدر للإلهام الثقافي. لذا، لدي اقتراح للمسئولين: إذا أردتم تحسين حديقة الأزبكية، اجعلوا الكتب جزءًا منها تخيلوا حديقة الأزبكية وقد أُضيف إليها سور ثقافي ممتد من الكتب، حيث يمكن للزوار التجول بين صفحات المعرفة. بدلًا من الأشجار المفقودة، دعونا نبني جدارية ثقافيًة تعكس صورة مشرفة لمصر أمام العالم. تصوروا حديقة الأزبكية وقد تحولت إلى منتدى ثقافي واسع المدى حيث الثقافة تعرض بطريقة بصرية وجذابة من خلال الكتب. سيكون ذلك مشروعًا رائدًا يعكس قوة مصر الثقافية، ويعيد إحياء الحديقة كمكان نابض بالمعرفة والحياة.
وعن رسالته للأجيال القادمة قال الكتاب ليس مجرد أداة للتسلية بل هو مفتاح لتوسيع آفاقكم وبناء مستقبل مليء بالوعي والمعرفة. سور الأزبكية كان وما زال شاهدًا على أهمية الكتاب فاجعلوا منه بداية لرحلتكم نحو عالم الثقافة والمعرفة.
بدوره قال أدهم عرفة؛ البالغ من العمر ٥٤ عامًا، ويعيش شغفًا خاصًا مع الكتب منذ أكثر من ٢٥ عامًا. خلال سنوات عملي الطويلة، تعاملت مع جميع الفئات العمرية، من الأطفال إلى الكبار، وكل منهم يبحث عن كتاب يحمل قصة جديدة أو معلومة مفيدة.
المثير في تجربة أدهم هو علاقته الوطيدة مع القراء من مختلف الخلفيات، حيث يجد نفسه دائمًا حلقة وصل بين الكلمة المكتوبة وقلوب الناس. والأمر لا يقتصر على القراء العاديين فقط بل امتدت شهرته لتصل إلى العديد من المشاهير الذين وجدوا في كتبه ضالتهم. ومع كل عملية بيع أو توصية بكتاب، يشعر أدهم بسعادة غامرة، وكأن كل كتاب جديد يروي حكاية جديدة له أيضًا.
ويصف أدهم هذا المجال بأنه أكثر من مجرد تجارة؛ إنه وسيلة لنشر المعرفة وحكاية عشق مع الكتب لا تنتهي.
IMG-20250125-WA0009 Screenshot_٢٠٢٥٠١٢٥-١٠١٨٠٧_WhatsApp IMG-20250121-WA0048 ٢٠٢٥٠١٢٠_١١٢٥٤٥ ٢٠٢٥٠١٢٠_١١٢٥٤٣ ٢٠٢٥٠١٢٠_١١٢٥٢٨ ٢٠٢٥٠١٢٠_١١١٠٤٧ ٢٠٢٥٠١٢٠_١١١٠٤٤ ٢٠٢٥٠١٢٠_١١١٠٤١ ٢٠٢٥٠١٢٠_١١١٠٣٠ ٢٠٢٥٠١٢٠_١١١٠٢٥ ٢٠٢٥٠١٢٠_١١١٠٢٢ ٢٠٢٥٠١٢٠_١١١٠٢٠ ٢٠٢٥٠١٢٠_١١١٠١٣ ٢٠٢٥٠١٢٠_١١١٠١٠ ٢٠٢٥٠١٢٠_١١٠٩٤١ ٢٠٢٥٠١٢٠_١١٠٩٣٣ ٢٠٢٥٠١٢٠_١١٠٣٠٤ ٢٠٢٥٠١٢٠_١١٠٢٥١ ٢٠٢٥٠١٢٠_١١٠٢٤٦ ٢٠٢٥٠١٢٠_١١٠٢٤٣المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: سور الازبكية العالم التاريخ سور الأزبکیة أکثر من
إقرأ أيضاً:
كنوز من عمان يحتفي بإرث الطباعة ويستعرض خزائن المخطوطات بمتنزه النسيم
يستقطب معرض كنوز من عمان "ذخائر فكرية" الذي تنظمه وزارة الرياضة والثقافة والشباب اهتمام زوار متنزه النسيم ضمن فعاليات مهرجان ليالي مسقط، حيث يسلط الضوء على تاريخ الطباعة والمخطوطات العمانية النادرة وأوائل المطبوعات التي تجسد الإرث الثقافي والحضاري لسلطنة عمان عبر العصور.
