25 يناير، 2025

بغداد/المسلة: تصريحات الرئيس العراقي عبد اللطيف رشيد على هامش مؤتمر دافوس، تُظهر توجهاً واضحاً نحو تعزيز سيادة الدولة العراقية على الفصائل المسلحة وضبط دورها ضمن إطار حكومي وقانوني.

وقدّم رشيد رؤية تفصيلية حول القضايا المثيرة للجدل بشأن دور الفصائل المسلحة في العراق وعلاقاتها بإيران، بالإضافة إلى وضع القوات الأمريكية في البلاد.

أكد الرئيس أن الحديث عن التأثير الإيراني على الفصائل المسلحة يحمل مبالغة كبيرة، مشيراً إلى أن تلك الفصائل تخضع لسيطرة الحكومة العراقية بالكامل، وأن السلطات المعنية تعمل على فرض النظام وتنظيم أنشطتها لضمان عدم تحولها إلى تهديد أمني.

لكن تطبيق هذا الادعاء على أرض الواقع يعتمد على مدى التزام الحكومة بتنفيذ إجراءات صارمة لضبط نشاط هذه الفصائل فيما التاريخ القريب يظهر أن بعض الفصائل لديها ارتباطات قوية بقوى إقليمية ودولية، ما يجعل السيطرة عليها بالكامل مسألة تتطلب وقتاً واستراتيجيات طويلة الأمد.

وأشار رشيد إلى أن الحكومة العراقية تنسق بشكل مباشر مع القوى السياسية التي تشكل البرلمان، مما يؤكد أن أي وجود للقوات الأمريكية في العراق يأتي وفق اتفاقيات ثنائية وبطلب رسمي من الحكومة. كما أوضح أن هذا التنسيق السياسي يعكس إرادة مشتركة في تنظيم العلاقة مع القوى الأجنبية بما يتماشى مع المصلحة الوطنية.

وفيما يتعلق بتأثير الأوضاع الإقليمية، كشف الرئيس عن أن قادة الفصائل المسلحة باتوا يدركون بعد انتهاء الحرب في غزة وانتقال المنطقة إلى مرحلة وقف القتال أن استخدام السلاح لم يعد ضرورياً.

وإذا استمرت المنطقة في التوجه نحو خفض التصعيد، قد تجد الفصائل المسلحة نفسها أمام ضغوط محلية وإقليمية للتخلي عن دورها القتالي والانخراط في المشهد السياسي أو المجتمعي.

ووفقًا لرشيد، فإن الحكومة تتخذ خطوات جادة لإعادة ضبط الوضع الأمني، مشيراً إلى أن الأولوية الآن هي إنهاء النشاطات القتالية وضمان الاستقرار.

وفي معرض حديثه عن النفوذ الإيراني، أكد رشيد أن الاتهامات التي تُثار بشأن سيطرة إيران على الفصائل العراقية مبالغ فيها للغاية. وقال إن هذا الطرح يتجاهل حقيقة أن الحكومة العراقية لديها الآليات المناسبة لضبط الأوضاع الأمنية وإدارة الفصائل المسلحة بما ينسجم مع سيادة الدولة.

يظهر حديث الرئيس العراقي محاولة لرسم صورة جديدة للواقع الأمني والسياسي في البلاد، تتسم بالسيطرة الحكومية الكاملة على الأوضاع الداخلية، والتعاون الوثيق بين القوى السياسية لضمان استقلال القرار العراقي بعيداً عن النفوذ الخارجي.

ووف تحليل فان تعاون الحكومة مع القوى السياسية العراقية لتحديد مسار هذه الفصائل يشير إلى الحاجة إلى توافق وطني شامل. ومع ذلك، الفصائل المسلحة تمثل أحياناً أداة نفوذ لبعض الأحزاب السياسية، ما قد يخلق مقاومة لأي محاولة لتقليص دورها أو نزع أسلحتها.

ومع تزايد المطالب الشعبية بفرض القانون وحصر السلاح بيد الدولة، قد تواجه الفصائل المسلحة ضغطاً اجتماعياً متزايداً للاندماج في مؤسسات الدولة، مثل الجيش أو الشرطة. وهذا يتطلب من الحكومة تقديم خطط واضحة لإعادة الهيكلة واستيعاب عناصر الفصائل في إطار يخدم الأمن الوطني.