حيث تناول الملصق الأول في المعرض أول مطبعة حكومية عمانية، أنشأها السلطان برغش بن سعيد، والذي جاءت فكرته بعد سياحة السلطان برغش بن سعيد (1287 - 1305هـ / 1870- 1887م) في بلاد أوروبا ومصر والشام والتي دفعته الى إدخال الطباعة إلى بلاده. فابتاع سنة 1297هـ / 1880م مطبعةً مُجَهَّزَةً بكل اللوازم من مطابع الآباء اليسوعيين في بيروت، واستقدم لَهَا عُمَّالا لبنانيين من عمالهم لأجل إدارتها وتشغيلها، وكلف بعض العلماء العُمانيين المعتنين بالتراث بعملية الإشراف على الطباعة، ومراجعة الكتب وتصحيحها. وكانت هذه نقطة لانطلاق (المطبعة السلطانية) في زنجبار. وهي أول مطبعة عُمانية حكومية، حيث كانت هذه المطبعة ركيزة أساسية لنشر المعرفة، حيث طبعت أول كتاب عماني بعنوان "تنزيه الأبصار والأفكار في رحلة سلطان زنجبار" والذي يروي تفاصيل رحلة السلطان برغش من زنجبار إلى بريطانيا، مما يجسد انفتاح عمان على العالم آنذاك.
بعدها اسس مصنع التجليد في المطبعة السلطانية في زنجبار وبقليل ألحق بها مصنع التجليد الوطني الذي تكفل بدور تجليد المطبوعات، حسب معايير متقنة يظهر فيها صلابة الجلد، وكيفية خياطته، ولسان الكتاب، والأختام المنقوشة عليه، وبطانة الإبرو. وتعدت مهمة المصنع إلى تجليد المخطوطات أيضا.
وتحدث المعرض ايضا عن الخط الزمني للطباعة في هذه المطبعة خلال قرن من الزمن ففي حوالي مئة سنة (1878-1976) طبعت المطبعة حوالي 300 كتاب، في علوم الشريعة والادب، والسياسة ومتعلقاتها، التاريخ، مصاحف وكتب في علوم الفلك والبحار وفي اللغة.
كما شمل المعرض وجود ملصق يستعرض الانتشار الجغرافي لمطبوعات عمانية في الاقطار والتي وصلت الى عدد من الدول كفلسطين، وليبيا، مصر، مما يعكس التأثير الثقافي العماني خارج حدود السلطنة.
كما استعرضت باقي ملصقات المعرض عدد كبير من المخطوطات التي وجدت في خزائن أهلية خاصة وتم ترميمها وحفظها بأسماء أصحابها وولاياتهم التابعين لها كالقابل وبدية ووادي المعاول والمضيبي وازكي وقريات ونزوى وسناو والخابورة والسويق وصحار وقريات.
كما تم عرض الموسوعتين العمانية والعمانية الناشئة على احد الطاولات بالإضافة الى مجموعة من اصدارات مركز ذاكرة عمان مثل السياحة التراثية في سلطنة عمان ودور العماني في خدمة القرآن الكريم وعلومه ودور العماني في خدمة اللغة العربية و حركة الطباعة العمانية والتراث العماني بالإضافة الى مجموعة أخرى وتعتبر الاحدث و هي التي صدرت في العام المنصرم ٢٠٢٤ خزائن مخطوطات في عمان وندوة ذاكرة السويق وبصمات في الادب العربي وهناك كتابين اشتغل عليهم مركز ذاكرة عمان للترجمة وهما كتابان مترجمان عمان واليابان و النصارى في عمان، مما يبرز كل ذلك جهود سلطنة عمان ويعزز من مكانتها الثقافية.