 

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author moh moh

See author's posts

المصدر: المسلة

كلمات دلالية: الفصائل المسلحة على الفصائل

إقرأ أيضاً:

اختلال موازين القوى في ليبيا

أثارت الزيارة المفاجئة التي قام بها المشير خليفة حفتر إلى مصر في 18 يناير 2025 اهتمامًا كبيرًا في الأوساط الدولية والإقليمية، وفي لقائه مع الرئيس عبد الفتاح السيسي، تمت مناقشة القضايا المتعلقة بالأمن الليبي والمصري، وكانت المرة الأخيرة التي التقى فيها حفتر والرئيس المصري في سبتمبر 2021، وتركت الزيارة الحالية أسئلة أكثر من الإجابات.

لماذا ذهب خليفة حفتر للقاء الرئيس المصري دون أبنائه؟

يتمتع خليفة حفتر بسلطة ونفوذ هائلين في شرق ليبيا، وفي الآونة الأخيرة، يعمل حفتر بنشاط على تعزيز مكانة أبنائه لتعزيز سلطتهم المتزايدة في إدارة القوات المسلحة الليبية، ويشغل نجله، الفريق ركن صدام حفتر، منصب رئيس أركان القوات البرية للجيش الليبي وأكبر قوة عسكرية في البلاد،وله نفوذ واسع النطاق داخل البلاد وخارجها، حيث يسيطر على قطاع النفط والغاز.

وهناك ابن آخر هو الفريق ركن خالد حفتر، وهو رئيس أركان الوحدات الأمنية، ويلعب دورًا لا يستهان به في القوات المسلحة الليبية، ويشرف على علاقات والده الدولية، أما الابن الثالث، بلقاسم حفتر، فهو يدير أكبر صندوق في ليبيا، والذي تتدفق من خلاله الأموال المخصصة لإعادة تأهيل وإعمار شرق ليبيا.

ويحضر أبناء حفتر اجتماعات والدهم بشكل دائم، لكن حفتر سافر إلى مصر بدون أبنائه، ويرجع هذا الانعزال إلى ديناميكية معقدة داخل الأسرة، حيث يلعب ممثلو الولايات المتحدة دور المحرض، فتعمل الولايات المتحدة بنشاط مع أبناء حفتر صدام وخالد وبلقاسم – في محاولة لاستخدام طموحاتهم للتأثير على السياسة الداخلية للقوات المسلحة الليبية، على سبيل المثال لا الحصر من المفاوضات المنفصلة التي أجراها ممثلو الولايات المتحدة مع أبناء حفتر، ففي 24 نوفمبر 2024، التقى السفير الأمريكي ريتشارد نورلاند بصدام حفتر في سبها، وناقشت المحادثات دور جنوب ليبيا في الاستقرار الإقليمي والحاجة إلى حماية سيادة البلاد.

وفي 18 ديسمبر 2024، أجرى القائم بالأعمال الأمريكي جيريمي بيرندت محادثات مع بلقاسم حفتر حيث ناقشا دعم البنك المركزي الليبي والمؤسسات التكنوقراطية الأخرى.

ووفقًا لضباط كبار في القوات المسلحة الليبية مقربين من حفتر، فقد أثيرت مسألة خليفة حفتر في كل اجتماع بين ممثلي الولايات المتحدة وأبنائه، حيث كان الأمن الداخلي ينقل هذه المعلومات مباشرة إلى المشير حفتر، وكانت آخر نقطة نفد فيها صبر خليفة حفتر هي المفاوضات التي جرت في 17 ديسمبر 2024 بين خالد حفتر ورئيس جمهورية أفريقيا الوسطى بشأن تعزيز دور الولايات المتحدة في أفريقيا الوسطى، وقد أبلغ خالد حفتر شخصيًا نتائج الزيارة إلى جيريمي بيرندت، ووعد المندوب الأمريكي بتعيين خالد حفتر قائدًا عامًا للقوات الليبية المشتركة، وقد قرر حفتر، خوفًا من تعزيز موقف أبنائه على حساب الدعم الأمريكي، التقليل من مشاركة أبنائه في العمليات الدبلوماسية الرئيسية.

مصر لا تثق في تركيا وتضع خططًا لسحب القوات التركية من ليبيا

بالتوزاي مع ذلك، تواصل تركيا توسيع نفوذها في ليبيا من خلال وجودها العسكري ودعمها للمسلحين، وهو ما يشكل مصدر قلق كبير لكل من القاهرة وبنغازي، وقد ترغب تركيا في تكرار نجاحها في سوريا من خلال محاولة توحيد غرب ليبيا وشرقها في ضربة عسكرية واحدة تحت قيادة حكومة الوحدة الوطنية بقيادة عبدالحميد الدبيبة.

ومنذ منتصف يناير 2025، يجري الدبيبة، بصفته وزير دفاع حكومة الوحدة الوطنية بالوكالة، وغيره من كبار الضباط العسكريين في حكومة الوحدة الوطنية محادثات نشطة مع القيادة التركية في كل من أنقرة وطرابلس، وفي 15 يناير التقى الدبيبة شخصيا مع أردوغان، وفي 23 يناير، زار القائد العام للقوات المسلحة التابعة لحكومة الوحدة الوطنية محمد الحداد والوفد المرافق له جمهورية تركيا بدعوة رسمية.

والتقى الحداد بالفريق أول متين غوراك من قوات الأمن القومي ووزير الدفاع التركي ياشير غولر، وتعبيرًا عن إخلاصه لأفكار الدولة العثمانية، قام حداد والوفد المرافق له خلال الزيارة بوضع إكليل من الزهور على ضريح ”مصطفى كمال أتاتورك“.

لا يمكن لمصر أن تثق بتركيا بشكل كامل رغم أن الخبراء لاحظوا قبل ستة أشهر فقط تقاربًا كبيرًا في المواقف بين مصر وتركيا، بما في ذلك في الملف الليبي، في اللقاء الذي جمع حفتر والسيسي ناقش الطرفان قضايا الأمن القومي وضرورة طرد القوات الأجنبية من الأراضي الليبية، وفي المقام الأول كان الحديث عن تهديد القوات التركية في غرب ليبيا والتي يمكن أن يصل عددها إلى 10 آلاف عسكري، كممثل للقوات المسلحة التركية والشركة العسكرية التركية ”سادات“، وكذلك المرتزقة السوريين، وبالتالي، فإن زيارة حفتر إلى مصر هي محاولة لخلق توازن في مواجهة التعزيز الخارجي للوجود العسكري التركي في الغرب الليبي، والذي يشكل تهديدًا لكل من مصر وشرق ليبيا.

نتائج زيارة حفتر إلى مصر

حقق خليفة حفتر هدفين من زيارته لمصر: فمن ناحية، أظهر أنه وحده قائد شرق ليبيا، ومن ناحية أخرى، أشار إلى أن حلفاءه الجيوسياسيين سيكونون مستعدين، إذا لزم الأمر، للدفاع عن شرق ليبيا من أي عدوان خارجي.

بالمحصلة، من المرتقب أن تحمل الفترة المقبلة تطورات كثيرة في المشهد الليبي لها أن تغير الوضع نحو الأفضل أو أن تزيده تأزيما.

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

مقالات مشابهة

  • معركة النفوذ: قانون العفو يشعل مواجهة بين القوى السياسية والقضاء
  • تعديل الموازنة .. هل عززت مكاسب الإقليم على حساب المركز؟
  • الرئيس الشرع: لا يوجد قانون حتى الآن يضبط عملية الأحزاب السياسية وحالياً نعتمد على الكفاءات الفردية وستكون الكفاءات العالية حاضرة في الحكومة الجديدة
  • السيد الرئيس أحمد الشرع في مقابلة مع تلفزيون سوريا: معركة إسقاط نظام الأسد خلال 11 يوماً كانت نتيجة تخطيط دقيق استمر خمس سنوات في إدلب، وتوحيد الفصائل واستيعاب القوى المختلفة
  • استجوابات وزارية .. رقابة برلمانية أم تصفية حسابات؟
  • مخاطر فرض عقوبات أمريكية على المصارف العراقية الحكومية.. تهديد للاستقرار الاقتصادي
  • مخاطر فرض عقوبات أمريكية على المصارف العراقية الحكومية.. تهديد للاستقرار الاقتصادي - عاجل
  • بين النفوذ الإيراني والمصالح الأميركية.. العراق أمام اختبار السيادة
  • السيطرة على حريق جملون تابع لوزارة الداخلية العراقية
  • اختلال موازين القوى في ليبيا